سأل مصدر سياسي يتموضع في منتصف الطريق بين الموالاة والمعارضة، كيف سيتعامل لبنان الرسمي والقوى السياسية، خصوصاً المشاركة في حكومة الرئيس حسان دياب مع «قانون قيصر» الأميركي الذي يدخل اليوم حيز التنفيذ ويرفع منسوب العقوبات المفروضة على النظام السوري؟ وهل سينأى بنفسه عن تداعياته السلبية على الوضع الداخلي، أم أنه سيبادر إلى التصرف حياله وكأنه يستهدفه، وبالتالي ستنسحب عليه هذه العقوبات؟
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن لبنان يدخل مع سريان تطبيق العقوبات على سوريا في مرحلة جديدة غير تلك التي كانت قائمة قبل وضعه على سكة التطبيق، ورأى أنه يجب على لبنان أن يتعاطى حيالها بحذر شديد لأنها تتزامن واستمرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي لتمويل خطة التعافي لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي.
وعزا السبب إلى ما للإدارة الأميركية من نفوذ على صندوق النقد، وقال إن على قوى المعارضة أن تتعاطى بحيادية مع العقوبات حتى لو بادر محور «الممانعة» بقيادة «حزب الله» إلى التصدّي لها وأعلن انخراطه في الدفاع عن النظام السوري؛ لأنها تأتي في سياق الضغوط الأميركية على الرئيس بشار الأسد والنظام في إيران.
وقال المصدر، إن لا مصلحة للبنان الرسمي والأطراف السياسية في محور «الممانعة» أن يتصرف وكأنه في توأمة تجمعه بالنظام السوري يتقاسم معه الأضرار المترتبة على فرض «قانون قيصر»، ورأى أن من السابق لأوانه استقراء الموقف الرسمي من هذا القانون من دون أن يقلل من الموقف الذي أعلنه أمس الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله والذي يفرض عليه عدم الاستهانة به والتعاطي معه وكأنه لم يكن.
ولفت المصدر السياسي إلى أن لبنان الرسمي أكان على مستوى الحكم أو الحكومة لا يزال يلوذ بالصمت ويفضّل التريُّث إلى حين مقاربته لمضامين العقوبات الواردة في القانون، مع أن رد فعل الحكومة حين بادرت نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر إلى توزيع نسخة عنه على الوزراء اقتصر على ضرورة تجنُّب الآثار السلبية الناجمة عن بدء تنفيذه وقطع الطريق على أن يتضرر منها لبنان.
وقال إن الحكومة والحكم سيبادران إلى النظر في رزمة العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري للتأكد ما إذا كانت تشمل شراء الطاقة الكهربائية من سوريا لسد النقص الذي يعاني منه لبنان لتأمين تغذية عدد من المناطق بالتيار الكهربائي للحد من التقنين المفروض عليها.
واعتبر أن المجتمع الدولي أو بعضه على الأقل سيتفاعل إيجاباً مع رزمة العقوبات لما لواشنطن من تأثير على عدد من الدول الأوروبية والعربية، إضافة إلى المؤسسات والمنظمات الدولية، وقال إن الإدارة الأميركية ستراقب عن كثب رد فعل لبنان الرسمي والشعبي وأن لا مصلحة للمعارضة في أن تقدّم نفسها وكأنها وراء فرض هذه العقوبات.
وقال أن الموقف اللبناني على المستويين الشعبي والرسمي لن يقدّم أو يؤخّر في تطبيق العقوبات، وإن كان الأمر يتطلب من الحكومة ممارسة أقصى درجات الحذر وعدم تقديم نفسها على أنها جزء من مشروع العقوبات.