فوجئ الوسط السياسي بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون «كبارَ القومِ» ممن يتعاطون الشأن العام لـ«لقاء وطني» يعقد الخميس المقبل في قصر بعبدا. وعلى جدول أعماله؛ الأمن السياسي، والوضعان المالي والاقتصادي. في محاولة ولو متأخرة – كما تقول مصادر في المعارضة – لتقديم نفسه على أنه الجامع بين اللبنانيين، ويتموضع في منتصف الطريق، لتقريب وجهات النظر بين الموالاة والمعارضة، وهذا ما لم يحصل منذ انتخابه رئيساً للجمهورية.
وتتعامل مصادر المعارضة مع دعوة عون على أنه في حاجة ماسة لإعادة تعويم عهده، في ضوء عدم قدرته على تحقيق ما تعهّد به في خطاب القسم من جهة، ولترميم الوضع الحكومي من جهة ثانية، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن مَن يحرص على تفعيل الحوار لا يوفّر الغطاء السياسي لحكومة ما زالت تتخبط في حالة من الإرباك. وتضيف أن عون بدعوته للقاء يجمع الأضداد تحت سقف واحد، لا يشجع على الحوار، ويهدد بأن يتحول حوار طرشان، وتقول إن عدد المدعوين يفوق عدد أعضاء الحكومة العشرينية، وبالتالي قد ينتهي إلى التقاط صورة مع من حضر، في ظل ميل أطراف إلى الاعتذار عن الحضور.
وتعتبر أن الدعوة جاءت ارتجالية، ما يعزّز الاعتقاد بأن اللقاء يبقى في حدود الاستعراض الإعلامي، ومن موقع الاختلاف، من دون أن يؤدي إلى إحداث خرق في الاصطفاف السياسي القائم على الانقسامات الحادة بين الموالاة والمعارضة والاختلاف داخل «البيت الواحد».
وتقول المصادر إن رؤساء الحكومة السابقين الذين التقوا أول من أمس قرروا مواصلة المشاورات لتحديد موقفهم النهائي، فلا عجلة في اتخاذ القرار؛ خصوصاً أن مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم سلّم الحريري دعوة من عون لحضور اللقاء، لكن الحريري تريّث في إبلاغه جوابه النهائي، وهذا ما انسحب على اجتماعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري.
وتقول إذا كان الهدف من اللقاء أن ينتهي بلا مفاعيل سياسية، فإنه سيكون لبعض الأطراف في المعارضة رأي آخر، وهذا ما سيتوضّح من خلال التواصل مع الرئيس بري، ليأتي اللقاء مثمراً، رغم أن الشكل لا يخفي المضمون.
وتؤكد المصادر نفسها أن الأمن السياسي لا يحتاج إلى عقد هذا اللقاء، فيما يستدعي البحث في الوضعين المالي والاقتصادي، أن تأتي مقاربتهما في حضور أهل الاختصاص من مصرف لبنان إلى جمعية المصارف مروراً بالهيئات الاقتصادية، وهذا ما لم يحصل بسبب عدم دعوتهم.
وتعتبر أن لبنان يمر في مرحلة حرجة، مع بدء تطبيق «قانون قيصر» الذي يفرض رزمة من العقوبات على النظام في سوريا، وتساءل؛ هل يمكن إغفال البحث فيها، طالما أن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله يتعامل معه من موقع التضامن مع الرئيس بشار الأسد؟ وماذا سيقول لبنان الرسمي للجهات الدولية التي أعلمته بأن القانون جدّي، ويجب احترامه؟! خصوصاً أن الموقف اللبناني لن يقدّم أو يؤخّر في تطبيقه، وبالتالي من الأفضل اتباع سياسة النأي بالنفس.