أسبوع جديد بدأ في بلد منهار بالكامل، على ذات المنحى الكئيب الذي يسلكه، وكرة الأزمة مستمرة في تدحرجها آكلة أخضر البلد ويابسه، وكلّ فئات الشعب اللبناني صارت منكوبة وفي ادنى الحضيض، ويكفي فقط تصفّحٌ عابر لوجوه الناس، ليُقرأ فيها الشعور القاتل الذي يتملكهم بأنّهم صاروا منقادين رغماً عنهم الى ما يشبه الإبادة الجماعيّة.
ليس في هذا التوصيف مبالغة، فقد تهاوى الهيكل وانتهى الأمر، وكلّ يوم يمضي أسوأ على اللبنانيين من سابقه، كلّ يوم يمضي ثمنه اغلى من سابقه بمسافات، وهكذا وعلى مدار الساعة، تقترب المسافة اكثر من القعر، وفي الطريق اليه تتراكم خيبات الأمل والأعباء والأوجاع في كلّ بيت.
يطعمكم الحجّة..
وها هي السلطة على عادتها، تأتي متأخّرة، فقرّرت ان تشّمر عن سواعدها وتنزل الى ساحة المعركة، وخصّصت اجتماعاً لمجلس الوزراء اليوم لبحث الازمة الاقتصادية والمالية، وهو عنوان أقلّ ما يُقال فيه إنّه أقبح من ذنب، فماذا ستبحث بعدما وقعت الواقعة وانهار البلد؟ وعلى ما يقول أحد كبار المسؤولين: «الآن استفقتم لبحث الأزمة، «يطعمكم الحجّة والناس راجعة»، الناس شبعت اجتماعات، خذوا قرارات بحجم الأزمة ونفذوها، واشعروا الناس بقليل من الأمان»!
ويضيف: «لقد تجاوزت التشاؤم الى ما هو أبعد وأسوأ، ولا انتظر من سلطة لا تملك شيئاً ان تعطي شيئاً، والتجربة معها تجعلنا متيقنين بأنّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ليست سوى محطة اضافية لتضييع الوقت، وبالتالي ليست اكثر من حلقة جديدة تُضاف الى مسلسل الاجتماعات اللاانتاجيّة التي تُعرض بنجاح منقطع النظيرعلى الشاشة الحكوميّة».
بالأمس طار الدولار الى ما فوق الـ8000 ليرة، وطيّر معه القليل المتبقي في جيوب الناس، فماذا بعد؟ هل ستتمكّن السلطة من اللحاق به؟ وهل هي بادرت ولو من باب رفع العتب الى محاولة لجم السوق السوداء، او كبح مواقع التواصل الاجتماعي المُسَخّرة لضرب الليرة، أو ردع «غروبّات الواتساب» التي تمعن في التخويف ورمي الارقام من 10000 و 11000 و12000 ليرة للدولار؟ والأهم، هل بادرت الى تعقّب، أو ترصّد تلك الغرف السوداء التي تبث الشائعات ومنع اللبنانيين من التنعم ولو ببارقة امل صغيرة، على ما حصل في الترويج المشبوه عشية فتح المطار عن منع ادخال اي مسافر يأتي الى لبنان اكثر من 2000 دولار. وهو امر وصفه مسؤول كبير بقوله لـ«الجمهورية»: «هذا امر بالغ الخطورة ومخرّب، ليس بفعل مراهقين، بل بفعل منظّم ومدروس، القصد منه تخويف المغتربين الراغبين بالمجيء الى لبنان، وحرمان اللبنانيين مما قد يأتي به هؤلاء من اموال الى لبنان، الذي هو بأمسّ الحاجة الى الاوكسيجين الذي قد يوفّره المغتربون لأهلهم وبلدهم في ظلّ الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة».
كيف يمكن للسلطة ان تلحق بالدولار او السوق السوداء او مروّجي الشائعات التخريبية، طالما أنّها ما زالت في مرحلة تشخيص الأزمة، وتبحث عن حلول لا تجدُها؟ وكيف يُعوّل عليها في هذه الحالة، طالما انّها تجهل كيف تبني الجبهة الدفاعية عن الدولة والناس، وأقصى ما تقدّمه تعويضاً عن هذا الجهل، هو بيع العواطف الفارغة الى الناس، ودعوتهم الى الصبر وإجلاسهم على جمر وعود كاذبة، وتوكل الى «حراس السلطة» وجوقة الزجالين، إكمال مسلسل الكذب والدجل، والتطبيل لإنجازات لم ترقَ لأن تصبح حتى ورقيّة؟
هذا هو لسان حال الناس الذين سئموا التجارب الفاشلة، وسلطة اللاّفعل واللاّمبادرة واللاّمسؤولية، وصاروا يجاهرون علناً وبكل جرأة: لو كانت هذه السلطة تحترم نفسها لكانت أوقفت سيرك التهريج السياسي والكوميديا السوداء التي تمعن في عرضها على مسرح الأزمة، وحزمت حقائب فشلها، وخرجت بلا تردّد و»طبشت» الباب خلفها، وغادرت الى لا رجعة!
تحذير
الى ذلك، علمت «الجمهورية»، انّ ديبلوماسيا اوروبياً، نقل الى جهات مسؤولة في الدولة، انّ لبنان مقبل على مرحلة حرجة.
وبحسب المعلومات، فإنّ الديبلوماسي الغربي كشف انّ وتيرة الضغط الاميركي على «حزب الله»، ستشهد ارتفاعاً الى الحدّ الاقصى في المدى المنظور، وبالتالي يجب عدم ادراج المواقف الاميركية الاخيرة في السياق الديبلوماسي. لذلك على اللبنانيين ان يتوقعوا ازدياداً في الضغط على لبنان وازدياد الامور سوءًا في المرحلة المقبلة.
وقال الديبلوماسي، انّ على لبنان ان يقرأ الموقف الدولي جيداً، بأنّ لا مساعدات للبنان على الاطلاق، ومن اي جهة، كانت عربية ام دولية، طالما انّه لم يبادر بعد الى اجراء الاصلاحات المطلوبة منه. وهذا الموقف موحّد ومُتفق عليه بين واشنطن وكل دول الاتحاد الاوروبي.
واشار الديبلوماسي من جهة ثانية، الى ما سمّاها «معطيات غير مشجعة» حول المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، «ذلك انّ لبنان لم يبادر بعد الى تقديم ما يشجّع على الثقة به»، لافتاً في هذا السياق الى ما قالته مديرة صندوق النقد الدولي، من انّ حكومة لبنان غير قادرة على انجاز الاصلاحات. فهل يعلم اللبنانيون انّ هذا الكلام هو بمثابة نعي مسبق لهذه المفاوضات.
الصندوق والارقام
وفي سياق متصل، تُستأنف اليوم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في جلسة تُعقد عند الخامسة بعد الظهر، مخصّصة للبحث في موضوع ارقام الخسائر، الذي ما زال التباين قائماً حولها في الجانب اللبناني.
وكشفت مصادر نيابية لـ«الجمهورية»، انّ الاجواء التي يعكسها صندوق النقد الدولي حيال المفاوضات مع لبنان لا تبعث على الارتياح، وتفيد بأنّ هناك شروحات يقدّمها المفاوض اللبناني، لكن الصندوق لم يتلق بعد اجابات دقيقة حول الإصلاحات، واجراءات الحكومة لمكافحة الفساد، كذلك لم يتمّ اتفاق اللبنانيين على ارقام موحّدة لخسائر لبنان، بل هناك ثلاثة ارقام متضاربة؛ ارقام للحكومة، وارقام مصرف لبنان وارقام مجلس النواب (اللجنة النيابية للمال والموازنة)، وان استمر هذا التباعد، فمعنى ذلك انّ المفاوضات مع الصندوق ستصل الى طريق مسدود.
وتشير المصادر، بحسب ما استنتجته من اجواء صندوق النقد، الى انّه بمعزل عن هذه الارقام كلها، فقد سبق لصندوق النقد ان اشار الى انّ ارقامه لناحية تحديد الخسائر اقرب الى الارقام المحدّدة في خطة التعافي الحكومية، لكن هذا لا يعني انّها ارقام متساوية، بل هي في الحقيقة اكبر من ارقام الحكومة اللبنانية.
وتلفت المصادر، الى انّ «الصندوق يلحّ على امرين اساسيين، الأول هو الاصلاحات، والثاني هو تقديم ارقام منطقية، لكن اذا كان هناك اصرار على ارقام يعتبرها الصندوق غير منطقية، فقد لا يتردّد الصندوق في وقف المفاوضات، وثمة حالات سابقة حصلت مع اكثر من دولة، وعلى سبيل المثال مصر، فعندما كانت تفاوض مع صندوق النقد في العام 2013 اصرّت على ارقامها، فيما اصرّ الصندوق على أرقامه، وكانت النتيجة ان علّق الصندوق المفاوضات لما يزيد عن 6 اشهر، لذلك المطلوب ان يقدّم لبنان الى الصندوق ارقاماً منطقية، لأنّه لا يحتمل وقف المفاوضات او تجميدها. فمصر عندما تمّ تعليق المفاوضات معها تلقّت مساعدات مالية من السعودية والامارات والكويت بنحو 20 مليار دولار، وفي حالتنا في لبنان، إن توقفت المفاوضات فمن سينجدنا، ولو بمليون دولار، لا احد».
إستقالة مدير المالية
وسط هذه الأجواء، جاءت استقالة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني لتتدحرج على كل المشهد السياسي وما يعتريه من خلل على مستوى السلطة، ومحاولات المتضررين من التغيير والمستفيدين من انهيار البلد، ابقاء الوضع على ما هو عليه من انهيار ورهناً لمصالحهم.
وفيما ربط البعض الاستقالة بهجوم تعرّض له ممن سمّوهم «الزعران»، وربطها البعض الآخر بتهديد تلقّاه بيفاني من رئيس حزب سياسي لديه مئات ملايين الدولارات مجمّدة في المصارف (لمّح هذا البعض الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط)، نفى بيفاتي ان يكون قد تلقّى تهديداً، بل انّ هذه الاستقالة بيّنت اسبابها «المضبطة الاتهامية التي تلاها في مؤتمره الصحافي، بما فيها من اشارات الى الثغرات والعقبات الكبرى التي تعترض مسار الخروج من الازمة».
وفي قراءة لمضمون الاسباب الموجبة للإستقالة التي قدّمها بيفاني في مؤتمره الصحافي، يتبيّن انّ الرجل بلغ مرحلة اللاتحمّل، للكمّ الكبير من الشوائب والعراقيل التي تُفتعل من هنا وهناك. فالأزمة المالية صارت على المنعطف المصيري، واما القيّمون على السياسة المتبعة حيالها، فإما هم قاصرون، وإما هم ممعنون في دفع البلد الى السقوط الكارثي. واخطر ما في طيات كلامه، ما بدا انّه تحذير من انّ ما يخبئه القيّمون على هذه السياسة للبنانيين اعظم بكثير مما حلّ بهم حتى الآن، وانّ هذه السياسة ستؤدي في حال استمرارها الى تذويب ودائع اللبنانيين نهائياً.
واضح انّ بيفاني لم يدق ناقوس الخطر، بل هو بقّ البحصة بعد ما فاض به، ورمى استقالته بجرأة ملحوظة في وجه الجميع من دون استثناء، ولم يتردّد في الاعلان جهاراً بأنّه استقال «اعتراضاً على طريقة الحكم «كلو سوا» مع الازمة، وانّ المسار الذي نسلكه اليوم متهوّر، وبموجبه فإنّ الشعب سوف «يحترق سلّافه».
واعتبرت أوساط متابعة انّ ما كشفه بيفاني يشكّل مضبطة اتهام لكل المنظومة السياسية الفاسدة التي تحكم البلد منذ عشرات السنين. كذلك، بَدا كلام بيفاني مقلقاً لجهة الصورة التي رسمها لمستقبل البلد، ومصير الوضع المالي وودائع الناس.
وقد اتهم بيفاني ما سمّاها «قوى الظلمة والظلم» بأنها «تكاتفت لإجهاض ما قمنا به، ومارست أكبر عملية تضليل لحماية مصالحها على حساب مصلحة المجتمع بأكمله».
وبَدا واضحاً مقدار عتب بيفاني على الحكومة التي «لم تقم بتفسير مضمون الورقة التي قدمتها، ولا صحة إطلاقاً للمزاعم التي تم الترويج لها بأنّ الخطة تريد الاقتصاص من أموال المودعين».
وحذّر بيفاني من مصيرٍ أسود في البلد اذا لم تتم الافادة من الفرصة المتاحة، لتنفيذ خطة إنقاذية تستند الى توزيع عادل للخسائر الحقيقية، لأنّ حالة الانكار لم تعد تنفع، بل قد تؤدي الى أضرار كبيرة. وشدّد على أهمية الوقت في إنجاز أي خطة إنقاذية، لأنّ الوقت هو الاساس في النجاة او الغرق في هذه الاوضاع.
وحذّر من «اننا مشرفون على مرحلة جديدة من الإستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة مع نتيجة معروفة مسبقاً وهي سَحق الطبقة غير الميسورة، وتحميل بعض الفئات الأكلاف الباهظة إضافة إلى تدهور العملة مع غياب أيّ برنامج إصلاحي وتأجيل الحلول».
ودعا الى «رفع السرية المصرفية والتواصل مع كلّ السلطات في البلاد التي يلجأ إليها سارقو المال العام، وتحديد الثروات العقارية وتَتبّع مصادرها، وقيام الدولة بتشكيل لجنة دولية تضمّ دولاً ترتاح إليها المكوّنات اللبنانية كافة تقتطع نسبة مئوية من الجميع من دون البوح بتفاصيلها لتسدّ العجز»، مؤكداً «انّ ما يُعيد الودائع هو مَحو الخسائر بإعادة الرسملة وليس إطالة الآجال»، ومحذّراً من «تحويل دولارات المودعين إلى ليرات بالقوة».
مع وزني
وعلمت «الجمهورية» انّ بيفاني كان قد زار وزير المال غازي وزني في مكتبه في الوزارة أمس، وعُقد اجتماع بينهما استمر لنحو ساعة. وبحسب المعلومات، فإنّ بيفاني عرضَ للوزير وزني أسباب استقالته والدوافع التي حملته على اتخاذ هذا القرار.
وتشير المعلومات الى انّ وزني حاول أن يُثني بيفاني عن قرار الاستقالة، الّا انّ بيفاني أصرّ على ذلك وقام بتسليم الوزير كتاب استقالته. حيث سيقوم وزير المالية بطرح هذا الامر على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار في شأن قبولها او عدمه.
وزني
وقال الوزير وزني لـ«الجمهورية»: كل ما ذكر عن انّ سجالاً او خلافاً او صراخاً حصل بين وزير المال ومدير عام وزارة المالية هو كذب ولا اساس له من الصحة على الاطلاق، وقبل كل شيء لا بد من الاشارة الى انّ هناك صداقة قديمة واحتراماً متبادلاً بيني وبين بيفاني. وخلافاً لِما قيل، فقد زارني وتناقشنا بهذا الموضوع وكان الجو اكثر من إيجابي بيننا، وكان له رأيه ومن جهتي كان لي رأيي المعارض لاستقالته، بل وسعيت لأن أغيّر رأيه وأحمله على التراجع عنها».
وكان لافتاً انّ المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، غرّد معتبراً أنّ «استقالة المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني، الخبير المعروف دوليّاً، تعدّ خسارة للبنان خلال الأزمة الشاملة التي تزداد وطأتها سريعاً في البلاد».
الحدود البحرية
من جهة ثانية، سيكون الوضع الامني الى جانب موضوع التعبئة العامة، والقرار الاسرائيلي بالتنقيب في محاذاة الحدود البحرية اللبنانية الخالصة، محور الاجتماع الذي سيعقده مجلس الدفاع الاعلى اليوم قبل جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث الوضع الاقتصادي والمالي.
ولفت في هذا السياق ما أعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، خلال استقباله بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك البطريرك يوسف العبسي على رأس وفد من مطارنة الطائفة، بأنّه يتابع المعلومات التي تحدثت أمس عن قرار العدو الإسرائيلي التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المُتنازع عليها مع لبنان قرب «البلوك رقم 9»، معتبراً أنّ «هذه المسألة في غاية الخطورة وستزيد الأوضاع تعقيداً، ولن نسمح بالتعدي على مياهنا الإقليمية المعترف بها دولياً».
موقف لبنان
وحول الموضوع نفسه أبلغت مصادر مسؤولة معنية بملف ترسيم الحدود الى «الجمهورية» بالآتي:
أولاً، القرار الاسرائيلي مريب في توقيته، وينبغي قبل كل شيء محاولة الوقوف على خلفياته، وما ترمي اليه اسرائيل من خلال إعلانها عنه في هذا الوقت بالذات.
ثانياً، ما يوجِب أقصى اليقظة هو اقتران الاعلان الاسرائيلي بإشارة وسائل الاعلام الاسرائيلية الى انّ من شأن قرار التنقيب الاسرائيلي أن يُشعل حرباً مع لبنان.
ثالثاً، المطلوب مقاربة هذا الأمر برويّة مطلقة، وعدم التسرّع في إطلاق اي موقف، او القيام بأي خطوة قبل ان نعرف حقيقة القرار الاسرائيلي، ونَتيقّن من النقطة التي سيتم فيها التنقيب.
رابعاً، اذا كان التنقيب خارج الحدود اللبنانية البحرية الخالصة، وخارج المنطقة المتنازع عليها مع اسرائيل، أي ضمن الحدود الفلسطينية، فهذا أمر لا يعني لبنان. امّا اذا كان التنقيب ضمن حدود لبنان وضمن المنطقة المتنازع عليها، فهذا بمثابة إشعال حرب، وتصبح الامور في منتهى الخطورة، وعلينا في هذه الحالة ان نتحضّر لشتى الاحتمالات، مع التأكيد على اننا لسنا في موقع ضعف.
خامساً، انّ موقف لبنان معروف حيال هذا الأمر، وتم إبلاغه الى الجميع، وتحديداً الى الاميركيين المعنيين بملف ترسيم الحدود البحرية، وخلاصته انّ لبنان متمسّك بآخر حبة تراب من حدوده البريّة وآخر قطرة مياه من حدوده البحرية، ولن يسمح بأن تنتهك سيادته، أو بأي محاولة اسرائيلية لسرقة ثروته البحرية من النفط والغاز.
هل يستقيل مازح؟
في مجال سياسي آخر، تحدثت معلومات غير مؤكدة عن توجّه قاضي الامور المستعجلة محمد مازح، الى تقديم استقالته على خلفية القرار الذي اتخذه بحق الاعلام والسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، واستدعائه من قبل مجلس القضاء الاعلى للاستماع الى أقواله في هذه القضية.
وفيما استمرت عاصفة الانتقاد على أشدها لـ«الاساءة التي ارتكبها القاضي مازح بقراره بحق الاعلام وبحق السفيرة الاميركية»، بقيت ارتدادات هذا الاجراء في دائرة التفاعل، مع استمرار حملة «حزب الله» وحلفائه على السفيرة الاميركية، فيما برز عامل جديد لفتَ الانظار، وتجلّى في دخول السفارة الايرانية في لبنان على الخط بتغريدة هجومية عنيفة على السفيرة الاميركية.
يأتي ذلك في وقت كانت السفيرة تستمع في وزارة الخارجية الى حقيقة موقف الدولة اللبنانية المناقِض للقرار القضائي، ما حَدا بها الى الاعلان في نهاية اللقاء مع وزير الخارجية ناصيف حتي في قصر بسترس: «انّ اللقاء كان ايجابياً، ونؤكّد على العلاقة المشتركة بين البلدين». وقالت: «ناقشنا القرار القضائي المؤسف الذي جاء لتحييد الانتباه عن الازمة الاقتصادية، وطوَينا الصفحة للتركيز على الأوضاع الإقتصادية».
وأعلنت «اننا سنستمر في مساعدة لبنان، وعلى الحكومة أن تسلّط الضوء على أسباب الأزمة»، مشيرة الى أنّ «لدينا اهتمامات ومصالح مشتركة لا سيما في هذه الأوقات العصيبة»، وأؤكد أنّ «علاقتنا هي علاقة ثنائية قوية، وستستمر في الاستفادة من الطاقات الإيجابية في البلدين».
الأمم المتحدة
على خط آخر، تبلّغ دياب من بعثة لبنان في الأمم المتحدة عبر وزير الخارجية، أنّ لبنان انتُخب نائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة الخامسة والسبعين، والتي تتزامن مع الذكرى السابعة والخمسين لتأسيس الأمم المتحدة، إذ كان لبنان أحد الدول الـ٥١ التي أسست الأمم المتحدة في سان فرنسيسكو عام ١٩٤٥.
جعجع
وفي إطلالة مسائية عبر إل بي سي، أقرّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، آسفاً، بأنّ الجوع سيكون سِمة المرحلة المقبلة، داعياً الانتشار الى تَبنّي العائلات في لبنان. وقال في سياق حديثه: «منذ الـ2016 حتى الآن بلغت مدّخرات مصرف لبنان نحو 60 مليار دولار، ومنذ ذلك الحين كانت السلطة بيد التيار و»حزب الله».
وكشف جعجع انه أجرى «اتصالاً أمس مع الرئيس سعد الحريري للاطمئنان عليه بعد الحادث الأمني، وكان الاتصال ودياً»، مشيراً إلى أنّ «الخلاف التكتيكي أمر طبيعي، ونحن جميعنا معارضة ولكننا لسنا جبهة واحدة، ومطالبتنا برحيل المجموعة الحاكمة أبعد من مجرّد رحيل الرئيس عون من الحكم».
جعجع أقرّ بأنّ «الحكومة ليست حكومة «حزب الله» ولكن قرارها ليس بيدها، بينما المطلوب ان يكون بيدها وخصوصاً في ملف التعيينات. لذا الأفضل من أصحاب الأمر والنهي ترك الحكومة تعمل لأنها بحاجة الى قرارات جريئة وسريعة».
وفي حديثه، لفت إلى «اننا يجب ألّا ننسى أنّ أحد اللاعبين السياسيين في لبنان مسلّح، وأنّ الوضع لن يستقيم سوى بانتخابات نيابية مبكرة». أمّا عن الانتفاضة فرأى أنّها «ستعود أقوى بكثير من 17 تشرين».