انهت وزارة الإعلام وضع تعديلاتها على اقتراح قانون الإعلام الموجود لدى لجنة الإدارة والعدل النيابية، التي استمهلتها وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد في وقت سابق، لإدخال تعديلات على اقتراح القانون بما يراعي المعايير الدولية للحريات الإعلامية ويتناسب مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقد أبلغت عبد الصمد أمس، رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسين الحاج حسن قبيل انعقاد الجلسة التي كانت مقررة للجنة، بأن نسختها باتت جاهزة، بينما أودعت رئيس لجنة الإدارة والعدل نسخة بطريقة غير رسمية كي يصار إلى تحديد موعد في وقت لاحق، لمناقشة التعديلات التي أدخلتها وزارة الإعلام.
وتمنى الحاج حسن على وزيرة الإعلام “فصل الجزء المتعلق بتنظيم المواقع الإلكترونية عن مجمل اقتراح القانون لكي يصار إلى السير به بشكل معجل”، ولكن عبد الصمد أبدت تحفظها، وشرحت أنها ضد “عملية التجزئة هذه، لأن الإعلام الإلكتروني ليس قطاعا بحد ذاته وإنما جزء من قطاع الإعلام، والوزارة أدخلت تعديلاتها على القانون ككل بما فيه خير القطاع بأكمله”.
واعتبرت عبد الصمد أن عمل وزارة الإعلام لم ينته بوضع تعديلاتها على اقتراح القانون، بل ستواكب اقتراح القانون كي يقر في أسرع وقت ممكن.
وقد وضعت لجنة التعديلات المنبثقة من وزارة الإعلام المكونة من إعلاميين وقاض ومخرج، مجموعة تعديلات جوهرية، تم ربطها بالخطة الاستراتيجية التي سبق لوزارة الإعلام أن صاغت مسودتها، والتي تنص بشكل رئيسي على إلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء هيئة ناظمة بصلاحيات استشارية وتنفيذية، تحل مكان الوزارة والمجلس الوطني للاعلام، أضف إلى تشكيل مؤسسة تضم كل وسائل الإعلام العام من “تلفزيون لبنان” و”إذاعة لبنان” و”الوكالة الوطنية للاعلام” ومديرية الدراسات في بوتقة واحدة تسمى المؤسسة الوطنية للاعلام (Liban Media).
وقد حرصت اللجنة المنبثقة من وزارة الإعلام على إدخال تعديلات جوهرية على اقتراح القانون جعلت النسخة المعدلة تحاكي المعايير العالمية لحرية الإعلام ولحقوق الإنسان، بحيث تم نزع عبارة جرائم الإعلام واستبدالها بأفعال الإعلام على اعتبار أن أفعال الإعلام ليست جرائم، وبالتالي تمت مراعاة عدم إدراج الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف الناظرة بقضايا الإعلام التي تحل مكان محكمة المطبوعات في السجل العدلي. وألغت تعديلات وزارة الإعلام العقوبة السجنية، واقتصرت العقوبات على البدل المادي. وتم تحديد مهل لإصدار الأحكام وتحديد طرق نشرها. وأعطي حق الرد أهمية قصوى كونه يشكل أساسا من أسس الحريات، وحددت وسائله بدقة.
كما تم التزام تعديلات الوزارة بحقوق الإنسان لجهة نبذ العنصرية والكراهية، وتم تحديد ما يحظر نشره وفق القواعد المتعارف عليها دوليا.
وألغت تعديلات الوزارة المدير المسؤول نظرا لعدم وجود ارتباط بين المسؤولية والصلاحية، وحددت المسؤولية عن الأفعال التي تستحق العقاب بالوسيلة الإعلامية وكاتب المقال وفق أسس واضحة.
وفي الشق التقني، تم إلغاء التصنيف الفئوي للمؤسسات الإعلامية (فئة أولى. فئة ثانية..) واستبداله بالتصنيف الوظيفي (تجارية عامة. غير تجارية. ذات اختصاص). وألغت وزارة الإعلام في تعديلاتها التدخل في تعاقد المؤسسات الإعلامية مع شركات الإعلان، وتم إخضاع المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة إلى الترخيص، وإخضاع المطبوعات الصحافية ووسائل الإعلام الإلكترونية إلى الإجازة. كما تم تحديد مهل لإعطاء التراخيص والإجازات من قبل الهيئة، وتمت إجازة الاعتراض على قرار الهيئة عبر مجلس شورى الدولة مع تحديد مهل إصدار القرار.
وقد أخذت وزارة الإعلام في تعديلاتها التنوع الجندري لأعضاء الهيئة الناظمة بالاعتبار، واعتبرت أن الترشيحات للعضوية التي ترفع إلى مجلس النواب يجب أن تكون مناصفة بين الإناث والذكور.
وتضمنت التعديلات مجموعة مرتكزات أخرى جوهرية، ستعرضها وزارة الإعلام قريبا على الجسم الإعلامي وعلى منظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون الإعلام في مجموعة لقاءات تشاورية للبحث بالصيغة النهائية التي رسا عليها اقتراح القانون بعد التعديلات التي أدخلتها الوزارة. وقد أخذت اللجنة المنبثقة من وزارة الإعلام بالاعتبار في تعديلاتها، الملاحظات التي وردتها من عدد من منظمات المجتمع المدني لا سيما مؤسسة “مهارات”، وتوصيات المؤتمر الذي عقدته وزارة الإعلام مع رواد الصناعة الإعلامية في لبنان حول حاضر ومستقبل الإعلام، أضف إلى مجموعة ملاحظات تقدمت بها بعض المؤسسات الإعلامية، وأخرى تقدم بها عدد من الإعلاميين المخضرمين والحقوقيين بناء على طلب وزارة الإعلام كي لا يغفل النص الجديد أي شيء.
وكانت لجنة الإعلام والاتصالات النيابية صادقت أمس، في حضور عبد الصمد، على مشروع قانون يرمي إلى إفادة 462 متعاقدا في وزارة الإعلام من نظام تقاعد وتقديمات تعاونية موظفي الدولة، وذلك بعد جهود حثيثة بذلتها عبد الصمد كي يسلك هذا الملف طريقه بعد طول انتظار.
ودافعت عبد الصمد أمام لجنة الإعلام والاتصالات عن الجدوى الاقتصادية للقانون، بحيث يعود بالنفع على كل من متعاقدي وزارة الإعلام وخزينة الدولة. واعتبرت أن “من حق الموظف المتعاقد الذي قضى سنوات في خدمة الدولة أن يدخل الملاك أسوة بزملائه المثبتين”، مطالبة بـ”تطبيق هذا القانون على كل المتعاقدين في وزارة الإعلام، على أن يسري مفعول هذا القانون من تاريخ 1/1/2020 بمفعول رجعي”.
كما طالبت بـ”إنصاف متعاقدي الوزارات الأخرى أسوة بمتعاقدي وزارة الإعلام، لتحقيق مبدأ العدالة بين متعاقدي وزارة الإعلام وسائر متعاقدي الوزارات، وبين الموظفين المثبتين والمتعاقدين”.