توزّعت الاهتمامات أمس بين الشأنين الصحي والجنوبي، حيث دارت رحاهما في جلسة المجلس الاعلى للدفاع أولاً، ثم في مجلس الوزراء ثانياً، ليتقرر تقديم لبنان شكوى الى مجلس الامن جرّاء الاعمال العدوانية التي ارتكبتها إسرائيل جرّاء توهّمها هجوماً لـ»حزب الله» لم حصل أصلاً، وشكّلت «تهديداً لمناخ الاستقرار في جنوب لبنان، خصوصاً أنّ مجلس الأمن سيبحث قريباً في تجديد مهام قوات «الونيفيل» على حد قول رئيس الجمهورية ميشال عون. فيما رأى رئيس الحكومة حسان دياب أنّ «إسرائيل اعتدَت مجدداً على سيادة لبنان وخرقت القرار 1701 أمس عبر تصعيد عسكري خطير». ودعا إلى «الحذر في الأيام المقبلة»، مُبدياً تخوّفه «من انزلاق الأمور إلى الأسوأ في ظل التوتر الشديد على حدودنا مع فلسطين المحتلة»، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أمس «تعزيز قواته في المناطق الشمالية، بمنظومات نيران متطورة ووحدات تجميع معلومات وقوات خاصة، في ظل التوترات على المناطق الحدودية مع سوريا ولبنان».
أمّا صحياً فتقرر فرض إغلاق كلي بين غد الخميس و3 آب المقبل، تزامناً مع عطلة عيد الأضحى، على أن يُعاود فتح البلاد جزئياً ليومين فقط، ثم بفرض إغلاق تام جديد لمدة 5 أيام. وقد سجلت أمس 141 إصابة جديدة (بينها 8 فقط من الوافدين) ليتخطّى العدد التراكمي الـ4000 إصابة، فيما سجّلت 3 وفيات جديدة لترفع منسوب القلق، في ضوء إعلان مستشفى رفيق الحريري الجامعي في تقريرها اليومي أمس أنّ عدد الحالات الحَرجة لديه يبلغ 18 حالة.
خيّم التوتر أمس على الحدود الجنوبية من جرّاء الارباك الذي أصاب اسرائيل في منطقة مزارع شبعا، نتيجة ردّها على هجوم توهمت انّ «حزب الله» شنّه عليها رداً على مقتل احد كوادره العسكريين في غارتها الاخيرة على محيط مطار دمشق، ما أبقى الوضع في المنطقة مفتوحاً على كل الاحتمالات، في ظل استمرار إسرائيل في إطلاق الوعيد والتهديد في حال لجوء الحزب الى هذا الرد الذي أكد امس الاول انه «حتمي».
وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء أعلن وزير الخارجية ناصيف حتي، بعد الجلسة، انّ «الحكومة ستتقدم بشكوى اليوم إلى مجلس الأمن «لتحميله وتحميل المجتمع الدولي المسؤولية عمّا حدث يوم أمس (الاثنين)، فهناك عدوان واضح»، فيما لاحظ رئيس الحكومة أنّ «العدو يدفع إلى تعديل مهمات قوات اليونيفيل وقواعد الاشتباك»، المُثبتة منذ صيف 2006. وأكد أنّ «لبنان يرفض تعديل مهماتها»، متحدثاً عن «محاولة للضغط على لبنان عبر التلويح بخفض عديد قوات اليونيفيل إذا لم يحصل تعديل في مهمتها».
وفي الجانب الاسرائيلي عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس جلسة في مقر قيادة الجبهة الشمالية لتقييم الأوضاع غداة التصعيد الأمني على الحدود مع لبنان. وقال: «انّ ما يحدث حالياً هو محاولة لإيران والمنظمات الدائرة في فلكها بلبنان للتموضع عسكرياً في منطقتنا»، مضيفاً «انّ الأمين العام لمنظمة «حزب الله» الإرهابية حسن نصر الله يخدم المصلحة الإيرانية هذه على حساب الدولة اللبنانية».
وشدّد نتنياهو على «انّ جيش الدفاع مستعد جيداً لأي سيناريو محتمل»، وانه «لا يقترح على أحد اختباره». واكد «انّ إسرائيل مستمرة في العمل على إحباط التموضع العسكري الإيراني في المنطقة»، وقال: «انّ «حزب الله» يلعب بالنار»، واقترح على أمينه العام حسن نصر الله «عدم تكرار أخطاء الماضي وتكبيد لبنان ثمناً باهظاً».
وأغلق الجيش الإسرائيلي، امس، بعض الشوارع الرئيسية القريبة من الحدود مع لبنان وطالبَ السكان بالبقاء في منازلهم، بعد رصد ما وصفهم بمشتبه بهم في منطقة الجليل الغربي قرب السياج الحدودي.
وقال الجيش في بيان أمس: «تمّ رصد عدد من المشتبه فيهم في منطقة الجليل الغربي بالقرب من السياج الحدودي مع لبنان. الحادث تحت مراقبة قوات جيش الدفاع. التفاصيل قيد الفحص».
وذكرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية أنّ «الجيش أغلق بعض الشوارع الرئيسية القريبة من الحدود مع لبنان، ويجري عمليات تمشيط في المنطقة، ويطلب من السكان التزام منازلهم».
من مجلس الوزراء
من جهة ثانية، قلّل رئيس الحكومة حسان دياب، في مداخلة له في جلسة مجلس الوزراء، من أهمية زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاخيرة لبيروت، معتبراً أنها «لم تحمل معها أي جديد». وانتقد ما وَصفه «نقص المعلومات» لدى المسؤول الفرنسي إزاء إجراءات اتخذتها الحكومة لمعالجة الانهيار الاقتصادي. وقال: «لديه نقص في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية»، معتبراً أنّ «ربطه أي مساعدة للبنان بتحقيق إصلاحات وضرورة المرور عبر صندوق النقد الدولي يؤكد أنّ القرار الدولي هو عدم مساعدة لبنان حتى الآن».
وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تحدث في بداية الجلسة عن النصوص التطبيقية العالقة لقوانين سابقة في الوزارات، مطالباً باستعجالها، وهي موزعة على الوزارات على الشكل التالي: الصحة (3 قوانين)، التربية (قانون)، السياحة (3 قوانين)، العمل (قانون)، المالية (4)، العدل (2)، الاشغال (5)، الداخلية (2)، الشؤون (قانون) والدفاع (3 قوانين).
كورونا والاجراءات
وبعد طلبه من وزير الخارجية تقديم شكوى الى مجلس الامن حول الاعتداء الاسرائيلي الاخير على جنوب لبنان، طلبَ من وزير الصحة وضع مجلس الوزراء في آخر المستجدات المتعلقة بكورونا. فتحدث حسن عن الارتفاع الكبير في عدد الاصابات نتيجة الوافدين والمختلطين، وقال: «انّ مجموع الاصابات كان منذ بداية ظهور اول حالة في لبنان حتى أول تموز 750، أمّا الفترة الممتدة من اول تموز حتى اليوم فقد بلغت الاصابات 1180».
وكرّر حسن الشكوى من نقص فحوص الـ pcr للبنانيين نتيجة أنّ العدد الأكبر منها يجريها النازحون السوريون، كونهم يدفعون بدل هذا الفحص cash. وطالب مجدداً بخفض اعداد الوافدين والعودة الى المرحلة الاولى من فتح المطار عندما اتخذت اجراءات التباعد داخل الطائرة نفسها، فوعد دياب بدرس هذا الامر في لجنة كورونا. كما تحدث حسن عن نسبة «الفحوص الخاطئة نتيجة الضغط»، وقال: «انّ وزارة الصحة تحتاج لأسبوعين لتحضير أجهزة التنفس التي تم استيرادها من الخارج»، وطالبَ بصرف مبالغ مالية لتغطية تركيبها ومحطات تشغيلها.
وطلب الوزير حب الله إقفال البلد لأسبوعين من دون توقف LOCK DOWN، فأيّده الوزير رمزي مشرفية وكذلك وزير الصحة، فيما سألت الوزيرة ماري كلود نجم ما اذا كان الاقفال يشمل دور العبادة والاعراس؟ فردّ دياب أنّ في اول اسبوع سيتم تقييم الوضع بعد الاقفال، مشيراً الى أنّ اعادة فتح البلد ليومين ما بين الاقفالين هي لترك مُتنفّس للناس لتسيير اوضاعهم وتأمين حاجياتهم. وهنا سأل دياب الوزراء: من منكم مع الـ LOCK DOWN ومن ضده؟ فرفع غالبية الوزراء أيديهم ضد الـ LOCK DOWN، فلم يؤخذ به.
ووجّهت نائب رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع زينة عكر خلال الجلسة سؤالاً حاسماً الى الحكومة، قالت فيه: «نحن الحكومة التي تتخذ القرارات، فلماذا لا يتم التنفيذ في شكل سريع؟ لذلك المطلوب اتخاذ قرارات جريئة وفورية وعدم تضييع الوقت والتأخير في اجراء اللازم». وشددت على «أننا في حال اضطررنا الى إقفال أي مكان مخالف، يجب أن يتم العمل على ذلك فوراً ووقف الاحتكار والهدر». واعتبرت «أنّ دور الحكومة العمل والإنتاج». وختمت: «لمَن نشكو؟ نحن الحكومة والقرار عندنا والمسؤولية علينا».
التدقيق الجنائي
واطّلع مجلس الوزراء من وزير المال غازي وزني على مسودة عقد التدقيق الجنائي في مصرف لبنان مع شركة Alvarez and marsal التي درسته وأعادته مساء الاثنين، وكلُّف وزير المال توقيع العقد بعد أخذ رأي هيئة التشريع والاستشارات فيه.
ووفق مشروع العقد هذا، ستعود عملية التدقيق التشريحي 5 سنوات إلى الوراء، وستشمل كل حسابات مصرف لبنان وهندساته المالية. وتبلغ قيمة العقد مليونين و١٠٠ ألف دولار، ويُضاف إليها ١٢٠ الف دولار نفقات اقامة وسفر.
وستكون التقارير سرية، وفي حال حصول اي مشكلة فسيكون التحكيم في محاكم دبي. امّا في التدقيق المحاسبي، فسيوقّع وزير المال اليوم العقد مع kpmg وOliver wyman بعد موافقة هيئة التشريع والاستشارات على العقد…
الى ذلك، حَمل مجلس الوزراء بُشرى لكل اللبنانيين بإلغائه رسوم الميكانيك عن العام ٢٠٢٠ لمَن دفع في العام ٢٠١٩ وعن ٢٠٢١ لمَن دفع عن العام الحالي. لكن على أصحاب اللوحات المميزة ان يدفعوا او يعيدوا اللوحة الى هيئة ادارة السير. وهذا ما تقرر بنتيجة معارضة عدد من الوزراء شمول الاعفاء اللوحات المميزة.
وعرض وزني للاجتماعات المكثفة في وزارة المال مع جمعية المصارف ومصرف لبنان، واكد «انّ التفاوض مع صندوق النقد الدولي مستمر، والبحث يجري حول هيكلية القطاع المالي وتوزيع الخسائر بعد الاتفاق على أرقامها وإنشاء الصندوق السيادي. وأكد ممثلو الصندوق انهم منفتحون على هذه الافكار، وطلبوا منه تقديم مقترح لهذا الصندوق لدرسه، وأكدوا انه لن تكون هناك عطلة لعملهم في شهر آب».
وأبلغ وزير المال الى مجلس الوزراء تجميد تطويع الخفراء الجمركيين، موضحاً انّ «المشكلة سببها رفض أحد أعضاء المجلس الأعلى للجمارك توقيع القرار». وتقرر ان يعمل رئيس الحكومة مع وزير المال على معالجة هذه المسألة.
المازوت
وكما في مجلس الدفاع الاعلى أخذت ازمة المازوت الحيّز الاكبر من النقاش في مجلس الوزراء، حيث أطلعه وزير الطاقة ريمون غجر على تقرير حول نسبة استخدام مادة المازوت وآلية التوزيع والكميات التي توزّع عبر المنشآت والشركات. واكد انّ المازوت موجود ولا ضرورة للرعب، وانه طمأن اصحاب المولدات عندما راجعوه بهذا الأمر الى انّ وزارة الطاقة أمّنت مخزوناً لمدة شهر اضافي ولا داعي لتخزين هذه المادة، واصحاب المولدات متّفقون مع الشركات على التسليم والكميات، لكن هناك «فاول» في مكان ما.
وعرض غجر لأسباب اختفاء المازوت، حيث تذهب 3 ملايين ليتر للزراعة و3 ملايين للصناعة و2 مليون مختلف، وكل ساعة انقطاع كهرباء تكلّف ٢٠٠ الف ليتر، وقد تم تسليم ٩٠ مليون ليتر خلال 8 ايام و٣٠ مليون ليتر سُحبت خلال 4 ايام. وقال انه حجز ١٢٠ مليون ليتر للشهر المقبل.
وبناء على دعوة رئيس الجمهورية، تم تكليف اجهزة الجيش وفرع المعلومات والامن العام وامن الدولة التصرّف حيال احتكار مادتي المازوت والبنزين.
وأبلغ دياب الى مجلس الوزراء انه طلب من هذه الاجهزة الامنية في المجلس الاعلى للدفاع ملاحقة كلّ من يخزّن ويحتكر المادتين للبيع باسعار عالية والقبض عليه، وانزال اشد العقوبات، ومصادرة المادة منه بدءاً من اليوم.
وطرح وزير الاقتصاد راوول نعمة تركيب GPS بالشاحنات يسمح للاجهزة الامنية بتتبّعهم وتسجيل رقم الـ»شيسي» لكل شاحنة، كون هناك اكثر من صهريج يحمل اللوحة نفسها. وهنا أبلغهم رئيس الحكومة أنه تم تكليف اللواء عباس ابراهيم حل أزمة الموتورات، ولم يعد هناك مشكلة. ودخل رئيس الجمهورية على خط هذا النقاش، وقال للوزراء انه تم تكليف 4 اجهزة امنية ومخابرات الجيش خلال جلسة المجلس الاعلى للدفاع لملاحقة المخالفين ومن يبيع بأسعار عالية، والقبض عليهم وإنزال اشد العقوبات بحقهم إبتداء من الغد ووقف الاحتكار، وطُلب منهم ان يتحركوا على الارض في اعمال دهم فورية، وتسطير محاضر وصولاً الى التوقيفات.
وقال غجر: كل شهر أجتمِع مع اصحاب المولدات ويطلبون تعديلات على التسعيرة بسبب ارتفاع سعر الدولار، وأنا ارفض هذا الامر لعدم تحميل المواطن عبئاً اضافيياً. واكد «انّ اسباب تراجع التغذية بالتيار الكهربائي هو عطل فني كبير حصل في محطة الجية، وإصلاحه يستغرق وقتاً طويلاً». ورفض التعليق على ما اذا كانت ازمة التقنين القاسي ستحلّ، بقوله: «يجب ان نتعوّد على هذه الازمات، ونحن نحاول ايجاد حلول بشتى الطرق».
وكان مجلس الوزراء قرّر في جلسته أمس «تمديد التعبئة العامة حتى 30 آب المقبل، وتكليف وزارة الخارجية تقديم شكوى ضد إسرائيل في مجلس الأمن، وتكليف وزير المال توقيع العقود مع 3 شركات لإجراء التدقيق الجنائي والمالي، والموافقة على مشروع قانون يرمي الى إعفاء كافة المركبات الآلية من رسوم السير السنوية للعام 2020 او العام 2021 حصراً والغرامات المرتبطة بها».
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في قصر بعبدا «وجوب احترام قرارات المجلس الأعلى للدفاع والتشدّد في تطبيقها، لِلحد من التداعيات السلبية على المواطنين والمقيمين. ونَوّه من جهة أخرى بعمل الأجهزة الأمنية والإدارية التي نفّذت مداهمات لبعض المخازن التي تحتوي مواد غذائية فاسدة او منتهية الصلاحية، داعياً إلى «تفعيل عمل مصلحة حماية المستهلك، واتخاذ تدابير صارمة بحق المخالفين».
وكشف عون انّ تدبير اعتماد التدقيق الجنائي «كان موضع ترحيب وزير الخارجية الفرنسية في خلال زيارته للبنان»، معتبراً انه «بداية فعلية لبناء الدولة».
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة حسان دياب أنّ «القرار الدولي بعدم مساعدة لبنان ما زال ساري المفعول، لذلك من الضروري تحصين وضعنا الداخلي في هذه المرحلة، وتوحيد الموقف اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والانتقال بسرعة إلى المرحلة الثانية من هذه المفاوضات».
وأكد أنه «من الضروري جداً وقف حالات الابتزاز التي تتعرّض لها الدولة، على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي»، مشيراً إلى أنّ «جزءاً كبيراً من المشكلات التي نراها هو مُفتعل، وليس له أساس. فالبلد يعوم فوق بحيرة من المازوت، لكنّ التجار يخفون المازوت حتى يبيعونه في السوق السوداء بأسعار أعلى كي يحققوا أرباحاً أكثر. والبلد مُمتلئ بالمواد الغذائية، مع ذلك إنّ التجار يُخفون البضائع حتى يبيعونها في السوق السوداء ويرفعون الأسعار. وهناك محاولة من التجار لإلغاء مفعول سلّة البضائع المدعومة. لذلك، علينا التعامل بحزم وجدية مع ظواهر الابتزاز والاحتكار التجاري والاستثمار السياسي بلقمة عيش الناس».
مجلس الدفاع
الى ذلك، شَكت الحكومة نفسها، وكاد رئيسها ان يسأل: أين هي الدولة؟ عندما خاطَبً مجلس الدفاع الاعلى بكلام سأل فيه: أين الاجهزة الامنية؟ واين القضاء؟ وما هو دورهم بفرض هيبة الدولة؟ وكيف نستطيع فرض الامن في منطقة ولا نستطيع فرضه في منطقة اخرى؟ وكيف يتحرّك القضاء في ملفات ويتجاهل ملفات أكثر اهمية؟ فالامن لا يكون بالتراضي، والحوادث التي تحصل كل يوم لا تحتاج الى توافق سياسي لمعالجتها بل الى قرار أمني جدي بالتعامل معها، والى قضاء يتعامل مع هذا الوضع بحزم».
وتزامنَ كلام دياب مع نشر تغريدات له في حسابه على «توتير» في الاطار نفسه، لكن تمّ حذفها لاحقاً.
وفي معلومات لـ«الجمهورية» انه بعد كلمتي رئيسي الجمهورية والحكومة، عرض وزير الصحة حمد حسن لواقع كورونا، طالباً التشدد اكثر في الاجراءات، وخصوصاً حركة المطار وضرورة العمل على تَدنّي نسبة الوافدين من الخارج، وعارَضَه في هذا اللواء عباس ابراهيم الذي قال انه عندما زار الكويت أخيراً بَيّن له المسؤولون الكويتيون انّ الحجوزات للسيّاح من الكويت مقفلة، مطالباً بتسهيل قدومهم والسماح لأكثر من 2000 شخص بالقدوم على عكس طلب وزير الصحة. فعلّق دياب «أنّ المشكلة في الوافدين جَوهرها افريقيا». فخالفته الوزيرة زينة عكر مؤكدة «انّ المشكلة هي في الوافدين من كل البلدان». فشدد وزير الصحة على «انّ فحص الـ pcr يجب ان يكون إلزامياً قبل الصعود الى الطائرة»، وطلب تسهيل الاجراءات لقدوم السيّاح ما دامت الاجراءات متخذة وطالما انهم أجروا فحوصاتهم، اذ انّ لبنان في حاجة الى هؤلاء السيّاح.
وأبلغ ابراهيم الى المجلس الاعلى للدفاع انه سيفتح الحدود يومياً في اتجاه سوريا على أن يكون العابرون قد أجروا فحوص الـ pcr، أمّا إياباً فلا تزال الحدود مقفلة باستثناء بعض الحالات الانسانية التي يتم درس وضعها والسماح لها بعد إجراء الفحص داخل سوريا.
وعرضَ المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان للاجراءات التي اتخذتها قوى الامن لحفظ الامن، ونبّه الى «انّ نسبة الجرائم ترتفع بمقدار كبير جداً، وخصوصاً جرائم السرقة وسرقة السيارات». وكشف عن «اعتقال عصابة لسرقة السيارات هي الأخطر».
وهنا لفتَ قائد الجيش جوزف عون الى «انّ السجون في لبنان لم تعد َتَتّسِع». فأجابه وزير الداخلية محمد فهمي «أنّ الحل هو توسيع النظارات»، مؤكداً انه بدأ يعمل على هذا الامر وإعداد المناقصات لتلزيم هذا التوسيع.
وبدوره، تحدث المدعي العام العسكري بالتكليف فادي عقيقي عن موضوع التوقيفات، وحذّر من «انّ المرحلة المقبلة ستشهد اكتظاظاً كبيراً، لذلك يجب التركيز على الجرائم الكبرى».
وناقش المجلس الاعلى للدفاع أزمة المازوت بإسهاب، حيث أبلغ ابراهيم الى المجتمعين انّ «الامن العام وزّع حتى الآن مليون و551 الف و793 ليتراً على كافة الشركات»، وقال «انّ الضجة المفتعلة لرفع السعر في السوق السوداء هي نتيجة قلق الناس لأنهم يشعرون انّ هذه المادة غير مستقرة، ويمكن ان يحصلوا عليها اليوم ويفقدوها غداً، وهذا يعزّز السوق السوداء، فهناك مازوت متوافر والكميات كبيرة، إنما وصلتنا معلومات انّ محطات كثيرة تخزّن مادة المازوت، وقد قمنا بدَهم أعداد كبيرة منها، وصادرنا هذه الكميات واصبح الأمر في يد القضاء». واشار الى «انّ التجّار والشركات يخلقون سوقاً سوداء بالهلع والتخويف».
وخلال الجلسة طلب من إبراهيم حل مشكلة المولدات الكهربائية التي هدّد اصحابها بإطفائها، فاستدعيوا مباشرة بعد الجلسة الى المديرية العامة للامن العام، وتم الاتفاق معهم على آلية لتسليمهم مادة المازوت وبالسعر الرسمي، كذلك طُلب منهم «عدم الانجرار الى أي عملية ابتزاز نتيجة الحاجة لهذه المادة، وان يُبَلّغوا عن كل شركة تبيعهم المازوت في سوق سوداء مقابل ان يكفل الامن العام تسليمهم ما يحتاجون من المازوت لتشغيل مولداتهم».
إستحقاق 7 آب
وكان دياب اكد خلال الجلسة انّ «المعطيات في ما يخصّ استحقاق صدور الحكم بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تشير إلى تَعاطٍ مسؤول من قِبل المعنيين مباشرة بهذه القضية، وهذا أمر يعطي قوة دفع لمواجهة التداعيات ومحاولات الاصطياد بالماء العكر من قِبل البعض»، لافتاً الى أنّ «مواجهة الفتنة هي أولوية الأولويات».
وأشار الرئيس سعد الحريري إلى أنّ «مؤتمر تيار «المستقبل» سينعقد تحت شعار «العدالة لأجل لبنان»، واكد انّ «الظروف القاهرة التي أوجَبت التأجيل لا تتعارض مع التزامنا الكامل مقتضيات العدالة في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، والنتائج التي قررت المحكمة النطق بها في 7 آب المقبل».
ودعا الحريري الى «جمهور التيار والمحازبين خصوصاً الى الاعتصام بالصبر والهدوء والتصرف المسؤول، وتجنّب الخوض بالأحكام والمبارزات الكلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل صدور الحكم المُعلّل عن المحكمة الدولية وبعده». وقال: «من الآن وحتى السابع من آب، سأكون بينكم دائماً وسيكون لنا بإذن الله كلام آخر».
الوضع المالي
مالياً، استُؤنفت امس المفاوضات في وزارة المالية في محاولة للوصول الى تفاهم مع شركة «لازار» للموافقة على خطة موحدة يتم تقديمها الى صندوق النقد الدولي، وقد انتقلت المفاوضات من كونها تجري بين الحكومة والمصارف ومصرف لبنان، الى مفاوضات تتم بين الدولة اللبنانية من جهة و»لازار» من جهة أخرى.
وفي السياق، قال مصدر مواكب للمفاوضات «انّ الامور تحركت قليلا نحو الامام، لكنها لم تصل بعد الى نقطة التفاهم، ولا تزال هناك نقاط كثيرة عالقة تحتاج الى حلحلة». واضاف: «انّ الحصول على موافقة «لازار» وتوقيعها الخطة مهم، لكن ليس بأيّ ثمن. وبالتالي، سيتم استنفاد كل المحاولات للوصول الى اتفاق مع الشركة، قبل اتخاذ أي قرار بتجاوز رأيها في الموضوع».
أزمات متعددة
الى ذلك، ما ان تغيب أزمة حتى تطلّ أخرى برأسها، من شح البنزين الى شح المازوت الذي تحوّلت مسألة اختفائه لغزاً يحيّر وزير الطاقة، الى أزمة الكهرباء التي واجهت أمس معضلتين: قرار أصحاب المولدات بإطفاء مولداتهم، والعطل المفاجئ الذي اصاب كهرباء لبنان وأدّى الى تقنين استثنائي قاسٍ. وبَدا غريباً هذا التزامن بين الأزمتين. وفي حين شهدت أزمة المولدات حلحلة مؤقتة بعد مَسعى اللواء عباس ابراهيم، وأدّى الى تعليق إضراب المولدات، بقيت مسألة العطل في كهرباء الدولة عالقة، وستحتاج الى مزيد من الوقت قبل ان يتم إصلاحه للعودة الى برنامج التقنين الاعتيادي.