على وقع حمل اللبنانيين، في ذكرى أسبوع على انفجار المرفأ في 4 آب الجاري، اوجاعهم إلى الموقع حيث وقعت الكارثة، مع صور وأسماء الضحايا الذين ذهبوا بفعل الإهمال، وربما التآمر، بانتظار التحقيقات، والوقوف دقيقة صمت على أرواح هؤلاء الذين قضوا وأصبح عددهم 171 شهيداً مع اختلاط أصوات الاذان مع اجراس الكنائس.. كانت الحركة السياسية والدبلوماسية في بيروت تمضي قدماً إلى الامام، من زوايا ثلاث: إبقاء الوضع المتفجر في الشارع تحت السيطرة، البحث عن مقاربة حكومية عاجلة، تملأ الفراغ، وتنتهي فترة تصريف الأعمال بسرعة، وتؤسس لإعادة احتضان البلد، والبدء بإعادة اعمار مرفأه، واقتصاده واعادته إلى الخريطة العربية والدولية.
وبصرف النظر عن المأمول من الحركة الجارية، والتي حدّد لها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نهاية آب الجاري، إذ سيعود في 1 أيلول للمشاركة في ذكرى مرور مائة عام على قيام لبنان الكبير، فإن تحولات مرتقبة، ممكنة الحدوث، لجهة السير باصلاحات محدودة، تقدّم ورقة اعتماد للمجتمع الدولي، قبل فوات الأوان.
وبينما يلتزم الرئيس سعد الحريري الذي يتصدر اسمه كل المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة الصمت بعد استقالة حكومة حسان دياب المهينة وهو الذي تركه حزب الله والتيار العوني يغرق وحيدا بلا منقذ بعدما استنفدت الغاية من تنصيبه رئيسا للحكومة الظرفية، بقي بيت الوسط محور الحركة السياسية، علانية من خلال زيارة وزير الخارجية المصرية سامح فهمي لبيت الوسط وقبله الامين العام لجامعة الدول العربية احمد أبو الغيط وما تخلل هاتين الزيارتين من مباحثات تناولت تداعيات الانفجار المروع، سياسيا واقتصاديا، نشطت الاتصالات وراء الكواليس مع اكثر من طرف لرسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة وكيفية التعاطي معها ولاسيما موضوع تشكيل حكومة جديدة وتسمية الشخصية التي ستتولى رئاستها وتركيبتها في حين ان تكشف مسار هذه العملية واتجاهاتها ينتظر وصول مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل إلى بيروت مساء الخميس المقبل وما سينقله للفرقاء اللبنانيين عن موقف حكومته حول مختلف التطورات الاخيرة في لبنان بعد حادث تفجير المرفا وبالطبع سيكون موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة من ضمنها في حين ستشمل لقاءاته زيارة الرئيس الحريري في دارته الجمعة المقبل ويتناول طعام الغداء الى مائدته حيث سيكون موضوع مهمة هيل في ترسيم الحدود البحرية من ضمن المواضيع التي ستبحث خلالها وبالطبع تشكيل حكومة جديدة أيضا وبعدها يمكن تلمس مسار الامور عما اذا كان هناك تفاهم أميركي فرنسي مشترك لمساعدة لبنان في مواجهة تداعيات الانفجار الكبير ودعمه في عملية تشكيل الحكومة الجديدة ام ان هناك تبايناً او خلافاً معيناً قد يؤثر سلبا على مسار الأمور ويعقد عملية تشكيل الحكومة اللبنانية.
ويبدأ هيل لقاءاته صباح الجمعة من قصر بعبدا، حيث يستقبله الرئيس عون ثم يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من دون ان يشمل وزير الخارجية المستقيل شربل وهبه.
واليوم يزور وزير خارجية المانيا هايكو ماس بيروت للمشاركة في جنازة احدى موظفات السفارة التي قضت في انفجار المرفأ وتدعى غابريال كوهنال رادتكي. وبحسب معلومات «المركزية» فإن المسؤول الالماني لن يعقد لقاءات سياسية في بيروت سوى مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يستقبله في الثالثة بعد الظهر.
وزير الخارجية المصري سامح شكري، صرّح بعد لقائه الرئيس عون في بعبدا، «اننا مستعدون للوقوف الى جانب الشعب اللبناني الشقيق ولدينا ثقة بقدرته على تجاوز الأزمة ومواجهة التحديات التي فرضها تفجير المرفأ».
وقال: «هناك تراكمات سببت الكثير من المعاناة والتحدي، ومن الضروري العمل على الاولويات الخاصة للشعب اللبناني واعادة الإعمار».
وأعلن «اننا نكثف الجهود في المجالات كافة، ونوفر الجسر الجوي للمساعدات الاغاثية والانسانية كما الجسر البحري لإعادة الاعمار، ومستعدون للوقوف الى جانب الشعب اللبناني».
ومن عين التينة، أعلن شكري ان المرحلة تتطلب من الأطراف وضع منهج جديد ليتمكن لبنان من مواجهة التحديات وتلبية طموحات الشعب اللبناني.. مضيفاً: نحن متضامنون مع لبنان وشعبه، وسوف نواصل التنسيق الوثيق والعمل من أجل رفعة الشعب اللبناني وتجاوز هذه المحنة.
وشملت لقاءات شكري كلاً من الرئيس سعد الحريري، الذي زاره في بيت الوسط بحضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، ثم زار النائب جنبلاط واستقبل النائب السابق سليمان فرنجية وموفد الدكتور سمير جعجع الوزير السابق ملحم رياشي، ثم التقى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل.
وسلم وزير خارجية شؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي المسؤولين رسالة من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين تؤكد ان لبنان لن يكون لوحده بمواجهة تداعيات إنفجار مرفأ بيروت. وجدّد وقوف الأردن إلى جانب لبنان وشعبه، لأن أمن لبنان وعافيته هو جزء من عافية المنطقة برمتها.
وعشية وصول هيل، أكدت مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، كيلي كرافت انه على أي حكومة لبنانية منع «حزب الله» من حيازة الأسلحة، مشيرة إلى أن اليونيفيل ستواصل عملياتها في جنوب لبنان.
وقالت كرافت في مقابلة مع «العربية»: «نحن الدولة المانحة الكبرى ووقفنا دوما إلى جانب لبنان»، لافتة الى أن الشعب اللبناني يستحق مستقبلا أفضل.
واضافت ان «إيران ستلجأ إلى استخدام الأسلحة لزعزعة الاستقرار»، مشددة على ضرورة أن توقف إيران تسليح «حزب الله» الذي كان جزءا من الحكومة السابقة.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان المشاورات بشأن الملف الحكومي لا تزال في بداياته وما من شيء ملموس بعد وهناك اتصالات ومشاورات جانبية ولفتت الى ان تحديد موعد الأستشارات النيابية ينتظر هذه المشاورات التي انطلقت كي تقرر الكتل النيابية خياراتها.
ورأت المصادر ان لا صورة واضحة قبل معرفة الجو العام ولذلك امام هؤلاء رؤساء الكتل فسحة من الوقت لكن الثابت لدى رئيس الجمهورية احترام الدستور وما تفضي اليه الأستشارات النيابية من تسمية الشخصية التي تكلف تشكيل الحكومة.
وقالت ان الرئيس عون يريد قيام حكومة بأسرع وقت ممكن ولم يدخل في موضوع الأسماء سواء بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري او السفير نواف سلام مشيرة الى ان الرئيس الفرنسي لم يأت على ذكر اي شخصية خلال زيارته الأخيرة الى بيروت لافتة أن حكومة الوحدة الوطنية كانت في صلب تركيز ماكرون. وهنا اشارت المصادر نفسها الى انه ربما تكون هذه الحكومة هي التوجه العام لهذه المرحلة بسبب الظروف التي تفرض ذلك لكن المصادر رأت ان الأمر متروك للمشاورات التي يجريها الرئيس المكلف وكذلك الكتل النيابية حول شكل الحكومة ومضمونها ودورها.
الى ذلك ذكرت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية بما اكده عون في دردشته الأعلامية الأخيرة لجهة اطلاعه على تقرير عن المواد المتفجرة في مرفأ بيروت في 20 تموز الماضي واحالته له الى المجلس الأعلى للدفاع مع عبارة اجراء اللازم وهذه العبارة تعني القيام بالاجراءات لمعالجة الأمر.
الى ذلك افيد انه بعد انتهاء مهلة الأسبوعين بشإن حالة الطوارئ في بيروت قد يعقد مجلس الدفاع الأعلى جلسة لأتخاذ القرار المناسب.
وذكرت مصادر رسمية مواكبة للاتصالات لـ»اللواء»، انه من المبكر تحديد موعدالاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة الجديدة، او الحديث عن اسم معين قبل استكمال المشاورات السياسية للتوافق المسبق على الاسم وعلى برنامج الحكومة والضمانات المطلوبة لنجاحها، حتى لا تتكرر تجربة الحكومة المستقيلة، علماً ان كل الاطراف تدفع بإتجاه الاسراع في تسمية الرئيس المكلف وتشكيل الحكومة لتسريع اعمال الانقاذ والإعمار وتسيير مرفأ بيروت والتعويض على المتضررين، عدا استكمال ملفات عالقة مهمة كملف الاصلاحات البنيوية في الاقتصاد والمالية العامة والادارة. مايعني يجب الاتفاق على عناوين المرحلة المقبلة بكل تفاصيلها.
وكان اول الغيث في حركة الاتصالات فور استقالة الحكومة، الاجتماع الذي عقد في عين التينة بين الرئيس نبيه بري وجبران باسيل والحاج حسين الخليل في حضور النائب علي حسن خليل، والذي بحث بروية مشتركة لمرحلة ما بعد استقالة دياب وتأليف حكومة جديدة.
وفي كل الاحوال، بات على القوى السياسية اخذ مطالب الشارع المنتفض بالاعتبار خلال البحث في التركيبة الحكومية الجديدة، وإلا يبقى الوضع يراوح مكانه من توترات متنقلة وعدم استقرار سياسي وامني، خاصة ان الشارع يرفض كل التركيبة السياسية القائمة حالياً ويدعو الى تغييرها عبر انتخابات نيابية مبكرة، من الصعب اجراؤها ايضا قبل التوافق على اي قانون انتخابي!.
نيابياً، يعقد مجلس النواب جلسة الساعة 11 قبل ظهر غد في الأونيسكو لمناقشة المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ في بيروت.
جنبلاط: لا شروط
سياسياً، ومن عين التينة، أعلن جنبلاط بعد لقاء الرئيس بري: ليس لدي مرشّح لرئاسة الحكومة أو شروط للمشاركة وسأنسق مع برّي، داعياً إلى حكومة طوارئ، واتخاذ إجراءات في ما خص وباء كورونا.
واعتبر ان رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب هو من احرق بيروت، واسقط نفسه بنفسه.. مشدداً على حكومة جديدة كي لا تبقى تلك الحكومة الموجودة تصرف الأعمال.
باسيل: تسهيل
ودعا تكتل لبنان القوي الذي يرأسه النائب جبران باسيل إلى «تشكيل حكومة منتجة وفعالة تركز اهتمامها على توفير الحلول لمجموع الأزمات، مؤكداً انه «لن يوفّر جهداً لتسهيل ولادة الحكومة، وسيكون في طليعة المتعاونين لإنجاز هذا الاستحقاق».
وليلاً، نفى باسيل ان يكون وضع شروطاً لتأليف الحكومة.
المساعدات
على صعيد المساعدات، ذكر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنيسيق الشؤون الإنسانية أمس ان برنامج الأغذية العالمي سيرسل 50 ألف طن من طحين القمح إلى لبنان لتحقيق قدر من الاستقرار في امدادات البلاد.
وقال التقرير ان برنامج الأغذية سيرسل شحنة الطحين «لتعزيز الامدادات الوطنية وضمان عدم حدوث نقص في الغذاء بالبلاد».
على الأرض، بعد أسبوع من إنفجار ضخم ضرب بيروت ومدينتها، سار مئات اللبنانيين أمس فوق ركام عاصمتهم حاملين أوجاعهم إلى موقع الانفجار، وصور وأسماء ضحايا تغيّرت حياة عائلاتهم ووطنهم خلال دقائق.
وواصلت المدينة وأهلها لملمة جراحهم غداة استقالة حكومة حسان دياب.
وحوّل الانفجار الضخم بيروت عاصمة منكوبة، وعاث في أحيائها خراباً، متسبباً بمقتل 171 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف عدا عن مفقودين تضاربت التقديرات بشأن عددهم، وفق وزارة الصحة. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن نحو الف طفل في عداد الجرحى.
وعند الساعة السادسة والدقيقة الثامنة قبالة المرفأ، كما في الأحياء المتضررة القريبة منه، وقف المئات دقيقة صمت على أرواح الضحايا، وأمام المرفأ الذي تحوّل ساحة خردة كبيرة، بُثّ على شاشة عملاقة شريط فيديو يُظهر الانفجار الضخم. وأدّى المشاركون تحية سلام لمدينتهم وضحايا الانفجار.
وفي شارع الجميزة المجاور، الأكثر تضرراً بالانفجار، جلس عشرات الشباب بلباس أبيض حاملين لافتات عليها أسماء ضحايا الانفجار، كما أضيئت الشموع. وقال أحد المشاركين في الوقفة قرب مرفأ بيروت أمام الحاضرين «لن نعلن الحداد ولن نرتدي الأسود قبل أن ندفن السلطة كلها».
وطلبت قوى الأمن الداخلي من المتظاهرين السلميين عدم التعرّض لعناصرها والخروج فوراً من أماكن التصعيد.
تحذير اميركي من نترات الأمونيوم
وفجرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قنبلة كبيرة أمس إذ إن متعاقداً أميركياً يعمل مع الجيش الأميركي، حذّر قبل أربع سنوات على الأقل من وجود مخبأ كبير للمواد الكيماوية القابلة للانفجار التي تم تخزينها في ميناء بيروت في ظروف غير آمنة.
وقالت إنه وفقاً لبرقية دبلوماسية غير سرّية أصدرتها السفارة الأميركية في لبنان وصنفتها بأنها «حساسة»، تمّ رصد وجود المواد الكيماوية والإبلاغ عنها من قبل خبير أمن الموانئ الأميركية خلال تفتيش حول سلامة الميناء. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين عملوا في الشرق الأوسط، أنه كان من المتوقع أن يقوم المقاول بإبلاغ السفارة الأميركية أو البنتاغون بالنتائج.
ونفى مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن يكون المسؤولون الأميركيون على علم بالنتائج التي توصّل إليها المقاول وقال إن البرقية «تُظهر أنه لم يتم إبلاغهم». وأضاف أن المقاول «قام بزيارة غير رسمية للموقع منذ حوالي أربع سنوات، ولم يكن في ذلك الوقت موظفًا في الحكومة الأميركية أو وزارة الخارجية». وقال المسؤول إن الوزارة ليس لديها سجل بإبلاغ المقاول بالنتائج التي توصل إليها حتى الأسبوع الماضي، بعد الانفجار المميت.
وتكشف البرقية أولاً، أسماء مسؤولين لبنانيين كانوا على دراية بـ«نيترات الأمونيوم» في المرفأ. ثمّ تشير بعد ذلك إلى أن مستشاراً أمنياً أميركياً عينه الجيش الأميركي اكتشف المواد الكيماوية أثناء فحص السلامة.
وبحسب البرقية، فإن المستشار، بموجب عقد مع الجيش الأميركي، كان مستشارً البحرية اللبنانية من 2013 إلى 2016. وقالت البرقية إن المستشار «نقل أنه أجرى عملية تفتيش على مرافق الميناء بشأن الإجراءات الأمنية، وأبلغ خلالها المسؤولين في الميناء عن التخزين غير الآمن لنترات الأمونيوم».
وتنقل الصحيفة عن العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين الذين عملوا في الشرق الأوسط أن المستشار كان عادة ينقل نتائجه على الفور إلى المسؤولين الأميركيين الذين أشرفوا على العقد، وفي هذه الحالة السفارة أو وزارة الخارجية أو البنتاغون.
وقال دبلوماسيون من الدول المتضررة من الانفجار إنه ربما لم يكن هناك الكثير مما يمكن للولايات المتحدة فعله لإجبار الحكومة اللبنانية على نقل المواد. كما طلب مسؤولو الموانئ اللبنانية مراراً وتكراراً نقل المادة الكيماوية، ولكن دون جدوى.
وبيّنت البرقية شكوكاً أميركية في التفسير الأولي للحكومة اللبنانية حول سبب اشتعال نترات الأمونيوم والذي تحدث عن أن حريقاً اندلع في حظيرة مجاورة مليئة بالألعاب النارية ثم انتشر، مما تسبب في انفجار الأمونيوم. بدلاً من ذلك، تثير البرقية احتمال أن تكون الذخيرة المخزنة في المنفذ قد خلقت القوة اللازمة لتفجير نترات الأمونيوم.
7121
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 309 إصابة كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 7121.