على الأرجح، وسط أجواء النكد السياسي المتبادل على الخط الحكومي، ان لا حكومة في الأفق القريب، الاّ اذا حدثت مفاجأة قلبت الواقع المعطّل رأساً على عقب. فحتى الآن، لم يُعثر على مفتاح التكليف، والنتيجة الطبيعية لذلك، انّ موعد الاستشارات النيابية الملزمة، مرشّح لأن يبقى على الرف، الى ان تقتنع الاطراف المتصادمة بأنّ وضع البلد مهترئ، وانّ هذا الاهتراء يحتّم التعجيل بحكومة تسعى الى وقف الهريان الضارب في كل مفاصل الدولة وتضع لبنان على سكة الانفراج، وربما الى ان يأتي القرار المُلزم من جهة ما، ويوعز للمتصادمين بفتح باب التكليف رغماً عنهم!
شخصنة!
المشاورات الداخلية شبه معلّقة حتى اشعار آخر، وأفق التكليف، مقفل بالكامل، وتُحكم هذا الاقفال شخصنة البحث في شخصية رئيس الحكومة، وشكل الحكومة الجديدة، وتركيبتها وبرنامج عملها، وهذه الشخصنة قادت كل مسعى لاستيلاد هذه الحكومة، الى الاصطدام بالعقم السياسي الضارب في عقول بعض الطبقة السياسية، وهذا كان حال المسعى الذي قاده رئيس مجلس النواب نبيه بري، واصطدم بالحقد المتبادل بين تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، وبالـ»لا قبول بالآخر» بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار» النائب جبران باسيل.
وكما بات معلوماً، فإنّ الرئيس بري، الذي أمل ان تبعث مهمّته التوفيقية، الدخان الابيض على الخط الحكومي في غضون ايام قليلة، لأنّ الوقت يلعب في غير مصلحة لبنان، صار مقتنعا بأنّه يصفّق وحيداً، امام اطراف يضع كل منهم صخرة على صدر البلد، ويقطع الطريق الحكومي، دون النظر الى ما ترتّبه المغالاة في تعطيل التكليف، وبالتالي التأليف، من عواقب وخيمة على وضع بلد يوشك أن ينتهي.
وفي هذه الأجواء، لن يمضي وقت طويل ليتخذ بري قراره بوقف مهمته نهائياً، وترك المتخبطين يتحمّلون نتائج وعواقب لعبة الـ»انا .. او لا احد» على حلبة مصير البلد.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اطراف التعطيل المشخصن، تبلّغت استياء بري بصورة مباشرة، وانّه قام بكل جهد لبناء المساحات المشتركة وتدوير الزوايا وسدّ الثغرات والفجوات القائمة والمفتعلة، واستنفد كل محاولاته في هذا السبيل، وانّه يرفض الاستمرار في الدوران في الحلقة المفرغة، في وقت يسقط فيه البلد امام اعين الجميع، وبالتالي امام هذا التحجّر في المواقف، لن يتردّد في ان ينفض يده من اي مسعى.
وربطاً بذلك، قالت مصادر مشاركة بحركة المشاورات لـ»الجمهورية»: «انّ الكرة اليوم في ملعب الحريري وكذلك في ملعب باسيل ومن خلفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فكلا الطرفين تجاوز واقع البلد، وتسلّق كل منهما شجرة شروط معقّدة، وتقاذفا بـ»فيتوات» متبادلة، تعدم كل فرصة وكل أمل بانفراج في الازمة الحكومية المستجدة، وتُبقي الوضع الحكومي مشلولاً وتخضعه لتصريف اعمال في حدوده الضيّقة لأمد طويل».
وفي غياب أي مؤشر حول تليين مواقف الطرفين، تبرز مواقف بالغة الحدّة من المنحى التصعيدي المريب في هذه الفترة الحرجة على كل المستويات، ومن الشروط المتبادلة. وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ احدى جلسات المشاورات شهدت نقاشاً قاسياً حيال هذه المواقف، وقاربها احد المشاركين الاساسيين فيها بوصفها «شروطاً انتقامية» لا اكثر، بين من يبدو انّهم مراهقون، لا يعبأون بما حلّ بالبلد وبالقعر الذي بدأ يترسّخ فيه»
وتضيف المعلومات، انّ هذه الشخصية، قالت بنبرة حادة: «كم نفتقد اليوم الى رجال دولة،»، وسألت: «شروط من هنا وشروط من هناك، هل انّهم، اي الحريري وباسيل وكل ما يجاريهما في شروطهما، وبعد كل الذي حلّ بلبنان، في الموقع الذي يخوّلهم، ان يطرحوا شروطاً ويفرضوها؟»، وتجيب الشخصية نفسها: «خرب البلد، والجميع، ومن دون استثناء مصابون بشظايا معنوية وغير معنوية، والشروط سواء جاءت من الحريري او من باسيل، هي اقرب الى الشعبوية وعلى قاعدة «علِّي وجيب جمهور»، ومن يريد حكومة لا يتصرّف على هذا النحو، اخشى انّهم لا يريدون حكومة.
فالحريري، والكلام للشخصية المذكورة، كان يمكن لشروطه ان تكون مبرّرة، وربما صلبة، لو انّ الموقف السعودي حاسم في مسـألة ترشيحه لرئاسة الحكومة، ولو أنّ تيار «المستقبل» لا يعاني من حالة انحسار لدوره وحضوره، بعد ظهور قيادات وازنة في مجتمعه وبيئته، ولو انّ العائلة الحريرية خارج دائرة الاشتباك والتباين في داخلها، ولو انّ حكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري جاء بالصورة التي كان يتمناها. فكل ذلك، اضافة الى الحكم، ادّى الى خفوت الوهج الذي كان يمكن ان يستند اليه لفرض شروط من موقع قوة. وبالتالي، فإنّ له مصلحة في عودته الى رئاسة الحكومة بمعزل عن اي شروط، علماً انّ شروطه المطروحة اليوم، قد لا تعدو اكثر من محاولة لتعويض شيء من الوهج الخافت.
اما باسيل، تضيف الشخصية نفسها، «فليس بحال افضل، فهو مصاب بمجموعة شظايا، بدءًا من حراك 17 تشرين الاول وما تلاه من حراكات، والفشل في الوزارات، فضلاً عن وضعه في دائرة العقوبات، وصولاً الى انفجار مرفأ بيروت وارتداداته التي لم توفّره، كل ذلك نال من هيبته شخصياً، ومن حضور التيار الوطني الحر السياسي والشعبي. فشروطه كان يمكن ان تكون صلبة ومبرّرة ايضا، قبل الأزمة، او بمعنى ادق، قبل الازمات التي كان اسمه متصدراً فيها ولا يزال».
وخلصت تلك الشخصية الى القول: «هل يدرك المتشارطون»، اي سعد وجبران، ومعهما الراغبون في تعطيل المسار الحكومي والساعون اليه باتصالات مع بعض الدول، انّ خطوات قليلة تفصلنا عن السقوط، وبلوغ وضع قد يفجّر المجتمع اللبناني بأسره ربطاً بما أشار اليه حاكم مصرف لبنان، حول عدم القدرة على الاستمرار طويلاً في تغطية الدعم بالدولار للسلة الغذائية، وللمواد الاساسية كالطحين والمحروقات والادوية، لأنّ احتياطي مصرف لبنان اقترب من 19 مليار دولار، وانّ هامش الحركة لا يتعدّى حدود المليار ونصف المليار دولار فقط؟».
«المستقبل»
الى ذلك، تعكس اجواء تيار «المستقبل» تمسّكاً بالشروط التي يضعها الرئيس الحريري لعودته الى رئاسة الحكومة. وقالت مصادر في كتلة «المستقبل» النيابية لـ»الجمهورية»: انّ المشكلة والعِقَد ليست لدى الرئيس الحريري، بل هي لدى الآخرين.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان ابعاد باسيل عن الحكومة هو الشرط الاساس لعودة الحريري، قالت المصادر: «لقد سبق للرئيس الحريري ان حدّد شروطاً لعودته، ومع طرح اسمه لرئاسة الحكومة، من الطبيعي بناءً على كل التجارب السابقة الفاشلة، ان تتشكّل حكومة من اختصاصيين مستقلين بالكامل، وليس ما يمنع على الاطلاق منحها صلاحيات استثنائية تمكّنها من الحكم بفعالية ومن دون عراقيل سياسية او مزاجية او كيدية او مصلحية في هذه المرحلة».
وفيما سألت المصادر عينها: «لماذا تأخير موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وماذا ينتظرون لتحديده»؟ استغرب أحد رؤساء الحكومات السابقين ما سمّاها «البدع الدستورية غير المسبوقة» التي يجري خلقها من قِبل رئيس الجمهورية وفريقه تحت عنوان الاتفاق على التأليف قبل التكليف، وقال لـ»الجمهورية»: «ثمة امعان واضح في محاولة خلق أعراف جديدة. ففي هذا المنحى تجاوز للدستور اولاً، الذي يمنح رئيس الجمهورية حق تسمية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب بناءً على استشارات نيابية ملزمة، وفي ذلك ايضاً تجاوز لدور مجلس النواب في هذا الامر، وتمسّ صلاحيات رئيس الحكومة الذي ينيط به الدستور في المادة 64 – البند 2، صلاحية اجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة».
رؤساء الحكومات
وفي هذه الأجواء عقد رؤساء الحكومات السابقون سعد الحريري، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام، اجتماعاً عند السادسة مساء امس، في دارة الرئيس الحريري في بيت الوسط، خُصّص للبحث في التطورات المختلفة ولا سيما ما يتصل منها بـما اعتبروه «التأخير المتعمّد» لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وما يُخطط لها بطريقة مخالفة للدستور.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، ابقى المجتمعون اجتماعاتهم مفتوحة، رهناً بمصير الدعوة المرتقبة من قِبل رئيس الجمهورية. علماً انّ اجواءهم قد اشارت الى حال من الإستياء، نتيجة ما يسمّونه خرقاً متمادياً للدستور، بتقديم موضوع البيان الوزاري ومهمة الحكومة على «الف باء» الإجراءات الدستورية، التي تبدأ بالدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف من يشكّل الحكومة، وأنّ المراحل اللاحقة تقع على عاتق الرئيس المكلّف تشكيلها.
جنبلاط في بيت الوسط
وفي أعقاب الاجتماع الموسّع لرؤساء الحكومات وصل الى بيت الوسط رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط يرافقه النائب وائل أبو فاعور للقاء الرئيس الحريري في حضور الوزير السابق غطاس خوري، وتناول اللقاء عرض آخر المستجدات السياسية والاوضاع العامة ولا سيما التحضيرات الجارية للانتخابات النيابية المبكرة وملف تشكيل الحكومة والاستشارات النيابية الملزمة.
وتأت زيارة جنبلاط غداة الاجواء التي راجت عن رفض لدى جنبلاط لتسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة.
«التيار»
في المقابل، اكدت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» انّ التيار ليس عقبة امام تشكيل الحكومة، وهو يقدّم التسهيلات الى أقصى الحدود للاسراع في تشكيلها».
وعمّا يقال انّ التيار ورئيسه يرفضان عودة الحريري، لم تنف المصادر سقوط أسهم الحريري لدى التيار، الّا انها قالت: تكتل لبنان القوي لم يبحث في اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، لا في إسم الحريري ولا غيره، وهذا الامر لم يُبحث بعد والموقف النهائي سيتحدد في وقت لاحق.
وعمّا يتردد عن انّ الحريري يرفض عودة باسيل الى الحكومة، قالت المصادر: موقفنا ثابت ومعروف، نريد حكومة منتجة من رئيسها الى كل وزرائها، ولا احد يستطيع ان يضع «فيتو» علينا.
أضافت المصادر: بمعزل عن اسماء المرشحين لرئاسة الحكومة، ففي الاساس يجب الاستفادة من كل التجارب السابقة، وبالتأكيد انّ التيار ليس في وارد تكرار التجارب السابقة والسباق بين المنتج والمعطّل، فاسم رئيس الحكومة الجديد لا يشكّل نقطة النقاش الاساسية في هذه المرحلة، ولن نخوض بالاسماء، كما لم نطرح أي اسماء، مع تأكيد التيار على رئيس حكومة منتج، والاولوية حالياً هي للنقاش في شكل الحكومة ومهماتها، إذ إنه لا بد من حد أدنى من التفاهمات.
ويأتي في سياق هذه المواقف ما صدر عن مكتب باسيل امس، الذي أعلن «انّ النائب باسيل لم يطرح اي اسم إطلاقاً لرئاسة الحكومة، وجلّ ما يهمّه هو قيام حكومة منتجة، فاعلة وإصلاحية برئيسها ووزرائها، تلتزم بتنفيذ برنامج إصلاحات مفصّل بنوداً ومحدّد زمنيّاً. وعلى هذا الاساس يقرّر التيار الوطني الحرّ اذا كان سيشارك او لا يشارك في الحكومة او يمنحها الثقة، مع التأكيد مسبقاً على عدم رغبة التيار بالمشاركة في أي حكومة إلّا من باب الإسهام في تحمّل مسؤولية الانقاذ الوطني في حال وجود الارادة السياسية الاصلاحية الواضحة عند الحكومة العتيدة. وموقفه هذا معلن، وقد أبلغه الى من تَشاور معه من مرجعيات لبنانية ودولية».
بعبدا
وقالت مصادر واسعة الاطلاع على توجهات بعبدا انّ رئيس الجمهورية يمكن ان يوجّه في الساعات المقبلة الدعوة الى الكتل النيابية من اجل المشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة قبل نهاية الأسبوع الجاري، من اجل إطلاق المراحل الدستورية التي تلي استقالة الحكومة.
وقالت المصادر لـ»الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية يستعد لهذه الخطوة بعدما عبّر العديد من الكتل عن تردده في تسمية الرئيس الذي يمكن تكليفه مهمة التشكيل، وانّ اي طرف غير الرئيس نبيه بري لم يعبّر عن موقفه بصراحة وهو الوحيد الذي قال كلمته لجهة النية بتسمية الرئيس الحريري، وانّ باقي الكتل لم تقل كلمتها بعد خصوصاً انّ البعض منها لم يَشأ الإفصاح عمّا يريد قبل تحديد موعد الاستشارات.
وكانت مصادر مطلعة قالت انّ المشاورات بقيت محصورة بما جرى في عين التينة من اتصالات أجراها الرئيس بري ورئيس التيار الوطني الحر بحضور ممثل «حزب الله»، كما بالنسبة الى اللقاء الذي جمعه بالنائب وائل ابو فاعور ممثلاً لرئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي»، والذي لم يتناول معه موضوع اسم الرئيس المكلّف علناً، وان جرى ذلك فقد بقي ملكاً لهما وحدهما.
واشنطن والسعودية
على انّ اللافت للانتباه في موازاة تعطيل المسار الحكومي، هو إحجام «الصديق الخارجي» عن الاقدام على اي خطوة مسهلة. وفي هذا السياق، ابلغت مصادر ديبلوماسية عربية مسؤولين لبنانيين، انها لا تملك ما يؤكد إمكان دخول المملكة العربية السعودية بشكل مباشر على الخط الحكومي، لا حول التكليف ولا حول التأليف».
وفي السياق نفسه، كشف مسؤول كبير لـ»الجمهورية» انّ لبنان، وبعد زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل الى بيروت، لم يتلقّ أي إشارة اميركية لتسهيل تشكيل الحكومة، ما خلا ما نسمعه منهم دائماً من مطالبات بتشكيل حكومة للقيام بإصلاحات. تضاف اليها مآخذ علينا من انّ واشنطن لم تلمس بعد جدية في تشكيل حكومة وسلوك مسار الاصلاحات. واكثر من ذلك، هناك ما يجعلنا نقلق، مع ما يصل إلينا من اخبار عن تحضير لسلّة عقوبات اميركية جديدة تطال «حزب الله» وشخصيات حليفة له.
ولفت المسؤول نفسه الى انه «مع اقتراب المساعي الداخلية من نقطة التعثر حول الاتفاق على رئيس الحكومة، يصبح تعويلنا أكبر على دور فرنسي فاعل، وتحديداً من الرئيس ايمانويل ماكرون مع الاميركيين، وكذلك مع المملكة العربية السعودية، وايضاً في اتجاه الحريري وفي اتجاه رئيس الجمهورية وباسيل. بما يُخرجنا من المراوحة في السلبية ويسرّع تشكيل الحكومة.
باريس
في هذا الوقت، كشفت معلومات لـ»الجمهورية»، نقلاً عن مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، انّ باريس تشعر بخيبة من عدم تجاوب الاطراف اللبنانيين مع النصائح التي أسداها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لهم خلال لقائه معهم في قصر الصنوبر. واذا كانت زيارة الرئيس الفرنسي ما زالت مقررة الى بيروت مطلع الشهر المقبل، الّا انّ كل الاحتمالات واردة حولها.
وأشارت المصادر الى «انّ باريس مستاءة من قيام بعض الاطراف اللبنانيين بتحركات خارجية لتعطيل تأليف الحكومة وقطع الطريق على الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، علماً انّ ادارة الرئيس ماكرون، مثل كثير من اللبنانيين، ترى انّ مصلحة لبنان تكمن في عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. وهي في هذا المجال تقدّر الجهد الذي يبذله رئيس مجلس النواب نبيه بري، وما زالت تشجّعه على الاستمرار في جهوده».
وعكست المصادر «استغراباً فرنسياً لحال التخبّط السائد ودخول الاطراف في لعبة الشروط والشروط المضادة، التي تغلق الباب أمام أي انفراج للوضع اللبناني، وهذه اشارة تدل الى انّ هذه الاطراف لم تستفد من التجارب المأساوية المريرة التي مرّت على لبنان، إضافة الى تفجّر الازمات الاقتصادية والمالية فيه، يضاف اليها النتائج الرهيبة لانفجار مرفأ بيروت».
وقالت المصادر: انّ الفرنسيين يشعرون بقلق كبير جداً على مصير لبنان، وهذا يوجب توافق اللبنانيين سريعاً على سُبل الحلول والمخارج قبل فوات الاوان. وهم يؤكدون، في الوقت نفسه، انّ باريس وكل العالم وكل اصدقاء لبنان متضامنون معه وعلى استعداد لمساعدته، وهذه المساعدة متوقفة على اللبنانيين، والمبادرة الى خطوات توحي بالثقة بهم، وفي هذا الظرف المصيري الذي يمر به لبنان، لا بد من ان يتخذ السياسيون قرارات ومبادرات بحجم خطورة التحدي والمصاعب الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يواجهونها، مع التأكيد على انّ أي عودة الى الوراء على المستوى السياسي، والاستمرار على ذات المنحى الذي قاد الى الأزمة في لبنان، يؤديان الى إحجام المجتمع الدولي عن تقديم اي شكل من أشكال المساعدة».
ولفتت المصادر الديبلوماسية من باريس الى «انّ اللبنانيين امام فرصة اخيرة، فإمّا يمكنهم المساهمة في انزلاق بلدهم الى القعر أو المشاركة في الدفع به صعوداً نحو الخروج من الأزمة، حتى ولو استلزم ذلك بعض الوقت، والشرط الاساس لهذا الصعود يكمن في تشكيل حكومة تعبّر عن الشريحة الواسعة من اللبنانيين. وتتولى تنفيذ برنامج إنقاذ جدي وتلتزم إجراء إصلاحات في مختلف القطاعات وتعزيز استقلالية القضاء بعيداً عن التدخلات السياسية.