الثابت الوحيد في حركة الاتصالات المكثفة على خط التأليف، هو أنّ الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري عَكسا، من خلال لقاءاتهما المتتالية بعيداً عن الإعلام ومَسمعه وتكتّمهما حيال ما يجري فيها من مداولات والمناخ الايجابي الذي يَبثّانة ببيانات مُقتضبة عن القصر الجمهوري، رغبة مشتركة بتسريع ولادة الحكومة. والثابت الوحيد ايضاً هو حال الترقّب على كلّ المستويات الداخلية لولادة حكومة تسعى الى إعادة شيء من التوازن الداخلي المُختلّ على كل المستويات، إن في ملفّ مواجهة فيروس كورونا الذي بدأ عدد الاصابات فيه يحلّق الى مستويات قياسية، او في مواجهة الفوضى القائمة على معابر التهريب، او في سوق الدواء، او في سوق الدولار والتلاعب فيه صعوداً وهبوطاً، او عبر فَجَع التجار وفلتان الاسعار التي ظلّت، رغم هبوط الدولار لِما يزيد عن 2000 ليرة، من دون أيّ تَبَدّل، فيما السلطة او ما تبقّى منها مكتوفة الايدي عن القيام بأي إجراء مُلزِم للتجار بتخفيض اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، ورادع لهم لوَقف هذه السرقة الموصوفة لكل الناس. الباقي أمتار قليلة!
واذا كان ظاهر الأمور يَشي بما يُقال في المحيط القريب من الرئيسين من انهما قطعا مسافة مهمّة في إنضاج الطبخة الحكوميّة، ولم تبق أمامها سوى بضعة امتار فاصلة عن موعد ولادة الحكومة الموعودة، فإنّ ذلك لم يبدّد حالة الحذر السائدة على المستويين السياسي والشعبي، ممّا تخبئه الامتار المتبقية من مفاجآت سلبية كانت او ايجابية.
فما يعزّز حالة الحذر هذه، هو «الايجابيات» التي يجري ضَخّها على طول المشهد الحكومي، والتي لم تخرج حتى الآن من كونها «إيجابيات اعلامية» لم تظهر لها ترجمة فعليّة تحدّد ماهيّة «التفاهم» و«التقدم» اللذين تكتفي البيانات الرئاسية بالاشارة إليهما من دون توضيح او تفصيل او تفسير أو تحديد لحجم التفاهم والتقدم، وحول اي نقطة من نقاط البحث بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وإذا كان هناك من الطاقم السياسي مَن يعتبر انّ الرئيسن عون والحريري، وبالطريقة «المكتومة» التي يتّبعانها في تأليف الحكومة، يُقاربان ملف التأليف بـ»جدية العازم على إنجازه بالحد الأعلى من التفاهم حوله، وبالتالي من الطبيعي ان يتطلّب ذلك بعض الوقت لبلوغه، علماً أنهما ما يزالان في «منطقة السماح»، ولم يتجاوزا هامش الوقت المُتاح لهما لإنجاز هذه المهمة»، إلّا أنّ ذلك لا يتفق مع الاستعجال الضارب على المستوى الشعبي لرؤية الحكومة الجديدة، وقد ولّدت بالفعل، خصوصاً أنّ الايجابيات المَحكي عنها تَتصادَم مع تسريبات من هنا وهناك، عن سلبيات ما زالت مستحكمة في أكثر من نقطة وأكثر من مكان على طاولة الطبخة الحكومية بين عون والحريري.
لا شيء ملموساً
اللافت للانتباه وسط هذه الاجواء، هو ما يشيعه المحيط القريب من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بـ»أنّ مسار التأليف يسير بشكل طبيعي وسَلس، وأننا ما زلنا في «أسبوع الحسم»، والامور تقترب أكثر فأكثر من خواتيمها، فلقاء الثلاثاء بينهما كان لقاءً حاسماً تَمحوَر فيه البحث حول تثبيت حجم الحكومة (مع ترجيح «الحكومة العشرينية»)، والحصّة الرئاسية، والمداورة في الوزارات باستثناء وزارة المالية، وتوزيع الحقائب، ويبقى فقط إسقاط الاسماء على هذه الحقائب».
واستكمل لقاء الثلاثاء بلقاء رابع بين الرئيسين عون والحريري مساء امس الاربعاء، حيث اكتفت رئاسة الجمهورية بالاعلان عن «انّ رئيس الجمهورية استقبل الرئيس الحريري مساء امس، واستكمَل معه درس الملف الحكومي في اجواء من التقدم والتأنّي». لكنّ المراقبين توقفوا عند كلمة «التأني»، التي وردت لأول مرة منذ اللقاءات المتتالية، والتي قرأت فيها مصادر سياسية انها لا تؤشّر الى ولادة وشيكة، مُبدية خشيتها من انها تؤشّر الى وجود تعقيدات تحتاج الى مزيد من الجهود لحلحلتها.
وبالإضافة الى ما قيل رسمياً، وبشكل مقتضب وغير مسبوق، انّ اللقاء كان بهدف «درس الملف الحكومي في أجواء من التقدّم والتأنّي»، قالت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» ان «اللقاء، الذي استمر ساعة تقريباً، تركّز حول الإتصالات التي قطعت شوطاً بعيداً ومتقدماً باتجاه عملية التأليف، من دون ان تستبعد ان تستكمل اللقاءات الماراتونية إنهاء معظم التحفظات في غضون ايام قليلة قد لا تتجاوز عطلة نهاية الأسبوع».
مكتب الحريري
ومساء أمس، صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري بيان، ورد فيه:
«اولاً: انّ ما تتناقله وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي من معلومات وتسريبات بشأن مسار تشكيل الحكومة هو غير دقيق، ولا يمتّ للحقيقة بأيّ صِلة لا من قريب او من بعيد.
ثانياً: انّ موضوع تأليف الحكومة يتم بين فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف، وهما الوحيدان المطّلعان على ملف التشكيل، وهما ملتزمان بعدم تسريب او بَث أي اخبار تتعلق بهذا الملف قبل وصول الامور الى خواتيمها.
ثالثاً: انّ الاجواء الوحيدة والحقيقية التي يعكسها فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف هي أجواء التقدم في عملية تشكيل الحكومة، في ظل مناخات من التفاهم والايجابية».
أجواء مناقضة
على أنّ الأجواء الايجابية التي جرى ضخّها على مسار التأليف، أوحَت وكأنّ طبخة الحكومة صارت شبه ناضجة، وأنّ إعلان ولادتها قد يسبق نهاية الاسبوع الجاري، إلّا انّ هذه الاجواء تقابلها أجواء مناقضة للمناخ الايجابي. وفي هذا السياق يؤكد معنيّون بملف التأليف لـ»الجمهورية» أن «لا شيء ملموساً حتى الآن، وطريق التأليف، وإن كانت قد حسمت فيه بعض الأمور، فإنه ما زال محفوفاً بالعقبات:
أولاً، حتى الآن ما زال البحث متأرجحاً بين حكومة الـ18 وزيراً والحكومة العشرينية. وبالتالي، فإنّ حجم الحكومة لم يحسم نهائياً بعد. (الجدير ذكره هنا هو انّ اعتماد حكومة من 18 وزيراً، والتي يشدّ في اتجاهها الرئيس المكلف، معناه انه سيكون للدروز وزير واحد، سيذهب حتماً لمصلحة جنبلاط ما يعني انّ طلال ارسلان سيكون خارج الحكومة ولن يكون له تمثيل فيها).
ثانياً، ما يمكن اعتباره محسوماً حتى الآن، هو تسمية الوزراء (بالتوافق والتفاهم، على أسماء غير حزبية وغير استفزازية لأحد في الداخل او الخارج)، حيث لم يعد هناك إصرار على أن يتولى التسمية طرف بعينه، على غرار ما تم طرحه خلال تأليف حكومة مصطفى اديب.
كما انه لم يحسم بعد حجم حصص الاطراف، وخصوصاً حصة رئيس الجمهورية وحصة رئيس الحكومة. وكذلك حجم تمثيل تيار المردة الذي يطالب بوزيرين، في مقابل تَحفّظ رئاسي على هذا الطلب.
ثالثاً، توزيع الحقائب على الطوائف لم يحسم بعد، خصوصاً لناحية الحقائب التي تعتبر أساسية.
رابعا، موضوع المدوارة لم يحسم بدوره، خصوصاً انّ رئيس الجمهورية ما زال يصرّ على أن تكون المداورة شاملة كلّ الوزارات بما فيها وزارة المالية.
خامساً، موضوع الثلث المعطّل لم يحسم ايضاً، خصوصاً انّ الرئيس المكلّف يعارض هذا الامر، حتى لا تكون حكومته خاضعة في أي وقت للتلويح امامها بهذا السيف.
خريطة
وكشف هؤلاء المعنيون بالملف الحكومي، ما سمّوها «مسودة مقترحة» لخريطة تمثيلية لحكومة من 20 وزيراً، جرى تداولها بشكل غير رسمي، وتتضمن التوزيعة التالية:
10 وزراء من المسلمين:
السنة (4 وزراء): الحريري، 2 يسمّيهما تيار المستقبل، ووزير تسمّيه كتلة الرئيس نجيب ميقاتي.
الشيعة (4): 2 يسمّيهما الرئيس نبيه بري، و2 يسمّيهما «حزب الله».
الدروز (2): وزير يسمّيه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ووزير يسمّيه النائب طلال ارسلان.
10 وزراء من المسيحيين:
الموارنة (4): وزير يسميه الرئيس ميشال عون، ووزير يسميه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ووزير يسميه الحريري، ووزير يسميه التيار الوطني الحر.
الروم الارثوذكس (3): وزير يسميه رئيس الجمهورية على أن يكون نائباً لرئيس مجلس الوزراء، وزير يسميه الحريري، ووزير يسميه فرنجية.
الكاثوليك (2): وزير يسميه رئيس الجمهورية، ووزير يسميه «التيار الوطني الحر».
الارمن (1): يسميه حزب الطاشناق.
وبناء على هذه التوزيعة يصبح تمثيل الاطراف كما يلي:
– رئيس الجمهورية: 3 وزراء
– «التيار الوطني الحر»: 2
– الطاشناق: 1
– الحزب الديموقراطي اللبناني: 1
– رئيس الحكومة: 3
– تيار المستقبل: 2
– ميقاتي: 1
الثنائي الشيعي: 4
المردة: 2
– الحزب التقدمي الاشتراكي: 1
ويتبيّن من هذه التوزيعة ما يلي:
– حصة رئيس الجمهورية مع التيار الوطني الحر وطلال ارسلان تبلغ (6 وزراء)، وإن انضَمّ إليها وزير الطاشناق تصبح 7 يشكّلون الثلث المعطّل.
– حصة رئيس الحكومة مع تيار المستقبل 5، يضاف اليهم وزير العزم فتصبح 6.
-حصّة الثنائي الشيعي 4.
– حصة فرنجية 2.
حصة جنبلاط 1.
-الحقائب
ويتزامن ذلك مع تداول في اوساط سياسية معنية بملف التأليف، حول توزيعة غير مكتملة وغير رسمية وغير نهائية للحقائب الوزارية تفيد بالآتي:
– حصة رئيس الجمهورية: الدفاع، الداخلية، العدل،
– حصة التيار الوطني الحر: الاتصالات والاقتصاد.
– حصة الحريري: الخارجية، الطاقة، السياحة، الاشغال، والمهجرين.
– حصة الثنائي الشيعي: المالية، الصحة، العمل والشؤون الاجتماعية
– حصة فرنجية: الصناعة والشباب والرياضة
– حصة جنبلاط: التربية
– حصة ارسلان: الزراعة والثقافة
حصة الارمن: البيئة والتنمية الادارية
تكتّم
في هذا الوقت، سرت في الساعات الماضية معلومات غير رسمية تفيد بأن ولادة الحكومة الجديدة قد تتزامن مع بداية الثلث الثالث من ولاية رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول الجاري، الّا انّ مصادر قريبة من القصر الجمهوري رفضت تأكيد هذه المعلومات او نفيها، مشيرة الى أن «ولادة الحكومة ليست مرتبطة بأي استحقاق».
ورداً على سؤال عن نقاط الخلاف التي ما زالت موجوده، تجنبت المصادر الدخول في اي تفصيل، بل اكتفت بالتأكيد على الاجواء الايجابية والتقدم التي تعكسها بيانات المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية.
إتصالات بكل الاتجاهات
في هذا الوقت، رفضت مصادر قريبة من الرئيس الحريري الغوص في تفاصيل ما يجري بحثه بين الرئيسين عون والحريري، مكتفية بالاشارة الى انّ الجهود تبذل بشكل مكثف، واللقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف طبيعي في أي وقت، اضافة الى انّ الرئيس الحريري يقوم بإجراء اتصالات ومشاورات في اتجاهات سياسية مختلفة، وما يمكن قوله في هذا السياق هو انّ الحكومة على نار حامية، والأجواء مشجّعة، وكلّ الأمور تجري بوتيرة سريعة إنّما من دون أيّ تسرّع».
بري
الى ذلك، برز في هذا السياق موقف لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، توقّع فيه أن «تبصر الحكومة النور في غضون 4 أيام الى 5، اذا ما بقيت الاجواء الايجابية تسير على النحو القائم حالياً».
وأكد بري خلال استقباله وفداً طالبياً من جامعة القديس يوسف «انّ الاصلاح وانقاذ مالية لبنان مدخله الالزامي معالجة ملف الكهرباء، الذي كبّد الخزينة أكثر من 62 بالمئة من نسبة العجز».
وقال: «إنّ لبنان لا يمكن أن يستمر اذا ما أمعَن السياسيون في مقارباتهم لمختلف العناوين من خلال المعايير الطائفية والمذهبية»، لافتاً الى انه «آن الاوان لأن يكون اللبناني منتمياً لوطنه قبل ان يكون منتمياً لمذهبه، نعم الطوائف نعمة لكن الطائفية نقمة».
وعبّر بري عن تفاؤله حيال مستقبل لبنان، وقال: «انا متفائل حول مستقبل لبنان لأنه غني بطاقاته الانسانية، ويمتلك ثروة هائلة من الثروة النفطية في مياهه».
واضاف: «أنا متيقّن من الحجم الهائل لهذه الثروة، لكنّ المهم ان لا نيأس وان نبدأ بعملية الانقاذ من خلال محاربة الفساد وتنفيذ ما لم ينفّذ من قوانين إصلاحية أقرّها المجلس النيابي وعددها 54»، مشيراً الى أنّ «مسؤولية وَقف التهريب تقع على عاتق الدولة، وليست من مسؤولية المواطن».
وحول المنطقة، أبدى الرئيس بري خشيته من «الوصول الى مرحلة قد يتم فيها الترحمّ على سايكس بيكو قياساً مع ما يُخطّط للمنطقة من سيناريوهات تقسيمية».
«الوفاء للمقاومة»
الى ذلك، رأت كتلة الوفاء للمقاومة أنّ «التحدي الراهن يكمن في نجاح الرئيس المكلف بإنجاز تشكيل الحكومة المؤهلة فعلاً للقيام بالإصلاحات المتفاهَم عليها، وإعادة تأهيل الوضع المعيشي والنقدي والمالي والاقتصادي في البلاد، وإعمار ما دمّره الانفجار في مرفأ بيروت، واستعادة ثقة المواطنين والتصدي لمعوقات الإنتاج والنمو في البلاد».
وأعلنت الكتلة أنها «تشارك غالبية اللبنانيين تطلّعهم نحو تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، تكون قادرة على النهوض بأعباء المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد راهناً، والتي تتطلب تعاوناً كاملاً وشاملاً، وترفعاً صادقاً عن الأنانيّات والمصالح الشخصيّة والفئويّة لحساب مصلحة لبنان واللبنانيين»، مشيرة الى أنّ «تفاقم الأعباء المعيشية وشكاوى المواطنين المتعددة النواحي، الصحيّة والغذائيّة والخدماتيّة، يؤكد ضرورة أن تَحظى البلاد بحكومة تؤدي واجب الاستجابة السريعة لمطالب اللبنانيين وتطلعاتهم».
مفاوضات الترسيم
من جهة ثانية، إنعقدت في الناقورة امس الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل، وقد ترأسها أحد مساعدي المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وحضور الوسيط الاميركي السفير جان ديروشر.
وأفيد انّ مفاوضات الامس كانت عملية، حيث بدأ الحديث جدّياً بالترسيم وبالتفاصيل التقنية. وقد حمل الوفد اللبناني، الذي ترأسه نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن بسام ياسين، خرائط ووثائق تظهر نقاط الخلاف. وتم الاتفاق في نهاية الجولة ان تستأنف في جولة ثالثة تعقد عند العاشرة قبل ظهر اليوم.
وبرزَفي هذا السياق موقف للرئيس بري، قال فيه: «انّ المفاوضات التي يجريها لبنان في الناقورة هي حصراً من أجل تثبيت حقوق لبنان بالاستثمار على ثرواته كاملة من دون زيادة او نقصان». وقال: «ليس وارداً لا من قريب ولا من بعيد القبول بأن تُفضي مفاوضات الترسيم الى التطبيع مع اسرائيل الذي يتم التفاوض معها وفقاً لآليّات واضحة هي مندرجات تفاهم نيسان، وبطريقة غير مباشرة تحت علم الامم المتحدة».
ياسين في بعبدا
وفي معلومات «الجمهورية» زار العميد ياسين رئيس الجمهورية في قصر بعبدا بعد ظهر امس، وأطلعه على وقائع الجلسة الأولى من المفاوضات بأدق التفاصيل والوقائع، وما شهدته ممّا يمكن تَسميته بدء مرحلة المفاوضات الجدية والعملية.
وقالت مصادر موثوق بها انّ الوفد اللبناني قدّم عرضاً متماسكاً لموقف لبنان ورأيه في حقوقه وفق الخطوط المرسومة سابقاً، وقدّم خطه الجديد الذي يضمن كامل حقوق لبنان التي ستعيد إليه 2290 كيلومترًا بحرياً بالإضافة الى ما كان يسمّى بـ 860 كيلومتراً مربعا ًقبل طرح الموفد الأميركي فريدريك هوف عام 2012 باقتسامها، من خلال إعطاء لبنان 500 كيلومتر منها وتَرك 360 كيلومتراً منها لإسرائيل.
والى العرض الذي يبرّر الخط الجديد الذي يصرّ عليه وفد لبنان، قالت المصادر عينها لـ»الجمهورية» انّ العميد مازن بصبوص، الذي تولّى شرح الموقف أرفق الخرائط الحديثة التي قدّمها للمرة الأولى معطوفة على التفسير القانوني الذي يوفّره القانون الدولي للبحار بكامل مقتضياته شكلاً ومضموناً. وحدد الخط الجديد كما يجب ان يكون قائماً انطلاقاً من النقطة الحقيقية للحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة في الناقورة، بعيداً من تلاعب الجانب الإسرائيلي بنقل هذه النقطة باتجاه الشمال بحدود 30 متراً، ومحاولته فَرضَ أمر واقع جديد باستغلال القانون الدولي في اعتبار «الصخرة» التي بُني عليها الخط واعتبارها كأنها «جزيرة»، لِما هناك مِن تَمايز في قانون البحار بين النقطة المعتبرة جزيرة أو صخرة. وهو امر لا يستقيم عندما لا يغفل القانون الفارق في تحديده لـ»صخرة» او «جزيرة». فهو لا يعترف بـ«الجزيرة» إن لم تكن «منطقة يابسة يحيط بها البحر» وهي «قابلة للسكن»، فيما الصخرة المَحكي عنها «يغمرها الموج» بين لحظة واخرى، ولا تصلح للسكن، وهو أمر ثابت للعين المجردة، ولا يخضع لأيّ نقاش لمجرد انها «صخرة» مجرّدة من اي عشبة بطول 40 متراً وبعرض 7 امتار.
… والرد الاسرائيلي اليوم
وفي معلومات «الجمهورية» انّ الوفود المشاركة في اللقاء استمعت الى العرض اللبناني، واتفق في نهاية اللقاء ان ينقل الوفد الاسرائيلي العرض اللبناني الى مرجعيتة، ليأتي بالجواب الى الجولة الثانية من المفاوضات قبل ظهر اليوم.
الموفد الروسي
في غضون ذلك، جال وفد روسي برئاسة مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، على المسؤولين اللبنانيين، داعياً الى مشاركة لبنان في مؤتمر اعادة النازحين السوريين الى بلادهم الذي سيعقد في العاصمة السورية يومي 11 و12 تشرين الثاني المقبل.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام الموفد الروسي «أنّ انعقاد مؤتمر جديد للبحث في قضية النازحين السوريين يمكن ان يساعد في إيجاد حل مناسب لهذه المسألة الانسانية. كما شَكرَ موسكو على دعمها للبنان ولا سيما بعد انفجار المرفأ، داعياً لتقديم المساعدات الدولية للنازحين السوريين في سوريا لتشجيعهم على العودة».
بدوره، اكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي وقوف روسيا الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، متمنياً مشاركة لبنان في مؤتمر اعادة النازحين.
التدقيق الجنائي
مالياً، وفي ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، أعلن مصرف لبنان، في بيان، أنه قام «وفقاً لِما تعهّد به في كتابه الموجّه إلى وزير المال بتاريخ 8- 10- 2020، بتسليم مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان بتاريخ 27 – 10- 2020 المستندات والمعلومات كافة المطلوبة من قِبل شركتَي Oliver Wyman وKPMG، نظراً إلى عدم تعارضها مع القوانين اللبنانية النافذة».
كنعان
ولفت في هذا السياق موقف رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، الذي أشار فيه الى أنّ «العقد الموقّع للتدقيق الجنائي يخضع للقوانين اللبنانية التي لا تتيح للشركة إمكانية الدخول الى كل الحسابات، لأنّ هناك سرية مصرفية». ورأى انه «كان على مَن وَقّع العقد من جيش المستشارين والمعنيين التَنبّه لذلك، لأنّ النتيجة تتطلب عقوداً جدّية وعملاً جدياً».
وقال كنعان من مجلس النواب: «العقد مع شركة التدقيق الجنائي غير قابل للتنفيذ بشكله الحاضر، ولا يجب ان يبقى على حاله، وسنتخذ خطوات لتصحيحه والمحاسبة مطلوبة لِمَن لم يتنبّه الى تَعارُض العقد مع القوانين اللبنانية حتى لا تتكرر الأخطاء».
التشيك و«حزب الله»
من جهة ثانية، صوّت برلمان جمهورية التشيك لصالح قرار باعتبار «حزب الله» اللبناني تنظيماً إرهابياً، حيث جاء في القرار أنّ الحزب «يزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويشكل تهديداً على الدول الديمقراطية أينما كانت».
ورأى وزير الخارجية الإسرائيلية، غابي أشكنازي، امس، أنّ قرار البرلمان التشيكي القاضي بتصنيف «حزب الله» تنظيماً إرهابياً، هو خطوة إضافية في الجهود التي تقودها الوزارة من أجل توسيع دائرة الضغوط الدولية على المنظمة، داعياً الاتحاد الأوروبي ودولاً أخرى إلى الانضمام لموقف جمهورية التشيك.
وذكرت وسائل اعلام إسرائيلية أن «وزارة الخارجية الإسرائيلية أعربت عن ترحيبها بالقرار، وناشَدت دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى الانضمام لموقف برلمان التشيك باعتبار «حزب الله» بجميع أذرعه، سواء السياسية أو العسكرية، تنظيماً إرهابياً».
ونقلت عن أشكينازي قوله إنّ «صداقة حقيقية تجمع بين إسرائيل وجمهورية التشيك، نوجّه الشكر لنواب البرلمان في براغ على هذا القرار المهم».
نتنياهو
الى ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جولة تفقدية أمس لمناورة «السهم القاتل» التي يجريها الجيش الإسرائيلي على الحدود الشمالية، انه «حتى في فترة كورونا لا يتوقف أعداؤنا على الهدوء ولا نحن كذلك، أنا معجب بهذا التمرين الذي بَيّنَ التحسّن الهائل في القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي».
أضاف: «على «حزب الله» ودولة لبنان أن يأخذا ذلك في الاعتبار، من يهاجمنا سيواجه قوة نيران ولكمة فولاذية ستدمّر كل عدو».