كتبت صحيفة “البناء”: لم يحجب التفاوض المتسارع على اتفاق مرتقب في غزة، الأضواء عن عملية نوعية للمقاومة في جباليا حيث قام مقاوم بطعن جندي من جيش الاحتلال واستولى على سلاحه وأطلق النار من سلاحه على ثلاثة جنود من المسافة صفر، بينما في التفاوض الذي تدور جولاته في الدوحة، حيث كان مدير المخابرات الأميركية وليام بيرنز يتابع عن كثب تفاصيل التفاوض، التي تقول مصادر تتابع مساراته أنه بلغ مراحل متقدّمة تقترب من التوصل إلى الاتفاق، وأن البحث دخل في نقاط تفصيلية حيث البحث حالياً في برمجة وإعداد الأسرى وعمليات التبادل وتفاصيلها.
في المنطقة طغى الحدث اليمني على السطح، حيث نجحت القوات اليمنية باستهداف تل أبيب صاروخين بالستيين من الطراز المحدث الفرط صوتي، ما تسبّب بتدمير عدد من المباني، حسب اعتراف سلطات الاحتلال وإصابة أهداف حيوية، كما قال البيان اليمني. وبالتوازي كان الاحتلال يشن غارات على اليمن تستهدف بنى مدنية كالموانئ ومحطات الكهرباء ما أثار ردود فعل مستنكرة، وتحدث السيد عبد الملك الحوثي قائد حركة انصار الله اليمنية مؤكداً استمرار الإسناد اليمني لغزة مستعرضاً الاعتداءات الإسرائيلية في سورية بصفتها تعبيراً عن مشروع التوسع والعدوان الذي لا يمكن ردعه إلا بالمقاومة.
لبنانياً، تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية جنوباً، بالرغم من انعقاد اجتماع لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وقد ارتفعت التساؤلات بين الجنوبيين حول دور اللجنة وموقف الحكومة في ظل حجم ونوع الانتهاكات التي تسببت بسقوط شهداء وجرحى، بما يؤكد أن كل بحث عن ردع العدوان الإسرائيلي خارج إطار الاستناد على المقاومة مجرد وهم وسراب.
على الرغم من اجتماع الناقورة للجنة الإشراف على اتفاق وقف النار أمس الأول، استمرت الخروق الإسرائيلية بشكل فاضح. ولليوم الثالث على التوالي عملت الجرافات الإسرائيلية على تدمير وجرف منازل في الأحياء الداخلية في الناقورة وفجّرت منازل في بلدة طير حرفا، فيما لا تزال آليات جيش الاحتلال في أحياء بلدة بني حيان، بعد التوغل إليها أمس الأول، وهدمت عدداً من المنازل وقامت بأعمال تمشيط ورمي قنابل على المنازل. وأفيد أن وحدات من قوات اليونيفيل تقوم بالكشف على الأودية الواقعة عند مجرى نهر الليطاني في ظل تحليق للمسيرات التجسسية على علو منخفض في أجواء المنطقة. وأفيد أيضاً أنّ جيش الاحتلال نفّذ أمس عمليّة نسف ضخمة في بلدة كفركلا، ما تسبّب بارتجاجات في أجواء الجنوب.
وحذّرت أوساط مطلعة في فريق المقاومة من استمرار الخروق والاعتداءات الإسرائيلية للجنوب لا سيما للقرى الحدودية، لا سيما أن «لاحتلال يحاول تكريس هذه الممارسات العدوانية كحق له في المستقبل طيلة مدة هدنة الستين يوماً وربما ما بعدها، لكي يحتفظ لنفسه بحرية الحركة الميدانية والجوية». وأوضحت الأوساط لـ»البناء» الى أن «ما يقوم به جيش الاحتلال لم يستطع فعله خلال الحرب بسبب كثافة صواريخ المقاومة على القوات المتقدمة والتي لم تستطع التمركز بشكل مريح وسهل، لكنها اليوم تفعل ما تريد من دون خطر تعرضها لنيران المقاومة». وتساءلت الأوساط عن «دور لجنة الإشراف في لجم الخروق الإسرائيلية وعن جدوى بقاء هذه اللجنة والقوات الدولية والجيش اللبناني في الجنوب إذا لم يستطيعوا وقف العدوان الإسرائيلي الذي يشكل انتهاكاً واضحاً للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار»، نافية أن يكون ما يقوم به العدو في الجنوب براً وجواً يندرج ضمن الاتفاق، الدليل وفق الأوساط هو أن مبعوث الرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين أشار بوضوح الى ضرورة أن توقف «إسرائيل» خروقها للاتفاق، إضافة الى دعوات مماثلة لمسؤولين فرنسيين ومن الأمم المتحدة.
وإذ أفادت مصادر ميدانية لــ «البناء» بأن قوات الاحتلال لم تنسحب من مدينة الخيام بشكل كامل رغم دخول وحدات الجيش واليونفيل اليها، لفتت الأوساط الى أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية سيرسم علامات استفهام حول جدوى استمرار لجنة الإشراف واتفاق وقف إطلاق النار ويضع الجيش اللبناني أمام مسؤولياته في الدفاع عن أرضه وشعبه في الجنوب، وإلا فإن المقاومة ستعود الى الواجهة بتكليف من شعبها وأهلها في الجنوب للدفاع العسكريّ عن الحدود، ما قد يضع إسرائيل أمام خيارين: الانسحاب من كامل القرى الجنوبية وفق القرارات الدوليّة وتسلم الجيش واليونفيل، أو تحمل الذهاب الى أيام قتاليّة أو معركة جديدة مع لبنان.
وفي سياق ذلك، أشار عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النّائب إبراهيم الموسوي، إلى أنّ «الخروق الإسرائيليّة الّتي تحصل بعد وقف إطلاق النّار تحت أعين لجنة المراقبة والأمم المتّحدة وكلّ العالم، لا سيّما من نسف للمباني في الأماكن الّتي لم يستطيعوا أن يدخلوا إليها أثناء الحرب، تظهر أنّ العدو كان عاجزًا عن القيام بذلك أثناء مواجهة أبطال المقاومة، وهذا دليل وحجّة قاطعة أنّ المقاومة هي الّتي تدافع عن لبنان وتحمي أرضه وسيادته وشعبه».
ورأى، خلال احتفال تكريمي أقامه «حزب الله» لعنصره الرّاحل عباس محمود خليل «كرار»، في مجمع الإمام الكاظم في حي ماضي، أنّ «ما حصل في سورية من استغلال سقوط النّظام وتدمير كلّ مخزون الجيش السّوري من الصّواريخ والدّفاع الجوّي وغيرها من الأسلحة، يدلّ على أنّ «إسرائيل» لديها قلق وجودي وخوف أبدي، وهذا ما يجعلهم يدمّرون كلّ محيطهم»، مركّزًا على أنّ «الخوف كلّ الخوف أن يمضوا أكثر فأكثر بمشروعهم القديم الجديد للتّقسيم والتّفتيت، وتحويل هذا المحيط والإقليم إلى دويلات متناحرة ومتنازعة، كي يسوّغوا ويبرّروا دولتهم اليهوديّة الصافية».
وشدّد الموسوي على «أنّنا نعاهد أهلنا وشهداءنا أنّنا أصحاب مشروع وقضيّة، وأصحاب القضيّة والمشروع لا يهنوا ولا يحزنوا ولا يفتّ في عضدهم خسارة جولة من هنا أو هناك. فهذا الخط والنّهج مستمر بإذن الله، وطالما أنّ هناك أجيالًا تربّى على المقاومة والوفاء والولاء، فنحن مستمرّون بإذن الله».
رئاسياً، أكد الرّئيس السّابق للحزب «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، في لقاء مع مجلس العلاقات العربية الأميركية، «أننا اخترنا دعم ترشيح قائد الجيش جوزاف عون للرئاسة لأنه يمثّل مؤسسة مهمة وقام بعمل ممتاز من أجل استقرار لبنان وهو مهم جداً في هذه المرحلة للاستقرار والأمن في البلد».
وأشار الى أنني «أفضّل انتخاب رئيس للجمهورية خلال عهد الرئيس الاميركي جو بايدن وهذا لا يعني أنني أوافق على سياسته وقد رأينا ما حصل في غزة لكن لا يجب انتظار الإدارة الأميركية الجديدة وقد رأينا نماذج ممن ستضم»، متمنياً «انتخاب رئيس في جلسة 9 كانون الثاني وأعتقد أن جوزيف عون هو مرشّح مدعوم من قبل الإدارتين القديمة والجديدة».
وفي الملف السوري، أكد أن «الاستقرار في سورية ضروري للاستقرار في لبنان، وسورية تحتاج الى فرصة ومساعدة وسأزورها الأحد مع الحزب التقدمي الاشتراكي وشيخ العقل سامي أبي المنى». وأوضح أن «الشيخ موفق طريف لا يمثّل الدروز في الشرق الأوسط إنما يمثّل فقط الدروز في فلسطين».
وفي إطار المشاورات السياسية تمهيداً لجلسة انتخاب الرئيس الشهر المقبل، التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان «اللقاء التشاوري النيابي المستقل» الذي ضمّ النواب الياس بو صعب وإبراهيم كنعان وألان عون وسيمون أبي رميا.
وشدد النائب كنعان بعد اللقاء على «أهمية الالتقاء لتشكيل قوة لإنقاذ لبنان، من أجل مشروع واضح المعالم، وهي العودة الى الدستور، وسيادة لبنان، وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني، والعودة الى الشرعية الدولية، بما تتطلب من استعادة الثقة بلبنان. وهو ما يجعلنا أكثر حكمة في عملية الانتخاب لتكون عملية إنقاذية لا مسألة مغانم وتقاسم سلطة».
وعن دعم اللقاء الذي ينتمي اليه ترشيحه للرئاسة قال كنعان: «اسمي طرح للرئاسة من خلال لائحة صدرت عن بكركي، وقد حصلت اتصالات ومواقف في هذا المجال. ومن الطبيعي أن اللقاء الذي أنتمي اليه يدعم هذا التوجه، ولكن الأهم يبقى ان نتفق على الرؤية الإنقاذية والتكاتف حول رئيس يعطي الأمل، ويقود الشعب اللبناني الى طريق الخلاص».
وفيما علمت «البناء» أن رئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع رفض كل الأسماء التي عرضت عليه من الكتل النيابية والنواب المستقلين، على اعتبار أن المتغيرات في لبنان والمنطقة والأحداث المتوقعة على صعيد استهداف العراق وإيران واليمن تصبّ جميعها في مصلحة فريق القوات ما يعزز فرص فرض رئيس على فريق الثنائي وحلفائه.
واستقبل جعجع في معراب، الخبير الدولي للشؤون المصرفية سمير عساف، وجرى البحث في التطورات المحلية والإقليمية.
إلا أن مصادر نيابية شددت لـ»البناء» على أن «التطورات في المنطقة وإن كانت ستترك تأثيرات كبيرة على لبنان، لكنها لن تغير في المعادلة النيابية والسياسية الداخلية، لأن أي محاولة طرف لكسر طرف آخر عبر فرض رئيس لا يحظى بتوافق ويشكل استفزازاً لطرف، سيؤدي الى تهديد السلم الأهلي وأخذ البلد الى الفوضى، لذلك الحل بالحوار بين الأطراف السياسية لإنتاج رئيس وفق المعادلة الدستورية، وإلا الاحتكام للديمقراطية واللعبة البرلمانية». ونفت المصادر أن يكون الحراك الرئاسي حتى الآن قد أزال العقبات أمام انتخاب الرئيس، متوقعة أن تتبلور الصورة الرئاسية مطلع العام الجديد وأن لا يتم الكشف عن مرشح التسوية إلا قبل أيام قليلة من انتخابه أو في الجلسة الانتخابية نفسها والتي قد لا تكون بالضرورة هي جلسة 9 كانون الثاني.
على صعيد آخر، ناشد النازحون اللبنانيون الى العراق، المسؤولين إرجاعهم الى بلدهم وتأمين كلفة التذاكر.
وتابع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب هذه القضية منذ أيام، حيث أجرى اتصالًا برئاسة الوزراء العراقية واطلع على الأسباب التي تحول دون تسيير الطيران العراقي، متمنيًّا «العمل على معالجة هذه القضية بالسرعة الممكنة». وقد تبلّغ العلامة الخطيب من وزير الأشغال علي حمية أنه تمّ التوافق مع شركة طيران الشرق الأوسط على تكثيف رحلاتها إلى العراق، وهي ستسيّر 37 رحلة خلال الأيام الأربعة المقبلة إلى العراق كي تتمكن من نقل اللبنانيين، مؤكدًا أن هذه المسألة وضعت على طريق الحل.