كتب رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع الاستاذ عبد الهادي محفوظ في موقع “النشرة” الالكتروني:
الانتخابات النيابية هذه المرة تختلف عن سابقاتها كونها مفصلية ويتنافس فيها الداخل والخارج في شكل ملحوظ استتباعا لما اتاحه الحراك الشعبي عن غير قصد من توغل الخارج في المعادلات اللبنانية التي كانت تجري في السابق تحت عناوين محلية لبنانية وتنافس بين الزعامات السياسية على اختلافها، ومن هنا تأتي خصوصية هذه الإنتخابات التي يشاء فيها الخارج تغيير المعادلة السياسية.
هذه الإنتخابات تحيط بها ظروف صعبة لم تكن موجودة سابقا من أزمات معيشية واقتصادية ومالية وسياسية وغيرها. الخارج الدولي هو الذي حرم الحراك الشعبي من الجمهور الواسع الذي سانده في المطالب الشعبية والمعيشية والإصلاح السياسي وأدرجه في سياق آخر تحت شعار ’’كلن يعني كلن‘‘ مع توهم البعض في الحراك أنه البديل السريع وأن النظام السياسي يسقط في الشارع من دون الأخذ في الإعتبار أن المسألة ليست بهذا التبسيط للامور. كما أن هذا الخارج الدولي لم يكن جديا في تبني شعار ’’كلن يعني كلن‘‘ وأبقى خطوطه مفتوحة على القوى التقليدية.
لعل كثرة المرشحين هذه المرة وبخاصة من الآتين من جمعيات المجتمع المدني تؤشر الى حسابات متشابكة بين الخارج الدولي وهذا المجتمع وإنما النزاع المفاجئ في أوكرانيا حوّل اهتمامات الغرب باتجاه آخر يوحي بأن الانتخابات بتوقعاتها ليست كما كان يطمح الخارج اليها، خصوصا أن الهم المعيشي الداخلي يجعل الكثيرين يمتنعون عن التصويت مصحوبا هذا الأمر مع ما دعا اليه الرئيس سعد الحريري بامتناع تيار المستقبل عن المشاركة وغياب رؤساء الحكومات السابقين ومعهم الحالي عن المشاركة ما يخلّ نسبيا بفكرة الميثاقية السياسية والطائفية.
لا شك أن الموضوع الانتخابي سيكون الموضوع الأهم خلال هذه المرحلة للمؤسسات الإعلامية على اختلافها بحيث يكون هذا الموضوع هو الموضوع السياسي الأول الذي تعطيه الأطراف السياسية كل اهتمامها وكذلك المرشحون والمواطنون.
أما لماذا اهتمام المؤسسات الإعلامية بالإنتخابات؟.
أولا: لأن هذه الإنتخابات تعتبر مدخلا لإعادة المشروعية للبعض كما هي مدخل للذين يطمحون الى أن يكونوا شركاء جدد في البرلمان، كما هي عنوان للذين يريدون تغيير الهوية السياسية للبلد بدعم من الخارج.
ثانيا: التنافس في المجالين الإعلامي والإعلاني ما يفترض كسب أكبر مساندة من الجمهور.
ثالثا: محاولة التأثير على توجهات الناخبين في هذا الإتجاه أو ذاك.
رابعا: يكسب الإعلام الإلكتروني أهمية خاصة كونه إعلام منتشر في كل مدينة وقرية وهو أقرب في العلاقة الى الناخبين مباشرة، والتوظيفات فيه متعددة.
خامسا: بمعزل عن نتائج الانتخابات فإن العدد الكبير من المرشحين ومن خارج القوى التقليدية يعني ان هناك قوى سياسية هي قيد التشكل مستقبلاً بدعم وتأييد خارجي وأن هذه القوى بحاجة الى منصات إعلامية.
سادسا: الاشتباكات الإعلامية وسياسات البروباغندا ستكون قوية جداً كون مرحلة ما بعد الإنتخابات سترسو على توازنات تحمل تسوية ما للداخل اللبناني أي بين من يربح الانتخابات وبين الجهات الفاعلة في الخارج الدولي ذلك أن التقاطع بين مصالح الخارج والداخل في الانتخابات يتحكم بنتائج التسوية مع الأخذ في الاعتبار الانعكاسات التي يتركها الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران والتي تترك مناخاً لبنانياً معيناً وكذلك للزمن الذي تستغرقه المواجهة الروسية الأوكرانية وخلفياتها الدولية على مستقبل النظام الدولي.
أما في ما ينبغي أن تكون عليه الممارسة الإعلامية من المواقع الالكترونية وحتى المؤسسات المرئية والمسموعة حيث يصل عدد المواقع الإلكترونية الى ما يقارب ال 700 موقع يملكه شباب وشابات من أصل ما يزيد على ألف موقع الكتروني اعلامي، وهذا مؤشر ايجابي كون هؤلاء هم الذين يصنعون المستقبل وكون هذه المواقع لا تحتاج الى تمويل واسع كما هي الحال بالنسبة للمؤسسات الاعلامية الأخرى، وحتى تأخذ هذه المواقع مكانها النهائي في الإعلام وتحفظ دورها يفترض بها أن تكون موضوعية في أدائها وأن تكون حريصة على المعلومة الصحيحة واستبعاد الإثارة السياسية والطائفية والإبتعاد عن القدح والذم والتشهير والخبر الكاذب وكل ما يهدد أمن المجتمع أي الابتعاد عن ما أنتجه الإعلام الالكتروني في لبنان من مفردة جديدة هي “الكورونا الإعلامية”.
وفي ظل الإشتباك السياسي والطوائفي وما يمكن أن يثيره من فتن أهلية يمكن للمواقع الإلكترونية تبريد الأجواء والرؤوس الحامية والتشديد على فكرة المواطنة والعيش الواحد لذلك على المواقع الالكترونية ان تقوم بحث المواطنين على المشاركة في الانتخابات والتصويت لفكرة العيش الواحد وبناء الدولة المدنية القادرة.
هناك فرصة للإعلام الإلكتروني لكي يستفيد من الإنفاق الإعلامي والإعلاني الإنتخابي في سياق تغطيته للممارسة الإعلامية الانتخابية وهذا حق مشروع، ولكن ما هو غير مشروع الإستجابة لأي تمويل انتخابي لا يرتكز الى قاعدة الإنفاق الإعلامي والانتخابي وهنا يأتي دور هيئة الإشراف على الانتخابات.
ختاما حضور الإعلام الالكتروني في المعادلة الانتخابية هو من الضرورات التي تعجّل في تنظيمه في إطار مشروع قانون الإعلام الموحد الموجود حاليا في لجنة الإدارة والعدل، علما بأن هذه المواقع الإلكترونية في الوقت الحالي تحتكم الى البروتوكول الإعلامي الذي وضعته والى ميثاق الشرف المشترك بين المجلس الوطني للإعلام (علم وخبر) وبين المواقع”، كما أن هناك اهتمام خاص من مجلس النواب ومن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بان تكون المواقع الالكترونية في المكان الإعلامي الفاعل والمؤثر وفي دور بناء لا هدام وفقا للوظيفة التي تعطى لها.