بين حدّي انتخاب رئيس الجمهورية وتشريع الضرورة، يقف البلد على حافة هاوية جديدة تزيد من تدحرجه نحو الأسوأ. فرئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى إلى عقد جلسة نيابيّة عامة، فيما المعترضون عليها يرون أن مهمة المجلس يجب أن تنحصر بكونه هيئة ناخبة لرئيس الجمهورية، وقد انضم إلى هذا الرأي البطريرك الماروني بشارة الراعي، ليصبح البلد بذلك بأزمة جديدة من أزمات تفسير الدستور، وبالتالي يجد المواطن نفسه مرة أخرى ضحية عدم التوافق حتى على أبسط متطلباته الحياتية.
وبانتظار ما قد يسفر عنه اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي اليوم لجهة تحديد جدول الأعمال، ومن ثم انتظار قرار الرئيس بري بتحديد موعد الجلسة، تبقى المواقف على حالها بين الكتل النيابية التي تنوي المشاركة في الجلسة وبين الكتل والنواب المعترضين الذين لم يكتفوا بالإعلان عن موقفهم الرافض للجلسة، بل ذهبوا الى أبعد من ذلك من خلال البيان المكتوب الذي حمل توقيع 46 نائبا وتضمن تهديدا بالطعن بأي قانون قد يصدر عنها في حال انعقادها.
مصادر كتلة التنمية والتحرير أكدت عبر “الأنباء” الالكترونية عدم السماح بأن يصبح مصير مجلس النواب مشابها لما هو قائم في الرئاستين الأولى والثالثة، وشددت على “مبدأ تشريع الضرورة بغض النظر عن الوضع القائم في الرئاسة الاولى التي تتحمل الكتل المسيحية مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية أكثر من غيرها بالنظر للخلافات القائمة بينها“.
وفي هذا الإطار رجّح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن يكون انعقاد المجلس هذا الخميس أو مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، لكنه في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن مصير الجلسة التشريعية متوقف على اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم وما قد يصدر عنه من توصيات.
وعن موقف النواب الـ 46 المعترضين عليها، قال هاشم: “ما يحصل هو من ضمن اللعبة الديمقراطية، فمن حق النواب المعترضين مقاطعة الجلسة ومن حقهم أيضا الطعن بالقوانين التي تصدر، من دون أن يكون لهم حق الطعن بالجلسة“.
على خط آخر وفي ما تواصل المصارف إضرابها الشامل، فقد أشارت مصادر مالية – مصرفية في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الإضراب ليس له علاقة بموضوع الكابيتال كونترول لأن بيان جمعية المصارف حول الإضراب واضح جدا، فهو يتعلق بالدرجة الاولى بموضوع الحكم القضائي ضد مصرف “فرنسبنك” وتعديل قانون السرية المصرفية وطريقة ملاحقة رؤساء مجالس إدارة المصارف”، وتوقعت أن يكون اليوم الاثنين يوما مفصليا لجهة ما يمكن اتخاذه من قرارات.
المصادر المصرفية أكدت أن المصارف “ترفض تحميلها مسؤولية انهيار اقتصادي ووصول الأمر الى الانهيار الشامل”، وتوقعت “مزيداً من الغموض وعدم الرؤية وتأجيل تطبيق الإصلاحات والاستمرار بالأزمة”، واستغربت في الوقت نفسه “تبرير عقد جلسة تشريعية لإقرار الكابيتال كونترول دون سواه، لأن على جدول اعمال الجلسة أكثر من 80 بندا منها الكابيتال كونترول، وتمديد سن التقاعد لقادة الاجهزة الامنية، إضافة الى مشاريع قوانين مقدمة من قبل نواب مقاطعين للجلسة مثل قانون الشراء العام وتعديل قانون إعادة الودائع“.
وعن مصير ودائع الناس، اعتبرت المصادر أن “حلها سهل جدًا عندما تتحمل الدولة مسؤولياتها وتعترف بما يسمى خسائر مصرف لبنان التي هي ديون متوجبة عليها لمصرف لبنان لأن الدولة لا يمكنها الاستدانة والادعاء بأن ليس لديها أموال، فهذه الالتزامات هي مسؤولية الحكومة السابقة والحكومة الحالية“.
وأمام هذا النقاش الذي لا أفق له، فإن الأزمات لا تبدو متجهة إلى أي نوع من أنواع الحلول المعلقة على حبال الانتظار المليء بالمخاطر.