كتب الاعلامي محمد القزاز في صحيفة الاهرام المصرية حول إطلاق الاحتفال بـ «بيروت عاصمة للإعلام العربى»:
للبنان تاريخ ثرى وممتد مع الصحافة والإعلام، ففى هذا العام، سيكون قد مر أكثر من 160 عاما على ظهور وسائل الإعلام الحديثة فى لبنان وذلك بتأسيسها عام 1858. فصحيفة «حديقة الأخبار»، التى أصدرها خليل الخورى فى بيروت عام 1858 كانت أول إصدار سياسى باللغة العربية.
ومنذ ذلك التاريخ، وعلى امتداد الأعوام، ازدهرت وسائل الإعلام بتنوع ثرى فى وسائل الإعلام المختلفة. وأصبحت بيروت، موطنا وعاصمة للصناعات الإعلامية، واستطاعت أن تستقطب كل الأنظار إليها كونها متفردة فى العمل الإعلامى والصحافى، حتى أطلق عليها “عاصمة الطباعة” فى الوطن العربى.
وتكريما لهذا الماضى الذى لا يعوض، تم اختيار بيروت عاصمة للإعلام العربى للعام 2023، من قبل جامعة الدول العربية، وذلك تنفيذاً لقرار مجلس وزراء الإعلام العرب، فى سبتمبر الماضى بالقاهرة.
تعود فكرة اختيار «عاصمة للإعلام العربي» كإحدى أبرز المبادرات التى اعتمدها مجلس وزراء الإعلام العرب خلال دورته العادية رقم (47) فى عام 2016 بهدف إلقاء الضوء على العمل الإعلامى الوطنى فى الدول الأعضاء. وكان اختيار العام الأول من نصيب «القدس» التى باتت أول عاصمة للإعلام العربى. بل إن مجلس وزراء الإعلام اعتبرها عاصمة أبدية للإعلام العربى بالتوازى مع العواصم العربية الأخرى التى يتم اختيارها من عام إلى آخر. فقد تم اختيار بغداد لتنال اللقب لعام 2017. والرياض عن عام 2018، وكان اللقب من نصيب دبى 2020.
وبعد اختيار بيروت عاصمة للإعلام العربى، أعلن وزير الإعلام فى حكومة تصريف الأعمال، زياد المكارب، إطلاق الاحتفالات المعنية يومى 23 و24 من شهر فبراير الماضى، غير أن زلزال تركيا وسوريا دفع الوزير إلى تأجيل إطلاق الاحتفالات، تضامنا مع الضحايا.
وتم تعديل تاريخ الاحتفالات لتكون غدا وبعد غد، على أن يضم برنامجا للأنشطة الفنية والثقافية، كما أطلق «شعارا» لهذه الاحتفالية، يضم أعلاما لبنانية رفيعة المقام كان لها تأثير على مجالات الإعلام فى العالم العربى. ومن أبرز من زينوا «الشعار»، سليم وبشارة تقلا، مؤسسا «الأهرام»، وروز اليوسف (1898- 1958)، الأيقونة التى غيرت وجه الإعلام العربى وأسست مجلة «روزاليوسف» ومدرستها الصحفية. وكامل مروّة (1915- 1966) مؤسس صحيفة «الحياة» و«ذا ديلى ستار» و«بيروت ماتان». ومعهم سعيد تقى الدين (1904- 1960) الكاتب القصصى والمسرحى والصحفى، وكذلك غسان توينى (1926- 2012) مؤسس صحيفة «النهار»، وشارل القرم (1894- 1963) الكاتب والشاعر الملهم، وصونيا بيروتى (1934- 2023) أيقونة الشاشة الذهبية فى لبنان.
ويرى الوزير مكارى أن اختيار بيروت كعاصمة للإعلام فى هذا العام، يأتى تأكيدا على صمود الشعب اللبنانى أمام الصعوبات، قائلا: أن بيروت لا تموت. ورغم كل الظروف فإن الطاقات اللبنانية تزدهر يوما بعد يوم فى كافة المجالات الثقافية، والإعلامية، والعلمية، والفنية. وأضاف مشددا أن بيروت ستبقى تجذب اهتمام الجميع فى كافة المجالات، موضحا: «هى عاصمة لا تشبه غيرها، بشعبها وأرضها ومبانيها وشوارعها، وأن رسالة لبنان بهذا الاختيار أنها بلد لا تموت وشعبه لا يستسلم وهو دائما مصدر إلهام ونضال».
أما عن برنامج الاحتفالية، فيوضح أنه يشمل أنشطة ثقافية وفنية عدة، ويتضمن تكريما لوجوه إعلامية لامعة. ولكن الأهم على «أجندة» الاحتفال، سيكون إطلاق حفل خاص برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتى، وبحضور الأمين المساعد لجامعة الدول العربية، السفير أحمد رشيد خطابى. ويشهد الحفل عرض فيلم عن بيروت القديمة من إعداد تلفزيون لبنان، وفيلم آخر قصير خاص بالمناسبة.
وعن التنسيق بين الدول العربية فى المجال الإعلامى، يشير المكاري إلى أن «وزارة الإعلام» أصدرت وثيقة من عشرة بنود بمناسبة إعلان بيروت عاصمة للإعلام العربى لعام ٢٠٢٣، وخصص البند الثامن «للإعلام والقضايا العربية» بهدف التعاون مع كافة وسائل الإعلام العربى لدعم القضايا العربية .
ولم ينف تأثير الأزمة السياسية على الواقع الإعلامى فى لبنان، موضحا أن كل القطاعات قد طالتها تأثيرات الأزمة. لكنه أضاف موضحا: «رغم كل شيء، لا يزال إعلامنا المتنوع يتمتع بالوعى، ولكن هذا لا يخلو من بعض الهفوات، إنما التعدد والتنوع يبقيان جوهرة لبنان، كما أن وزارة الإعلام تعمل منذ فترة على قانون إعلام جديد وعصرى يواكب العصر والمفاهيم الإعلامية الحديثة. والقانون المنتظر فى مراحل متقدمة من حيث عملية الصياغة، كما أن الوزارة حريصة على إصدار قانون يحمى الحريات ضمن أطر مهنية عالية المستوى.