عقد وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري لقاء مع ممثلي وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب والمواقع الالكترونية، وتم البحث في خطة الطوارئ المخصصة للتعامل مع الأزمة وتطورات الأحداث، في حضور رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، نقيبي الصحافة والمحررين عوني الكعكي وجوزيف القصيفي، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحه ورؤساء الوحدات والدوائر في الوزارة.
المكاري
استهل المكاري اللقاء بالطلب من الحضور الوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الصحافة اللبنانيين وغير اللبنانيين، وقال: “لقاء اليوم يتعلق بالأحداث الحاصلة في فلسطين المحتلة وعلى حدودنا الجنوبية. الحكومة اللبنانية تتحضر لامكانية او خطر ان تنزلق الأمور في الجنوب نحو الأسوأ، وعندما نتحدث عن طرح الخطط والتحضيرات فذلك يثير الهلع لدى اللبنانيين او يكون مصدر خوف لهم. الامر على العكس تماما، إذ على الحكومة وضع خطة وقائية تتضمن كل الاحتمالات التي قد يتعرض لها بلدنا”.
اضاف: “الخطوة الأولى للحكومة هي منع انزلاق البلاد إلى الحرب، والرئيس نجيب ميقاتي يعمل في هذا الاتجاه ويقوم بجولات عديدة، فقد توجه الى قطر وسيعقد في نهاية الأسبوع، لقاءات عدة في دول اخرى. الاتصالات مستمرة مع كل الدول الإقليمية والعربية والغربية التي لها علاقة بالازمة في فلسطين المحتلة. واضافة الى ذلك، هناك خطة نأمل الا نصل إلى مرحلة تطبيقها، ولكن لا سمح الله، إذا وقعت الحرب وامتدت الى كل الاراضي اللبنانية عندها علينا ان نكون جاهزين”.
وتابع: “ان الإعلام هو جزء اساسي من الحرب المندلعة في فلسطين وعلى حدودنا الجنوبية، انطلاقا من هنا، دور الاعلاميات والاعلاميين يجب ان يكون اساسيا في تغطية هذه الحرب ونقل الحقيقة كما هي، وأن يكون هناك مصادر موثوقة للاخبار، لأن اي خبر غير صحيح يمكن أن يأخذ البلاد إلى أماكن لا نريدها. من هنا، اقول ان اداء الإعلام اللبناني مشرف، والقنوات التلفزيونية تقوم بالتغطية بشكل جيد، والمصطلحات المستعملة لا غبار عليها، كما أن التضامن يسود في كل الوسائل الاعلامية في منطقة الجنوب، وبين كافة الإعلاميين هناك ايضا، وهذا ما نعتبره أمرا مشرفا”.
واردف: “لا أحد في لبنان يريد الحرب ولكن إذا حصلت علينا ان نكون موحدين، فالحياد ممنوع بمعنى ان يكون جميع اللبنانيين صفا واحدا وكل المناطق وبيوتنا مفتوحة”.
وقال: “جزء كبير من الخطة يتضمن النزوح من الجنوب نحو الشمال، والخطة تأخذ بالاعتبار سيناريو قد يشكل قاعدة للتفكير إذ أننا نملك الخبرة لا سيما بعد حرب تموز وانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (2020)، والذي تسبب بكارثة كبيرة حلت بالعاصمة وأوقع شهداء وجرحى وأحدث دمارا، وتدخل أعداد كبيرة من الجمعيات والفوضى التي حصلت في حينه من حيث عمليات الإنقاذ واعادة الاعمار وخطة الطوارئ التي وضعت حينذاك. أضف إلى ذلك، عمل الوزارات خلال ازمات صحية مثل كورونا”.
اضاف: “ان الدعوة اليوم هي لكيفية التنسيق بين وزارة الاعلام التي هي جزء من الحكومة اللبنانية، ونحن كوزارة نعمل ضمن فريق خلية الأزمة في السراي الحكومي، وعلى اطلاع على كل ما يصدر عنها. لقد اجتمعت الخلية مع كل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تواكب الازمات: منظمة الصحة العالمية، unhcr، الاونروا، اليونيسف، والرسالة الأهم التي أعطيت للبنانيين، انهم لن يغادروا وذلك ردا على اخبار زائفة كثيرة تقول بحصول إخلاء لمنظمات دولية وسفارات، وسوف يكون هناك تعاون وثيق مع الحكومة اللبنانية وبإدارتها”.
وتابع: “طبعا، هؤلاء لديهم سياساتهم واولوياتهم، والموضوع مرتبط بالأمن وبالاولويات المتعلقة بالمشاريع التي يتم تأجيلها بسبب الازمات”.
وأثنى المكاري على عمل “المنسق بين كل الجهات الوزير ناصر ياسين الذي يقوم بعمل جبار ويومي”. وقال: “نحن هنا اليوم لنضع خطة عمل معكم كي تكونوا على اطلاع يومي بمجريات الاجتماعات والإحصاءات والجداول المتعلقة بأعداد النازحين من بعض المناطق، والفئات العمرية والى اين يتوجهون وحركتهم”.
أضاف: “علينا التنبه جدا من الأخبار الزائفة، فالحرب الاعلامية والنفسية كبيرة جدا، وما يهمنا ان يكون الإعلام اللبناني على قدر المسؤولية ويواكب بشكل جدي وعلمي كل ما يحصل. كما ان هناك امورا عدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي ونشر صور وفيديوهات علينا ألا ننزلق الى ذلك، وأطلب من المؤسسات الاعلامية التحقق من الاخبار والاضاءة على الاخبار الزائفة بما يطمئن المواطنين”.
وقال: “نحن في الوكالة الوطنية للاعلام سنبدأ العمل على هذا الموضوع، ففي لبنان مواطنون لبنانيون ونازحون سوريون وفلسطينيون واجانب، وكذلك بعثات ديبلوماسية تتلقى الأخبار من الاعلام اللبناني، ومن وزارة الإعلام ومن مصادرها، وطبعا من الوكالة الوطنية، بالاضافة الى المنصات ووسائل الاعلام الاخرى التي تغطي الاحداث باحترافية، ونحن فخورون بذلك، ولكن احد اهداف اجتماعنا اليوم التنبه الى الاخبار الزائفة والتأكد من مصدر المعلومة، بالاضافة الى التحلي بآداب المهنة. ونقول ان فلسطين اصبحت ابعد من قضية عربية بل اصبحت قضية انسانية وحقوق انسان وثقافة وعلى الصحافي تغطية ما يحصل انطلاقا من ذلك”.
اضاف: “بالنسبة الى الاعلاميين، والاعلاميين على الحدود فقد زرتهم وشددت على ان لا علاقة لاسرائيل بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ولا بأخلاقيات الحرب والقتال، ومن نهجها استهداف الصحافيين كما حصل في غزة وهنا في لبنان حيث استشهد عصام عبدالله وأصيب آخرون، وانا اعتبر ذلك اغتيالا. وقد توجهنا الى وكالتي الصحافة الفرنسية AFP ورويترز بأننا لا نقبل الا بإدانة واضحة لاسرائيل على عملية الاغتيال في الجنوب، ونحن نتابع هذا الموضوع جديا مع الوكالتين اللتين وعدتا بإدانة اسرائيل بشكل واضح، واذا لم يحصل فلوزارة الاعلام الحق والصلاحية بذلك”.
وقال: “وزارة الاعلام تسهل عمل كل اعلامي يريد التغطية في الجنوب من خلال اعطاء تراخيص، ونحن نتابع الموضوع بشكل جدي، ونعمل على تأمين الدروع والخوذ لتسهيل عمل كل الصحافيين”.
وعن خطة الطوارئ، قال المكاري: “في الحرب العواطف ممنوعة، لذلك يجب ان نكون واضحين وننقل الخبر بموضوعية وجدية، واذا حصل اي خطأ فالتراجع عنه والاعتذار والتصحيح ليس خطأ، فنحن نريد بناء مصداقية جدية لإعلامنا اللبناني كي يكون فاعلا في هذه الازمة ويكون مصدر الخبر الصحيح لكل الوكالات الاجنبية والفضائيات الحاضرة في المشهد الاعلامي.
وتتضمن آلية عمل الخطة بنودا تتعلق بالاعلام وبأمور توجيهية وارشادية أخرى للمواطنين وللمزارعين وفئات أخرى، وتسهيلا لكل العمل الاعلامي سنبدأ بنشرات توجيهية على موقع الوكالة الوطنية وتلفزيون لبنان والإذاعة اللبنانية كي تنقل بعدها عبر الوكالات والمنصات الاخرى”.
وختم: “ان التأكد من الخبر هو الاساس ومسؤولية الاعلاميين كبيرة، في ظل تكنولوجيا متقدمة جدا يستحيل معها إخفاء أي شيء، لذلك يجب الانطلاق من الحقيقة ومن المسؤولية بأن جزءا من الحرب هو اعلامي، فأنتم جنود وضباط على الجبهة وفي المشهد الاعلامي اللبناني والعربي والعالمي، والوزارة مفتوحة للجميع، ونحن على مسافة واحدة من كل الاعلاميين والاعلاميات من اي وسيلة اعلامية أتوا من خلال حمايتهم وتسهيل عملهم والتنسيق الكامل معهم”.
فلحة
بدوره، قال المدير العام للاعلام: “منذ 7 تشرين الاول حتى اليوم دخل 101 صحافي، في ظل تسهيلات من وزارة الاعلام لان من واجبها تسريع المعاملات وهي لا تستغرق معنا وقتا ضمن امكانياتنا المتواضعة.”
اضاف: “لم يكن الاعلام اللبناني اكثر تضامنا وتضافرا مما هو عليه اليوم، حيث يعمل كخلية واحدة. وهذا ما حدث في الاعوام 93 و 96 و2006، حين كان للاعلام دور اساسي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي على كافة المستويات”.
وأمل من الاعلاميين “التنسيق مع الوزارة خصوصا بالنسبة الى الذهاب للتغطية في الجرود”، وقال: “في حال كانت لدى الاعلاميين معلومات يجب ان يتم تنسيقها مع الوزارة، لانه في الازمات من الضروري ذكر الطرقات المقفلة او التي يتم قصفها، لا سمح الله، او في حال وقوع ضحايا ألا تعطى الارقام الا بشكل رسمي لتكون دقيقة ولا تثير الرعب لدى الناس”.
اضاف: “يأتينا العديد من الصحافيين الاجانب لكن ما يهمنا ان يعمل الصحافي اللبناني لانه أكثر معرفة بأرضه ويعمل من قلبه انطلاقا من حسه الوطني”.
وتابع: “ان النصر الحقيقي عام 2006 تحقق بسبب التجانس والتآلف الذي ساد في كل وسائل الاعلام على اختلافاتها السياسية ضد العدوان الاسرائيلي، وهذا ما يحصل عندنا بكل سهولة في قاعة المراسلين العرب والاجانب. اليوم اصبح لدينا 1100 مراسل منذ 7 تشرين. ونحن نعمل بالتنسيق مع مديرية التوجيه والاجهزة الامنية المعنية ومع قوات الطوارىء في حال استدعى الامر”.
وأكد “اهمية ان تتكفل وزارة الصحة بالامور في وقت الملمات والحروب”، راجيا “ألا يصاب احد”، وقال: “لا مشكلة لدينا لجهة معاملة اي وسيلة اعلامية بالمثل، وهذا اقل واجب علينا القيام به في الوزارة”.
وختم: “كما انتصرنا في السابق من خلال اعلامنا المقاوم، فجميعا بكافة ميولنا وانتماءاتنا وبكل الاطياف اللبنانية، سننتصر دائما ويكون لبنان دائما في الطليعة”.
محفوظ
أما رئيس المجلس الوطني للاعلام فقال: “ان الحكومة مشكورة على قيامها بهذه الخطوة الوقائية، لكن السؤال هل أخذت بالاعتبار من الان تجهيز المدارس لاستقبال من سيتركون بيوتهم في حال حصول حرب؟ وهل حضرت بيوتا معينة كما بعض القوى الخاصة بهذا المجال؟”.
اضاف: “ينبغي الاخذ بالاعتبار ما تقدم به الزميل لجهة الانترنت. والمسألة الاساسية انه في حرب تموز سقطت قذيفة في مقر المجلس الوطني للاعلام في وزارة الاعلام وكانت هذه الوزارة هدفا، فهل اخذ بالاعتبار اين يكون هناك بديل عن مكانها؟”.
وتابع: “الاعلام المرئي كان موقفه جد ايجابي وخرج من الانقسام السياسي، ولكن هناك ثغرات كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي يمكن ترميمها من خلال التركيز على الخبر الصحيح بالتضامن بين المواقع الالكترونية لتكذيب اي خبر غير صحيح”.
وختم: “في الاعلام احيانا ثمة كلام لا يميز بين الدول الغربية وبين شعوبها وهذا خطأ كبير، فينطلق البعض من نظرية اميركا حول تقسيم العالم الى اخيار واشرار او صراع الحضارات ليتبين وكأن المواجهة الان بين الحضارة الغربية وبين الاسلام، لذلك هناك ضرورة لان يضيء الاعلام على هذه المسائل خصوصا ان هناك مؤسسات في المجتمع المدني الغربي تواجه اسرائيل وتقاطع بضائعها، كما أن هناك تحولا في الرأي العام الاميركي، يجب ان نركز على هذا الامر الذي من شأنه تشكيل عنصر ضغط كبير على السياسة الاميركية”.
بنود الخطة الاعلامية
ثم اذاع المكاري بنود الخطة الاعلامية، فقال: “من ضمن الخطة التي يجب ان تتبعها وزارة الاعلام الاتي:
– جمع المعلومات المؤكدة ونشرها بالتنسيق مع الإدارات والجهات المعنية في ادارة الكارثة.
– اعلام المواطنين بالقرارات والاجراءات المتخذة من قبل المعنيين بإدارة عمليات الاغاثة.
– المساهمة في افعال الاعمال التطوعية وتوجيه النداءات الانسانية للجمعيات والبلديات والمنظمات الدولية وحضها على المشاركة في عمليات الاغاثة وتقديم المساعدات ورصد جهوزيتها في هذا الاطار.
– المساهمة فى لم شمل العائلات من خلال نشر المعلومات حول اسماء المفقودين اللبنانيين والاجانب.
– الاعلان عن الاحتياجات الضرورية الطارئة للمنكوبين.
– نشر بيانات بالمناطق المغلقة والمناطق الآمنة والمسالك المؤدية اليها.
– نشر البيانات التحذيرية التوجيهية والارشادية لحماية المواطنين وتأمين سلامتهم، اي – انذار بالاخلاء. توجيه الى مراكز الايواء بالابتعاد عن الاسلاك الكهربائية والقنابل الفوسفورية.
– تنظيم المؤتمرات الصحافية بالتنسيق مع وسائل الإعلام.
– نشر التصريحات والبيانات والتقارير الصادرة عن السلطات الرسمية.
– تصويب المعطيات والمعلومات الخاطئة بالاستناد الى حقائق ثبوتية بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والبلديات والدفاع ومع غرفة العمليات الوطنية.
– رصد ودراسة اتجاهات الرأي العام ومدى تفاعله مع الكارثة او الازمة.
– ارشفة وتوثيق البيانات والتقارير والبلاغات والصور وفقا لتطور ذلك.
– حماية الصحافيين”.
حوار
وقال المكاري ردا على سؤال عن وجود خطة بديلة في حال تم استهداف الإنترنت في لبنان إذ وقعت الحرب: “لبنان مقسم الى اقضية سيكون في كل منها خلية ازمة وهيئة طوارىء، كما سيكون هناك مراكز وتجمع للصحافيين. لا شك اننا فكرنا في موضوع الإنترنت في حال استهدف بالقصف، وطبعا هناك خطة بديلة مع ستارلينك والموضوع سار ولا مشكلة في هذا الإطار. يمكننا ان نطمئن اللبنانيين الى أن الإنترنت لن ينقطع وهناك اتفاق مع ستارلينك وقد تحدث وزير الاتصالات في هذا الامر”.
وعن موضوع النازحين السوريين، قال: “هناك اقتراح يترجم قريبا بإنشاء مخيمات بين الحدود اللبنانية والسورية لجميع النازحين السوريين، اي ان مراكز الايواء للنازحين السوريين ستكون في مخيمات خاصة لهم”.
وردا على سؤال عن كيفية مساعدة وزارة الاعلام لباقي المؤسسات الاعلامية في حال نشوب الحرب، قال: “المؤسسات الباقية خاصة وهي مؤسسات تجارية واعلامية، ونحن في وزارة الاعلام سيكون دورنا توجيهيا ولا سيما لجهة التراخيص او الحماية وامكنة وجود الصحافيين، وكوننا مرجعا رسميا يمكننا ان نغطي هذه الامور وعندما يكون هناك ازمات فالمراجع الرسمية هي التي تتسلم البلد لتسهيل عمل المؤسسات، وطبعا هذه الامور ستتبلور قريبا”.
وعن كيفية حماية الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي من التوقف في حال نقل وقائع عن الحرب، قال: “نحن كلبنانيين وعرب نتعرض عبر كل وسائل الإعلام للتوقف عن العمل احيانا او للتهديد بلقمة العيش، وهذا موضوع نتابعه يوميا مع الصحافيين وهذه حرب فيها ظلم”.
اضاف: “لذلك، دور الاعلام اساسي في نقل الصورة الواقعية للخبر وبصورة صحيحة وصادقة”.
وأكد أن “الخطة ستوزع على الاعلاميين”، وقال: “بالنسبة للتأمين الصحي للصحافيين، فوزارة الصحة جاهزة لذلك، ونتمنى على المؤسسات الاعلامية ابرام عقود تأمين صحية موقتة للصحافيين والمصورين ريثما تنتهي الحرب”.
واشار الى ان “هناك احصاءات أجريت للمدارس ووضعها كمراكز ايواء، وهناك خريطة للبنان مقسمة على قطاعات تحسب نسب الخطورة في المناطق”.