نظمت كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الحكمة مؤتمرا بعنوان “القرار 1701 والاستراتيجية الدفاعية الوطنية” في مسرح الجامعة- فرن الشباك.
وحاضر المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة في المؤتمر ناقلا في بدايته تحيات وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال المهندس زياد المكاري واعتذاره عن عدم الحضور، وقال : “لا بد في بداية هذه الحلقة من ابداء ملاحظتين جوهريتين: الأولى طرح فرضية مرجعية اتفاقية الطائف في الاستراتيجية الدفاعية، وهو طرح بسيط ذو دلالات كبيرة، والملاحظة الأخرى استخدام عبارة الصراع “العربي”- الإسرائيلي، فهل الصراع ما زال عربيا مع إسرائيل في هذا الظرف؟ وهذه ملاحظة مشروعة ان نبديها”.
أضاف: “أريد أن نبدأ من حيث انتهى معالي الدكتور طارق متري، وهو الشاهد البين والمصدر المركون إليه في الاحاطة الوافية بصناعة هذا القرار 1701، لاكتمال عنصري المكان والزمان، فضلا عن الدور الذي قام به. وعليه، إن مقاربة القرار 1701 تستدعي سلوك منهجي الاستقراء والاستدلال عند البحث في مصيره او عند الحديث عن الزام إسرائيل احترام هذا القرار. منذ صدور قرار مجلس الامن رقم 56 في عام 1948 وحتى تاريخه، أي القرار رقم 2712 في آخر عام 2023، صدر عن مجلس الامن 55 قرارا يتعلق بالقضية الفلسطينية. وصدر منذ عام 1947 وحتى تاريخه، عن الجمعية العامة للامم المتحدة والهيئات المرتبطة بها حوالى 29 قرارا”.
وأشار إلى أنه “بالنسبة إلى لبنان، هناك القرار الدولي رقم 425 تاريخ 19 آذار 1978″، متسائلا: “متى نفذ هذا القرار في معظمه؟ وهو يتضمن الشهادة على اجتياحين اسرائيليين، خلال أحدهما احتلت إسرائيل العاصمة اللبنانية وأجزاء واسعة من أرض الوطن”.
وسأل أيضا: “هل نفذ هذا القرار ديبلوماسيا؟ فالجواب من دون أن نبخس الديبلوماسية اللبنانية حقها وسعيها، لا”، وقال: “نفذ على شاكلة ما نفذ، من خلال المقاومة المتنوعة المتعددة، ومن بينها المقاومة حاملة السلاح”.
أضاف: “لا أحد ينكر ظروف صدور هذا القرار، فكلنا نتذكر ال33 يوما من الحرب العدوانية على لبنان، كل لبنان”.
وسأل: “كيف كان الموقف الأميركي والأوروبي في بداية العدوان؟ وكيف تبدل؟ فعلينا أن نقرأ التاريخ جيدا”.
وقال: “إن وزير الخارجية اللبناني الدكتور عبد الله بوحبيب تحدث في افتتاح أعمال هذا المؤتمر عن أكثر من 35 ألف خرق جوي وبري وبحري واستخدام الاجواء اللبنانية للاعتداء على الأراضي السورية، ف هذا الرقم موجود فعليا لدى قيادة قوات اليونيفيل، وتتم الاحاطة به من قبل الأمين العام للامم المتحدة لاجهزة المنظمة الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة”.
وأشار إلى أن “الاعتداءات الإسرائيلية متكررة للسيادة اللبنانية، ولم تتوقف، فهي موصوفة بعدم احترام الشرعية الدولية، وفي غزة لدينا الأمثل الواضحة”، حيث ترتكب المجازر ضد الشعب الفلسطيني وقال: “إن البعض يشكل أن القرارت الدولية تتضمن بنودا غير قابلة للتنفيذ، فالقرار 1701 صدر لوقف الأعمال العدائية، وهو لم يرتق الى وقف دائم للنار. للأسف، إنه منذ 18 عاما، قرار ابتدائي بمندرجاته، وليس قرارا نهائيا”.
وأوضح أن “التمايز الشكلي بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة لم يتجاوز التوافق على الوقف الدائم لإطلاق النار”، وقال: “إنه قرار يخضع لتأويلات كثيرة، وتقارير الاحاطة من الامين العام للامم المتحدة الى مجلس الأمن بمعظمها تشير الى عدم احترام إسرائيل القرار 1701، فالانتهاكات الجوية مستدامة على مدار الساعة، وكل يوم: الخروق البحرية، احتلال الاجزاء الشمالية من قرية الغجر، وانتهاكات الخط الازرق”.
وتحدث عن “قرار التجديد السنوي للقوات الدولية في 31 آب من كل عام”. وسأل: “ما دور لبنان الرسمي في كتابة نص القرار 1701 أو في اعتماده”، وقال: “إن القرار 1701، رغم صدوره تحت الفصل السادس، إلا أن صياغته تنبىء بأنه كان متماشيا وفق الفصل السابع على اعتبار أن الوضع في لبنان ما زال يهدد السلام والامن الدوليين”.
وأكد أن “صياغة قرارات الأمم المتحدة، وتحديدا المتخذة في مجلس الامن، تتميز بالالتباس في صياغة اللغة والقصد معا، لأنها تصدر وفق الصيغ التسووية، والا هناك سلطة الاعتراض”، لافتا إلى أن “الفيتو دائما حاضر، والبعض يسميه حق النقض، مع العلم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتضمن هذه العبارة بحرفيتها”.
وتابع:” محليا صدر القرار في ظل حكومة مشوبة بالقلق منها لدى بعض الاطراف اللبنانية الوازنة الحضور ، في مرحلة تشبه المراحل السياسية النمطية الانطباع بالكيدية وعدم الركون الى الثقة بين اللبنانيين القلقين بين بعضهم البعض وبين البعض ذاته، والتضامن الوطني يكون فولكلوريا كما دأبت عاداتهم”.
وقال: “ان المقاربات اللبنانية ، لاي مواضيع لها حساباتها ودائما ترتبط بالقلق والشك الداخليين والتوجس من التوغل الطوائفي ذي الاعتبارات الوجودية والتربص من الآخر حتى في الحسابات، زهيدة التفاصيل ، فما بالك عند القضايا الجوهرية الكبرى ذات الامتدادات الدولية والتفوق في الانتماء الخارجي على الولاء الداخلي. بموازاة ذلك، الولايات المتحدة صاحبة نظرية ( حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ) وتطلب ضبط النفس للآخرين”.
واردف:”السؤال الجوهري هل استطاعت القوات الدولية ان تقوم بمهامها في منع الهجمات الاسرائيلية او التخفيف من عملياتها العسكرية أو حماية المدنيين مع بداية حرب تموز على لبنان واثناءها؟ هل استطاعت الحد من الانتهاكات الجوية أو البحرية أو التأثير في ازالة الاحتلال من المناطق اللبنانية المحتلة، لا احد ينكر الدور الاساسي كشاهد دولي على الاعتداءات والممارسات الاسرائيلية”.
وتابع: “في عملية القياس ، القرار 425 صدر العام 1978 ولم ينفذ الا في العام 2000 وليس بواسطة الوسائل السلمية او الديبلوماسية الصرف ابدا، ولكن بفعل المقاومة المتعددة الانتماءات والانواع والاشكال. القرار 1701 بالرغم من الجهود التي بذلت للتوصل اليه، إلا انه بين الاشكالية لجهة امكانية تنفيذه بالكامل من عدمه. شئنا او ابينا، ان تلك المرحلة اظهرت شكلا من اشكال استثمار العمل العسكري للمقاومة في دعم الحركة الديبلوماسية اللبنانية الساعية لوقف الحرب بموازاة السعي الفرنسي والايطالي والعربي المساند و المتباين عن الموقف الاميركي الذي كان يريد ترك الوقت لاسرائيل لتفكيك حزب الله قبل الحديث عن وقف الاعمال الحربية”.
وسأل: “ألم يكن هذا الأمر شكلا أو نمطا من السياسة الدفاعية بمواجهة اسرائيل؟. السيدة غونداليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية قالت انذاك: إن ما يجري هو بمثابة الولادة (لشرق اوسط جديد. الامم المتحدة ليست بمنأى عن الضغوط الأسرائيلة.عندما دان الأمين العام للامم المتحدة بطرس بطرس غالي مجزرة قانا التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين الذين لجأوا الى مركز الأمم المتحدة في 18 نيسان 1996 لم يجدد له لولاية ثانية”.
واضاف: “الى اصحاب العقول الواقعية ما هو عدد القرارت الدولية التي صدرت بشان الفلسطينية أو الصراع العربي الاسرائيلي، اذا ما بقيت هذا العبارة جائزة على المستوى العربي الرسمي. وهل امتثلت إسرائيل لقرارات مجلس الامن أو الجمعية العامة للامم المتحدة؟ وهل استطاعت المنظمة الدولية تنفيذ قراراتها الملزمة؟ وعليه يجب اجراء تشريح مبسط للقرار 1701 الذي نص على امور عدة، و 18 بندا (فقرة) منها اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين”.
وقال: ” الا يكون هناك سلاح من دون موافقة حكومة لبنان وهذا يدفعنا باتجاه الركون الى وضع استراتيجية دفاعية، يعيد أيضا (مجلس الامن) تأكيده الشديد على سلامة اراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده حسب اتفاق الهدنة المؤرخ في 23 آذار 1949. وقد أكد القرار 1701 في المادة 18 اهمية وضرورة تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط استنادا الى جميع قراراته ذات الصلة بما فيها القرارات: 242 الصادر بتاريخ 1967/11/22 و 338 الصادر في 22/11/1973 والقرار 1515 الصادر بتاريخ 2003/11/19 . وقد اكد القرار 1701 ابقاء المسألة قيد نظره الفعلي”.
واردف: “وعليه فان اتفاق الطائف الذي جاء لوقف الحرب بين المتقاتلين من اللبنانيين وايقاف حرب الآخرين على ارضه، شكل قاعدة مفصلية في تاريخ لبنان لم تستثمر كما يجب من قبل اللبنانيين لقيام دولة قوية على المستويات كلها. يعيش على ارضنا مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطيين وهم اهلنا وجيراننا بحق وفق عاملي التاريخ والجغرافيا . وايضا لدينا عدد مضاعف واكثر من النازحين السوريين.
في السياسة الصحيحة لا يمكن أن نقول: عمر يرث وعمر لا يرث، ومن هنا يجب قراءة ما تتضمنه وثيقة الوفاق الوطني التي قسمت الى أربعة فصول اساسية:
اولا : المبادىء العامة والاصلاحات
ثانيا : بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية.
ثالثا : تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي
رابعا : العلاقات اللبنانية السورية”.
واضاف: “في الفصل المتعلق بثانيا: بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنائية، حيث اتفق الاطراف اللبنانيون على قيام دولة قوية قادرة ووضع خطة امنية لبسط سلطة الدولة ، مدتها سنة تتضمن اعلان حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتعزيز القوات المسلحة وان المهمة الاساسية للقوات المسلحة هي الدفاع عن الوطن وعند الضرورة حماية النظام العام، وان يجري توحيد القوات المسلحة واعدادها وتدريبها لتكون قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية في مواجهة العدوان الاسرائيلي”.
وتابع: “في حين ان الفصل الثالث الذي جاء مستقلا ومتمايزا عن الفصل الثاني لربما للتمييز بين المليشيات والمقاومة من حيث التعريف، فقد اكد استعادة سلطة الدولة حتى الحدود المعترف بها دوليا واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي، بسط سيادة الدولة على جميع اراضيها ونشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية المعترف بها دوليا والعمل على تدعيم وجود قوات الطوارىء الدولية في الجنوب اللبناني لتأمين الانسحاب الاسرائيلي ولاتاحة الفرصة لعودة الامن والاستقرار الى منطقة الحدود”.
وقال: “وفي الختام لا بد من استعارة عبارة أوردها الوزير بقرادوني بكتابه “السلام المفقود” وحيث ان احد سفراء امريكا توصل لنتيجة ان اسرائيل تعتبر جنوب لبنان محمية، وذلك عندما دار حوار ايام الرئيس الراحل الياس سركيس حول من لديه الاختصاص للبحث في قضية جنوب لبنان”.
ختم: “من خلال كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، اتمنى ايلاء منطقة الشريط الحدودي مع فلسطين أهمية اكاديمية وبحثية وعلمية حول كيف كانت الأوضاع هناك، وكيف كان يعيش سكان من هذا الوطن في ظل ظروف امنية وعسكرية صعبة حتى ما قبل العام 1969، وأن تتم الدراسة والبحث حول الممتلكات التي احتلتها إسرائيل واستولت عليها حينها، وأن يتم تجميع الوثائق والمستندات ذات الصلة ويتم أرشفتها وحفظها”.
الرئيس سليمان
ثم كانت الكلمة الختامية للمؤتمر للرئيس ميشال سليمان قال فيها: “إن صيغة العيش المشترك ونظامنا الديمقراطي الميثاقي جعلا لبنان “رسالة أكثر من وطن”، ما شكل تناقضا مع فكر الكيان الصهيوني الذي جعل من إسرائيل دولة دينية يهودية، فعمل على زعزعة أمننا لإفشال النموذج الذي نمثله والاعتداء المتكرر على أرضنا وسيادتنا دون أن نهمل المتاعب التي تأتت في القرن الماضي خصوصًا، بسبب فرادة نظامنا الديمقراطي وتميزه عن أنظمة الدول المحيطة بنا والمنسوب المرتفع لممارسة الحريات في بلادنا المقترنة مع مفهوم حقوق الإنسان”.
أضاف: “بعد عقود من الإهتزاز الأمني والسياسي إتفق اللبنانيون فيما بينهم في الطائف على عقد اجتماعي في وثيقة تاريخية أنهت الحرب الأهلية وأرست استقرارًا نسبيًا لم تجد الطبقة السياسية سبيلا للحفاظ عليه واستمراره، وذلك لتقاعسها عن تنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها الوثيقة. وإذ وصل الوضع إلى حافة انهيار المؤسسات والإقتصاد وفقدان السيادة وهشاشة الوضع الأمني، فلا بد من العودة إلى تطبيق الدستور و”إعلان بعبدا” المتكامل مع وثيقة الوفاق الوطني، كما تبرز الحاجة إلى إقرار استراتيجية دفاعية موقتة تسهم في تنفيذ القرار 1701 وتفعيل قرارات المجموعة الدولية لدعم لبنان”.
واشار الى ان رؤيته للحل والتي “سعى إلى تحقيقها في زمن ولايته تمحورت حول تحييد لبنان وحصر قرار السلم والحرب بيد الدولة وتنفيذ القرارات الدولية واستكمال تطبيق الطائف وصولا إلى إلغاء الطائفية السياسية، وخريطة الطريق هذه لا بديل عنها لإحلال السلام في لبنان وإنهاض الدولة ومؤسساتها”.
وختم: ” ونص المبادرة فورًا على تحريك الدبلوماسية الفاعلة وأخذ التدابير اللازمة لإعادة النازحين السوريين إلى موطنهم والإنصراف إلى انتخاب رئيس البلاد وتشكيل حكومة فاعلة، على أن ينصب الجهد بعد ذلك على تنفيذ الإلتزامات المشار إليها في خريطة الطريق وإقرار آليات تكفل حصول الإستحقاقات الدستورية حتى لا يضيع الوطن وتندثر رسالته وديمقراطيته وحريته”.