كتبت صحيفة “الديار”: حفلت الساعات القليلة الماضية بتبادل الرسائل الميدانية والسياسية بين محور المقاومة وحكومة العدو الاسرائيلي، على خلفية رفع «اسرائيل» منسوب التهديد بحرب شاملة ضد حزب الله ولبنان، فيما دخلت واشنطن على خط تبريد «الرؤوس الحامية الاسرائيلية» لسحب فتيل المواجهة المفتوحة، الذي ستكون نتائجه مدمرة ولا يحقق اي هدف استراتيجي.
والى ان تتكشف طبيعة الاهداف الحقيقية للتصعيد «الاسرائيلي»، اختصر جنرال الاحتياط في جيش الاحتلال اسحق بريك «اوهام» الثلاثي نتانياهو، غالانت وهاليفي، بشأن توسعة الحرب ضد لبنان بالقول «ستكون نهايتنا على يد حزب الله».
في السياق نفسه، ابلغ المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين المسؤولين «الاسرائيليين» رسالة مشابهة بالامس تحذر من خطر حرب فاشلة ومدمرة على «اسرائيل» ولبنان، لن تؤدي الى القضاء على حزب الله، ولن تعيد المستوطنين الشمال الى منازلهم، وستنتهي باتفاق موجود على «الطاولة» الآن، وتنفيذه متعثر ربطا بالحرب في غزة فقط.
وفيما لم يتلق لبنان الرسمي اي تحذير ديبلوماسي جدي بحرب «اسرائيلية» وشيكة، رفعت غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة الجهوزية الى الدرجة الاولى. ووفقا لمعلومات «الديار» اتخذت كل الاجراءات العملانية لمواجهة اي تصعيد محتمل، وتمت خلال الساعات القليلة الماضية مراجعة وتحديث الخطط الرئيسية والثانوية على كافة الجبهات، لمواكبة التطورات تحسبا لاي مفاجآت يمكن ان يقدم عليها العدو نتيجة حسابات وتقديرات خاطئة، وذلك بعد ساعات من الصاروخ «الفرط صوتي» «فلسطين 2» من اليمن، الذي اثبت عمليا وجود تنسيق ميداني رفيع المستوى، ترجم عمليا برسالة مهمة للغاية في توقيتها لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار لقائد انصار الله، ابلغه فيها قدرة المقاومة على خوض حرب استزاف طويلة، مشيدا بضرب «تل ابيب» بصاروخ «فرط صوتي»، في تجسيد عملي لترابط الساحات.
الرسالة الردعية
ووفقا لمصادر مطلعة، فان توقيت اطلاق الصاروخ، وعدم ربطه بالرد على القصف الذي استهدف مدينة الحديدة اليمينة، كان «رسالة» ردعية واضحة من المحور، بان فتح الجبهة مع لبنان على حرب شاملة سيضع «تل ابيب» تحت وابل من الصواريخ المتطورة والدقيقة من الشرق والشمال، ودون اي حاجة لتدخل ايراني مباشر في الحرب، ما يستتبع تدخلا اميركيا، وهو الهدف الرئيسي لبنيامين نتانياهو، اي ان «اسرائيل» ستدفع اثمانا باهظة جدا دون ان تتمكن من تأمين مشروعية البدء بحرب مع طهران، تستدرج من خلالها واشنطن الى الحرب، وهو ما يجعل المواجهة مغامرة محفوفة بالكثير من المخاطر الاستراتيجية، بحيث ستلحق بـ «اسرائيل» دمارا هائلا، فيما تبقى ايران بمنأى عن الخسائر المباشرة.
تجدر الاشارة الى ان احد السفراء الغربيين حصل بالامس على اجابة واضحة للمرة الاولى من مسؤول امني لبناني سابق، حول احتمال امتلاك حزب الله لصواريخ «فرط صوتية»، فكان الجواب واضحا ولا يقبل اي التباس»، ما يوجد في مخازن طهران وصنعاء موجود حتما في بيروت».
ماذا يحمل هوكشتاين؟
في هذا الوقت، اجرى المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين محادثات مع الرئيس «الاسرائيلي» إسحاق هرتسوغ ورئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو ووزير الحرب. ووفقا لمصادر ديبلوماسية ، كان هوكشتاين واضحا في رسالته الى «اسرائيل»:
• اولا: لن تقبل الادارة الاميركية بتوسيع الحرب على حزب الله الآن، ولا بد من تأجيل اي خطط حول هذا الامر الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.
• ثانيا: لا جدوى من تلك الحرب لان نتائجها غير مضمونة، بل ربما تكون كارثية وتحمل تداعيات غير متوقعة.
ووفقا للرؤية الاميركية، يمكن منع حرب كبيرة بين «إسرائيل» وحزب الله، وهي ليست قدرا محتوما لا يمكن تجنبها. فهي اذا اندلعت فسيكون الثمن باهظاً على الطرفين، قد يقتل الآلاف أو عشرات الآلاف، وسيحدث ضرر كبير للبنى التحتية لدى الجانبين.
لن تدمروا حزب الله
وبحسب تلك الاوساط، فان هوكشتاين كان صريحا بكلامه مع القيادات «الاسرائيلية»، بالقول «لن تدمروا حزب الله بسهولة، ولن تحققوا كما يبدو معظم الأهداف. وقد ستستمر الحرب لفترة طويلة، وكثير من الناس سيموتون على طرفي الحدود، ولن يعود سكان الشمال إلى بيوتهم بسرعة، وفي نهاية المطاف ستنتهي هذه الحرب باتفاق سبق ووضعت خطوطه الرئيسية مسبقاً. والعمل جار للوصول الى هذا الاتفاق الآن، فلماذا الدخول في مغامرة غير محسوبة؟! والمقترح الاميركي يركز على ترسيم الحدود مع لبنان، بما فيها في الغجر ومزارع شبعا، ونقطة انطلاق هذا الترسيم سيكون موقع الخيمة التي سبق حزب الله ونصبها في المنطقة.
ماذا يريد نتانياهو؟
من جهتها، اشارت صحيفة «هارتس الاسرائيلية» الى انه من غير المعروف حتى الآن، اذا كان طلب نتنياهو من الجيش العمل بصورة أكثر شدة وأوسع، يعني توجهه نحو المواجهة الشاملة أم زيادة الهجمات ضد حزب الله وتحقيق نتائج دون الوصول إلى حرب؟ ولفتت الى ان هناك موعدين يجب أخذهما في الحسبان عند محاولة توقع اندلاع حرب. في نهاية الشهر، سيلقي نتنياهو خطاباً في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، إضافة إلى ذلك، سيحل الشتاء في نهاية السنة، حيث شروط الأحوال الجوية القاسية تعمل دائماً في صالح العصابات التي تدخل الصواريخ من مناطق محمية وتصعب العمل على سلاح الجو، مهما كان متطوراً وتكنولوجياً. ولهذا فان نافذة الفرص لحرب شاملة محدودة «لإسرائيل»، إلا إذا أملى حزب الله موعد البدء في الحرب؟!
متى موعد الحرب؟
من جهتها، نقلت القناة 13 «الإسرائيلية» عن مسؤولين أمنيين تأكيدهم لنتنياهو إن توسيع الحرب في الشمال، سيتطلّب في المُقابل تقليص الوجود العسكري في غزة، وأي تحرّك لتغيير الواقع الحالي على الأرض في الشمال، قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق. اما التوقيت في توسيع معركة «إسرائيل» في الشمال مع حزب الله غير واضح.
ونقلت القناة عن أحد مُساعدي نتنياهو قوله إن تلك الخطوة قد تستغرق أسابيع أو بضعة أشهر، قد تكون المدة الزمنية الفاصلة بين انتهاء المدة الرئاسية للرئيس الأميركي جو بايدن، وبداية ولاية الرئيس دونالد ترامب في حال فوزه، حيث يُعوّل نتنياهو على فوز ترامب، ودعمه في حربه الواسعة ضد لبنان.
حرب نفسية..وتدمير؟
ووفقا لمصادر مطلعة، ربما تكون «إسرائيل» قادرة وراغبة بحملة واسعة ضد حزب الله الآن، وربما تكون هذه قناعة نتنياهو ، بصرف النظر عن الدوافع، لكن من المرجّح أن هذا التصعيد في التهديد وفي الميدان يندرج ضمن الحرب النفسية، والحرب على المناعة والوعي لدى «الإسرائيليين» واللبنانيين على حد سواء.
وبنصيحة عدد من الخبراء وجنرالات الاحتياط، قد تنتقل «إسرائيل» الى تكتيك الضغط على لبنان باعتماد القصف الشديد، ضمن النطاق الجغرافي المحدود على الحدود، وتدمير بنى تحتية وبلدات كاملة، على أمل ممارسة ضغط فاعل أكثر على حزب الله.
منطقة أمنية عازلة ؟!
في المقابل، كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» امس، أن قائد لواء الشمال فيه الجنرال أوري غوردين اكد في مباحثات داخلية، إنه يوصي بالسيطرة على منطقة حدودية في جنوب لبنان، بغية بناء منطقة أمنية عازلة، زاعما «إن الكثير من عناصر الرضوان قتلوا أو هربوا من المنطقة، وإن 80% من اللبنانيين في الجنوب غادروا هم أيضاً، وهكذا نضجت الظروف التي تمكّن الجيش من القيام بعملية كهذه بسرعة».
الظروف غير ناضجة للحرب
في المقابل، حذر القائد الأسبق لغرفة العمليات في الجيش «الإسرائيلي» الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف في حديث للإذاعة العبرية الرسمية امس، من التسرّع في قرار الحرب، وعقّبَ على قول قائد لواء الشمال غوردين بأن الظروف نضجت لحملة برية، بالقول إن الحملة المحدودة تعني لحد بعيد الدخول في حرب واسعة، والشروط الأربعة لخوضها غير متوفرة الآن.
الحرب الخطيرة
وأشار زيف لعدم وجود أهداف محددة للجيش في مثل هذه الحملة العسكرية على حزب الله، القدرة على تركيز قوة عسكرية تأخذ بالحسبان حرباً طويلة، ربما تصل بيروت، ولا تبقى في جنوب لبنان ، مثلما أن الشرعية الدولية غير موجودة، لافتاً أيضاً إلى أن الحزام الأمني لا يحمي من التصعيد ومن صواريخ على «إسرائيل»، وكذلك خطة الخروج من الحرب غير موجودة.
وخلص زيف للتحذير بان حديث غوردين عن ظروف ناضجة هو حديث تكتيكي، وهو لا يرى الصورة الإستراتيجية الواسعة. شروط الحرب غير متوافرة الآن، ونحن نغامر بحرب شاملة خطيرة.
لا قدرة لهزيمة حزب الله
من جهته، وصف الجنرال المتقاعد اسحق بريك المعروف «بنبي الغضب» في «اسرائيل» وزير الحرب يواف غالانت، وكلام نتانياهو وهاليفي، حول نقل مركز ثقل الجيش إلى الشمال، واحتمالية عملية برية قريبة ضد حزب الله، بالتصريح المقلق، لان الجيش «الاسرائيلي» غير قادر على هزيمة حزب الله.
نهاية «اسرائيل»؟
ولفت بريك الى ان عملية برية ضد حزب الله، ربما تتسبب بضربة شديدة ونهائية لـ «إسرائيل». وقال «الجيش الذي لم ينجح في القضاء على حماس لن يقضي على حزب الله، الذي يضاعف بمئات المرات قوة حماس. اما المأساة الكبيرة التي لم يدركها كثيرون حتى الآن، بحسب بريك، فهي ان تدهور الجيش «الإسرائيلي» في العشرين سنة الأخيرة، الأمر الذي لا يمكنه من الانتصار في الحرب. ولهذا فان تصريحات نتنياهو وغالنت وهليفي تستند إلى قدرات غير موجودة. وهي تصريحات لذر الرماد في عيون الجمهور، وتعرض وجود «اسرائيل» للخطر، وتؤدي إلى تحطم صفقة التبادل ووقف القتال وهي الطريقة الوحيدة للخروج من النفق إلى النور.
يجب التخلي عن الاوهام
اما صحيفة «يديعوت احرنوت» فقالت ان حرب لبنان الثالثة ستكون مكلفة جداً، ومدمرة للشمال، وتمسّ بالعلاقات مع الإدارة الأميركية، وتسوّد صفحة «إسرائيل» أكثر في العالم، وتتسبّب بتآكل قوة الجيش، ومن شأنها استعادة الحزام الأمني»اللعين في جنوب لبنان». لذا المطلوب التخلي عن أحلام الهذيان الخطيرة حول تشكيل «الإمبراطورية الإسرائيلية» من الليطاني إلى فيلادلفيا، «وعلينا التركّز باستعادة المخطوفين قبل فوات الأوان».
الصواريخ الفتاكة
بدورها، حذرت صحيفة «معاريف» من ما اسمته تغيير وجه الساحة في الشمال، ولفتت الى ان حزب الله يدرك الوضع «الإسرائيلي» الداخلي، ونار الصاروخ الذي أطلق من اليمن، جزء من خطوة شاملة لطهران من أجل ممارسة ضغط على «إسرائيل». وهذه الصواريخ الفرط صوتية، هي نوعٌ من أنواع الأسلحة الفتاكة بسرعةٍ تتجاوز خمسة أضعاف سرعة الصوت (5 ماخ). وتتميز هذه الصواريخ بأنّها لا تتبع مساراً مقوساً، وأنّ بمقدورها المناورة أثناء الطيران، ما يُسهل اختراقها للدفاعات الجوية، وكذلك تتجاوز مناطق تغطية الرادار الخاص بالخصوم، وتلتف حول أشكال العوائق المختلفة أيًّا كانت، جبالاً أو مباني أو أيّ حاجزٍ آخر. في رحلة الصاروخ اليمني الفرط صوتي الذي انطلق من اليمن وقطع في 11 دقيقة ونصف الدقيقة، 2040 كلم، نستنتج أنّ سرعة الصاروخ وصلت إلى 10640 كلم/الساعة، أي أنّه سار بسرعةٍ تفوق 8 أضعاف سرعة الصوت حتى وصوله إلى هدفه في «تل أبيب»، علماً أنّ «جيش» الاحتلال الإسرائيلي أقرّ بفشله في اعتراض الصاروخ وتدميره، فماذا لو اطلق الصاروخ من لبنان؟
الخطوة المجنونة
في هذا الوقت، علقت مصادر اميركية لموقع «اكسيوس» الاميركي على احتمال اقالة غالانت المرتقبة خلال هذا الاسبوع بالقول» ان اقالته في خضم حرب غزة وربما قبل حرب في لبنان، ستكون خطوة مجنونة.
وكشفت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» عن الاسباب الحقيقية لسعي نتنياهو لإقالة وزير الحرب، بذريعة «عرقلته توسيع الهجوم على لبنان، وقالت انها اسباب واهية، والامر يتعلق «بالحريديم».
الاسباب الحقيقة لاقالة غالانت؟!
وأصدرت هيئة عائلات الأسرى بياناً أكّدت فيه أنّ «تعيين جدعون ساعر وزيراً للأمن سيمثل اعترافاً واضحاً لا لبس فيه من جانب نتنياهو، بأنّه قرر التخلي عن الأسرى بنحو نهائي. بدوره، قال رئيس حزب «معسكر الدولة» بيني غانتس، إنّ نتنياهو «ينشغل في تراكيب سياسية تافهة وبتغيير وزير الأمن، بدلاً من أن ينشغل بالانتصار على حماس وبإعادة الأسرى وبالحرب مع حزب الله، والعودة الآمنة لسكان الشمال»، مؤكّداً أنّ هذا الأمر «يدل على سوء تقدير وسلم أولويات مشوّه.
أمّا المحلل السياسي عميت سيغل فرأى أنّ «تسريب الخلاف على الشمال أُعدّ لبناء قضية استبدال غالانت، وكأنّه لا أسباب للطلاق بين الاثنين»، مضيفاً أنّه لهذا السبب، «عمل غالانت على نشر بيان امس ذكّر فيها أنّ المواجهة مع حزب الله تقترب»، بحيث أراد القول: «لا تستخدموا الادعاء بأنّني مردوع من الحرب لإقالتي.
لودريان.. والمراوحة الرئاسية
داخليا،فيما يرتقب وصول الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان الأسبوع المقبل بين 24 و25 أيلول في مهمة استطلاعية، ودون خارطة طريق واضحة للتوسية الرئاسية، اشارت المعلومات الى ان «لا اجتماع للجنة الخماسية في دارة السفير السعودي يوم الثلثاء، خصوصاً أن السفير المصري في عطلة خارج البلاد..
في هذا الوقت، عقد السفير السعودي الوليد البخاري جلسة مصارحة مع البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، واكتفى السفير بابلاغ وقوف المملكة العربية السعودية دائما الى جانب لبنان، واهتمامها بمساعدته على تخطي ازماته على الصعد كافة.
تنسيق فرنسي- سعودي
ووفقا لمصادر مطلعة، فان كلام البخاري كان واقعيا، واظهرعدم حصول تبدل وشيك في المعطيات تدفع بالملفات نحو الحل، ويبدو الامر مستبعدا في الظرف الراهن، نتيجة الاوضاع المتفجرة في المنطقة ومن ضمنها في غزة والجنوب، وهذا لا يشجع على الرهان على الحراك المستأنف «للخماسية، التي تنتظر خفض التوترات الاقليمية كي «يبنى على الشيء مقتضاه».
والجديد راهنا يبقى ارتفاع منسوب الاتصالات والتنسيق بين الفرنسيين والسعوديين بالملف الرئاسي، دون ان يكون للامر اي ترجمة عملية راهنا.