كتبت صحيفة “الشرق”: فيما هدأت الحركة السياسية المحلية غداة أسبوع حافل انتهى بزيارة تفقدية لرئيس الحكومة نواف سلام الى الجنوب، وبضبط أموال كانت آتية الى حزب الله عبر مطار رفيق الحريري الدولي، يتهيّأ الداخل لاسبوع جديد سينطلق بحدث استثنائي طال انتظاره، سيعيد بثّ الروح في العلاقات اللبنانية – السعودية. فعلى وقع مواقف سيادية نوعية أطلقها في حديث صحافي في الساعات الماضية، أكد فيها أن “هدفنا بناء الدولة، فلا يوجد شيء صعب. وإذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم السيادة، فمفهومها حصر قرارَي الحرب والسلم بيد الدولة، واحتكار السلاح أو حصر السلاح بيد الدولة”، يزور رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون اليوم الاثنين السعودية، ملبيا دعوة تلقاها من ولي العهد الامير محمد بن سلمان، قبل ان يتوجه الى القاهرة للمشاركة في القمة العربية غدا في 4 آذار الجاري.
الى المملكة
واذا كانت زيارة الرياض لن تشهد توقيع اتفاقات او تفاهمات بين السعودية ولبنان، لان الرئيس عون سيمكث في المملكة بضع ساعات فقط وسيرافقه إليها وزيرُ الخارجية يوسف رجي فقط، الا ان مجرّد حصولها، حدثٌ مبشّر وايجابي، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. اذ بعد فترة من الجفاء والقطيعة بين الدولتين، بسبب سقوط لبنان في يد ايران وتحت سطوتها، يتأكد أكثر يوما بعد يوم ان بيروت تعود تدريجيا الى الحضن العربي، وها هو الرئيس عون بعد ان استقبل وزراءَ خارجيات دول بارزة عربية وخليجية وعلى رأسهم وزير الخارجية السعودي، يَفتتح مسار العودة الى الاسرة العربية، من بوابة المملكة. ومن المتوقع، تتابع المصادر، أن تشهد هذه العلاقة مزيدا من التزخيم والتطور في المرحلة المقبلة، تتابع المصادر، إذا نفذ لبنان اصلاحات اقتصادية وسيادية وطبَّق الطائف والقرارات الدولية. في هذا التطبيق حمايةٌ للبنان، في ظل التشدد الدولي وخاصة الاميركي الذي ظهر امس في ما رافق زيارة الرئيس الاوكراني الى البيت الابيض، حيث لم يتردد مضيفه دونالد ترامب في استخدام الفظاظة معه، لأنه وقف في وجه مخططاته.
في المطار
على اي حال، وفي خانة الأداء الرسمي الذي يؤكد قرار لبنان الوقوف تحت سقف الشرعية الدولية، يصب ضبط الاموال المهربة الى حزب الله، في المطار. ليس بعيدا، ولتعزيز امن هذا المرفق العام، قام وزراء الداخلية والبلديات أحمد الحجار، الأشغال العامة والنقل فايز رسامني والمالية ياسين جابر، اول امس، بجولة تفقدية في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث تم الاطلاع على الإجراءات الأمنية واللوجستية المتخذة. وعقد الوزراء اجتماعا حضره قائد جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري، المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، قائد سرية التفتيشات في قوى الأمن الداخلي العميد عزت الخطيب ورؤساء وحدات الأجهزة الأمنية والإدارية العاملة في المطار، جرى خلاله عرض للحاجات والمتطلبات الإداريّة والتقنية لتسهيل حركة القادمين والمغادرين، كذلك تعزيز الإجراءات الأمنية والتجهيزات الفنية في حرم المطار وتفعيل عمل أجهزة الكشف على حقائب الركاب والبضائع.
ازدواجية الحزب
الى ذلك، وبينما العهد يعلن عزمه على تطبيق الـ1701 كاملا وعلى كامل الاراضي اللبنانية، كما قال رئيس الجمهورية في حديثه الصحافي، لا يزال حزب الله يعتمد خطابا ملتبسا، فيؤكد من جهة التزامه بالطائف وبالانسحاب من جنوبي الليطاني، ومن جهة ثانية، جاهزيته للعودة الى القتال لتحرير الارض المحتلة، علما ان الرئيس عون أعلن ان كيفية التحرير تقرّرها الدولة اللبنانية. فقد اكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عزالدين أن “احتفاظ العدو الصهيوني ببعض النقاط في جنوب لبنان هو احتلال موصوف، ويحق لنا جميعا دولةً وجيشاً وشعباً أن نقاومه ونخرجه من أرضنا”، مشدداً على أنّه “إذا ما أمعن واستمر في احتلاله لهذه الأرض، فسنزلزل الأرض تحت أقدامه ولن نجعله يهدأ ولن نبقيه على ذرة تراب من أرضنا الحبيبة”. وعن الحكومة، لفت إلى أنّها “بعد أن اخذت الثقة، هي معنية ومسؤولة ومن واجباتها ومن حقنا عليها أن تعمل بكل السبل التي تراها مناسبة بما في ذلك المقاومة، لأجل أن تخرج هذا العدو من هذه الأماكن التي بقي فيها، وهذا تحدٍ كبير لهذه الحكومة التي التزمت ببيانها الوزاري بأنها ستتخذ جميع الإجراءات لأجل تحرير الأرض، مؤكداً “دعم المقاومة لهذه الحكومة من أجل أن تنفّذ الالتزامات التي التزموها وتعهدوا بها”.
القوات والسلاح
في المقابل، راى عضو الجمهورية القوية النائب رازي الحاج ان زيارة رئيسَ الحكومة الى الجنوب حملت تطمينات لأهالي المنطقة، لفت الحاج الى ان “لبنان اليوم أمام رقابة دولية وعلى حزب الله ان يسلّم كامل ترسانته العسكرية الى الجيش اللبناني”.
فرصة للاصلاح
وسط هذه الاجواء، تحدث الرئيس سلام في حفل غنائي أقيم في العاصمة، فشدد على “أهمية هذه اللحظة التاريخية”، مؤكداً أن “لبنان أمام فرصة حقيقية للإصلاح”، ومشيراً إلى أن “الثقة التي نالتها الحكومة هي ثقة بلبنان ومستقبل الشباب بلبنان، فهي حكومة الإصلاح والإنقاذ، أما بيروت فهي المدينة العريقة التي يحق لها العيش بسلام ويليق بها الجمال والحرية، فهي عاصمة الأدب والفنون في هذه المنطقة، وهذا الحشد الفني دليل واضح لعودة بيروت كما عهدناها”.
تزامن جميل
الى ذلك، ومع حلول شهر رمضان اليوم وبدء الصوم عند الطوائف المسيحية الاثنين، هنأ الرئي عون اللبنانيين وقال “جميل أن يتزامن بدء شهر رمضان المبارك لدى الإخوة المسلمين مع انطلاق الصوم الكبير بعد غدٍ لدى المسيحيين، فيتشارك اللبنانيون، على اختلاف طوائفهم، في معاني القيم الروحية التي يجسدها الصيام”.
