فيما الأنظار تتجه إلى المرحلة الثانية من تحرير جرود القاع ورأس بعلبك من داعش على يد الجيش اللبناني، الذي تجلى إجماع وطني لبناني على دوره السيادي والأمني والاستباقي في الحرب على الإرهاب، حققت عملية التبادل بعد وقف النار بين حزب الله وجبهة «النصرة» خطوة إلى الامام بإطلاق 3 اسرى للحزب مقابل 3 موقوفين من الجبهة من سجن رومية باشراف رسمي لبناني، متمثل بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
عيد الجيش
فقد توحد لبنان مرّة جديدة في العيد الـ72 لتأسيس الجيش اللبناني، سواء في الاحتفال في المدرسة الحربية في الفياضية، بعد غياب دام سنوات ثلاث، عبر حفل تقليد السيوف للضباط المتخرجين الذين بلغ عددهم 228 مع ضباط قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والجمارك، وحملت دورتهم اسم «المقدم الشهيد صبحي العاقوري» من قبل الرئيس ميشال عون، وبحضور الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري.
والأبرز كان في خطاب الرئيس عون ان الظروف شاءت ان يتزامن احتفال التخرّج مع «تحديات كبيرة ملقاة على عاتق المؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة اخطار الإرهاب والاعتداءات على لبنان»، مشيراً إلى اننا «نتطلع إلى قواتنا المسلحة المتأهبة لتحقيق نصر جديد، وتحرير ما تبقى من أرض استباحها الإرهاب لسنوات».
وأكّد رئيس الجمهورية خلال استقباله قائد الجيش العماد جوزاف عون على رأس وفد من كبار ضباط الجيش، هنأه بمناسبة العيد الـ72 للجيش، ان الغطاء السياسي منح للجيش من قبل جميع المسؤولين ليقوم بواجبه كاملاً.. داعياً قيادة الجيش إلى «عدم التردد في اتخاذ المبادرات على الأرض، خصوصاً في الضربات الاستباقية لحماية لبنان من الإرهاب والتي أثبتت فعاليتها».
وشدّد العماد قائد الجيش على «الاستعداد التام على الحدود الجنوبية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي، وعلى الحدود الشرقية لدحر ما تبقى من التنظيمات الإرهابية، مؤكداً ان الاستقرار الامني يُشكّل القاعدة الصلبة التي يُبنى عليها أي نهوض اقتصادي وانمائي واصلاحي».
وفي الوقت الذي كان فيه لبنان ممثلاً باللواء إبراهيم يخوض مفاوضات صعبة، تتعثر حيناً، وتنفرج حيناً آخر، في عرسال لإخراج مسلحي النصرة من وادي حميد ومدينة الملاهي، ضمن ثوابت السيادة اللبنانية وبالتنسيق الكامل مع السلطة السياسية، أنجز الكونغرس الأميركي ممثلاً بمجلسي النواب والشيوخ الصيغة النهائية لمشاريع العقوبات على حزب الله والمؤسسات التابعة، وجهات لبنانية وشخصيات تتهمها الولايات المتحدة بأنها على علاقة بتمويل الحزب.
واطلعت أكثر من جهة على تفاصيل الصيغ الأخيرة، باللغة الانكليزية، وبلغ عددها 33 صفحة.
وتشمل العقوبات مؤسسات الحزب المدنية والإنمائية والإعلامية «كجهاد البناء» والمجموعة اللبنانية للاعلام، وإذاعة النور وتلفزيون المنار، واي شخص أجنبي له علاقات مالية مع الحزب، إضافة إلى المؤسسات المالية وهيئة دعم المقاومة والعلاقات الخارجية، فضلاً عن تجميد الأصول المالية للحزب، ورفض إعطاء عناصر أو مقربين من حزب الله الحصول على تأشيرات لدخول الولايات المتحدة.
ويفرض هذا الملف نفسه على طاولة مجلس الوزراء الخميس الذي وزّع جدول أعماله أمس، ويتضمن 57 بنداً، أبرزها تعيين محافظ جديد للبقاع، وعضو في هيئة أوجيرو، فضلاً عن نقل اعتمادات وتسويات مالية وبعض التعيينات في الجامعة اللبنانية أو هيئات الرقابة.
وعلمت «اللواء» انه سيتم تعيين القاضي هنري الخوري مكان المحافظ انطوان سليمان، والقاضي رولان شرتوني مكان القاضي شكري صادر في رئاسة مجلس شورى الدولة، الذي لا يزال امامه ستة شهور أو أكثر ليحال إلى التقاعد.
كما تشمل التعيينات عضوين درزي وشيعي في هيئة التفتيش المركزي، وعضو في مجلس ادارة هيئة اوجيرو وتجديد تعيين عضو آخر.
واوضحت مصادر وزارية ان ملف مناقصة بواخر توليد الكهرباء لن يُطرح في هذه الجلسة على الارجح، بعد تسريب تقرير هيئة ادارة المناقصات في التفتيش المركزي، الذي ابطل المناقصة نظرا للمخالفات والعيوب فيها بخاصة ان المناقصة تضمنت شركة واحدة هي الشركة التركية، ما اضطر وزارة الطاقة الى اعادة قبول شركة ثانية كانت قد رفضت لكن تم استكمال ملفها، إلا أن هذه المسألة لم تمر بسهولة على ما يبدو، فتم استبعاد بحث الملف مؤقتاً لحين البحث عن بديل مقبول، خصوصاً وان وزير الطاقة سيزار ابي خليل لم يرفع تقريراً بهذا الشأن بعد الى مجلس الوزراء، بحسب الاصول والقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في هذا الشأن.
وتوقعت المصادر الوزارية، ان تكون الجلسة هادئة، نظراً للتوافق السياسي على التعيينات المطروحة، من دون العودة لاعتماد الآلية الموضوعة لهذه الغاية منذ العام 2010، إلا ان الملفات التي يمكن ان تطرح من خارج جدول الأعمال، يمكن ان تضفي على الجلسة نوعاً من الحماوة، لا سيما مسألة ايرادات سلسلة الرتب والرواتب، في ضوء الاعتراضات التي طاولتها، إضافة إلى زيارة واشنطن.
اتفاق التبادل
وبعد ساعات عصيبة، من البلبلة المتعلقة بالشروط والشروط المضادة، والتسريبات الاعلامية الضاغطة، كشف اللواء ابراهيم الذي يدير المفاوضات من اللبوة ان الامور عادت الى السكة الصحيحة.
إلا ان معلومات حصلت عليها «اللواء» كشفت عن اتفاق منفصل يقضي بأن تسلم «النصرة» خلال الساعات المقبلة اسرى حزب الله الثلاثة الذين كانوا ضلوا الطريق في جرود عرسال، مقابل الافراج عن اربعة او خمسة موقوفين من سجن رومية، الامر الذي يفتح هذا الاتفاق المجال امام تنفيذ المرحلة الثالثة من وقف النار، بترحيل المسلحين وعائلاتهم ومن يرغب من النازحين.
واشارت معلومات الى ان كل الترتيبات اللوجستية قد تم انجازها والتزم بها الجانب اللبناني، سواء لجهة تحضير حافلات النقل والتي وصل عددها الـ155 حافلة او التدقيق في اللوائح او اعادة تأهيل طريق الجرود لعبور القوافل، لكن الذي أخر او عطل بدء تنفيذ المرحلة الثالثة من اتفاق وقف النار، هو ان مسؤول جبهة النصرة ابو مالك التلي رفع امس من سقف شروطه، بحيث اضاف شرطين جديدين له، يقضي الاول بالافراج عن 20 موقوفا في سجن رومية، والثاني السماح للمطلوبين في مخيم عين الحلوة بالمغادرة إلى سوريا مع القوافل التي ستقل مسلحي النصرة وعائلاتهم الى حلب.
وترددت معلومات ايضا بأن النصرة ترفض الانتقال من جرود عرسال الى فليطة ومنها الى حمص وصولا الى حلب، وتطالب بسلوك طريق اخرى من دون الافصاح عنها، وان كان المرجح ان تكون الطريق الجردية من عرسال عبر معبر الجيوسية باتجاه حمص ومن هناك الى قلعة المضيق فإدلب.
واكدت المعلومات ان المفاوض اللبناني رفض طلب النصرة باخراج عدد من الموقوفين غير المحكومين في سجن رومية، ووافق فقط على اطلاق 4 موقوفين ثلاثة سوريين ولبناني واحد لم تكن قد صدرت بحقهم احكام قضائية، وبالفعل صدرت قرارات عن القضاء العسكري بإخلاء سبيل الاربعة، وتم تسليمهم الى الامن العام من ضمن الاتفاق، لكن النصرة أصرت على اطلاق سراح موقوف خامس.
الا ان معلومات اخرى نفت ذلك، مشيرة الى ان المفاوضات تمر في الوقت الحاضر في مرحلة دقيقة وحرجة جدا، وان اي تبادل لهذا الموضوع او مواضيع مماثلة قد تؤثر سلباً على مسار المفاوضات.
واوضح المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي انتقل الى عرسال، ومن ثم الى اللبوة لمتابعة اتمام اتفاق التبادل، ان المرحلة الثالثة والادق في المفاوضات بدأت، معتبرا ان الوقت للعمل وليس للكلام، وكل ما يتم تداوله يؤثر على سير العملية.
واشار الى ان المفاوضات مع النصرة ما زالت متواصلة وتشمل بعض المطالب الافراج عن موقوفين في السجون اللبنانية، معربا عن رغبته في ان تبقى شروط التبادل سرية.
ولاحظ ان الامور دقيقة جدا ولن نتكلم عن عراقيل لكي لا تظهر عراقيل اخرى.
وردا على سؤال عن مصير العسكريين المحتجزين لدى «داعش» اعلن ابراهيم ان لا مفاوضات حاليا حول ملف العسكريين المخطوفين، مشيرا الى انهم امانة في رقبته.
واسرى حزب الله الثلاثة هم: محمّد حرب، وشادي رحيم، وحسام فقيه.
وتوجه اللواء ابراهيم الى عرسال لتسلم الاسرى الثلاثة والعودة بهم الى ثكنة الجيش اللبناني في اللبوة.
مقابل ذلك، سيتم اطلاق 3 موقوفين من سجن رومية، ولم تصدر بحقهم احكام قضائية.
وتسربت معلومات عن انه مقابل ادخال موقوف مطلق من النصرة الى وادي حميد، تعود السيارة نفسها بأسير لحزب الله.
واوضح ابراهيم ان موقوفي النصرة هم ثلاثة فقط سوريون، بينهم واحد انتهت محكوميته، وكان يفترض ان يتم الافراج عنه امس، واكد ان موضوع مطلوبي عين الحلوة غير وارد على وجه الإطلاق، لان هؤلاء ايديهم ملوثة بدماء الجيش واللبنانيين، وهذا الامر مستحيل الموافقة عليه.
وكشف ان عدد المسلحين الذين ستتم مغادرتهم اليوم يبلغ 120 مسلحاً في حين ان عدد الذين سجلوا اسماءهم للمغادرة نحو عشرة آلاف، وبينهم ابو مالك التلي.
وكشف ايضا انه ابلغ النصرة ان امامهم مهلة تنتهي الثانية عشرة ليلا للموافقة على صفقة التبادل، والا سنكون في حل من الاتفاق.
واعلن انه يهدي هذا الانتصار للجيش اللبناني في عيده، وانه لن يترك سنتيمترا واحداً من الارض اللبنانية من دون تطهيرها من عرسال الى مزارع شبعا.
وقرابة الثانية عشرة والنصف، نقلت سيارات الصليب الاحمر الموقوفين السوريين الثلاثة الى جبهة النصرة في وادي حميد، برفقة مصطفى الحجيري «ابو طاقية» الذي كان يتولى التفاوض عن النصرة.
وعند الواحدة الا ربعا من فجر اليوم، عادت سيارات الصليب الاحمر اللبناني مع الاسرى الثلاثة من حزب الله، وبعد ان تحدث معهم اللواء ابراهيم، تابع هؤلاء طريقهم في السيارات، في حين توجه ابراهيم الى اللبوة، من دون ان يكشف عن المفاجأة التي كان تحدث عنها الى الصحافيين.