كتبت صحيفة ” الشرق الأوسط ” تقول : تصاعدت الدعوات لاستئناف جلسات مجلس الوزراء المعطلة بفعل الخلافات على إجراءات المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، الذي يتهمه “حزب الله” وحركة “أمل” بتسييس التحقيق، من غير أن تسفر الاتصالات والمباحثات عن أي حل لاختراق المشهد، وسط دعوات دولية لإنجاز لبنان المطلوب منه على صعيد الإصلاحات بما يمكنه من الاستفادة من دعم دولي يخفف الأزمات المعيشية المتفاقمة.
ويتصدر ملف مشروع قانون موازنة المالية العامة للعام 2022، سلم أولويات الحكومة، بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ”الشرق الأوسط”، وهو المطلوب إنجازه في المهل الدستورية المحددة بما يتسنى للبنان الانطلاق في مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومخاطبة المؤسسات الدولية الأخرى، إلى جانب إقرار البطاقة التمويلية وغيرها من المشاريع التي تضع حداً للأزمات المعيشية المتفاقمة.
وفيما تزداد المخاوف من تفجر مجلس الوزراء في حال انعقاده من أول جلسة إذا قرر اتخاذ قرارات مرتبطة برفع سعر الدولار الجمركي أو زيادة أسعار خدمات حيوية بغية تقليص الفجوة المالية في عائدات الحكومة المالية، قالت المصادر إن هناك توجهاً لتأجيل البحث في تلك الملفات إلى ما بعد أول السنة، ريثما يتم إنجاز الملفات الحيوية المطروحة وفي مقدمها مشروع قانون الموازنة لإحالته إلى البرلمان وإقراره في مجلس النواب قبل نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو آخر المهل الدستورية لإقرار قانون موازنة المالية العامة، مشيرة إلى أن الملفات المعيشية والاقتصادية الضاغطة وفي مقدمتها البطاقة التمويلية ”يجب أن تكون في صدارة الأولويات”.
غير أن كل ذلك، مرهون باستئناف جلسات مجلس الوزراء التي لم تسفر الاتصالات عن أي خرق يحل معضلة عدم انعقاده، على ضوء الخلاف على إجراءات القاضي البيطار. وسأل البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته أمس: “بأي حق يُمنع مجلس الوزراء من الانعقاد؟ هل ينتظر المعطلون مزيداً من الانهيار، ومزيداً من سقوط الليرة اللبنانية، والمزيد من الجوع والفقر وهجرة الشباب والعائلات وقوانا الحية والمزيد من تدهور علاقاتِ لبنان مع دولِ الخليج؟” وأضاف “لا يجوز لمجلس الوزراء أن يبقى مغيباً ورهينة هذا أو ذاك، فيما هو يعد أساساً للسلطة المعنية بإنقاذ لبنان. وكيف يقوم بواجب مستحقات المؤسسات الإنسانية والاجتماعية وزيادة سعر التكلفة، وعدد هذه المؤسسات 400، وفيها 25 ألف موظف، و50 ألف مستفيد؟ هذه المؤسسات تقوم بعملٍ هو في الأساس من مسؤولية الدولة والسلطة فيها”.
وجدد الراعي تأكيده أن مصلحة جميع المعنيين في لبنان في ملف تفجير مرفأ بيروت، “تقضي أن يَستمر التحقيقُ وتَنجلي الحقيقة، فلا تبقى الشكوكُ الشاملة والاتهاماتُ المبدئية تحوم فوق رؤوس الجميع أكانوا مسؤولين أم أبرياء”. وتابع: “وحدَه القضاء الحر والجريء والنزيه يزيل الشكوك فيُبرئ البريء ويُدين المسَبب والمرتكِب والمتواطئ والمهمل”، مضيفاً: “حري بالجميع، من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين، أن يحترموا السلطة القضائية ويكُفوا عن الإساءة المتعمدَة إليها في إطار ضرب جميع ركائز النظام اللبناني، الواحد تلو الآخر”.
وفي المقابل، يطالب الثنائي الشيعي المتمثل بـ”حزب الله” و”حركة أمل” الحكومة بتصحيح مسببات الأزمة الحكومية، في إشارة إلى ملف القاضي البيطار. وإذ أكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل أن ”التجاهل الرسمي لحالة الانحدار المتسارع في الوضع الاجتماعي والمعيشي الذي يعيشه المواطن في لبنان لم يعد يُحتمل”، قال: “إننا لا نهرب من المسؤولية لكن الأمر في عهدة الحكومة والمصرف المركزي في ظل التلاعب الحقيقي بحياة الناس ووجودههم، ونحن بحاجة إلى أن تخطو الحكومة خطوات مسؤولة لمعالجة الملفات التي منعت انعقادها في الأسابيع الماضية”، داعياً الحكومة إلى “اجتراح الحلول وتعيد تصحيح المسارات التي أعاقت اجتماعها لا أن تبقى في موقع المتفرج”، مشيراً إلى أن “البطاقة التمويلية مثلا باتت لا تسد أدنى حاجة بعد هذا التأخير ورفع الدعم وانهيار الليرة أكثر وباتت كأنها مشروع بعيد المنال”.
بدوره، قال عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق، إن ”معالجة الأزمة الحكومية تشكل مدخلا ضروريا لتخفيف معاناة اللبنانيين والحد من الانهيار في مختلف الميادين”، مشددا على أن “(حزب الله) على صعيد معالجة الأزمة الحكومية، ليس في موقع المتفرج، وإنما في موقع الداعم والحريص على إنجاح المساعي التي لم تتوقف للوصول إلى معالجة العقدة الوحيدة غير المستعصية على الحل”.
وكشف عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب هاني قبيسي عن ملاحظات فريقه السياسي على ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، قائلاً: “إنهم تركوا الأدلة الجنائية التي تدين من فجر المرفأ ويتابعون ملفا فيه أخطاء إدارية”. وتوجه إلى القضاة بالقول: “عليكم أن تبحثوا عن الأدلة الجنائية التي تدين من فجر المرفأ ومن استقدم هذه المواد وسهل عملها لكي يصاب لبنان بهذه الكارثة والنكسة. عليكم أن تعرفوا مسؤولياتكم وطريقة عملكم بالبحث عن أدلة جنائية تدين المجرمين والمتهمين، لا أن تبحثوا عن أخطاء إدارية تزرعون من خلالها الفتنة في البلد وتجعلون من لبنان دولة مستباحة بقضايا الطوائف والمذاهب، وتبتعدون عن القضية الوطنية الأساسية”.