كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: اعتبر رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي أن التصريحات التي صدرت عن المملكة العربية السعودية والكويت والتي أعرب فيها البلدان عن أملهما في استعادة لبنان دوره العربي، تؤشر إلى أن الغيمة التي خيمت على علاقات لبنان إلى زوال قريبا. وأبدى ميقاتي خلال جلسة للحكومة ترأسها يوم أمس، الحرص على تطبيق البيان الوزاري، داعيا العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان، مؤكدا على «أن ما يربط لبنان مع إخوانه في دول الخليج تاريخ مشترك وإيمان بمصير مشترك».
وأتى ذلك في وقت لاقت فيه البيانات التي صدرت من المملكة والكويت ترحيبا في لبنان، ورأت فيها الأطراف السياسية فرصة جديدة لعودة العلاقات إلى طبيعتها مع دول الخليج، علما بأن مصادر وزارية رجحت أن تحمل المرحلة المقبلة خطوات عملية في هذا الاتجاه، كاشفة أن ميقاتي قد يقوم بزيارات إلى دول عربية قريبا.
وكانت وزارة الخارجية السعودية عبرت عبر حسابها على «تويتر»، عن ترحيبها بما «تضمنه بيان رئيس الحكومة اللبناني من نقاط إيجابية»، آملة أن «يسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا»، وأكدت على «تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار».
وبعد السعودية، صدر موقف آخر لدولة الكويت التي رحبت بدورها «بالبيان الصادر عن ميقاتي، الذي أكد فيه التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها».
وقالت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئاسة مرتاحة لردة الفعل الإيجابية من الدول العربية لأن هذا ما كان يسعى له الرئيس عون، وكل إشارة إيجابية تأتي من دول الخليج مرحب بها، وهو ما سبق أن أكد عليه خلال زيارة أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط له الأسبوع الماضي وبأن لبنان لا يريد إلا أفضل العلاقات مع الخليج والدول العربية». من هنا اعتبرت المصادر أن المواقف الخليجية تترك ارتياحا في لبنان. وعن دور لبنان في هذا الإطار تقول المصادر: «لبنان قام ما بإمكانه فعله لجهة مكافحة الجريمة والتهريب، ولكن هناك بعض القضايا التي صارح بها العرب، في إشارة إلى دور (حزب الله)، والتي تدخل في إطار إقليمي أكثر منه محلي، والعمل على حلها يحتاج لعمل عربي ودولي وليس فقط مسؤولية لبنانية». وتلفت المصادر إلى أن التشاور مستمر بين عون وميقاتي كي تترجم الخطوات العملية بسرعة.
وفي هذا الإطار قال النائب في اللقاء الديمقراطي وائل أبو فاعور الذي يزور الرياض في إطار الاتصالات مع دول الخليج إنه «تم البناء على المبادرة الكويتية لإصلاح العلاقات والمواقف اللبنانية الداعية والساعية لرأب الصدع، لا سيما موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إضافة إلى الدور الفرنسي. فكلها عوامل ساعدت في الوصول إلى هذه النتيجة الإيجابية»، معلنا أن «عودة السفير السعودي والسفير الكويتي باتت قريبة وأي إيجابية لبنانية تقابل بإيجابية أكبر من قبل الدول الخليجية».
ولفت أبو فاعور في حديث مع جريدة «الأنباء» الإلكترونية التابعة للحزب التقدمي الاشتراكي، أن «اجتماعه مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية تناول الترتيبات المشتركة مع الفرنسيين لدعم المؤسسات الاجتماعية، وإمكانية مشاركة المملكة بالصندوق الدولي لدعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية وإجراءات عودة العلاقات إلى طبيعتها وسبل تطويرها». واعتبر أن «عودة العرب إلى لبنان تمثل باب الإنقاذ الوحيد سياسيا كما اقتصاديا وماليا والكرة في ملعبنا كلبنانيين للقيام بما يجب لتشجيع الإخوة العرب على المزيد من الإجراءات».
بدوره قدر النائب نعمة طعمة «البيانين الصادرين عن الخارجيتين السعودية والكويتية»، وقال في بيان: «لم أفاجأ بموقف المملكة العربية السعودية ودعمها الإنساني إلى لبنان، وما صدر عن خارجية المملكة والعودة المتوقعة لسفيرها لدى لبنان وليد البخاري، نظراً لمعرفتي الوثيقة بنبل وفروسية قيادة المملكة الحكيمة». وأضاف «سبق لي أن أشرت أكثر من مرة إلى أن المسؤولين السعوديين يحبون لبنان أكثر من بعض مسؤوليه»، معتبراً أن هذه الإيجابيات التي ظهرت من شأنها أن ترسي أكثر من مؤشر سياسي واقتصادي للخلاص من المعضلات التي نعاني منها، وذلك نظراً للدور السعودي المؤثر في لبنان، على كافة الأصعدة، وقال: «واكبت عن كثب كواليس الطائف وشاركت فيه وتبين لي بشكل قاطع مدى حرص المملكة على أمن وازدهار لبنان واستقراره»، مشيراً إلى أن المملكة لا تتوقف أمام هذه الحملات المدانة التي طاولتها، والتي لا تعبر عن الغالبية من اللبنانيين، ووفق المثل الشائع «المسامح كريم».
وقال طعمة إن «عودة السعودية والخليج إلى لبنان فعل خير لبلد يرزح تحت أعباء ثقيلة من أزمات اقتصادية وحياتية ومعيشية، وظروف صعبة يعاني منها أبناء هذا الوطن بفعل غياب الدولة وترهل مؤسساتها، والصعوبات الصحية والاجتماعية والتربوية»، مؤكداً أن «السعودية لن تتخلى عن لبنان، آملاً وقف كل ما يسيء إليها ولأهلنا في الخليج، فهم كانوا لنا السند في الملمات ولم يفرقوا بين لبناني وآخر، أو من ينتمي إلى هذه الطائفة وتلك».