كتبت صحيفة “الديار” تقول: مع انتهاء الاستشارات غير الملزمة التي اجراها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في اليومين الماضيين، يفترض ان يكون قطار التأليف انطلق فعليا. هذا المفترض، لكن الوقائع والمعطيات المتوافرة لا تفيد بأن القطار سيصل قريبا الى وجهته وان المحطات ستكون طويلة لحد الملل، خاصة بعدما بات ارتباط عملية التأليف باستحقاق رئاسة الجمهورية عضويا.
استشارت فتصريف اعمال؟
وفي هذا السياق تقول مصادر مواكبة للحراك الحاصل انه «يصح القول ان الاستشارات حصلت لكن المعطيات الحالية تؤكد انها لن تؤدي الى انجاز عملية التشكيل ما سيحتم تعويم حكومة «تصريف الأعمال»، وهو ما دفع ميقاتي كما رئيس الجمهورية حتى قبل التكليف للحديث عن «التعويم» كسيناريو وارد ومحتمل». وتضيف المصادر لـ «الديار»: «ميقاتي سيقوم بكل ما هو مطلوب دستوريا منه وبكل الشكليات التي عادة ما ترافق عملية التشكيل، لكنه لن يكون مستعجلا لتقديم تشكيلة حكومية خاصة وان قسما كبيرا من الكتل عبر بوضوح عن عدم رغبته بالمشاركة بالحكومة فيما وضع آخرون شروطا شبه تعجيزية لحكومة لن تستمر الا اشهرا معدودة».
وكان ميقاتي بعد انتهاء الاستشارات يوم امس قال انه سيأخذ بقسم كبير مما حُكي. وأشار الى أن كل النصائح التي اعطيت تصب في المصلحة الوطنية رغم انها طُرحت من زوايا مختلفة، مشدداً على أن المصلحة الوطنية ستتغلب على كل شيء. وأمل تشكيل حكومة تنجز ما يجب إنجازه وتتمكن من استكمال ما بدأته الحكومة الحالية على صعيد التفاوض مع صندوق النقد وخطة الكهرباء وترسيم الحدود البحرية.
باسيل يترقب عرض ميقاتي
وبعكس «القوات» و «التقدمي الاشتراكي» و «الكتائب» الذين حسموا عدم مشاركتهم بالحكومة المنوي تشكيلها، أبقى رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، الباب مفتوحا امام احتمال المشاركة وقال بعد لقائه ميقاتي: «اكدنا له اننا نريد تشكيل حكومة بسرعة وهناك مشكلة حقيقية بميثاقية التكليف طرحناها معه وابلغناه أننا تغاضينا عنها بظل أوضاع البلد»، لافتا الى ان «التيار لم يناقش مسألة المشاركة بالحكومة من عدمها وان الامر سيكون قيد البحث في اجتماع التيار».
وقالت مصادر «الوطني الحر» لـ «الديار» ان المشاركة بالحكومة من عدمها مرهونة بالعرض الذي سيقدمه ميقاتي لباسيل.
من جهتها، اشارت مصادر مواكبة لعملية التشكيل ان «لقاء باسيل – ميقاتي كسر الجليد بينهما لكنه لا شك لن يذلل عشرات العقبات التي تواجه مسار التأليف وخاصة تعنت الرجلين وعدم استعداد اي منهما لتقديم اي تنازلات، فلا باسيل راض على آداء ميقاتي وخاصة بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وهو اصلا لم يرغب بتكليفه، ولا ميقاتي يرغب باغضاب الخارج منه بخصوعه لاي من مطالب وشروط باسيل، ما سيبقي ملف التشكيل معلقا حتى بت مصير الانتخابات الرئاسية».
عون وفرنجية الاكثر حظوظا
وفي هذا المجال، اكدت المصادر ان النقاشات حول استحقاق «الرئاسة» انطلقت على نار هادئة وبعيدا عن الاضواء، لافتة الى ان «ملائكة الانتخابات الرئاسية باتت حاضرة في كل مكان».
وقالت المصادر: «الجميع يقر، سواء في الداخل او الخارج، ان حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية تتقدم على ما عداهما من المرشحين، اضف ان البحث يصبح جديا حول اعتماد العماد عون كمرشح تسووي خاصة وانه مقرب من الاميركيين كما ان علاقة جيدة تجمعه بحزب الله الذي لا يضع فيتو على اسمه».
ما تقول فول…
وليس خافيا ان مصير كل الاستحقاقات بات مرتبطا بشكل او بآخر بما ستؤول اليه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. لذلك تتابع كل القوى عن كثب ما يرشح من واشنطن في هذا الخصوص وبالتحديد بعد اعلان الخارجية الأميركية أن «مناقشات كبير مستشاري أمن الطاقة آموس هوكشتاين مع الإسرائيليين حول ترسيم الحدود البحرية أفضت الى نتائج مثمرة تقلّص الخلافات بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي».
وفي السياق، قال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أمس ان «بيان وزارة الخارجية الأميركية عن المحادثات التي أجراها اموس هوكشتاين مع الاسرائيليين بملف ترسيم الحدود البحرية والتي وصفها بالمثمرة امر ايجابي»، لافتا الى تقديره «تعهد الادارة الاميركية بالتواصل في الأيام المقبلة الذي نأمل منه ان يؤدي لاستئناف المفاوضات غير المباشرة في الناقورة».
وعلقت مصادر مطلعة على الملف قائلة لـ «الديار»: «لا يجب التعويل على حديث واشنطن عن ايجابيات. يجب ان ننتظر ما سيحمله هوكشتاين وما سيعرضه، لان ما قد يراه الاميركيون والاسرائيليون ايجابيا ويخدم مصلحتهم، هو لا شك لا يخدم المصلحة اللبنانية العليا». وختمت المصادر: «ما تقولوا فول الا ما يصير بالمكيول».
تصعيد في الشارع؟
وفي ظل انشغال القوى السياسية بالاستحقاقات المتلاحقة، لا تبدو معنية بهموم الناس وشجونهم. اذ تواصل اضراب القطاع العام المستمر منذ اسبوعين من دون ان يطرح اي من المعنيين حلولا منطقية للازمة. وفي هذا المجال كشفت مصادر مطلعة، التوجه لاتخاذ «المضربين» خطوات تصعيدية اضافية في الايام المقبلة. وفي هذا المجال أكد عضو الهيئة الإدارية في رابطة موظفي القطاع العام ابراهيم نحّال «الاستمرار بالإضراب القائم منذ أسبوعين حتى تحقيق المطالب، وأبرزها تصحيح الرواتب والأجور وبدل النقل ودعم الصناديق الضامنة كما الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية والمستشفى الحكومي». وقال في حديث اذاعي «الخطوات اللاحقة هي اعتصامات أوسع وتحرّك مركزي في بيروت وسنشكّل أكبر تحالف متضامن من المتضرّرين كوحدة ضغط لأنّ انهيار القطاع العام يؤدّي الى انهيار لبنان». وأضاف «معركتنا تكمن في بناء دولة قويّة متكاملة تخدم المواطن والموظف في آن معا».