كتبت صحيفة “الديار” تقول:
لا شك في انّ يوم 7 تشرين الاول 2023 تاريخ لن ينتسى ولن يكون كما قبله، لانه خلط الاوراق في المنطقة وقلب اوضاعها رأساً على عقب، غيّر المعادلات وإخترق المحظورات، وتلك التحصينات الامنية والعسكرية والاستخباراتية الاسرائيلية، وتلك العملية النوعية التي قامت بها حركة «حماس» ما زالت اصداؤها تصدح امام العالم ، وامام جيش يملك قدرات عسكرية هائلة، لكن صورته تحطّمت جرّاء هول العاصفة العسكرية التي اجتاحت المستوطنات، وجمعت أعداداً هائلة من الاسرى العسكريين لإجراء التبادل.
ما حدث خلال الايام القليلة الماضية غيّر الداخل الاسرائيلي، من ناحية ضعف وإخفاق الاجهزة الامنية – الاستخباراتية ووضع الحكومة المهدّدة بالرحيل ورئيسها بنيامين نتنياهو، الذي أمضى أطول مدة في توليه هذا المنصب، لتصبح نهايته على المحك بعد هذا السقوط المدوّي، وافيد بأنّ أعضاء الائتلاف الحكومي وافقوا على تشكيل حكومة جديدة، تكون بمثابة حكومة حرب.وفي اليوم الخامس على بدء العملية، تبدو المنعطفات السياسية خطرة لانها ستغيّر المجريات في المنطقة، ولبنان ضمنها بعد تعرّض مناطق جنوبية للقصف الاسرائيلي على أثر عملية تسلّل قامت بها عناصر من «سرايا القدس»، واوقعت سبعة جرحى من الاسرائيليين، ومساءً تدهور الوضع الامني على الحدود التي شهدت سلسلة من الاعتداءات الاسرائيلية.
وفي غزة، سُجّلت غارات إسرائيلية كثيفة ومتواصلة، على مناطق متفرقة من القطاع الذي بقي في مرمى قوات الاحتلال ضمن ما يشبه حرب إبادة ، وسط إنقطاع الكهرباء والمياه، كما شنّت هجوماً واسع النطاق ضد أهداف لحركة «حماس» هناك، وافيد عن تخطي عدد شهداء غزة الالف وفق ما افادت «كتائب القسّام»، التي قصفت بالصواريخ الحشود الاسرائيلية في ياد مردخاي، ومدينة عسقلان وتل ابيب ويافا بوابل من الصواريخ، وافيد عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، وسط دمار هائل وحرائق كبيرة، بعدما أمهلت سكانها للمغادرة ، قبل الساعة الخامسة من عصر امس، محذرة مما سيحصل. وليلاً اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي، بأنّ قواته ستقوم بهجوم شامل على غزة، وبأنه جاهز لكل السيناريوهات وكل الجبهات بما فيها الجبهة الجنوبية اللبنانية.
آخر تطورات الوضع في الجنوب
على الخط الامني الجنوبي، سُجّل إطلاق قذائف مساء امس من «إسرائيل» في اتجاه المنطقة الحدودية، وعلى تلال شبعا وكفرشوبا وأطراف بلدة الماري ومحيط قرية الغجر وبسطرة ووادي خنسا والقليلة، فأتى الرد من المقاومة بإطلاق صواريخ من صور في إتجاه شمال «اسرائيل»، كما إستهدف حزب الله دبابة اسرائيلية بصاروخ موجّه، بعد قصف قوات الاحتلال نقطة مراقبة للحزب. وافيد ليلاً عن مقتل جنديين اسرائيليين خلال الاشتباكات على الحدود، وفي ظل ما يجري طلبت قيادة «اليونيفيل» من العناصر والعاملين لديها النزول الى الملاجئ .
بيان للمقاومة ليلاً
الى ذلك صدر بيان عن المقاومة اشارت فيه الى الإعتداءات الإسرائيلية، التي إستهدفت عدداً من نقاط المراقبة التابعة للمقاومة الإسلامية، وقالت: « قام مجاهدونا مساء بإستهداف ملالة إسرائيلية من نوع زيلدا، عند موقع الصدح غرب بلدة صلحا (المستعمرة المسماة أفيفيم) بصاروخين موجّهين وتم إصابتها وتدميرها بالكامل. وكان الهدوء الحذر قد ساد الجنوب بعد ظهر امس، في ظل إستنفار اسرائيلي دائم على الحدود مع لبنان، وانتشار للجيش اللبناني، وسبق ذلك تعرّض بلدة ميس الجبل الحدودية، لسقوط عدد من القذائف المدفعية من الجانب الاسرائيلي، الذي دعا سكان المستوطنات القربية من الحدود اللبنانية، الى دخول الملاجئ خشية من حدث أمني.
الى ذلك تبدو تعقيدات الوضع الميداني جنوباً ذاهبة نحو الاسوأ، لانّ العدو الاسرائيلي يبدو فاقد الادراك والوعي، ويتخبّط في سلسلة إنزلاقات عسكرية، ما يعني انّ الاحتمالات الدراماتيكية واردة جداً ومرتقبة.
العميد خلف: ادعو حركة «حماس» الى مواصلة العملية
وفي هذا الاطار يقول العميد المتقاعد جوني خلف في حديث لـ «الديار» : «لا شك في انّ حركة «حماس» حققت انتصاراً، لكن عليها التنبه الى ردّات الفعل الاسرائيلية، فالمعارضة باتت مع نتنياهو وهذه تداعيات سلبية، لان هدفهم تأمين وتثبيت الوجود، لذا عادت المعركة وإتخذت طابعاً آخر، لانّ المستوطنات تعاد الواحدة تلو الاخرى، والقوات البرّية الاسرائيلية دخلت اليها، لذا اصبح الدخول اليها صعباً من قبل «حماس»، وهنالك حشد برّي لا مثيل له الى غلاف غزة، وعلى جهة الجنوب وضعوا مئة الف جندي تجنباً لأي حدث، لذا يجب درس الحسابات جيداً، وادعو حركة «حماس» الى مواصلة العملية».
واشار العميد خلف الى غياب التدخّل الدولي الجدّي، لوقف العمليات العسكرية بين الطرفين، وأضاف: «اذا اراد الجيش الاسرائيلي الدخول الى غزة، لن يستطيع إيقاف المعركة إلا اذا حقق هدفاً كبيراً، واليوم نعيش مرحلة تبادل في العمليات، لانّ الحرب الحقيقية هي الدخول برّاً وإحتلال الاراضي».
جلسة حكومية غداً لبحث المستجدات وملف النزوح
حكومياً، وجّه الرئيس نجيب ميقاتي دعوة لإنعقاد مجلس الوزراء، عند الرابعة من بعد ظهر غد الخميس في السراي الكبير، لعرض المستجدات الراهنة في ظل تطور الأوضاع على الصعد كافة، إضافةً إلى عرض التقرير الدوري حـــول تنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء 2023 المتعلّق بموضوع النزوح السوري.
اجتماع طارئ اليوم لجامعة الدول العربية
عربياً، تعقد جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً اليوم، على مستوى وزراء الخارجية، لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة، وفق ما اشار الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي، وقال: «تقرّر عقد دورة غير عادية بناءً على طلب دولة فلسطين، لبحث سبل التحرّك السياسي على المستويين العربي والدولي لوقف الاعتداءات».
الملف الرئاسي في الثلاجة حتى اجل بعيد
رئاسياً، وامام التطورات العسكرية الخطرة، وتداعياتها على لبنان والمنطقة، بات الملف الرئاسي في الثلاجة حتى اجل طويل، ولم يعد ملف لبنان حاضراً لا في باريس ولا في الدوحة، اذ تتجه الانظار الى التطورات العسكرية المرتقبة، مما يعني انّ الاستحقاق الرئاسي سيغيب حتى عن الساحة اللبنانية، على ان يدخل في نفق طويل لاحقاً، في إنتظار مستجدات الوضع العسكري وتوقيت إتجاهه الى الهدوء .