كتبت صحيفة “النهار”: استعادت الزيارة المفاجئة غير المعلن عنها سابقا والخاطفة لكبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين، المهندس والعراب لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لبيروت امس، الوجه “التقليدي” القديم لزيارات كبار الموفدين الأجانب للبنان في حقبات الحرب حين كانت تواكب حضورهم ومهماتهم جولات التصعيد الحربي القتالي ! ومع ان اوساطا عدة أبدت تقديرات “إيجابية” لتعمد الرئيس الأميركي جو بايدن ايفاد هوكشتاين موفدا له الى بيروت نظرا الى مراسه وخبرته مع الافرقاء اللبنانيين ونجاح تجربته في الترسيم البحري، بما يعني ان طبيعة الرسالة التي اوصلها لجهة التشديد على تحييد لبنان عن نيران تمدد الحرب من غزة اليه، بدا واضحا انه من الصعوبة التعويل على “ضمانات” او معالم طمأنة بعد، ولو ان هوكشتاين تعمد بالكلام المقتضب الذي اعلنه ان يؤكد عدم رغبة لبنان وإسرائيل في تصعيد الوضع.
غير ان اللافت في زيارة هوكشتاين انها الى جانب الرسالة الأميركية الواضحة التي نقلها حيال التشديد على تجنيب لبنان محاذير تمدد الحرب اليه والدعوة الى عودة الالتزام فعلا بالقرار الدولي 1701، اوحت زيارته للواء عباس إبراهيم بانه يعمل على مسألة مبادلة الاسرى بين إسرائيل وحركة “حماس” تبعا لما كان نقل سابقا عن انخراط إبراهيم مع هوكشتاين في جهود الأخير حيال ملف الاسرى. ولكن التطور المفاجئ تمثل في ان حركة “حماس” سارعت الى اصدار نفي بتكليف مدير عام الأمن العام السابق عباس إبراهيم التفاوض باسمها بشأن الأسرى.
هوكشتاين اجرى جولة لقاءاته السريعة بعد ظهر امس ترافقه السفيرة الاميركية دوروثي شيا بدءا بلقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري وشدد على الأثر بان “الولايات المتحدة تهتم كثيراً بلبنان وشعبه وخصوصا في هذه الأيام الصعبة” وأوضح انه اطلع بري “على ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد لما يحصل في غزة ان يتصاعد ولا تريد له ان يتمدد الى لبنان” واكد “إن المحافظة على الهدوء على الحدود الجنوبية اللبنانية على درجة عالية من الاهمية بالنسبة للولايات المتحدة وكذلك يجب ان يكون بالنسبه للبنان وإسرائيل هذا ما ينص عليه القرار الأممي 1701 ولهذا صمم”.
وفي السرايا ابلغ هوكشتاين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه يزور لبنان موفدا من الرئيس الاميركي “لبحث الوضع في جنوب لبنان، وانه لمس من خلال محادثاته ان لبنان واسرائيل لا يرغبان بتصعيد الوضع”. ودعا جميع الاطراف الى احترام القرار الاممي الرقم 1701 وتنفيذه كاملا، كما أكد مجددا دعم الجيش لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كل أراضيها. ثم زار قائد الجيش العماد جوزف عون ومن ثم اللواء عباس إبراهيم . وافيد انه اجرى اتصالا بالمدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري “ونقل اشادة من البيت الأبيض على دور الامن العام اللبناني على اكثر من صعيد”. كما التقى لاحقا نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.
وعلمت “النهار” انه في لقاء بري وهوكشتاين شدد الثاني على ضرورة عدم توسع المواجهات العسكرية في الجنوب وعدم دخول لبنان في الحرب الدائرة. اما بري فحذر من توسيع اسرائيل ضرباتها واستهدافاتها، ولا سيما بعدما اقدمت على جرح اربعة مسعفين من عناصر كشافة الرسالة الاسلامية وقتل ثلاث فتيات وجدتهن. ونبه بري من اخطار تدحرج الامور وتدهورها جراء الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة في غزة وجنوب لبنان. وطلب من هوكشتاين الطلب من اسرائيل وقف عدوانها ضد غزة وتحميلها مسؤولية كل ما يحصل. وسأله ايضا عن اسباب حضور كل هذا الحشد من الاسطول الاميركي والغربي الى المتوسط.
وابلغ هوكشتاين رئيس المجلس ان واشنطن على استعداد فور الانتهاء من المعارك وتهدئة الاوضاع في الجنوب البت في نقاط الحدود البرية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل. ولم يتم التطرق بين بري وهوكشتاين الى موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. واكتفى بر ي في رد على سؤال ان ” هذا الموضوع عند الحكومة. وكلامي واضح في هذا الخصوص منذ البداية”. وفي اللقاء بين هوكشتاين وميقاتي بدا لافتا ان هوكشتاين تعمد التنويه بانه حضر الى بيروت بتكليف من الرئيس جو بايدن .
واصدرت السّفارة الأميركيّة بيانا عن الزيارة أفادت فيه ان هوكشتاين “اعرب خلال زيارته عن اهتمام الولايات المُتّحدة العميق بلبنان وشعبه خلال هذا الوقت العصيب. وأعرب عن خالص تعازينا لحياة المدنيين التي فقدت. واستمع إلى مخاوف المسؤولين اللبنانيّين وأبلغهم بما تقومُ به الولايات المُتّحدة لمعالجتها. وأكّد مُجدّداً أنّ الولايات المتّحدة لا تريد أن ترى الصّراع في غزّة يتمدّد، وشدّد على أنّ استعادة الهدوء على طول الحدود الجنوبيّة يجب أن تكون الأولوية القصوى لكلٍ من لبنان وإسرائيل. وذكّر جميع المُحاورين بأنّ قرار مجلس الأمن 1701 هو أفضل آلية لتحقيق هذا الهدف ودعا إلى تنفيذه بالكامل”.
تصعيد وحرب تهديدات
في غضون ذلك شيعت بلدة بليدا الجنوبية في وداع مؤثر الشقيقات الثلاث: ريماس وليان وتالين شور مع جدتهن سميرة أيوب اللواتي سقطن يوم الأحد جرّاء غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهن في بلدة عيناتا، في حضور حشد كبير من اهالي البلدة والجوار ووفود من المناطق . واستمر التوتر عند الحدود الجنوبية بعدما أطلقت صواريخ عدة من الجنوب سقطت على الحدود اللبنانية -الإسرائيلية. وفيما ذكرت معلومات انه تم إطلاق ٨ صواريخ من القطاع الشرقي في اتجاه إسرائيل، أفادت معلومات أخرى انه تم إطلاق 20 صاروخًا باتجاه الجليل والجولان.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه عقب دوي صفارات الإنذار شمالي الجولان والجليل الأعلى تم رصد إطلاق صواريخ من لبنان.
وأفيد عن استهداف مرابض الجيش الاسرائيلي في الجولان بالصواريخ وأن القبة الحديد نفذت عمليات اعتراض في أجواء المنطقة في القطاع الشرقي. في المقابل استهدف الجيش الإسرائيلي مواقع في الجنوب وتعرضت منطقة مزارع شبعا ومناطق مفتوحة في القطاع الشرقي لقصف مدفعي إسرائيلي.وطاول قصف إسرائيلي محيط علما الشعب والناقورة. وشنت الطائرات الإسرائيلية ليلا سلسلة غارات على اطراف الناقورة وسهل الخيام وياطر ومرتفعات شبعا .
وتصاعدت التهديدات الكلامية فقال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم لشبكة “إن بي سي” الأميركية: “إذا استمرت إسرائيل وأميركا في عدوانهما فسيؤدي ذلك لمواجهة شاملة”، ولفت الى ان “حزب الله يشارك من أجل تخفيف الضغط على غزة”. وحذر من أن “هجماتنا المتزايدة رسالة بأنه إذا توسعت إسرائيل فستكون هناك عواقب وخيمة”.
في المقابل أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه إذا اختار حزب الله الانضمام إلى الحرب فسوف يرتكب خطأ كبيرًا. وقال نتنياهو: “لن نقف مكتوفي الأيدي أمام تهديدات حزب الله وهذا سيكون خطأ حياتيا بالنسبة لهم”.
كما ان وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت قال انه “إذا أخطأ الامين العام لحزب الله حسن نصرالله كما فعل السنوار بغزة، فإسرائيل ستحسم مصير لبنان”. وقال أن “لا نية لدينا لخوض حرب مع حزب الله، ولكن إذا أقدم نصرالله على ارتكاب خطأ فسيقضي على لبنان”.