كتبت صحيفة “الديار”: تتصاعد وتيرة الاشتباكات والاعتداءات الاسرائيلية على جنوب لبنان يوماً بعد يوم، نتيجة تطور التصعيد الميداني وإمكانية الاتجاه نحو حرب واسعة تمدّد من الجنوب، لتبلغ مناطق لبنانية اخرى تؤدي الى مواجهات عنيفة، وسط التهديدات الاسرائيلية اليومية، فيما الواقع يؤكد انّ تلك التهديدات تنطلق من الوجع الذي تتلقاه “اسرائيل” من ضربات المقاومة، التي تردّ عليها بالصواريخ المناسبة في اتجاه المستوطنات الشمالية، مع تكثيف عملياتها ضد المواقع العسكرية الاسرائيلية، خصوصاً بعد استهدافها المدنيين والاعلاميين، الامر الذي أربك قوات الاحتلال فاستعانت بإطلاق التحديات التي باتت ساقطة، بعد الرد العنيف للمقاومة.
الى ذلك، ومع إطلاق الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، خلال كلمته يوم السبت الماضي عبارة “الكلمة للميدان”، بدأت المخاوف وتواصلت التحذيرات الديبلوماسية الغربية من إمكانية اندلاع حرب شاملة تبلغ العمق اللبناني، وهذا ما ترفضه واشنطن وتضغط بقوة لعدم تصعيد المواجهات في لبنان، تجنباً لتوريطها في حرب اقليمية، لانّ التطورات العسكرية باتت مفتوحة على شتى الاحتمالات بعد الهواجس من توسّع قواعد الاشتباك. بالتزامن مع المعارك في غزة التي تواصل تصدّيها للاحتلال منذ 39 يوماً، وتدفع الاثمان الباهظة من سقوط للشهداء بالالاف خصوصاً الاطفال، الامر الذي شكّل كارثة إنسانية أمام مجمّع “الشفاء الطبي” في مدينة غزة، بعد تكدّس الجثامين منذ ايام في ممرّات المستشفى والطرقات، بسبب عدم التمكن من دفنهم أو وضعهم في ثلاجات الموتى، بسبب الحصار المتواصل على المجمّع، الى ان تم دفنهم يوم امس في مقابر جماعية، الامر الذي يستدعي فتح تحقيق بالهجوم والقصف الاسرائيلي المتواصل على مستشفيات غزة، ووضع كل ما يجري من استباحة للانسان ضمن خانة جريمة حرب وإبادة للمدنيين، وسط صمت دولي مريب، لم يتحرّك إلا لإجراء اتفاق لإطلاق سراح مجموعات من الاسرى لدى حركة “حماس”.
وفي هذا الاطار افيد عن هدنة مرتقبة لساعات بين الجيش الإسرائيلي و “حماس”، فيما افادت معلومات بأنّ رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، لا ينويان القبول بوقف إطلاق النار، ولا بوقف الحرب المدمّرة على غزة، لانّ الحكومة مصمّمة على رفض أيّ اتفاق بالتزامن مع الدعم الغربي والأميركي، الذي وفرته لها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
غارات على غزة وقصف على تل ابيب
ومع تواصل الاعتداءات الاسرائيلية، تجدّدت الغارات مساء امس على مناطق عديدة في قطاع غزة، وأعلنت “كتائب القسّام” الجناح العسكري لحركة “حماس” أنها قصفت تل أبيب بعدد من الصواريخ، رداً على استهداف المدنيين.
ورفضاً لما تقوم به “اسرائيل”، وجّه أكثر من 400 سياسي وموظف يمثلون 40 وكالة حكومية أميركية خطاباً إلى الرئيس الأميركي، للاحتجاج على دعمه “إسرائيل” في الحرب الجارية على غزة، وطالبوه بالعمل على وقف فوري لإطلاق النار، ودفع “إسرائيل” نحو السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
الاعتداءات اليومية على الجنوب
ككل يوم تواصل القوات الاسرائيلية اعتداءاتها على القرى الجنوبية، وظهر امس تجدّد القصف بعد ساعات من الحذر صباحاً، على بلدة طيرحرفا وموقع “المرج” ومركبا وهونين ورب ثلاثين وحولا، كما استهدف القصف بعد الظهر ميس الجبل وبليدا ووادي السلوقي ومحيبيب، وشنّت غارة من مسيّرة إسرائيلية على المنطقة الواقعة بين طيرحرفا ومجدل زون، مع قصف مدفعي على أطراف بلدة رميش. فردّت المقاومة بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، باتجاه الجليل الأوسط والغربي، بعدها اطلقت صافرات الانذار في بلدات حدودية عديدة في الجليل، كما طلب من المستوطنين في مسكاف عام ومنارة ويفتاح ومالكيا عند الحدود مع لبنان، المغادرة نحو المناطق المحمية حتى إشعار آخر. كما أعلنت الجامعات الإسرائيلية تأجيل بدء الدراسة فيها على الاقل الى 24 كانون الأول المقبل.
في السياق، استكمل حزب الله استهدافاته على الجبهة الجنوبية، وأعلن بعد ظهر امس ببيان صادر عنه أنه : “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة استهدف مجاهدو المقاومة موقع بركة ريشا، وأماكن التجمّع العسكري المحيطة به بالأسلحة الصاروخية وحققوا فيها إصابات مباشرة”.
كما اعلن الحزب في بيان آخر “ان عناصره استهدفوا موقع المرج بالأسلحة المناسبة وحققوا فيه إصابات ، كما أطلقوا صاروخاً مضاداً للدروع تجاه موقع عسكري في مستوطنة مارغليوت” على حدود لبنان.
لا نصاب حكومياً… ماذا عن جلسة الاثنين؟
سياسياً، اُرجئت جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة امس ، بسبب عدم اكتمال النصاب. وكان على جدول أعمالها 16 بنداً، وتحولت الجلسة الى لقاء تشاوري مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فيما غاب بند التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون عن جدول الأعمال.
وبلغ عدد الوزراء الذين حضروا 14 وزيراً فقط، وتمّ تأجيل الجلسة الى يوم الاثنين المقبل لمزيد من المشاورات، لكن المسألة اليوم بحكم التأجيل، فيما الوساطات ستعمل على نار حامية لعدم الوصول الى الفراغ.
خطوة التمديد للقائد مدعومة بقوة من بكركي
في السياق ووفق المعلومات، فالعمل جار لتأجيل التسريح، بدعم قوي من البطريركية المارونية المؤيّدة لهذه الخطوة ، التي تتوافق مع اكثرية الأحزاب المسيحية كذلك مع موقف الرئيس ميقاتي، ومع موقف خارجي عربي وغربي لافت، يدعو الى بقاء قائد الجيش في منصبه، بسبب الظروف الخطرة التي تخيّم على لبنان.
وافيد بأنّ زيارة السفيرة الاميركية دوروتي شيا الى بكركي يوم الاثنين، طرحت ملفات الساعة وخصوصاً التمديد للجنرال عون مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي يصّر على إبعاد شبح الفراغ الثالث عن المؤسسة العسكرية، والتشديد على إجراء الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت ممكن، ويعتبر أنّ المرحلة الخطرة التي نعيشها تستوجب إيصال رئيس توافقي الى بعبدا.
فرنجية خلط الاوراق
لا شك في انّ الموقف الذي اطلقه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ليل الخميس الماضي، خلال المقابلة المتلفزة حول عدم رفضه التمديد للجنرال عون، خلط الأوراق على مستوى قيادة الجيش، وشكّل مفاجأة للجميع، اذ رفع من أسهم تأجيل التسريح عبر مجلس الوزراء، لكن كل شيء سيظهر بوضوح في انتظار المستجدات حيث سيبنى على الشيء مقتضاه، اي حين يعلن فرنجية موقفه النهائي في هذا الاطار.
توافق بين “الجمهورية القوية” و”اللقاء الديموقراطي”
وعلى الخط عينه، وضمن الجولة التي يقوم بها تكتل “الجمهورية القوية” على الافرقاء السياسيين، لبحث ملف التمديد لقائد الجيش، بالتزامن مع اقتراح القانون الذي تقدّمت به ، زارت امس رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” تيمور جنبلاط، وجرى توافق أضاء عليه النائب هادي ابو الحسن، الذي اشار “الى التلاقي مع طرح اللقاء الديموقراطي القديم، عبر اقتراح قانون كنّا قد تقدّمنا به للتمديد للضباط العامين، واقتراح قانون آخر برفع سن التقاعد لكل الرتب العسكرية من رقيب حتى عماد لمدة سنتين، وللأسف لم يتمّ إقرار أو مناقشة أي من الاقتراحين سابقاً، واليوم نحن منفتحون على هذا الاقتراح”.
عريضة نيابية سنيّة مرتقبة للتمديد للواء عثمان
الى ذلك، وبالتزامن مع المطالبة برفع سن التقاعد لكل العاملين في القطاعات الأمنية والعسكرية، من أدنى رتبة عسكرية الى أعلاها، وفي ظل الاتجاه الايجابي في هذا الاطار لباقي الكتل المعارضة، افيد بأنّ عدداً من النواب السنّة بصدد تقديم عريضة نيابية، للمطالبة بالتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي يحال الى التقاعد في أيار المقبل.
طرقات لبنان غرقت بالسيول
على خط آخر، وككل مرة ومع بدء الامطار تغرق طرقات لبنان بالمياه ، فيتكرّر المشهد عينه على مجمل الاوتوسترادات، فيحتجز المواطنون لساعات في سياراتهم العالقة في برك المياه، الامر الذي يؤدي الى زحمة سير خانقة تعيق كل الاعمال والاشغال.
وافيد يوم امـس بأنّ أوتوسـتراد جونيـة وصـولاً الى الصـفرا والعقيبة، ومناطق سن الفيل والجديدة والاتحاد والكرنتينا، إضافة الى خلدة، شهدوا بركاً عائمة من المياه ستمرت لساعات.