كتبت صحيفة “الديار”: في خضم ما يجري من تدهور عسكري كبير على الحدود الجنوبية، والرد على عمليات الاغتيال والاعتداءات والغارات الاسرائيلية اليومية على القرى الجنوبية، وسقوط المزيد من الشهداء والجرحى والدمار الهائل، لا يبدو أي انفراج أمني في الافق، بل المزيد من توسّع قواعد الاشتباك والمعارك، والحديث اليومي عن اسبوعين خطيرين وحاسمين سيشتعل خلالهما الوضع الجنوبي وسيمتد الى الداخل، بعد عمليات الاغتيال التي قامت بها « اسرائيل» لمسؤولين في حركة حماس والمقاومة، الامر الذي أطلق الهواجس من حرب سيطول أمدها في حال لم يتم لجمها حالياً.
وفي هذا الاطار يشهد لبنان منذ ايام حركة موفدين غربيين، لنقل الرسائل الدولية من مخاطر تفاقم الصراع العسكري بين لبنان و «اسرائيل»، فكانت زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى بيروت ليومين، غادر بعدها الى الرياض لإستكمال جولته الشرق أوسطية، ولم تحمل زيارته اي مبادرة، بل رسالة مباشرة الى المسؤولين اللبنانيين من دول الاتحاد الاوروبي، بضرورة رفض توسيع الحرب وحصرها، والسعي الى عودة الاستقرار تمهيداً لتطبيق القرار 1701، ثم البدء بالتسوية السياسية المفترض ان تنتج انتخاب رئيس جمهورية.
الى ذلك، وصلت مساء امس وزيرة خارجية ألمانيا انالينا بيربوك، وستستهل لقاءاتها مع الرئيس ميقاتي في السراي عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، ويليها عدد من وزراء خارجية دول اخرى، اضافة الى وكيل الامين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، الذي اجتمع امس في بيروت بالرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد، والتطوّرات عند الحدود الجنوبية.
على ان يصل هذا الاسبوع مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن والطاقة آموس هوكستين، الذي يجول أيضاً في المنطقة، في انتظار صدور بوادر ايجابية عن إمكانية لجم المعارك، قبل ان يقوم بخطوته، انطلاقاً من مشروعه لترسيم الحدود البرّية بين لبنان و «اسرائيل»، خصوصا اذا صدقت المعلومات عن تنازل «اسرائيل» عن نقطة b1 في رأس الناقورة، وانسحابها من الغجر، ووضع مزارع شبعا تحت العناية الاممية، من خلال نشر قوات دولية فيها، الى حين بت النزاع حول هويتها بين لبنان وسوريا، والامر عينه بالنسبة للبنان، اذ اكد وزير الخارجية عبدالله بوحبيب انهم كحكومة أبلغوا الجميع، « انّ لبنان على استعداد لتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، أي يجب العودة الى خط الهدنة لعام 1949 ما يعني انسحاب» إسرائيل» من الأراضي اللبنانية كافة، وأن توقف خروقها البرّية والبحرية والجوية، واذا طبقت هذه الأمورفإنّه ليس لدى لبنان أي مشكلة».
اجتماع «خماسية باريس» نهاية الاسبوع
في السياق، يبدو شهر كانون الثاني مفعماً بالحركة الدبلوماسية تجاه لبنان في الداخل والخارج، وانطلاقاً من هنا، تعقد «خماسية باريس» اجتماعاً نهاية الاسبوع يشارك فيه المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، لبحث الوضع في لبنان، على ان يتوجّه الاخير لاحقاً الى بيروت، لوضع المسؤولين اللبنانيين في أجواء نتائج ذلك الاجتماع.
ومن المتوقع ايضاً زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان، كذلك الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني من دون ان يحدّد الموعد، وسط معلومات انه أرجأ زيارته التي كانت محدّدة خلال الفترة الحالية.
الرد الانتقامي على عمليات الاغتيال
أمنياَ ووسط كل ما يجري من عمليات إغتيال لمسؤولين في حركة حماس والمقاومة، وآخرها سقوط ثلاثة شهداء من حزب الله يوم امس، بالغارة التي استهدفت سيارتهم في المنطقة الواقعة بين وادي الحجير وبلدة الغندورية.
الى ذلك، اُطلق 20 صاروخاً من جنوب لبنان باتجاه شمال» إسرائيل»، كما قصفت «كتائب القسّام» تل ابيب الكبرى برشقات صاروحية، الامر الذي استدعى إطلاق صافرات الانذار هناك بشكل متواصل، مع بروز المخاوف «الاسرائيلية» من ردة فعل المقاومة التي اعلنت انها ستنتقم في المكان والزمان المناسبين.
وفي هذا الاطار، أعلن حزب الله استهداف مقر قيادة المنطقة الشمالية « قاعدة دادو» في مدينة صفد ردّاً على اغتيال القيادي الميداني في الحزب وسام الطويل الذي استشهد أمس الاول، في غارة استهدفت سيارته في بلدته خربة سلم.
ونشر الحزب معلومات عن قاعدة « دادو الإسرائيلية» التي استهدفها بعدد من المسيّرات الهجومية، وأشار الى انها مقر قيادة المنطقة الشمالية في سلاح البر الاسرائيلي، والمسؤولة عن قيادة الفرقتين المعنيتين بالعمليات على الجبهة اللبنانية حالياً، الفرقة 91 مقابل المحور الشرقي، والفرقة 146 مقابل المحور الغربي للحدود الجنوبية اللبنانية، والتي تحوي عدداً كبيراً من منظومات القيادة والسيطرة المعنية بتنسيق العمليات على امتداد الجبهة مع لبنان، وهي تقع على عمق 12 كلم من الحدود اللبنانية.
الجبهة الحدودية: قصف وغارات اسرائيلية
عسكرياً، لا تهدأ الجبهة الجنوبية الحدودية من عمليات القصف والغارات والاعتداءات «الاسرائيلية»، حيث تشهد تصعيداً متسارعاً مع تكثيف الجيش «الإسرائيلي» غاراته على البلدات الحدودية، واستهدافه المنازل بشكل مباشر، خصوصاً في بلدة كفركلا وقرى القطاع الغربي، مع تحليق الطائرات الاستطلاعية فوق قرى القطاع الأوسط وصولاً إلى مشارف مدينة صور، وبعمق وصل إلى فوق مجرى نهر الليطاني، بالتزامن مع إطلاق القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق، في قضاءي صور وبنت جبيل. إضافة الى قصف مدفعي كثيف على أطراف بلدات الناقورة وجبل اللبونة وعلما الشعب ورامية والجبين، والضهيرة وعيتا الشعب وشحين وحولا وميس الجبل.
كما نشرت «إسرائيل» منظومات راجمات الصواريخ «إم إل آر إس» على الحدود مع لبنان، التي يمكن أن تصل إلى عشرات الكيلومترات وفقا لنوع الصواريخ المستخدمة، وتعد هذه الخطوة بحسب مصادر امنية مطلعة أحدث تصعيد بين «إسرائيل» والمقاومة، بعد أشهر من المعارك والاشتباكات على الحدود.
الملف الرئاسي يتراجع
رئاسياً، كان من المنتظر أن يتحرّك الملف الرئاسي مع بداية العام الجديد، اذ كثر الحديث عن عودته كاستحقاق هام وأوليّ الى الواجهة، مع مبادرات خارجية ستعلن لحل الازمة الرئاسية، لكن وبسبب تدهور الوضع عاد الملف أدراجه، ليحتل الملف الامني من جديد الاهتمام الاول بحثاً عن حل بأسرع وقت، قبل السقوط في نار الحرب المستمرة والطويلة الأمد، وعندئذ يعود الاستحقاق الرئاسي الى طليعة الاهتمام، لكن هذه المرة وسط مبادرات وجولات تفاوضية ونقاشات، من خلال الاستعانة بمشاورات فرنسية وقطرية، اذ ستؤدي باريس وقطر الدور الاكبر في هذا الاطار وفق المعلومات.
تعقيدات التعيينات العسكرية
وعلى خط المسائل العالقة، يرواح ملف التعيينات العسكرية مكانه بالتزامن مع التعقيدات التي تطوقه منذ فترة طويلة، وعلى الرغم من الوساطات التي قام بها البعض لإزالة تلك الخلافات، فانها لم تلق التجاوب المطلوب من المعنيين، وآخر المحاولات سعي وزير الثقافة محمد وسام مرتضى من جديد، للعمل على خط مصالحة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ووزير الدفاع موريس سليم بعد « تأرجح» علاقتهما على خلفية هذا الملف، وافيد بأنّ اجتماعاً عقد قبل يومين بعيداً عن الاعلام، بين مرتضى وسليم في مكتب الاخير بوزارة الدفاع ، وبعد ساعات زار وزير الثقافة السراي الحكومي لدقائق معدودة، ناقلاً الى ميقاتي مستجدات اللقاء، الذي لم يصل الى خواتيمه السعيدة بل يحتاج الى المزيد من النقاشات.
السفيرة الأميركية الجديدة تصل غداً
تصل إلى بيروت غداً السفيرة الأميركية الجديدة في لبنان ليزا جونسون، على أن تمارس دورها كقائمة بالأعمال، الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تقدّم له أوراق اعتمادها، على ان تبدأ جولة على المسؤولين والافرقاء السياسيين، من دون ان يغيب الملف الامني الجنوبي عن لقاءاتها، مع التشديد على ضرورة ضبط الوضع هناك من خلال رسائل اميركية ستنقلها الى الاطراف اللبنانية.
مستخدمو النافعة الى الإضراب مجدّداً
في إطار الاضرابات العمالية، أعلن مستخدمو وعمّال هيئة إدارة السير والآليات والمركبات التوقّف عن العمل لباقي أيام هذا الأسبوع، كخطوة تحذيرية أولية ضمن مراكز العمل كافةً، على أن يصدر لاحقاً بيان في ضوء ما سيؤول إليه اجتماع مجلس إدارة الهيئة المقرّرعقده غداً الخميس.