كتبت صحيفة “الديار”: الورقتان الاميركية والفرنسية مطابقتان مع بعض الفروقات البسيطة جدا، الفرنسية تدعو الى التطبيق الخشن والاميركية “على الناعم”، مع الملاحظة ان الورقة الفرنسية قدمت للمسؤولين باللغة الانكليزية والترجمة الدقيقة حول المصطلحات تخضع الى تفسيرات مختلفة، ويذهب مصدر رفيع في 8 آذار الى ابعد من ذلك عبر وصف الورقة الفرنسية بانها ورقة علاقات عامة وغير قابلة للتنفيذ ومرفوضة جملة وتفصيلا، وتتضمن بندين جيدين فقط للبنان: اعادة الاعمار في الجنوب، ووقف الطلعات الجوية الاسرائيلية، وباقي البنود سيئة جدا ومرفوضة لجهة اطلاق عمل قوات اليونيفيل في الجنوب وزيادة عديدها دون التنسيق مع الجيش اللبناني بشكل مخالف للقرار ١٧٠١، انسحاب قوة الرضوان مسافة 10كيلومترات عن الحدود، ازالة الخيم، تعزيز وحدات الجيش في الجنوب على ان يكون قرارها خاضعا لليونيفيل مع تسليحها وتموينها، وهذا اهانة للبنان ودعوة لوضعه تحت الفصل السابع.
وفي المعلومات المؤكدة، ان الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وحزب الله متوافقون على رفض الورقة الفرنسية واستحالة تطبيقها مع الحرص على استمرار افضل العلاقات مع باريس، والرئيسان نسقا الرد اللبناني الذي تضمن ١٤ ملاحظة على كافة البنود، وجاء الرد تحت عنوان “ خارطة الطريق لتنفيذ القرار ١٧٠١” ومن الطبيعي ان تاخذ المفاوضات وقتا طويلا، ستنتهي حتما بدفن الورقة قبل التوافق على التعديلات وكانها لم تكن، والرئيس بري افضل من يدور الزوايا في هذه الحالات ومفوض من حزب الله الحريص على ترك الرد للحكومة اللبنانية والابتعاد عن السجالات حول الورقة الفرنسية.
لكن اللافت، ان القاسم المشترك بين الورقتين الاميركية والفرنسية ابعاد قوة الرضوان عن الحدود، والمطلب اسرائيلي بامتياز وشرط للمستوطنين للعودة الى المستوطنات بعد وقف النار. هذا الامر عجزت عن تحقيقه “اسرائيل” بالقوة وتريد اخذه بالمفاوضات، ومن رابع المستحيلات الموافقة عليه، حتى لو جاء العالم كله، كما ان فرقة الرضوان هي احد الفرق القتالية لحزب الله ومعظم عناصرها من الجنوب وقرى المواجهة، واكثرية شهدائها من عيتا الشعب وكفركلا وبليدا وحولا والخيام وعيترون وبنت جبيل وميس الجبل وصولا الى النبطية وصور وباقي المناطق اللبنانية، فكيف يمكن تحقيق ذلك ؟ علما ان الطرح الفرنسي ليس بالجديد وهو قديم، ويحاول الفصل بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله، وبالتالي فان الورقة الفرنسية ليست الا حفلة علاقات عامة وغير قابلة للصرف، كما ان مصدرا رسميا كبيرا ابلغ زواره: الورقة الفرنسية للنسيان.
ويبقى البارز ان الورقة الفرنسية لم تتطرق الى انتخابات رئاسة الجمهورية او اي اشارة الى هذا الاستحقاق، مما خلف استياء واسعا في الاوساط المسيحية وصلت الى السفير الفرنسي في لبنان، بينما تضمنت ورقة هوكشتاين الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتخابات الاميركية، وتحديدا بين 15تموز و15ايلول لان لبنان مقبل على مفاوضات هامة بعد انتهاء احداث غزة تستدعي وجود رئيس للجمهورية مع رئيس للحكومة وحكومة جديدة، كما تتضمن الورقة الاميركية العودة الى مرحلة ما قبل 7تشرين الاول على الحدود والبدء بالمفاوضات حول ما تبقى من نقاط مختلف عليها. “٧ الى ٨ نقاط “ عبر لجنة الناقورة الثلاثية بعد انضمام اميركا اليها والبدء بعقد الجلسات وصولا الى ترتيبات امنية على الحدود تعطي الطمانينة للمستوطنين بتراجع قوات الرضوان مسافة 7كيلومترات عن الحدود، فيما الورقة الفرنسية تتضمن تشكيل لجنة رباعية لادارة المفاوضات من لبنان و “اسرائيل” وفرنسا واميركا.
هذه الاتصالات والسيناريوات للحل تؤشر الى تباينات اميركية فرنسية تنفيها السفيرة الفرنسية في بيروت بتاكيدها ان الطرح الفرنسي منسق مع واشنطن، وهذا ما نفته السفيرة الاميركية جملة وتفصيلا. ولذلك فان مسار الاوضاع الداخلية مجمد حاليا في كل الملفات ولن تتحرك الامور الا بعد وقف اطلاق النار في غزة وعندئذ لكل حادث حديث، خصوصا ان الهم الاميركي اولا وثانيا وثالثا هو الانتخابات الرئاسية وعودة بايدن الى البيت الابيض والمدخل الى ذلك، وقف التظاهرات في الجامعات الاميركية و الوصول الى هدنة في غزة تكون معبرا اساسيا لوقف النار في الجنوب.
وفي المعلومات من مصادر فلسطينية في بيروت، ان التدخل الاميركي في مفاوضات القاهرة وصل الى حده الاقصى من قبل بايدن شخصيا ورئيس المخابرات الاميركية وليم بيرنز، وتدخلا مع المصريين والقطريين واستنجدا بالاتراك لدفع حماس الى القبول بالهدنة مع ضمانات اميركية بالضغط على “اسرائيل” لتنفيذها. وفي المعلومات نقلا عن اجواء القاهرة، ان بايدن اعطى تطمينات شخصية لنتنياهو بدعمه في اعادة تشكيل الحكومة الاسرائيلية اذا وافق على وقف اطلاق النار، او كما يريد ان يسميها الهدنة، مع غض النظر الاميركي عن عملية محدودة وسريعة شرق رفح لاظهار رئيس الحكومة الاسرائيلية بموقع المنتصر بعد السيطرة على معبر رفح مقابل موافقته على الهدنة، والأمور مرهونة بالساعات المقبلة الحاسمة مع احتمالات الوصول إلى هدنة هشة.
عمليات نوعية لحزب الله ومقتل ٤ جنود اسرائيليين
يوم عاصف شهده جنوب لبنان امس، بعد سلسلة عمليات نوعية للمقاومة الاسلامية استخدمت فيها مختلف انواع الصواريخ واستهدفت في وقت واحد ٥ مبان في مستعمرات : المطلة والمنارة وشلومي وافيفيم وحانيتا، واعترفت وسائل الاعلام الاسرائيلية بمقتل ٤ جنود و١٦ جريحا في مستعمرة افيفيم نقلتهم الطوافات العسكرية الى المستشفيات، لكن الاعلام الاسرائيلي سرعان ما سحب الخبر بسبب الرقابة العسكرية واعترف بمقتل جندي احتياط وبعض الجرحى، كما شملت عمليات المقاومة عبر الصواريخ والاسلحة الرشاشة موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، ومقر قيادة الفرقة ٩١ في ثكنة برانيت بصاروخ بركان من العيار الثقيل واصابوه بشكل مباشر، وذكرت وسائل اعلام العدو ان الموقع تعرض للقصف بعد مغادرة وزير الدفاع الاسرائيلي للموقع بوقت قصير، ووعد غالاتت بصيف ساخن مشيرا الى ان العمليات العسكرية لم تكتمل بعد، مؤكدا الاصرار على اعادة سكان شمال “اسرائيل” الى بيوتهم واعادة بناء ما تهدم، كما شنت المقاومة الاسلامية هجوما جويا بمسيرات انقضاضية على مقر قيادة اللواء الغربي المستحدث في يعرا، كما استهدف مجاهدو المقاومة جنود العدو في موقع المالكية عند دخولهم الى احد دشمه بالصواريخ الموجهة والقذائف، كما قصفوا موقع الراهب والتجهيزات التجسسية فيه ودمروها .
وقد نفذ الطيران المعادي اكثر من ٢٠ غارة على القرى الجنوبية مصحوبة بالقصف المدفعي والصارخي والاسلحة الرشاشة، وادت غارة على احد المباني في الخيام الى سقوط ٣ شهداء بينهم فلسطينيان و٤ جرحى، كما سقط عدد من الجرحى في غارة على عيتا الشعب.
ملف النازحين
ملف النازحين “مكانك راوح” ومفوضية اللاجئين ابلغت المعنيين انها لن تسلم لبنان بعد الان اي معلومة تتعلق بالنازحين السوريين بعد المستجدات الاخيرة في الملف، حتى الداتا التي سلمت للامن العام منذ اشهر، تحتاج الى استفسارات وتوضيحات ومعلومات لن تعطيها المفوضية لاي جهة لبنانية ولن يكون هناك اي تعاون في هذا المجال .
وفي المعلومات، ان المفوضية العليا للاجئين ابلغت ميقاتي وقف الدعم عن ٨٨ الف عائلة سورية وتخفيض المساعدات الصحية والتربوية، مما يفاقم مشاكل العائلات السورية وزعزعة الاستقرار.
ويضيف المعنيون بالملف، ان الجلسة النيابية التي دعا اليها بري في ١٥ايار لمناقشة هبة المليار يورو لن تخرج بنتائج عملية وستشهد المزيد من السجالات والمناكفات، خصوصا اذا كانت منقولة تلفزيونيا. وسالت مصادر حكومية اصحاب الحملة على هبة المليار يورو “ هل الهبة هي الاولى، و قد سبقتها هبات عديدة، فلماذا الحملة الان وما اهدافها ؟ وهولندا قدمت ايضا ١٤٠ مليون يورو للمساعدة في ملف النازحين، وهذه الأموال مخصصة بمعظمها لمراقبة الشواطئ اللبنانبة ومنع النزوح الى اوروبة.
وفي المعلومات، ان الملف لن يشهد تطورات بارزة خلال الاشهر المقبلة، وحاول وليد جنبلاط خلال زيارته لفرنسا كما نجيب ميقاتي اقناع ماكرون بفتح خطوط التواصل المباشر مع النظام السوري بشان النازحين ولم ينجحا، ورد ماكرون بالهجوم على الاسد نتيجة عدم الوفاء بتعهداته والتزاماته في ملفات عديدة ومنها الكبتاغون، بالمقابل نجحت السعودية والامارات والبحرين وعمان في اقناع بايدن بسحب مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سورية بشكل مفاجئ وغير متوقع وتجميد اجراءات التوقيع على القانون. وقالت صحيفة الواشنطن بوست، ان الفريق المسؤول عن الشرق الاوسط في البيت الابيض ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي بين كاردين قاما بتجميد التوقيع على القانون وسحبه من الحزمة المستعجلة من القوانين التي طرحت للتوقيع، ولو تم اقرار القانون وهو الاخطر في سياسات الحصار على سوريا كونه لا يخضع في عقوباته الى اي عملية تواصل من اي نوع مع القيادة السورية وحتى السفر الجوي من والى دمشق، وذكرت الصحيفة ان بايدن شخصيا تولى الضغط وممارسة نفوذه لتجميد القانون.
وحسب المعنيين بالملف، فان المشكلة تبقى مع الاتحاد الاوروبي الرافض لعودة اي نازح الى بلاده وانتقاله الى اوروبا، وضرورة البقاء في البلدان المجاورة، كما ان المعالجة الجدية تبدأ بالجلوس الى طاولة واحدة مع المسؤولين السوريين بعد التصريحات عن استعداد سوري لاستقبالهم، ويبقى الحل الجدي مرتبط بعودة الهدوء الى سورية ورفع الحصار عنها والبدء بالأعمار، ودون ذلك سيبقى الملف مفتوحا واكبر عبء على لبنان وسلمه الاهلي.
طاولة مستديرة في بكركي وتحركات شعبية للتيار
واليوم، يعقد في بكركي طاولة مستديرة لمناقشة ملف النازحين في حضور وزراء العدل والخارجية والشؤون الاجتماعية واعضاء اللجان الاستشارية والقانونية والدستورية في الصرح، وعدد من المتخصصين في شؤون الهجرة، ومن المتوقع صياغة تصور شامل ومتكامل عن النزوح السوري .
كما يبدأ التيار الوطني الحر سلسلة تحركات سياسية وشعبية تحت عنوان ترحيل النازحين غير الشرعيين، وقام امس بزيارات لسفراء في الاتحاد الاوروبي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ويزور الوفد اليوم بري وميقاتي ويتوجهان بتحركات شعبية على الارض.
في موازاة ذلك، بدأ اللقاء الديموقراطي ايضا تحركا مماثلا عبر توزيع الوثيقة التي اعدها لمعالجة ملف النزوح وسلمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط الى الرئيس بري، على ان يستكمل نواب اللقاء جولاتهم على كل الاطراف السياسية لتسليم الورقة التي تتضمن دعوة لفتح حوار مع الدولة السورية بشان النازحين.