كتبت صحيفة “النهار”: لم تكن جولة التصعيد الميداني الحاد في الجنوب اللبناني أمس، وعلى وقع تتبع العالم لتطورات مقتل الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية الإيراني الراحل حسين امير عبد اللهيان ورفاقهما، سوى انعكاس ثابت لعدم تأثر هذه “الحرب” أسوة بالحرب الأم في غزة التي استولدتها، باي حدث مهما كانت طبيعته ولو كان مسرحه إيران وأحد اكبر مسؤوليها بالذات.
غير أن لبنان الرسمي الذي أعطى الانطباع على مستوى “الترابط” في علاقات بعض فئاته ومكوناته بايران بإعلان الحداد الرسمي ثلاثة أيام على الرئيس الإيراني بدا امام مفارقة لا تخلو من سخرية اذ راحت تتردد أصوات “الإشادة” من جانب قوى وشخصيات وجهات حليفة لإيران بإعلان طهران الفوري الالتزام بما تنص عليه القوانين والأنظمة في ايران لجهة تعيين ومن ثم انتخاب خليفة للرئيس الراحل، في حين أن هذه الجهات والشخصيات تنتمي الى معسكر يعطل الاستحقاق الرئاسي في لبنان منذ 18 شهراً ويمضي في هذا النهج التعطيلي.
وفي أي حال لم يحجب هذا الحدث الأولويات الداخلية الضاغطة، لا من الجانب المتصل بتسلسل تداعيات ملف النازحين السوريين التي تتكشف كل يوم عن تطورات واحداث جديدة، ولا من الجانب المتفجر على الجبهة الجنوبية حاملاً معه كل يوم مزيداً من الدم والدمار والخشية من انفجار شمولي.
وعلم أمس أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عيّن الهولندية جينين هينسي بلاسخارت منسقة خاصة جديدة له في لبنان بديلاً من يوانا فرونتيسكا التي انتهت مهمتها.
ولعله كان ينقص ملف النازحين السوريين أن تثبت على الأرض تكرارا حقيقة “التسلح” بعد التسيب الذي انفجرت تداعياته على اثر جرائم قتل ارتكبتها عصابات مسلحة من النازحين السوريين مع حادث توقيف شاحنة سورية كبيرة بعدما اشتعلت فيها النار امام شركة كهرباء لبنان في بسبينا قضاء البترون وكانت المفاجأة ان الشاحنة محملة بالسلاح، ووضعت قوى من الجيش وقوى الأمن الداخلي يدها عليها.وتبين ان الشاحنة محملة بالأسلحة دخلت عن طريق التهريب عبر طرابلس.
تفاقم ملف النازحين اتخذ بعداً متدحرجا مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر بروكسل للنازحين السوريين في السابع والعشرين من أيار الحالي حتى أن “الصدام” الذي حصل بين السلطة الرسمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عزي الى تصاعد التوتر بين الجانبين على وقع الارتفاع المطرد في حرارة المواقف السياسية الداخلية من ملف النازحين السوريين في الآونة الأخيرة.
ولكن “الاشتباك” الأخير بين السلطة والمفوضية انتهى أمس الى “ليّ ذراع” المفوضية التي بناء على طلب وزير الخارجية والمغتربين، أعلنت سحب الكتاب الذي كانت وجّهته إلى وزارة الداخلية والبلديات يوم الجمعة الماضي. وأوضحت المفوضية أن الكتاب الذي تم توجيهه إلى وزارة الداخلية والبلديات الأسبوع الماضي “قد تم إرساله وفقاً للإجراءات المتّبعة مع النظراء الحكوميين المعنيين وبما يتماشى مع المسؤوليات المنوطة بالمفوضية عند بروز قضايا تتعلق بالفئات الضعيفة في لبنان، بما فيها اللاجئون”. وشدّدت على “التزامها بكونها شريكاً داعماً وشفّافاً في لبنان وأنها ستواصل دعوتها لزيادة المساعدات المقدَّمة إلى لبنان وتعبئة الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الملحّة للفئات الأكثر ضعفاً، كما تستمر المفوضية بالتأكيد على أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للاجئين للمساعدة في تخفيف الضغوط في لبنان”. وجدّدت “التزامها بالتعاون في شكل بنّاء مع الحكومة اللبنانية”.
وحصل هذا التطور عقب “استدعاء” وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ايفو فريسون وابلاغه بـسحب الرسالة التي وجهتها المفوضية الى وزير الداخلية والبلديات واعتبارها بحكم الملغاة وطالبه “بـضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والادارات اللبنانية المختصة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين لجهة كونها الممر الالزامي لكل مراسلات المفوضية وفقاً للاتفاقيات، والمعاهدات، والاعراف الديبلوماسية وبعدم التدخل في الصلاحيات السيادية للبنان، والتزام القوانين اللبنانية لجميع المقيمين على الاراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، المتوافقة أصلاً مع كل التشريعات الدولية وبالتزام مذكرة التفاهم الموقعة مع المديرية العامة للأمن العام لعام 2003، وتطبيقها نصاً وروحاً”.
الاعتداء على الصيفي
وفي جانب امني اخر أعلن المكتب السياسي الكتائبي امس بعد اجتماعه برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل “وبعد الوقوف على آخر المعلومات حول الاعتداء على بيت الكتائب المركزي والتطورات في البلاد، أن بعض الجهات المغرضة دأب على تذكير الجميع بأن هناك من يستطيع أن يستقوي على اللبنانيين بالترهيب، وأن يحاول إسكات صوت من يتجرأ على قول “لا” ويرفض كل محاولات الإخضاع”، وقال: “في هذا الإطار، يضع المكتب السياسي الاعتداء على بيت الكتائب المركزي ليل اول من أمس”. ولفت إلى أن “حزب الكتائب اللبنانية، الذي لم تثنه مرة عمليات الترهيب، كان وسيبقى رأس حربة في مواجهة محاولات خطف البلد وإسكات الأصوات الرافضة لوضع اليد على المؤسسات ومصير اللبنانيين، لن يغير في مواقفه ولن يمتنع عن المجاهرة بالحقيقة مهما تكررت هذه الممارسات الجبانة”.
التصعيد جنوباً
اما في الجنوب، فشنّت الطائرات الحربية الاسرائيلية غارتين على حي سكني وسط الناقورة واطلقت عدداً من الصواريخ ودمرت الغارات هذه منزلين، وألحقت أضراراً بمنازل أخرى. ثم اغارت مسيّرة على محيط وجود فريق من الدفاع المدني في الهيئة الصحية وأفيد عن اصابة أحد المدنيين نقلته كشافة الرسالة الاسلامية الى أحد مستشفيات المنطقة. واستهدف الجيش الاسرائيلي أيضا اطراف الناقورة بالقذائف المدفعية. واغار الطيران الحربي الإسرائيلي مستهدفاً بلدة ميس الجبل. ومساء استهدفت مسيرة اسرائيلية دراجة على طريق المنصوري وأفادت معلومات أن سائقها قتل.
وقد افيد لاحقاً عن سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى في الغارتين الاسرائيليتين على بلدتي ميس الجبل والناقورة. ونعى “حزب الله” ثلاثة من عناصره هم عباس مهدي من بلدة الناقورة ورائف عبد النبي مليجي من بلدة الناقورة أيضا وحسين علي حسين من بلدة بدنايل.
واعلن الحزب انه رد على الاعتداءات الإسرائيلية باستهداف مقر الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ بركان ثقيل ما أدى إلى تدمير جزء منها وإصابة عدد من الجنود وإشتعال النيران فيه واستهدف أيضا موقع الراهب كما استهدف بالصواريخ الموجهة مركزاً للجيش الإسرائيلي على المدخل الشرقي لقرية الغجر “وأصاب بشكل مباشر مكان استقرار وتجمع ضباط العدو وأوقعهم جميعاً بين قتيل وجريح، وقد شوهدت عملية نقل الإصابات من المكان”. واستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا ومواقع المرج والمالكية وراميا.