كتبت صحيفة “الديار”: سرب من الطائرات يضرب مقر قيادة الجبهة الشرقية في قيادة الجليل الذي يحترق بنيران حزب الله. هكذا اختصر اعلام العدو امس المشهد على طول الجبهة الشمالية التي فقد الجيش الاسرائيلي السيطرة عليها، واندلعت فيها النيران من «كريات شمونا» الى «راميم» وعاشت عشر ساعات من الحرائق. وفيما حذر وزير الخارجية الايرانية علي باقري كني من بيروت «اسرائيل» من الدخول في حرب شاملة مع لبنان وقال اذا كانت تملك اي «عقلانية» فلن تتورط في حرب مع حزب الله، فقد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اعصابه وطالب بضرب ما اسماه عاصمة الإرهاب بيروت كي تنشغل بتأهيل نفسها بعد ضربات الجيش الاسرائيلي»، وفيما طلب من نتانياهو عدم الاستسلام، نصحته صحيفة «هآرتس» بان يستمع للرئيس الأميركي، الذي هو صديق حقيقي «لاسرائيل» وأثبت ذلك من اليوم الأول بعد 7 أكتوبر. وإلا فستبقى بلا شيء، بلا نصر على حماس، مع جبهة شمالية مشتعلة، واقتصاد في حالة انهيار، وهبوط حر في مكانتها في العالم، وأوامر «لاهاي». وقالت لم يتبقَ الكثير من الفرص للقيام بالأمر الصحيح ولوضع حد للكابوس الذي بدأ قبل ثمانية أشهر. لقد وضع بايدن على الطاولة فرصة كهذه وملزمون باستغلالها.
وفيما قد تكون ساعات الانتظار طويلة ودموية قبل ان تنتهي مناورات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو الذي يحاول جاهدا التملص من التزاماته مع واشنطن بشان وقف النار في غزة، وانعكاس التطورات هناك على الجبهة اللبنانية، تحاول قطر ملء الفراغ الرئاسي، وخيبة الامل الفرنسية، بحراك استطلاعي يخلو من اي خطة لعقد «دوحة 2»، لكنه يشجع على حوارات ثنائية. وعلم في هذا السياق ان المسؤولين القطريين يحاولون احداث خرق في جدار العلاقة بين القوات اللبنانية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، عبرتشاورثنائي يلامس الحوار، وهو امر يجري بحثه مع وفد القوات الموجود في الدوحة، وكذلك النائب علي حسن خليل. وقد طرحت اوساط دبلوماسية علامات استفهام حول توقيت «السجال الكلامي» والسقف العالي بين جعجع وبري خلال الساعات القليلة الماضية، لكنها لم تصل الى حد نعي المبادرة القطرية؟!
1000صاروخ خلال ايار؟
في هذا الوقت، اعلنت القناة 12 الاسرائيلية ان حزب الله اطلق 1000 صاروخ على المستوطنات خلال شهر ايار. واكد مركز الأبحاث الإسرائيليّ «عالما» أنّ حزب الله ضاعف هجماته على المواقع الاسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة بالمسيرات الهجومية والانقضاضية خلال هذا الشهر، عمّا كانت عليه في الشهر السابق، مسجلًا أيضًا اشتدادًا في هذه الهجمات. وجاء في تقرير أصدره المركز المتخصص في رصد الجبهة الشمالية مع لبنان، أنّ حزب الله شنّ الشهر الماضي 325 هجومًا استخدم فيها قذائف مضادة للمدرعات وطائرات مُسيّرة، وبمعدل 10 هجمات يوميًا، مقابل 238 هجومًا في نيسان، وبلغ عدد هجمات حزب الله وفقًا للتقرير؛ 1964 منذ بداية الحرب على غزة. علما ان حزب الله اعلن عن تجاوز عملياته ال2000.
«البركان» المدمر
إلى ذلك، ذكر موقع «يو نت» العبريّ أنّه إلى جانب مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة المضادة للدروع التي وصل مداها إلى 8-12 كيلومترًا وأصابت المستوطنات الشمالية والمنشآت الأساسية لوحدة المراقبة الجوية في ميرون، استخدم حزب الله للمرة الأولى منذ بداية الصراع العسكري معه قذائف (بركان) الصاروخية الثقيلة الوزن، وهدفها تسوية شوارع كاملة بالأرض وإحداث الكثير من الدمار في مواقع الجيش الإسرائيلي. وأضاف الموقع انه على الرغم أنّ هذه الصواريخ ليست سلاحًا دقيقًا، إلّا أنّ استخدامها أثبت فعاليته من حيث الأضرار المادية والتأثير النفسي، وذلك بسبب أبعاد الدمار غير العادية التي تُحدثها كل قذيفة صاروخية كهذه.
5 % من قدرات المقاومة؟1
ونقل الموقع عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله إنّ حزب الله يستخدم خمسة في المئة فقط من ترسانة أسلحته خلال هذه الأشهر من المعركة، كميدان اختبار ضد الجيش الإسرائيلي استعدادًا لمعركة حقيقية وواسعة، ويحاول كل يوم تجاوز أنظمة الدفاع الجوي وتعلم الدروس، في زوايا إطلاق مختلفة، وفي كمية الإطلاق المركزة، وفي كمية المتفجرات التي تختلف باختلاف كل سلاح يتم إطلاقه.
فقدان السيطرة في الشمال
من جهتها، اشارت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية الى إن غياب التقدم في الجنوب ينعكس على تفاقم الوضع في الشمال. الولايات المتحدة تعول على وقف إطلاق النار في غزة كنقطة انطلاق لاتصالات كثيفة تؤدي إلى وقف إطلاق النار لفترة طويلة بين «إسرائيل» وحزب الله. ولكن في غضون ذلك، ما زالت النار مشتعلة في الشمال والجيش يفقد السيطرة هناك. والمواجهة مع حزب الله، كما يشعر بها مواطنو «إسرائيل»، تشمل أضراراً كبيرة ومنهجية لمواقع الجيش والمستوطنات على طول الحدود مع لبنان نتيجة إطلاق الصواريخ ومضادات الدروع والمسيرات. وبالنسبة لكثير من الإسرائيليين، فإن الدولة أهملت وتخلت عن الحدود الشمالية وتركتها لحزب الله: ليس لأنه تم إخلاء 60 ألف مواطن، بل لأن حزب الله يستمر في قصف العمق الإسرائيلي (مؤخراً، تسمع صافرات الإنذار في عكا أيضاً، إضافة إلى الجليل الأعلى والجليل الغربي وهضبة الجولان). ولا يبدو أن ما يفعله الجيش قد يردع حزب الله.
لا قدرة على الحرب
من جهتها، سخرت صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية من المسؤولين الاسرائيليين الذين يطالبون باحتلال جنوب لبنان وهزيمة حزب الله، وقالت ان عليهم ان يأخذوا التداعيات الآتية في الحسبان: العبء على القوات النظامية والاحتياط، التي تآكلت بعد القتال الطويل، والحاجة إلى كمية كبيرة من السلاح الدقيق لتنفيذ خطط الجيش الإسرائيلي، والأضرار المتوقعة على الجبهة الداخلية، بما في ذلك منطقة حيفا والكريوت و»غوش دان». وخلصت الصحيفة الى القول «نحن قريبون من فقدان السيطرة على الوضع على طول الحدود».
عبء قوات الاحتياط
واشارت الى انه حتى بدون حرب شاملة في الشمال، هناك مسألة العبء الآن على وحدات الاحتياط، التي أصبحت قضية حاسمة في إدارة الحرب. الحكومة وهيئة الأركان غير مدركة تماماً حجم الصعوبات، وتتعامل مع جنود الاحتياط كمورد لا ينفد. عملياً، الجنود الذين تم استدعاؤهم للجبهة للمرة الثالثة بإنذار قصير، باتوا يشعرون ببدء نفاد التسامح سواء في البيت أم في مكان العمل، فضلاً عن الثمن النفسي المرتبط بالخدمة الطويلة والخطرة.
فضيحة في «الكابينت»
اما الفضيحة فما حصل في جلسة «الكابينت الموسع» قبل ايام حيث، طرح الوزراء مطالب مثيرة للاستغراب، طلب أحدهم قتل السنوار؛ وآخر طلب البقاء في محور فيلادلفيا وباقي القطاع إلى الأبد؛ وثالث تساءل لم لا نحتل جنوب لبنان؟ ورابع اقترح تصفية الحوثيين في اليمن، وخامس شن حرب ضد إيران. في النهاية، تبين أن الجميع يتفقون على أمر واحد: لا حاجة الى زيادة ميزانية الدفاع. هذا كابنت غير جدي، صبياني، هواشي وفي أطرافه خطر ومسيحاني. تقول «يديعوت»و لا يمكن الاعتماد عليه، ولقد تعلمنا من الماضي، ان «إسرائيل» لن تدفع أثماناً باهظة لتشتري الهدوء. وإذا ما أعطى اتفاق مع حماس علاوة هدوء في الشمال أيضاً، ربما سيقتنع المستوى السياسي بالقول «نعم» للاتفاق مع لبنان.
تصعيد ميداني
ميدانيا، التصعيد سيد الموقف حيث استهدفت مسيرة اسرائيلية سيارة بين بلدة الخرايب والزرارية وكوثرية الرز بأربعة صواريخ مما ادى الى سقوط شهيد. وشن الطيران الحربي الاسرائيلي 5 غارات على مرتفعات جبل الريحان. كما شن غارة على جبل ابو راشد، خراج بلدة ميدون قرب السريرة في منطقة جزين. ونفذت طائرة مسيرة غارة مستهدفة دراجة نارية في بلدة الناقورة، وادت الغارة الى سقوط شهيد واصابة شخص اخر. كما تسبب القصف المدفعي الذي تتعرض له بلدة علما الشعب لجهتها الشرقية باشتعال النيران في المنطقة. واندلع حريق في حقول القمح في سهل مرجعيون قبالة المطلة جراء إلقاء الجيش الاسرائيلي القنابل الحارقة، كما تعرضت بلدة كفركلا لقصف بقذائف الهاون من قبل الجيش الإسرائيلي. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي، غارات وهمية في الجنوب وأطلق جدار الصوت فوق منطقة الزهراني حيث تحطم الزجاج في مجمع نبيه بري للمعوقين في الصرفند. كما تحطم الزجاج في بعض الأبنية في بلدات الخرايب والزرارية وارزي.
سرب المسيرات
في المقابل، وفي مشهد غير مسبوق، شن حزب الله عبر سرب من المسيرات هجوما على مقر قيادة الجبهة الشرقية في قيادة الجليل، كما اكد انه وبعد تعقّب ومراقبة لقوّات العدو الإسرائيلي في جبل عداثر، وعند رصد لآليّة عسكريّة فيه، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلاميّة صباح امس، بالصواريخ الموجّهة وأصابوها إصابةً مباشرةً؛ ممّا أدّى إلى تدميرها واشتعال النّيران فيها وإيقاع طاقمها بين قتيلٍ وجريح». ايضا، اعلن حزب الله انه استهدف «جنود العدو في خلّة وردة بالأسلحة الصاروخية وانه حقّق إصابة مباشرة، وكذلك التجهيزات التجسسية في موقع المالكية بقذائف المدفعية «. واعلن ايضا استهداف قوات العدو بالقذائف المدفعية في حرش شتولا وذكر الإعلام الاسرائيلي، ان طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله اسقطت قنبلة في منطقة المطلة وعادت إلى جنوب لبنان. في هذا الوقت، نعت المقاومة في بيان بمزيد من الفخر والاعتزاز، الشهيد المجاهد حسين أحمد ناصر الدين «سراج» مواليد عام 1980 من بلدة العباسية في جنوب لبنان، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس… وكذلك الشهيد المجاهد علي حسين صبرا «أبو حسين أيمن» مواليد عام ١٩٧٥ من مدينة بيروت وسكان بلدة البابلية في جنوب لبنان، كما نعى الحزب الشهيد المجاهد محمد شوقي شقير «جهاد» مواليد عام 1996 من بلدة الغازية في جنوب لبنان.
التحذيرات الايرانية
داخليا، كان الحدث زيارة وزير الشؤون الخارجية الإيرانية بالانابة علي باقري كني الى بيروت، وهي الاولى بعد تسلّمه مهامه بعد مقتل وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان، كني كرر التاكيد ان المقاومة هي اساس ثبات واستقرار المنطقة. واعلن بعد لقاء وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ان هناك تطابقًا في وجهات النظر بشأن المخاطر الناجمة عن استمرار الحرب على غزة، مضيفًا: حرص إيران على استقرار لبنان. كما حذر «اسرائيل» من اي حرب شاملة على لبنان. من جهته اكد بو حبيب موقف لبنان الرافض للحرب، وشرح تصوّره للحلول المستدامة التي تعيد الهدوء والاستقرار من خلال سلّة متكاملة لتطبيق القرار 1701. واكد باقري ان ايران لم توفّر جهدًا لدعم الاستقرار في لبنان وتأمين رفاهية الشعب. واشار الى ان المقاومة هي أساس الثبات والاستقرار في المنطقة، لافتا إلى ان بلاده تنسق مع السعودية وقال «اتفقنا على مبادرة تتمثّل في عقد اجتماع طارئ للدول الأعضاء في منظمة دول التعاون الإسلامي». بعدها ، زار باقري كني والوفد المرافق رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
الرئاسة في قطر
رئاسيا، تبدا كتلة اللقاء الديموقراطي تحركها الرئاسي وتزور معراب اليوم للتشاور، وفيما اعلن عن وصول النائب علي حسن خليل الى العاصمة القطريّة الدوحة امس ، موفداً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي كان تلقّى دعوة لزيارة قطر، بعد يومٍ واحدٍ من وصول وفدٍ من حزب القوات اللبنانيّة، اكدت مصادر مطلعة ان الدوحة تعمل على احداث اختراق في جدار الازمة الرئاسية من خلال طرح مبادرة تقوم على تحضير الاجواء لحوار مباشر بين «عين التينة» و «معراب» لمحاولة جسر الهوة بين الطرفين ازاء الدعوة المسبقة الى الحوار قبل الجلسات الرئاسية.
ماذا تريد الدوحة؟
والتقى وفد من القوات اللبنانية يضم النائبين بيار ابو عاصي وملحم الرياشي والدكتور جوزيف جبيلي عضو الهيئة التنفيذية في القوات، امس وزير الدولة لشؤون الخارجية صالح الخليفي، ومن المتوقع أن يلتقي الوفد القواتي اليوم رئيس الحكومة القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ووفقا للمعلومات، لا مبادرة قطرية، ولا تمهيد لدوحة 2، لكن ثمة رهان قطري على «»براغماتية» جعجع من خلال اغرائه بتقدم صفوف المعارضة للحوار باسمها بعيدا عن «ابتزاز» التيار الوطني الحر، وتأمل في ايجاد قواسم مشتركة تمهد الطريق لتفاهمات حول المرحلة المقبلة، خصوصا ان الرئيس بري لا يقفل «الابواب» امام اي حوار او تشاور ثنائي اذا كان سيؤدي الى «كسر الجليد» مع الطرف الآخر. وفي هذا السياق، ثمة علامات استفهام كبيرة لدى المسؤولين القطريين ازاء توقيت السجال العالي السقف بين بري وجعجع، لكنها لا تعتبر انه يقفل الباب امام احتمال نجاح مبادرتها، كما يقول مصدر دبلوماسي، يرى ان هذا الاشتباك الكلامي قد يكون فرصة لاقناع الطرفين لضرورة الجلوس الى الطاولة. والساعات المقبلة ستكون حاسمة في هذا الاطار.
سجال بري -جعجع
وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رد على رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حمله مسؤولية عرقلة الحوار ورئاسة الجمهورية والسعي الى الفدرلة، من خلال قوله انه لا يزال عالقا في «حالات حتما»، فقال ان «حديث بري اسقط عنه القناع، ولا يحلمَنّ احد ببلوغ لحظة يصبح في لبنان مرشد اعلى». وعن مقولة بري ان «المكان الطبيعي لأي تشاور هو مجلس النواب وان المجلس مؤسسة لها رئيس والرئيس ايا كان اسمه هو المعني بأن يترأس جلسة التشاور بين الكتل»، قال جعجع انه لا يمكن للرئيس بري ان يتخطى صلاحياته ويشرّع، هو رئيس بما اعطاه اياه الدستور وليس بمحاولة السيطرة على سائر المؤسسات الدستورية…هو يحاول خلق عرف ومواد دستورية غير منصوص عليها . لسنا مع طاولة الحوار برئاسة بري انما مع الاتصالات والمشاورات بين الكتل. ويستحيل ان نصل الى وقت يكون في لبنان مرشد اعلى للجمهورية.