كتبت صحيفة “الديار”: يستمر العدو الإسرائيلي في إتباع سياسة الأرض المحروقة تجاه لبنان، حيث تقوم آلته العسكرية الإجرامية بحرق آلاف الكيلومترات المربّعة من الأراضي اللبنانية والإعتداء على المباني والسكان بشكل يُظهر عقيدته الإجرامية تجاه اللبنانيين والفلسطينيين. وبحسب المعلومات الواردة من الجنوب، قصف العدو الإسرائيلي خراج بلدة ديرميماس محلة القصيبة والحرف فوق مجرى نهر الليطاني أوّل من أمس بوابل من القذائف الانشطارية المعادية وذلك بهدف إشعال النيران وحرق «الأخضر واليابس».
إلى هذا تزداد المطالب في الكيان الغاصب بتصعيد تجاه لبنان كما طالب وزير الأمن القومي في الكيان الصهيوني حيث قال: «حان الوقت ليحترق لبنان كله». هذه المطالب تأتي ردًا على ضربات المقاومة اللبنانية التي أصبحت توجع الكيان أكثر من أي وقتٍ مضى، حيث أن شمال الأراضي المُحتلّة تشتعل فيها النيران في كل جهة نتيجة ضربات المقاومة التي تستخدم الإستراتيجية نفسها التي يستخدمها العدو الصهيوني أي إستراتيجية الأرض المحروقة. فليل أول من أمس تعرّضت مستوطنة كريات شمونة إلى قصف عنيف من فصائل المقاومة اللبنانية مما أدّى إلى إشتعال الحرائق في المستوطنة وهو ما دفع وزير الأمن القومي الإسرائيلي إلى التصريح بقوله «يجب حرق معاقل حزب الله وإبادتها».
وبالتالي يُمكن التساؤل عن إحتمال توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان في ظل التصعيد الذي تشهده الجبهة الجنوبية؟ الجواب على هذا السؤال يُمكن إستخلاصه من تطور الأحداث. فحزب الله يقصف عمق الكيان الصهيوني من دون أن يستطيع العدو وقف هذه الضربات على الرغم من القذائف الحارقة التي يُطلقها على الأراضي اللبنانية والغارات الجوية التي تستهدف المنازل. فما هو السبب؟ لماذا لا يُقدم العدو الإسرائيلي على إجتياح لبنان كما فعل سابقًا خصوصًا أن جيش العدو ومسؤوليه أعلنوا عشرات المرّات أنهم على إستعداد وجهوزية كاملة لعملية في الجنوب اللبناني وزادوا من عديدهم وعتادهم؟
في الواقع، هناك عدة أسباب تمنع العدو من القيام بمثل هذه المُغامرة:
السبب الأول يكمن في جهوزية حزب الله والفصائل المُقاومة الأخرى. فبحسب كلام سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، المقاومة وضعت كل السيناريوهات المُمكنة وجهّزت الردود المناسبة لكل سيناريو وهي على أتمّ الإستعداد. وبحسب التقديرات، فقد زاد حزب الله عديده وعتاده بعِدّة أضعاف منذ بدء طوفان الأقصى وبالتالي أي مُغامرة إسرائيلية لن تكون سهلة وهو ما يعرفه الإسرائيليون جيدًا.
السبب الثاني يكمن في طبيعة الأرض اللبنانية والتي هي مُختلفة عن الطبيعة في غزّة، فلبنان يحوي جبالا ووديان ومُقاوموه يعرفون جيدًا الأرض ومُستعدون لكل الإحتمالات.
السبب الثالث يكمن في تغيير موازين القوى جوّيًا، فبعد أن كانت إسرائيل تمتلك الجو اللبناني خلال عدوان تموز 2006، أصبحت اليوم مُسيراتها تتساقط الواحدة تلو الأخرى تحت نيران حزب الله. لا بل أكثر من ذلك، أصبح العدو يخشى مسيرات الحزب التي تصل إلى عمق الكيان غير آبهة بقبته الحديدية.
السبب الرابع يكمن في معنويات جنود إسرائيل التي إنهارت منذ بدء طوفان الأقصى على عكس معنويات مُجاهدي المُقاومة التي كسرت مُعادلة الجيش الذي لا يُقهر.
كل هذه الأسباب تدفع العدو إلى إعتماد الحرب النفسية عبر التصعيد الكلامي وإستخدام القذائف الحارقة من دون أن يمس ذلك بمعنويات وتصميم مُجاهدي المُقاومة التي تُشكّل الرادع الأساسي في وجه العدو. وبالتالي يعلم العدو الإسرائيلي أن حزب الله على اهبة الإستعداد لأي حركة من قبل العدو وهو لن يجرؤ على القيام بأية مُغامرة ستُكلّفه الكثير. وهذا ما دفع العدو إلى أزمة بين مكونات الإئتلاف الحكومي الإسرائيلي والذي هدد أحد أعضاء الحكومة بكسره إذا ما تراجع نتنياهو على الجبهة اللبنانية.
على الصعيد السياسي، إلتقى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بالقائم بأعمال خارجية إيران علي باقري كني الذي انهى زيارته الى بيروت حيث تمّ عرضٌ للأوضاع على الساحتين المحلّية والإقليمية بما فيها العدوان الإسرائيلي على غزّة ولبنان.
رئاسيًا، لا تزال مواقف القوى السياسية في لبنان على حالها حيث أن كل فريق مُتمسّك بموقفه وبالتالي لم يتم لمس أي تغيير من قبل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته الأخيرة لبيروت. وعلى الرغم من ذلك، ترى مصادر مُطلعة أن اللجنة الخماسية مُصمّمة على إيجاد مخرج في ظل هذا التوقيت الإقليمي الدقيق. وبحسب هذه المصادر، هناك إلحاح من قبل اللجنة الخماسية على إنجاز الإستحقاق الرئاسي في الأسابيع المقبلة وذلك لإقرار «التسوية المرتقبة للأوضاع على الحدود الجنوبية مع الكيان الصهيوني». وترى المصادر أن عمل اللجنة الخماسية يتكامل وعمل كل من الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والوسيط الأميركي آموس هوكستين، حيث أن اللجنة الخماسية تسعى لإنتخاب رئيس للجمهورية في نفس الوقت الذي يسعى فيه هوكستين إلى الوصول إلى مسودّة إتفاقية على ترسيم الحدود يتمّ إقرارها من قبل الرئيس المُنتخب.
رئيس مجلس الوزراء القطري استقبل وفداً من «القوات»
استقبل رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، وفدا من حزب «القوات اللبنانية»، ضم النائبين بيار بو عاصي وملحم الرياشي والقيادي جوزيف جبيلي. وقد تم البحث في الأزمة اللبنانية وسبل معالجتها وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية.
وقالت الخارجية القطرية في بيان: «استقبل الشــيخ محمــد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أعضاء في مجلس النواب بالجمهورية اللبنانية عن حزب «القوات اللبنانية»، بمناسبة زيارتهــم للبلاد.
وجرى خلال المقابلة، استعراض آخر التطورات في لبنان، ومستجدات الأوضاع في المنطقة».
مبادرة اللقاء الديموقراطي
وأخذ اللقاء الديموقراطي مبادرة تُكمّل المبادرات السابقة من خلال إرسال وفد للقاء القوى المحلّية. فقد إلتقى وفد من اللقاء ضمّ الرئيس النائب تيمور جنبلاط والنواب مروان حماده، أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، برئيس حزب «القوات اللبنانيّة» سمير جعجع في معراب وفداً من الحزب التقدمي الإشتراكي. وإلتقى الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بكلٍ من رئيس مجلس النواب نبيه بري والمعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل.
وبحسب المصادر نفسها، تتسم الجهود الدولية الحالية بتوافق شبه كامل على ما يستوجب القيام به من خطوات للتوصّل إلى إنتخاب رئيس وترسيم الحدود بدءًا من الإدارة الأميركية وصولًا إلى بعض القوى المحلية مرورًا بأعضاء اللجنة الخماسية. وترى المصادر أن الرهان الدولي على هذه المبادرة كبير حيث أن فشل هذه المبادرة يعني إستمرار الحرب وإستمرار شغور منصب الرئاسة الأولى مع ما لذلك من تداعيات على الواقع الاقتصادي القائم.
وبالحديث عن الوضع الاقتصادي، لا تزال المخاطر تُحدق بالإقتصاد اللبناني وبلقمة عيش المواطن مع غياب الإصلاحات الضرورية للخروج من الأزمة الحالية. فغياب الإجراءات يُعمّم الفوضى في الأسعار التي ترتفع من دون حسيب أو رقيب وزيادة حجم إقتصاد الكاش إلى مستويات تُهدّد مُستقبل لبنان في الأشهر القادمة مع إستحقاق مصيري في تشرين الثاني القادم يتمثلّ بقرار مجموعة العمل المالي الدولية بوضع لبنان أو عدم وضعه على اللائحة الرمادية والذي إذا ما حصل سيزيد من التعقيدات على صعيد الإستيراد وتحويل الأموال وزيادة الكلفة ورفع الأسعار وغيرها من الأمور التي نحن بغنى عنها. وبحسب مرجع إقتصادي، لا يتغيّر شيئًا على الصعيد الاقتصادي قبل الخروج من الأزمة السياسية خصوصًا أن صندوق النقد الدولي لا يتفاوض ولا يوقّع إتفاقيات مع حكومة مُستقيلة. من هذا المُنطلق، يتوقع المرجع الاقتصادي أن يستمر الوضع بالتآكل إلى حين إنتخاب رئيس للجمهورية مع إستمرار إنحلال مؤسسات الدولة وإزدياد الفوضى الاقتصادية.