الرئيس سعد الحريري في الطريق إلى الولايات المتحدة الأميركية ومعه وزير الخارجية جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومدير مكتبه نادر الحريري، في زيارة رسمية تبدأ الاثنين، يُقابل خلالها الرئيس دونالد ترامب الثلاثاء ورئيس مجلس النواب بول راين وأعضاء في الكونغرس إضافة إلى كبار المسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لبحث ملفات لبنانية، من ضمنها العقوبات المالية الأميركية على حزب الله.
وليلاً قال البيت الأبيض في بيان ان الرئيس ترامب سيستقبل الرئيس الحريري في 25 الجاري. واضاف: سيناقش الزعيمان القضايا ذات الاهتمام المشترك بما فيها قضايا الحرب على الإرهاب والاقتصاد واللاجئين.
في هذا الوقت، كان حزب الله يشن هجوماً على مسلحي النصرة في جرود عرسال، ودبلوماسياً، كان سفير دولة الكويت لدى لبنان عبد العال القناعي يزور وزارة الخارجية ويسلم الوزير باسيل مذكرة احتجاج رسمية من بلاده إلى الحكومة اللبنانية لوضعها امام مسؤولياتها تجاه ممارسات حزب الله غير المسؤولة، بعد ثبوت مساهمته في التخابر وتنسيق الاجتماعات ودفع الأموال بقصد هدم النظم الأساسية بدولة الكويت، في قضية ما عرف «بخلية العبدلي».
وطالب السفير القناعي الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع حزب الله وممارساته المشينة باعتباره مكوناً من مكونات الحكومة اللبنانية، مؤكداً على الحرص الأكيد على الحفاظ وتنمية العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين.
وعشية زيارة الوفد اللبناني، قدم أعضاء بالكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تشريعاً امس بهدف فرض عقوبات جديدة على حزب الله، متهمين إياه بالعنف في سوريا ونصب صواريخ على طول الحدود مع إسرائيل، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
ويسعى التشريع، الذي يمثل تعديلا لعقوبات سبق ان فرضت على حزب الله، إلى زيادة القيود على قدرة الحزب على جمع الأموال والتجنيد وزيادة الضغط على البنوك التي تتعامل معه واتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تدعمه ومنها إيران.
وسيمنع التشريع أي شخص يتبين أنه يدعم حزب الله من دخول الولايات المتحدة وسيلزم الرئيس الأميركي بأن يرفع إلى الكونغرس تقريرا بشأن ما إذا كانت المؤسسات المالية الإيرانية تسهل التعاملات المالية لحزب الله.
وقال إد رويس وهو الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب والذي قدم التشريع إلى المجلس، إن «هذه العقوبات ستقلص بشدة شبكة حزب الله المالية وأنشطته الإجرامية العابرة للحدود وستنال كذلك من داعميه وأهمهم إيران»، وفق رويترز.
معركة الجرود
في هذا الوقت، بدأ الحزب هجوماً على مواقع جبهة النصرة في جرود عرسال في مواجهة حددت أهدافها وتوقيتها بطريقة جيدة، وسط معلومات عن تهاوي عدد من مواقع المسلحين السوريين في الجرود واعتراف التنسيقيات بسقوط 17 مسلحاً من هؤلاء بينهم مسؤول موقع ضهرة الهوة واثنان من مرافقيه، فيما نعى حزب الله عدداً من مقاتليه، قالت «سكاي نيوز» ان عددهم بلغ 12 عنصراً.
وإذا كان تيّار المستقبل سارع في بيان له مساء أمس لربط التطورات العسكرية في جرود السلسلة الشرقية المتداخلة مع الأراضي السورية، معتبراً انها جزء لا يتجزأ من الحرب السورية التي يُشارك فيها حزب الله إلى جانب النظام السوري، معلناً رفضه لتوريط لبنان بالحرب السورية، معتبراً ان مشاركة حزب الله فيها خروج على «مقتضيات الإجماع الوطني والمصلحة الوطنية»، مشدداً على رفض «إضفاء الشرعية على قتال حزب الله في الجرود وداخل سوريا». فإن مصادر مواكبة زيارة الرئيس الحريري إلى واشنطن استبعدت لـ«اللواء» ان يكون توقيت بدء المعركة في جرود عرسال مرتبط بشكل أو بآخر بزيارة رئيس الحكومة إلى واشنطن. وقالت: عندما تمّ تحديد البيت الأبيض موعد للرئيس الحريري مع الرئيس ترامب لم يتم الأخذ بطبيعة الحال الوضع في جرود عرسال، لذلك لا ارتباط بين الزيارة والعملية العسكرية وفقاً لهذه المصادر.
وأكدت المصادر ان لدى الجيش اللبناني غطاء سياسياً كاملاً وغير مشروط من قبل القيادة السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية ولديه صلاحية اتخاذ ما تراه القيادة مناسباً في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة. واشادت المصادر بالدور الذي يقوم به الجيش وحزمه وعدم تساهله مع أي مرتكب مشيرة الى انه رفع جهوزيته واحكم الطوق بشكل تام على كامل مداخل بلدة عرسال لمنع تسلل أي مسلح بهدف حماية المدنيين داخل البلدة وهو نجح بذلك.
ومن جهتها، اكدت مصادر سياسية بارزة قريبة من «حزب الله» ان مهمة تنظيف الجرود هي بيد الحزب، فيما مهمة الحفاظ على الداخل اللبناني من بلدة عرسال نزولاً الى القرى المحيطة هي بيد الجيش اللبناني.
وجزمت المصادر نفسها بأن قيادة الجيش تملك تفويضاً سياسياً كاملاً من رئاستي الجمهورية والحكومة للتصرف وفق ما تقتضيه مجريات المعركة دون الرجوع لأية جهة سياسية، خصوصاً إذا قصفت المجموعات المسلحة عرسال والمخيمات، مشيرة إلى ان رئيس الجمهورية ميشال عون على اتصال مباشر دقيقة بدقيقة لمتابعة تفاصيل ما يحصل في عرسال وجرودها.
وفي هذا السياق، أفاد المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية ان الرئيس عون تابع منذ فجر أمس، التطورات الأمنية على الحدود اللبنانية – السورية المقابلة لجرود عرسال، وتلقى تقارير من الأجهزة الأمنية المعنية حول المستجدات والإجراءات التي اتخذتها قيادة الجيش على الحدود اللبنانية ومنع تسلل المسلحين عبرها.
اما الرئيس نبيه برّي فنقل عنه السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ارتياحه للنجاحات التي يحققها الجيش اللبناني، وانه كان متفائلاً بأن تنجز هذه العملية بايقاع سريع وبخسائر قليلة، وأن الانتصار يُشكّل ضمانة لأمن البلدين.
ولمواكبة الوضع في جرود عرسال وتفاعلاتها في الداخل اللبناني، رأس وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن الداخلي المركزي، خصص لبحث التدابير الواجب اتخاذها لحماية المدنيين وسبل مكافحة شحن النفوس على مواقع التواصل الاجتماعي كما بحث المجلس في مواضيع بقيت طي الكتمان.
ومن هذه المواضيع، حسب مصادر سياسية، التخوف من إمكانية حصول بعض الخروقات في الداخل اللبناني، استناداً إلى معلومات أمنية تُشير إلى وجود مجموعات مجهزة باحزمة ناسفة لم يتم تحديد اماكنها بعد، وقيام «ارهابيين» باستعمال السلاح الأبيض لمهاجمة مدنيين أو اللجوء إلى عمليات دهس، على غرار ما يحصل في أوروبا، ولهذا السب عزّز «حزب الله» اجراءاته الأمنية في الضاحية الجنوبية، فيما رفعت الأجهزة العسكرية والأمنية حالة التأهب والاستنفار على مختلف الأراضي اللبنانية.
وأدرج نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم المواجهة من أجل ضرب ما تبقى من المشروع التكفيري لحماية الحدود اللبنانية من الحدود الشرقية.
الوقائع الميدانية
ميدانياً، أفادت آخرالمعلومات عن اشتداد وتيرة القصف الصاروخي والمدفعي في جرود عرسال قرابة الثامنة مساء، وسيطرة حزب الله على وادي الدقيق ووادي الزعرور الذي يضم 3 مواقع لجبهة «النصرة» هي رعد 1 و2 و3 جنوبي شرق عرسال، بالتوازي مع السيطرة على مواقع في جبل القنزح في جرود عرسال.
سبق هذا التطور، سيطرة مقاتلي الحزب على موقع ضهرة الهوة، وهو اهم المواقع في جرد عرسال ونزع راية «النصرة» عنه وغرس راية المقاومة، واهمية هذا الموقع تأتي من انها تفتح الطريق باتجاه وادي الحفل ووادي العرب، بعد ان كانوا سيطروا بالكامل على موقع الزهوة والذي اعتبر صباحا ساقطا عسكريا، واستهدف مركز «النصرة» في وادي الضهرة بصاروخ موجه مما ادى الى تدميره.
وقرابة الخامسة عصرا، اشتدت وتيرة المعارك، بعد هدوء نسبي وشن حزب الله هجوماً كبيرا باتجاه سهل الزهوة وعلى موقع «ضهرة الهوة» وحصلت اشتباكات على مسافة قريبة مع مسلحي «فتح الشام». وشهدت جرود السلسلة الشرقية عمليات قصف متقطعة اشتدت احيانا على جرود الزهوة، معقل امير تنظيم «داعش» موفق ابو السوس بعد انضمامه الى المعركة مع «النصرة» وسمعت اصداء القصف في قرى البقاع الشمالي وعرسال.
وافادت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية عن سقوط اكثر من 20 قتيلا في صفوف جبهة «النصرة» وعدد من الجرحى نقلوا الى مستشفيات ميدانية في منطقة وادي عجرم، فيما نعى الحزب اثنين من مقاتليه، مما رفع عدد ضحاياه الى ثلاثة بحسب المعلومات وهم: ياسر شمص من البقاع، حسين زهير سليم من الغبيري وحسن علي حمود من الطيبة.
وذكرت الوكالة نفسها ان حزب الله استهدف بالصواريخ الموجهة آليتين «للنصرة» على طريق فرعية جنوب وادي حميد مما أدى إلى تدميرهما ومقتل جميع من داخلهما.
وكان الإعلام الحربي في الحزب قد أشاد في بيان إلى ان الهجوم انطلق من محورين في اتجاهات متعددة لكل محور، الأول من بلدة فليطة السورية في اتجاه مواقع النصرة في جرود القلمون الغربي، والثاني من جرود السلسلة الشرقية للبنان الواقعة جنوب جرود عرسال في اتجاه مرتفعات وتحصينات «النصرة» شمال وشرق جرود عرسال.
وأعلنت قيادة العمليات في الحزب أن لا وقت محدداً للعملية وهي ستتحدث عن نفسها وستسير وفقاً لمراحل تمّ التخطيط لها.
وأشار الإعلام الحربي أن عناصر الحزب سيطروا بعد 6 ساعات من القصف المدفعي والصاروخي العنيف علی مساحات واسعة من الجرود التي كان يشغلها المسلحون من أصل 400 كيلومتر مربع تمتد من الكسارات حتى جرود رأس بعلبك – القاع، وسط تقدّم وتمركز للحزب في تلال البرلمان ومحيطها، أي أن 8 نقاط عسكرية خسرتها «النصرة» في جرود فليطة.
الجيش اللبناني
في هذه الاثناء، رفع الجيش من جهوزيته واستقدم تعزيزات بهدف احكام الطوق بشكل كامل على أطراف بلدة عرسال وفي داخلها ومحيط المخيمات لمنع أي تسلل، وبهدف حماية المدنيين داخل البلدة، وأقفل كل المعابر من الجرود باتجاه عرسال، واستهدف مجموعة إرهابية حاولت الفرار باتجاه عرسال آتية من وادي الزعرور، بحسب ما أكد مصدر عسكري، وأصاب جميع أفرادها.
وأشارت معلومات إلى ان الوضع في عرسال طبيعي، وأن الجيش أنشأ ممراً لخروج النازحين من المخيمات الموجودة في مناطق الاشتباكات، وسهلت عناصره مرور نازحين من النساء والأطفال إلى عرسال من مخيم مدينة الملاهي القريب من مراكز المسيحيين باشراف مندوبين من الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
وليلاً، استهدفت مدفعية الجيش تأميناً لمراكزه، مجموعة من المسلحين في محلة وادي الخيل الشمالي كانت تتحضر للتسلل إلى مراكزه، وحققت إصابات..
وطالب الجيش السوري الحر (سرايا اهل الشام) الهيئات الدولية والمنظمات الانسانية التدخل لحماية اللاجئين المدنيين وتأمين ممر انساني للجرحى لتلقي العلاج داخل مستشفيات عرسال، محملا الدولة اللبنانية المسؤولية كاشفا عن اقفال جميع ابواب التفاوض من اجل الخروج قبل المعركة لتجنيب «اللاجئين واخواننا في عرسال ويلات الحرب».