أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني “إسرائيل” موجة من ردود الفعل العربية والدولية الغاضبة والرافضة لهذا القرار.
وسارع زعماء في العالم الإسلامي وآخرون في المجتمع الدولي إلى انتقاد الخطوة والتحذير من أنها قد تؤدي إلى أعمال عنف تراق فيها الدماء.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا لبحث قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة “لإسرائيل”، حسبما أعلن مندوب اليابان في الأمم المتحدة التي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الأمن.
وكانت وكالة رويترز نقلت عن دبلوماسيين قولهم إن “8 دول هي فرنسا وبوليفيا ومصر وإيطاليا والسنغال والسويد وبريطانيا وأوروغواي، طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقديم إفادة علنية أمام مجلس الأمن”.
في هذه الأثناء، دعت الفصائل الفلسطينية في بيان مشترك إلى إضراب عام ومسيرات يوم الخميس في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والمناطق الفلسطينية في القدس، احتجاجا على إعلان الرئيس الأمريكي فيما يزيد احتمال وقوع اشتباكات عنيفة.
وكان ترامب قد أعلن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة “لإسرائيل” ووصفه هذا التحرك بأنه “خطوة متأخرة جدا” من أجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط والعمل باتجاه التوصل إلى اتفاق دائم.
وأكّد ترامب في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة تدعم حل الدولتين إذا أقره الإسرائيليون والفلسطينيون.
وطالب ترامب وزارة الخارجية الأمريكية ببدء الاستعدادات لنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
وتعد القدس معضلة في صميم الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، إذ يعتبر الفلسطينيون أن القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن قرار ترامب “اعتراف بواقع حالي وتاريخي” وليس موقفا سياسيا، وأنه لن يغير الحدود الفعلية أو السياسية للقدس.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الاعتراف بالقدس عاصمة “لإسرائيل” يمثل “إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة دورها الذي كانت تلعبه خلال العقود السابقة في رعاية عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وأضاف عباس أن “الاعتراف بالقدس عاصمة “لإسرائيل” يدمر أي فرصة في حل الدولتين”.
وأكد أن “القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية”.
وقال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن ” الشعب الفلسطيني في كل مكان لن يسمح بتمرير هذه المؤامرة وخيارهم في الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم”.
وأوضح الناطق باسم الحركة أن “قرار ترامب سيفتح أبواب جهنم على المصالح الأمريكية في المنطقة”.
كما ووصف رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو قرار ترامب بأنه “تاريخي وشجاع وعادل”.
وقال نتنياهو إن ” هذا القرار يعد خطوة مهمة فيما يتعلق بالتوصل إلى السلام، لأنه ليس يكون هناك سلام إذا لم يُعترف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل”.
وأضاف أن ” القدس هي عاصمة إسرائيل منذ 70 عاماً”.
ورحب وزير التعليم “الإسرائيلي” نفتالي بنت بقرار ترامب قائلاً إن “الولايات المتحدة تضيف حجراً على جدران مدينة القدس وإلى قوام الأمة اليهودية”، داعياً الدول الأخرى للحذو حذو ترامب وتبني هذا القرار.
وذكر بيان للديوان الملكي السعودي، نشرته وكالة الأنباء الرسمية الخميس “سبق لحكومة المملكة أن حذرت من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة، وتعرب عن استنكارها وأسفها الشديد لقيام الإدارة الأمريكية باتخاذها، بما تمثله من انحياز ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس”.
وقالت وسائل إعلام سعودية إن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أبلغ ترامب في اتصال هاتفي أن “نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس أو الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل سيزيد من التوتر في المنطقة”.
وأضافت أن هذه “الخطوة تمثل تراجعا كبيراً في جهود الدفع بعملية السلام وإخلالاً بالموقف الأمريكي المحايد تاريخياً من مسألة القدس”.
كما حذّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، من “تعقيد الوضع في المنطقة من خلال اتخاذ إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام في الشرق الأوسط”.
ووصفت الجامعة العربية القرار بأنه “إجراء خطير من شأنه أن تكون له تداعيات” في أنحاء المنطقة، وسيضع علامات استفهام حول مستقبل دور الولايات المتحدة كـ”وسيط موثوق فيه” في محادثات السلام.
وقال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي خامنئي: ” إن قرار ترامب ينذر بانتفاضة جديدة ، فيما أشار وزير الخارجية الإيراني إلى أن “الولايات المتحدة خرقت بهذا القرار القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
في غضون ذلك، دعا الملك الأردني، الملك عبد الله، إلى بذل جهود مشتركة “للتعامل مع تداعيات هذ القرار، وأكد الناطق باسم الحكومة الأردنية أن “هذا القرار يعد خرقاً للشرعية الدولية والميثاق الأممي “.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون إن عملية السلام ستتعثر جراء قرار ترامب، فيما وصف وزير الخارجية القطري خطوة ترامب بأنها بمثابة الحكم بالإعدام على مساعي السلام.
المجتمع الدولي
ولم تقتصر ردود الفعل على الدول العربية بل امتدت للعالم أجمع، فقد قال البابا فرانسيس: “لا يمكنني إخفاء مخاوفي البالغة بشأن الوضع الذي لاح في الأيام الأخيرة. وفي الوقت ذاته، أناشد بقوة الجميع احترام الوضع الراهن للمدينة بما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، للصحفيين: “نعتبر دائما القدس مسألة من مسائل الوضع النهائي التي يجب أن تُحل خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين استنادا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى “استئناف عملية سلام هادفة في اتجاه حل الدولتين”، وقال إنه “طريق لابد من التوصل إليه، عبر المفاوضات، لحل وضع مدينة القدس كعاصمة مستقبلية لكلا الدولتين، حتى يمكن تحقيق تطلعات كلا الطرفين”.
ووصف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بأنه “مؤسف” داعيا كل الأطراف بضرورة الابتعاد عن العنف.
وأعربت كل من الصين وروسيا عن مخاوفهما من أن تؤدي الخطوة إلى تصاعد التوترات في المنطقة.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في بيان لها إن “بريطانيا لا توافق على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيلي قبل التوصل إلى اتفاق نهائي حول وضعها”، مؤكدة أن مقر السفارة البريطانية في إسرائيل هو تل ابيب وليس هناك أي خطة لنقلها”.