شكل مجلس الوزراء لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وعضوية تسعة وزراء لدرس ملاحظات الوزراء حول ارقام الموازنة للعام 2018 الواردة في مشروع القانون، على ان تعود اللجنة الى المجلس باقتراحات نهائية.
وطلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تكثيف جلسات المجلس لإقرار مشروع القانون واحالته على مجلس النواب، “وإذا لزم الامر يمكن فتح دورة استثنائية”، مشددا على ضرورة خفض العجز فيه، والتوصل الى حل جذري لعجز الكهرباء من خلال اعتماد الحل الذي تقترحه وزارة الطاقة والمياه، وداعيا من يتحدثون عن فضيحة لدى الكلام عن حل للكهرباء الى أن يدلوا على مكامنها لازالتها. كما طلب عون من وزراء المال والشؤون الاجتماعية والدفاع والداخلية والبلديات تكثيف التواصل مع حاكم مصرف لبنان لايجاد حل سريع لازمة القروض السكنية.
من جهته، أعلن الحريري انه سيدعو الى جلسات متتالية للمجلس لاقرار المشروع واحالته على المجلس النيابي، مشددا على ضرورة ايراد الاصلاحات المطلوبة وعدم زيادة الدين واحترام خفض نسبة 20% على ارقام الموازنة، ومعتبرا انه “إذا لم تقر الاصلاحات فإن الضرر سيكون كبيرا”.
وكشف ان الهيئة العليا للاغاثة باشرت بتكليف منه الكشف على الاضرار التي نتجت من العاصفة التي ضربت بلدات وقرى لبنانية عدة، لافتا الى انه “لا بد من تكليف الجيش تشكيل لجنة لمسح الاضرار وتخمينها تمهيدا لتعويض المتضررين”.
وشدد على ضرورة معالجة مطالب المعتصمين بالتوازي مع اتخاذ الاجراءات القضائية اللازمة بحق المعتدين على المؤسسات العامة وقوى الامن الداخلي.
وكانت الجلسة الخاصة للمجلس التي خصصت لدرس مشروع قانون الموازنة بدأت بعد خلوة ثنائية بين عون والحريري استمرت ربع ساعة.
وزير الإعلام بالوكالة
وفي ختام الجلسة، تلا وزير الإعلام بالوكالة بيار بوعاصي المعلومات الرسمية الآتية:
“عقد مجلس الوزراء جلسة قبل ظهر اليوم برئاسة فخامة رئيس الجمهورية وفي حضور دولة رئيس مجلس الوزراء والوزراء الذين غاب منهم السادة: مروان حمادة، طلال ارسلان، يعقوب الصراف، ويوسف فنيانوس.
استهل فخامة الرئيس الجلسة بالقول إنها مخصصة لدراسة مشروع قانون موازنة 2018 الذي كان يفترض تقديمه في شهر ايلول الماضي، لكن تأخر ذلك واعتمدت القاعدة الاثنا عشرية. اليوم، اضاف فخامة الرئيس، نباشر درس المشروع واطلب تكثيف الجلسات لإقراره في اسرع وقت ممكن واحالته على مجلس النواب، وإذا لزم الامر يمكن فتح دورة استثنائية.
وقال: لقد اطلعت على مشروع الموازنة، وسنستمع الى وزير المال لشرح تفاصيله، وتبين ان العجز بلغ 29.68% مقارنة مع 31.33% من موازنة العام 2017، وهناك زيادة بنسبة 6.45% في الاعتمادات، اي النفقات. ان اهم ما في الامر هو حجم الدين نسبة مع حجم الناتج المحلي، وهذا ما حذر منه صندوق النقد الدولي. وعليه، يجب ان يخفض العجز ولا يمكننا الاستمرار بهذا الحجم من النفقات، لاسيما واني سبق وحذرت من زيادة سلسلة الرتب والرواتب وانعكاساتها.
واضاف فخامة الرئيس: ان عجز الكهرباء ما زال كبيرا وقد تم تخصيص مبلغ 2100 مليار ليرة لسده، اي حوالي 8% من مجموع الموازنة، مع الاشارة الى ان نفس المبلغ اعتمد في العام 2017 انما ما يجب التنبه اليه هو ان سعر برميل النفط يزداد عالميا وهذا سيزيد من عجز الكهرباء. لذلك لا بد من التوصل الى حل جذري لعجز الكهرباء. لقد اشرت الى هذا الموضوع في الجلسة السابقة واكرر اليوم ضرورة بته من خلال اعتماد الحل الذي تقترحه وزارة الطاقة والمياه حتى لا يستمر الوضع على ما هو عليه. فالمواطن يدفع فاتورتين، واحدة لمؤسسة كهرباء لبنان، وثانية لاصحاب المولدات هي اعلى بكثير من فاتورة مؤسسة الكهرباء. فاذا زاد انتاج المؤسسة من خلال الحل الذي سوف يعتمد، فان المواطن يدفع اقل مما يتكبده اليوم، والمؤسسة تتقاضى بدل ثمن الطاقة المنتجة فيتراجع عجزها تدريجا.
وقال فخامة الرئيس: كلما طرح الحل لازمة الكهرباء ترتفع اصوات تقول ان هناك فضيحة. فليدلنا اصحاب هذه الاصوات اين هي الفضيحة لإزالتها، لأن المهم ان نؤمن الكهرباء للناس.
ثم تحدث فخامته عن ازمة القروض السكنية، فقال: هناك ازمة اجتماعية-اقتصادية طارئة تعانيها الطبقات المتوسطة وما دون، هي توقف المصارف عن منح قروض اسكانية مدعومة، اي تلك التي تمنحها المصارف بواسطة المؤسسة العامة للاسكان وإسكان العسكريين، بما فيها قوى الجيش وقوى الامن الداخلي. لقد تواصلت مع حاكم مصرف لبنان، وبرأيي تختصر المشكلة بان هناك طلبا استثنائيا على القروض خاصة بعد زيادة سلسلة الرتب والرواتب، فضلا عن ان الركود في قطاع البناء والاسكان جعل سعر الشقق السكنية ينخفض مما زاد الطلب. ويستفيد الكثير من الميسورين لشراء شقق وحجم قروضهم اعلى بكثير من حجم قروض الطبقات ما دون مستوى الوسط مستفيدين من الركود في هذا القطاع عبر الاقتراض رغم عدم حاجتهم لقروض مدعومة اي امكانية تحملهم عبء الفوائد العادية اي غير تلك المدعومة. ولا بد حيال ذلك من اتخاذ سلسلة خطوات ضرورية للمعالجة. لذلك اطلب من وزير المال ووزير الشؤون الاجتماعية (سلطة الوصاية على المؤسسة العامة للاسكان) ووزير الدفاع ووزير الداخلية والبلديات تكثيف التواصل في ما بينهم مع حاكم مصرف لبنان لايجاد حل سريع لهذه الازمة الاجتماعية، خصوصا ان القروض الاسكانية تلعب دورا مهما ليس فقط من الناحية الاسكانية والاجتماعية، انما لما لها من ايجابيات على صعيد الدورة الاقتصادية المرتبطة بها في قطاع التجارة والمقاولات وقطاع البناء والمفروشات والاعمال المهنية من نجارة وديكور وكهرباء.
مداخلة الحريري
أضاف بوعاصي: “ثم تحدث دولة الرئيس الحريري، فقال: إن الجلسة مخصصة لدراسة مشروع الموازنة الذي يجب أن نسرع في إقراره، وسأدعو لهذه الغاية إلى جلسات متتالية لإقرار المشروع وإحالته على مجلس النواب.
وأضاف: لا بد ونحن ندرس هذا المشروع، من التنبه لضرورة إيراد الإصلاحات المطلوبة والمحافظة على عدم زيادة الدين، ولذلك كان التعميم الذي اصدرناه بخفض نسبة 20% على ارقام الموازنة، وعلينا احترام هذا الأمر لأن مالية الدولة لا تتحمل المزيد من المصاريف خلال 2018، وهذا ما أوصى به صندوق النقد الدولي حفاظا على الاستقرار المالي المنشود، وإذا لم تقر الاصلاحات فإن الضرر سيكون كبيرا ونكون بذلك عملنا ضد مصلحة المواطنين ولا سيما في الطبقتين الوسطى والفقيرة.
وقال دولته: سنناقش بموضوعية مشروع الموازنة ونتخذ الاجراءات الضرورية لنؤمن مستقبل أولادنا، وهناك حوافز سيتم درسها، ولدينا أفكار للنقاش من خلال ما سوف يعرضه وزير المال.
بعد ذلك تحدث دولة الرئيس عن العاصفة التي ضربت بلدات وقرى لبنانية عدة، وقد باشرت الهيئة العليا للإغاثة بتكليف مني الكشف على الاضرار التي لحقت بطرق وجسور وعبارات، إضافة إلى حصول تشققات في مباني ومنازل وأضرار في مشاريع زراعية، وفي موسم البطاطا في عكار ومزارع السمك في البقاع. وثمة حاجة إلى إجراءات لحماية الأحواض.
حيال هذا الوضع لا بد من تكليف الجيش تشكيل لجنة لمسح الاضرار وتخمينها في كل المناطق المتضررة تمهيدا للتعويض على المتضررين. وعلى وزارة الأشغال العامة والنقل إصلاح الجسور والطرق المتضررة. كذلك لا بد من توسيع وتأهيل وتنظيف مجرى نهر العاصي في الهرمل ونهر الاسطوان في عكار.
وتناول دولة الرئيس الاعتصامات التي تحصل من حين إلى آخر ولا سيما منها اعتصام المياومين في الكهرباء. ولفت إلى انه من غير الجائز إقفال مقرات مؤسسات عامة للدولة أو الاعتداء على ممتلكاتها وتجهيزاتها. وقال دولته: إن هذا العمل يضر بالمؤسسة نفسها وبالعاملين فيها، كما أنه يؤثر سلبا على هيبة الدولة لا سيما عندما يتم التعرض لقوى الأمن المكلفة حماية مباني الادارات والمؤسسات. إن هذا الوضع لا يجوز أن يستمر ولا بد من معالجة مطالب المعتصمين بالتوازي مع اتخاذ الاجراءات القضائية اللازمة بحق المعتدين على المؤسسات العامة ورجال قوى الأمن الداخلي الذين أنوه بجهودهم وتضحياتهم وسهرهم على حفظ أمن اللبنانيين.
بعد ذلك، استمع مجلس الوزراء إلى عرض من وزير المال عن الموازنة وابدى عددا من الوزراء ملاحظاتهم حيالها.
وبناء على اقتراح دولة الرئيس، تم تشكيل لجنة وزارية برئاسة دولته، وعضوية الوزراء السادة غسان حاصباني، ميشال فرعون، علي حسن خليل، جمال الجراح، محمد فنيش، أيمن شقير، يوسف فنيانوس، أواديس كيدانيان، ورائد خوري، وذلك لدرس ملاحظات الوزراء حول أرقام الموازنة، على أن تعود اللجنة إلى مجلس الوزراء باقتراحات نهائية. ويمكن للجنة أن تستعين بمن تراه ضروريا من الموظفين والخبراء”.
شروحات وزير المال
وتحدث وزير المال علي حسن خليل عن الموازنة فقال: “كان النقاش اليوم عاما حول توجهات السياسة المالية والنقدية والاقتصادية، والحاجة الى الانتباه في هذه اللحظة الى وضع ماليتنا العامة، لا سيما بعد المراجعات المتكررة من عدد من الهيئات والمؤسسات الدولية التي تتابع بدقة الوضع المالي في لبنان. وكما هو معلوم، فإنه لم يعد هناك من امكانية لتجاوز اقرار الموازنة وبسرعة، علما ان مشروع الموازنة كان قد أعد واحيل على مجلس الوزراء في 28/8/2017 اي خلال المهلة الدستورية المسموح بها لوزارة المال كي تحيل هذا المشروع. للأسف كان هناك نقاش حول موازنة العام 2017 المتأخرة، والمشاكل السياسية التي مر بها البلد جعلتنا نصل الى هذا الوقت المتأخر لاقرار الموازنة والتي كان يجب ان يتم قبل نهاية كانون الثاني 2018. اليوم هناك اصرار من قبل فخامة الرئيس ودولة الرئيس على الاسراع في انجاز هذه الموازنة في اسرع وقت ممكن”.
اضاف: “هناك التزام باقرار سريع لمشروع الموازنة قد يكون مع نهاية هذا الشهر، واحالته على المجلس النيابي. وكما عبر دولة رئيس مجلس النواب انه اذا ما احيل المشروع خلال 15 يوما فإن هناك امكانية ان تقر الموازنة في مجلس النواب قبل الانتخابات النيابية. وهذا الأمر ليس ترفا بل هو واجب اذا كنا جديين في التحضير والاستعداد للمؤتمرات الدولية المقررة لدعم لبنان، سواء في روما او باريس. إذ لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان نذهب الى مثل هذه المؤتمرات طالبين الدعم والمساعدة والموازنة لم تقر”.
وقال: “اليوم اذا بقينا على الارقام المقترحة في هذه الموازنة، فنحن امام عجز كبير يتجاوز 8000 مليار ليرة لبنانية. وهناك بعض الانفاق الاضافي من المتوقع ان يضاف الى هذا الرقم، خصوصا في ما يتعلق منه بعجز الكهرباء وبعض القرارات التي تتخذ لمشاريع في مجلس الانماء والاعمار والهيئة العليا للاغاثة وقرارات تطويع في المؤسسات العسكرية والامنية. هذا المستوى من العجز الذي يتجاوز 8000 مليار يتطلب اجراءات جدية لتخفيف الانفاق من جهة والالتزام بما تم تعميمه بتخفيض 20% على النفقات الجارية والدفع باتجاه خطوات جذرية تتعلق بتخفيض كلفة الدين العام التي تصل الى حدود 33% من مجمل نفقات الموازنة، بالاضافة الى ان الرواتب والتقديمات الاجتماعية ايضا تشكل 37،88% من النفقات. واذا اخذنا هذه الارقام كما هي من دون عجز الكهرباء فاننا نكون امام 25 الف و503 مليارات مقابل 17 الف و934 مليار من الواردات. ويهمني ان اؤكد ان الموازنة اليوم لا تحوي اي اجراءات ضرائيبية جديدة، وليس فيها اي زيادة او اقرار لضرائب جديدة ولا مشاريع قوانين-برامج جديدة فيها. ويأتي هذا الأمر نتيجة التزام بما قرره المجلس النيابي عند اقرار موازنة العام 2017 والتي التزمناها، بالاضافة الى وجود حوالي 11 مادة اصلاحية تتعلق بوضع المؤسسات العامة غير العاملة وبالتقديمات المدرسية والاجتماعية وببعض الحوافز والاجراءات التي تساهم في ضبط وتخفيض الانفاق القريب والمتوسط والبعيد المدى. في الخلاصة، فإن اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها اليوم ستنكب على دراسة تفصيلية تحضر الاجواء لمجلس الوزراء لكي يكون جاهزا لاقرار الموازنة في أسرع وقت ممكن. وكما وعد دولة الرئيس، فإنه من الممكن ان تعقد هذه اللجنة اكثر من ثلاثة او اربعة اجتماعات خلال هذا الاسبوع والاسبوع المقبل حتى يتم التحضير بشكل جدي لمجلس الوزراء لاقرار الموازنة. وانا اتمنى على وسائل الاعلام والرأي العام الا يشتغل كثيرا على الارقام لأنه لدينا الكثير من الافكار لتخفيضات وافكار لزيادات في الواردات. ونأمل ان نكون بالجدية التي عكسها الزملاء وممثلو الكتل النيابية الموجودون في الحكومة، فنكون امام اجراءات اصلاحية تعطي الانطباع للمؤسسات الدولية والرأي العام اننا جديون وعلى السكة الصحيحة”.
وردا على سؤال عن عجز الكهرباء، اوضح انه “وارد في مشروع الموازنة لكنه لم يدخل في صلب الارقام، لأن هناك اجراءات مكملة له متعلقة ببعض الخطوات التي ستحصل على صعيد الكهرباء”.
وسئل عن وجود عراقيل على طريق اقرار الموازنة، فأكد ان “ما سمعناه اليوم من ممثلي الكتل النيابية أمر مشجع، والجميع تكلم بايجابية، ولذلك اقترح دولة الرئيس تشكيل لجنة فيها ممثلون من كل الكتل لكي نترجم هذه النيات الايجابية الى الواقع، واتمنى الا نعيش في عقدة الانتخابات النيابية ونعطل ارادتنا لاجراء خطوات اصلاحية في الموازنة العامة”.
وعن الخوف من حصول صرف انتخابي على حساب خفض ارقام الموازنة للقيام بمشاريع، قال: “ما من احد سيتمكن من القيام بمشاريع كهذه قبل الانتخابات، بل يمكن لهذا البعض القيام بوعود”.
وردا على سؤال عن مصير قطع الحساب، أجاب: “إن قطع الحساب لم يكن جزءا من النقاش، لكننا أصبحنا في الخطوات الاخيرة لإنجازه، ولم يعد متبقيا الا حساب واحد من مجموع الحسابات ال13، هو في طور الانجاز. ونحن كوزارة مالية ملتزمون مهلة السنة التي اعطانا اياها المجلس النيابي”.
وردا على سؤال عما اذا كانت الاصلاحات ستلقى مصير سابقاتها في الموازنة السابقة التي لم تقر في المجلس النيابي، قال: “هذا الامر في عهدة المجلس النيابي، وانا لا يمكنني ان اصادر رأيه في هذا الخصوص. لكن من واجب الحكومة ان تؤكد امام ممثلي الكتل النيابية اصرارها وحرصها على انجاز هذه الاصلاحات”.