كتبت صحيفة “النهار ” تقول : استدركت رئاسة الجمهورية التداعيات المرتقبة لـ”القنبلة” التي فجرها الرئيس ميشال عون عندما تحدث عن الاستراتيجية الدفاعية وتبدل مقاييسها، من غير أن يؤكد التزام لبنان البحث قريباً في هذه الاستراتيجية التي يترقبها المجتمع الدولي منذ ربع قرن، وآملاً في أن يدعو الرئيس عون، كما وعد تكراراً، الى مؤتمر للحوار الوطني تكون الاستراتيجية الدفاعية بنداً أساسياً على جدول أعماله، أو ربما بنداً وحيداً.
فالرئيس قال أول من أمس في بيت الدين، وامام الصحافيين: “تغيّرت حالياً كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها. فعلى ماذا سنرتكز اليوم؟ حتى مناطق النفوذ تتغير. وأنا أول من وضع مشروعاً للاستراتيجية الدفاعية. لكن ألا يزال صالحاً الى اليوم؟ لقد وضعنا مشروعاً عسكرياً مطلقاً مبنياً على الدفاع بعيداً من السياسة، ولكن مع الأسف مختلف الأفرقاء كانوا يتناولون هذا الموضوع انطلاقاً من خلفية سياسية”.
والموقف المستجد لم يقابل بردود محلية فحسب، وإنما بحركة اتصالات ديبلوماسيّة ملحوظة لفهم الموقف قبل اعداد السفراء تقارير الى حكوماتهم، الامر الذي استدعى بياناً توضيحياً من الرئاسة، خصوصاً على ابواب صدور تقارير مالية وبيان تصنيف جديد الجمعة، وجملة من الاستحقاقات التي لا تحتمل الالتباس في المواقف بعد تعهّد سابق أطلقه رئيس الجمهورية وكرّره رئيس الوزراء سعد الحريري، في العاصمة الايطالية، أن توضع الاستراتيجية الدفاعية على المشرحة السياسية المحلية عبر طاولة حوار لبناني – لبناني موسّع، لمناقشتها والاتفاق عليها.
وأصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي: “تناقلت وسائل إعلامية ومواقع إلكترونية تعليقات وتحليلات أعطت أبعاداً وتفسيرات خاطئة لموقف فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من موضوع الاستراتيجية الدفاعية الذي أشار إليه خلال حواره مع الإعلاميين في قصر بيت الدين.
لذلك، يهم مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن يوضح أن ما قاله فخامة الرئيس حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية كان توصيفاً للواقع الذي استجد بعد عشر سنوات على طرح هذا الموضوع خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، ولا سيما التطورات العسكرية التي شهدها الجوار اللبناني خلال الأعوام الماضية والتي تفرض مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية تأخذ في الاعتبار هذه التطورات خصوصاً بعد دخول دول كبرى وتنظيمات ارهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، ما أحدث تغييرات في الاهداف والاستراتيجيات لا بد من أخذها في الاعتبار.
ان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية إذ يؤكد أن فخامة الرئيس ملتزم المواقف التي سبق أن أعلنها من موضوع الاستراتيجية الدفاعية وضرورة البحث فيها في مناخ توافقي، يدعو إلى عدم تفسير مواقف فخامته على نحو خاطئ أو متعمد يمكن أن يثير الالتباس، ويطلب العودة دائماً إلى النصوص الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية في كل ما يتعلق بمواقف فخامة الرئيس وتصريحاته”.
ورأت كتلة “المستقبل” النيابية أن “الاستراتيجية الدفاعية يجب أن تكون بنداً دائماً على جدول أعمال الحوار الوطني. لقد رحب اصدقاء لبنان بالتوجهات المعلن عنها بشأن تجديد الحوار حولها والتي شكلت في حينه عاملاً من عوامل نجاح مؤتمر روما الخاص بدعم الجيش، وسيكون من المفيد للمصلحة الوطنية، توجيه رسائل ايجابية لشركاء لبنان تؤكد التزام دور الدولة في تعزيز المؤسسات الشرعية وحماية خطوط الدعم المقررة للجيش والمؤسسات الامنية”.
وعلّق الرئيس ميشال سليمان بأن رئيس الجمهورية “على حقّ عندما قال إن هناك ظروفا مستجدة تغيّر منطلق الاستراتيجية التي رفعها إلى هيئة الحوار”، مشدداً على “أن إقرارَ استراتيجية دفاعية تعطي الدولة القرار بالسلم والحرب أمرٌ ضروري أكثر في زمن التغيّر الموجود، وضروري أيضاً بدرجة مماثلة تحييد لبنان عن الصراعات التي أُقرت بتوافق الجميع بإعلان بعبدا”. وتساءل عما اذا كان الرئيس عون لن يطرح الملف في الظروف المتغيرة.
على صعيد آخر، وفيما يستعيد مجلس الوزراء حيويته بجلسة عادية غداً، تم الاتفاق على جلسة خاصة بالملف البيئي الثلثاء المقبل استباقاً لأزمة النفايات المستجدة والتي تنذر بعواقب كبيرة على الحكومة وعلى مجمل الوضع العام اذا ما عادت النفايات الى الشوارع. ولهدف الغاية عقد اجتماع وزاري برئاسة الرئيس الحريري مساء أمس في السرايا طرحت فيه مختلف الأفكار والحلول، ووعد بعده وزير البيئة فادي جريصاتي بالاعلان عن حلول منذ الخميس ضمن خطة واضحة تستمر الى السنة 2030.
الى ذلك، وفي انتظار التصنيف المالي الجديد للبنان الجمعة، تستعد الحكومة لسلسلة خطوات “ايجابية” يمكن ان تبث تفاؤلاً في الحركة الاقتصادية. وتوقعت مصادر متابعة لمؤتمر “سيدر” أن توضع مشاريعه الـ250 في مختلف القطاعات، على الطاولة الحكومية مطلع أيلول وأن تلقى استجابة من مختلف القوى السياسية التي تتهيب المرحلة اقتصادياً ومالياً، وترى في مشاريع “سيدر” منفذا لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتحريك الدورة الاقتصادية وإنعاش القطاعات الإنتاجية، على ان يزور المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقرّرات مؤتمر “سيدر” بيار دوكين بيروت بعد نحو اسبوعين للحث على الإسراع في تنفيذ المشاريع، ولقاء المسؤولين اللبنانيين.
وقد سئل الرئيس نبيه بري عن التصنيفات المالية للبنان، فأجاب: “لست أدري. لدي شعور بالاطمئنان حيال هذا الأمر ومن غير أن أملك معلومات”. وقال إنه لا يرى أسباباً لممارسة ضغوظ على لبنان. وتساءل: “كيف يتم التصنيف السلبي في وقت يقوم فيه الأميركيون بتقديم دعم وهبات عسكرية للجيش اللبناني وكان آخرها بقيمة 60 مليون دولار أميركي؟”.
وأبدى ارتياحه إلى المناخات العامة الأخيرة في البلد بعد إقرار الموازنة العامة التي انتهت الى عجز مخفوض وكبير، إضافة إلى حصول المصالحة في قصر بعبدا، وكلها عوامل يجب أن تدفع الحكومة إلى الأمام وإلى تحقيق مزيد من الإنتاجية.
في غضون ذلك، افتتح الرئيس الحريري أمس الجزء الثاني من أعمال توسعة مطار بيروت الدولي، وادخال تقنيات جديدة عليه، لتسهيل حركة الركاب وضمان الأمن بطريقة أكثر فاعلية