كتبت صحيفة “النهار ” تقول : فيما كان مجمل المعطيات يرجح ان يكون العد العكسي قد بدأ فعلاً لصدور حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في فترة لم تعد بعيدة بل ربما بين تشرين الاول وتشرين الثاني المقبلين، وقبل اسبوعين فقط من الذكرى الـ15 لمحاولة اغتيال الوزير السابق النائب مروان حماده في الاول من تشرين الاول 2004، جاء صدور القرار الاتهامي للمحكمة أمس في ثلاث قضايا متلازمة ومترابطة مع قضية اغتيال الحريري ورفاقه وهي محاولة اغتيال حماده ومحاولة اغتيال الوزير السابق الياس المر واغتيال الامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، لتحدث دوياً قوياً سواء من حيث الوقائع الجرمية والاتهامية التي تضمنها القرار، أم من حيث الترددات والانعكاسات الحتمية التي سيخلفها القرار تباعاً.
صحيح ان أي صوت رسمي في الدولة اللبنانية لم يرتفع بتعليق أو بموقف أو برأي من هذا التطور القضائي الدولي – اللبناني الشديد الاهمية والخطورة في مسار العدالة المتصل بحرب الاغتيالات المنهجية التي استهدفت نخب قوى وحركة 14 آذار الاستقلالية وكانت شرارة اندلاعها محاولة اغتيال مروان حماده ثم كرت السبحة تباعاً، ولكن ذلك لن يحجب الاهمية الكبيرة لصدور هذا القرار في هذا الوقت نظراً الى ما يعلقه معظم اللبنانيين أولاً من امال على العدالة الدولية المتمثلة في المحكمة الخاصة بلبنان لجهة كشف النقاب عما بدا كشفه مستحيلاً أمام الاجهزة والقضاء في لبنان في فترات طويلة كادت معها الامال في تحقيق العدالة في ملف الجرائم الارهابية والاغتيالات تدفن تماماً. إلا أن مسيرة المحكمة لا تزال تثير انتظارات لتبين ما اذا كانت الجرائم المتلازمة الاخرى المتبقية ضمن اطار التفويض الزمني المحدد لاحالة هذه الجرائم على المحكمة والذي ينتهي في 12 كانون الاول 2005 أي تاريخ اغتيال الشهيد جبران تويني، ستلحق بالتحقيقات التي تجريها المحكمة لاثبات ترابطها وتلازمها مع قضية الحريري والشروع في مراحل المحاكمة.
أما الوقائع التي أوردها القرار الاتهامي في الجرائم الثلاث، فتبرز نقطة ارتكاز أساسية ولافتة جداً فيها تتصل بالمتهم الاساسي بهذه الجرائم ومنسق تنفيذها كما في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو سليم جميل عياش الذي، مع صدور القرار الاتهامي “الثلاثي” الجديد في حقه، يرتسم السؤال الأكبر: هل تتكشف لاحقاً وقائع جديدة حول تلازم جرائم اخرى بما يثبت ان عياش كان “جنرال” حرب الاغتيالات بعد خريف العام 2004؟
قضية جديدة
الحال ان السؤال ارتسم بقوة مع اعلان المحكمة الخاصة بعد ظهر أمس ان قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين رفع السرية عن قرار صادق فيه على قرار اتهام بحق سليم جميل عياش في ما يتعلق بالاعتداءات التي استهدفت حماده وحاوي والمر في 1 تشرين الأول 2004 و21 حزيران 2005 و12 تموز 2005 على التوالي. وانه “بالمصادقة على قرار الاتهام هذا، تُفتتح قضية جديدة أمام المحكمة”.
ووجه قرار الاتهام خمس تهم إلى سليم جميل عياش:
- مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي.
- واستطرادًا من تهمة المؤامرة بهدف ارتكاب عمل إرهابي، تهمة جمعية الأشرار.
- وارتكاب أعمال إرهابية.
- وقتل غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمدًا.
- ومحاولة قتل الياس المر، ومروان حماده، وسبعة عشر شخصًا آخر عمدًا.
وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها ومذكرة توقيف دولية في حق عياش.
وجاء في القرار الاتهامي أن المتهم عياش “وهو من مؤيدي حزب الله ومصطفى بدر الدين الذي توفي في سوريا مع آخرين مجهولي الهوية وافقوا على تفجير العبوات الثلاث الناسفة التي تم تفجيرها في اماكن عامة ضد شخصيات لبنانية بارزة. وأدآ أحد هذه الهجمات الى قتل حاوي. ولم يسفر الهجومان الآخران عن قتل حماده والمر لاسباب خارجة عن ارادة الجناة. لقد نسق عياش إعداد كل من هذه الهجمات وتنفيذها، بما في ذلك مساكن الضحايا المستهدفين والمواقع التي يرتادونها وطرق سفرهم والمواقع المناسبة لتنفيذ الهجمات. وراقب الهدف في قضية المر فيما تواصل مع بدر الدين في اعداد كل من متفجرتي حماده وحاوي. وكما أن الادلة بنيت في ملف اغتيال الحريري على شبكة الاتصالات، فإن القرار الاتهامي الجديد إستند الى هذه البينات.
وأشار القرار الى ان عياش وبدر الدين ومشاركين آخرين مجهولي الهوية متورطين في هذه التفجيرات استخدموا مجموعات من الهواتف المحمولة لتسهيل التحضير والتنفيذ لجميع هذه الهجمات.
واستخدمت المجموعة المركبة نفسها، أي عياش وبدر الدين والمشاركون المجهولو الهوية في التحضير و/أو تنفيذ الهجمات على الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الانفجار الذي استهدفه في 14 شباط 2005.
”عمل المدعي مستمر”
واثيرت مع صدور القرار تساؤلات عن المهل المحددة لنطاق صلاحية المحكمة التي تمتد حتى 12 كانون الاول 2005. ووصولاً الى ذلك التاريخ، سقط مزيد من الضحايا في عمليات التفجير ومنهم النائب الشهيد جبران تويني ونجت الوزيرة مي شدياق من محاولة اغتيال. فهل يعني صدور القرار الاتهامي في القضايا الثلاث المترابطة ان مكتب المدعي العام أنهى عمله ولم يعد من تحقيقات أمامه؟
صرحت الناطقة باسم المحكمة وجد رمضان لـ”النهار” بأن “عمل المدعي العام لم ينته”. وأوضحت أن “اختصاص المحكمة يشمل الاعتداءات التي وقعت في لبنان بين الاول من ايلول 2004 و12 كانون الاول 2005، شرط ان يقرر قاضي الاجراءات التمهيدية أنها (الملفات الاخرى) متلازمة مع اعتداءات 14 شباط 2005 التي استهدفت الرئيس الحريري