كتبت صحيفة “الجمهورية ” تقول : لا يمضي يوم الّا ويرتفع فيه عدّاد المصابين بفيروس “كورونا”، وقد بلغ امس 438 مصاباً، و10 وفيات، ولكن الأمل موجود في ان يبدأ هذا العدّاد بالانخفاض في قابل الايام، في حال تزايد الالتزام الشعبي بالإجراءات المُتخذة للوقاية منه، على رغم من التوقعات المتشائمة، بأنّ فترة الحَجر المنزلي ستطول اكثر مما هو مقرّر، ليس في لبنان فقط، بل في العالم أجمع.
من المنتظر ان يشهد هذا الاسبوع إعادة او استعادة المغتربين الراغبين للعودة الى الديار من افريقيا وغيرها من القارات، هروباً من “كورونا” الذي انتشر ايضاً في بلدان الاغتراب، وسيكون هذا الملف محور البحث في جلسة مجلس الوزراء غداً، في ضوء الصرخات والدعوات التي انطلقت من كل حدب وصوب في الداخل والخارج، ملحّة على إعادة المغتربين، والتي بلغت ذروتها في تلويح رئيس مجلس النواب نبيه بري بتجميد مشاركة وزرائه في الحكومة، اذا لم تتخذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ هؤلاء المغتربين.
وتتواصل التحضيرات لجلسة مجلس الوزراء المقرّرة في السراي الحكومي بعد ظهر غد، بعدما عمّمت الأمانة العامة للمجلس السبت الماضي جدول اعمالها متضمناً بندين هما:
1- المستجدات الناتجة من اعلان التعبئة العامة، كما والبحث في الاوضاع والاقتراحات المتعلقة باللبنانيين الموجودين خارج لبنان، في ظل ازمة كورونا.
2- تحديد كلفة الكشف وعلاج المصابين بفيروس “كورونا”.
شروط وآلية
وقالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”، انّ البحث في الآليات التي يجب اعتمادها لتنظيم عودة من يريد من المغتربين بات متقدّماً. وانّ البحث تركّز حتى الآن حول قدرة الحكومة والوزارات والدوائر المعنية الصحية منها والديبلوماسية والأمنية، والتي ستشارك في العملية، مع العلم انّ من سيشارك في هذه العملية هي وحدة خاصة من ضباط وعناصر المديرية العامة للأمن العام ومن وزارتي الصحة العامة والخارجية والمغتربين وفريق من الأمانة العامة لمجلس الوزراء والهيئة العليا للإغاثة.
وأكّدت المصادر، انّ من الصعب تحديد عدد الراغبين في العودة في ظل فقدان اي رقم او احصاء ثابت حتى الساعة. ذلك انّ بعض الذين كانوا راغبين في العودة قد عدلوا عنها. بالإضافة الى أنّ مجموعة أخرى من الراغبين بالعودة هم من المصابين بالفيروس، ويرغب البعض منهم بالعودة، وهو ما يُلزم التوصل الى آلية تُنفذ بالتعاون بين لبنان والدول المعنية. فبعض هذه الدول تصرّ على تطبيق القوانين الصارمة المُعتمدة لجهة السماح للبعض منهم بالعودة الى لبنان، وسط تدابير إدارية وأمنية وطبية استثنائية، للتثبت من قدرتهم على مغادرة البلدان التي يعيشون فيها، والتثبت من اوراقهم الثبوتية منعاً لوجود مطلوبين بينهم.
وفي معلومات لـ”الجمهورية”، انّ الاتصالات ادّت الى تكليف وزارة الصحة فِرقاً طبية متخصّصة ستنتقل في الطائرات التي ستتوجّه الى حيث المغتربين لإجراء الفحوص الطبية الضرورية لهم قبل انطلاقهم منها، وللتثبت من إمكان وجود مصابين بينهم لعزلهم في طريق العودة على الطائرة، قبل جمعهم في مراكز للحّجر في لبنان وإجراء الترتيبات التي تحمي سلامتهم وسلامة عائلاتهم في بيروت.
وفي هذا الإطار، قالت مصادر طبية لـ”الجمهورية”، انّ بعض القوى السياسية والحزبية أنجزت تحضير مواقع للحَجر في الجنوب ومناطق مختلفة لجمع المغتربين فور عودتهم الى لبنان. ومن بين الترتيبات المُسبقة ما أنجزه “حزب الله” من مراكز للإيواء في الجنوب قبل ايام عدة، وهو ما يكشف حجم التحضيرات التي انجزها قبل إطلاق الدعوة الى استعادة المغتربين من افريقيا.
وفي المعلومات ايضاً، أنّه في حال تبيّن انّ عدد المصابين كبيراً ستُخصّص لهم طائرة خاصة معقّمة ومزودة التجهيزات التي تسمح بانتقالهم من دون تسرّب الفيروس، على أن يُنقلوا مباشرة الى المستشفيات المخصّصة لهذه الغاية حسب حالتهم الصحية المثبتة بالتقارير الطبية المتوافرة ان خضعوا لمثل هذه الفحوصات حيث كانوا.
التعيينات
والى “العدّاد الكوروني” غير الهادئ، فإنّ العدّاد السياسي هو الآخر لم يهدأ بعد، اذ يُسجّل كل يوم شيء جديد من “الكابيتال كونترول” الى “الهيركات” وما بينهما من تعيينات مصرفية (في حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف)، وقضائية، الى حد انّ الخلافات حول هذه الملفات قد تُغرق عمل الحكومة لمكافحة “كورونا” التي تهدّد السلامة العامة، بمزيد من الإخطار، خصوصاً اذا استمر عدّاد المصابين في الارتفاع يومياً.
وعلمت “الجمهورية”، انّ الأفرقاء المعنيين بالتعيينات المصرفية سلّموا اسماء مرشحيهم عبر الوزراء الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي ستوضبها اليوم تمهيداً لإدراجها على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد الخميس المقبل في القصر الجمهوري. واشارت هذه المعلومات، انّ تيار “المستقبل” بزعامة الرئيس سعد الحريري يسجّل اعتراضاً على هذه التعيينات.
”القوات”
وفي سياق متصل، قالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”الجمهورية”، انّ “الخلافات الحصصية حول التعيينات تُظهر أنّ الفريق الذي يقف خلف تأليف الحكومة لا يقيم وزناً ولا اعتباراً للانهيار المالي الحاصل الذي يستدعي وحده إعادة تغيير كل النهج المتّبع، والذي أوصل البلاد إلى الكارثة الحاصلة، الأمر الذي يؤكّد وجهة نظر “القوات” بضرورة تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، منعاً للمحاصصات والزبائنية وإفساحاً في المجال أمامها لإرساء دولة المؤسسات التي غيّبتها الأكثرية الحاكمة تغليباً لمصالحها”.
واعتبرت هذه المصادر، “انّ سياسة الهروب إلى الأمام أدّت وتؤدي إلى تسريع وتيرة الانهيار، فيما المطلوب هو العودة إلى الدستور والقانون والآليات الشفافة”. وذكّرت بأنّ ”القوات” كانت “تقدمّت باقتراح قانون ينصّ على آلية واضحة للتعيينات، ولو تمّ إقراره لكنا وفّرنا كل هذه الخلافات التي لم ولن تتوقف طالما انّها قائمة على منطق المحاصصة، فيما الآلية هي الوحيدة الكفيلة باستبعاد الخلافات وتعيين الأكفأ، أي الشخص المناسب في المكان المناسب”.
ورأت مصادر “القوات”، انّ “الخلافات في التعيينات وتجميد التشكيلات القضائية وعدم إعلان الخطة المالية والاقتصادية وغيرها من الملفات، تشكّل مؤشرات غير مطمئنة الى مسار الأمور، في لحظة وطنية حرجة جداً على أثر أزمة مالية معطوفة على أزمة صحية كانت تستدعي استنفاراً وتسريعاً للخطوات والإجراءات والقرارات، من أجل انتشال لبنان من الانهيار وإيصاله إلى شاطئ الأمان. ولكن، ويا للأسف، على رغم ما وصلت إليه البلاد، ونصف الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، ما زالت الاكثرية الحاكمة تتصرّف وكأن الوضع بألف خير ومصرّة على مواصلة النهج المدمّر نفسه”.
”كورونا”
وعلى صعيد “كورونا”، علمت “الجمهورية”، انّ فريقاً من وزارة الصحة العامة، اخضع رئيس الحكومة حسن دياب والوزراء والامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير لفحص “الكورونا” اثناء وجودهم في ورشة العمل التي شهدها السراي الحكومي السبت الماضي، بغية التثبت من سلامتهم، وما إذا كان الفيروس طاولهم، وجاءت نتائج الفحوص التي صدرت أمس سلبية، وانّ اياً منهم لا يحتاج الى حجر منزلي.
وكانت وزارة الصحة العامة افادت في التقرير اليومي أمس، عن آخر الإصابات بفيروس ”كورونا”، انّ عدد الحالات المثبتة مخبرياً في مستشفى الحريري الجامعي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة إضافة إلى المختبرات الخاصة، بلغ 438 حالة، بزيادة 26 حالة عن السبت الماضي. كذلك سُجلت حالتا وفاة لمريضين يعانيان من أمراض مزمنة، كلاهما في العقد الثامن من العمر، أحدهما في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، والثاني في مستشفى “اوتيل ديو” الجامعي، ما زاد عدد الوفيات الى 10.
السفارة الإيطالية أعدّت خطة الإجلاء..
وفي السياق، تؤكّد سفيرة لبنان في إيطاليا ميرا ضاهر لـ”الجمهورية”، أن “لا إصابات ضمن الجالية اللّبنانية في إيطاليا”، وتشير، أنّ “السفارة عمدت منذ اللحظة الأولى لتفشي الوباء الى تسجيل أسماء من يرغب بالعودة الى لبنان”.
وتوضح ضاهر، أنّ “إحدى المعوقات لعودة المغتربين هي عدم توفّر فحوصات الـ PCR للجميع، الامر الذي ترفضه ايطاليا كما لبنان”.
وتطرّقت ضاهر الى أزمة الطلاب الذين يعيشون في شمال ايطاليا، حيث البؤرة الرئيسية لتفشي الفيروس، مشيرة، انّ “السفارة أبلغت الجميع منذ بداية الأزمة البدء بالحجر المنزلي، ولكن جاءت أزمة المصارف وصعوبة تحويل الأموال لهم، ما أثّر سلباً على معنويات الطلاب، ولذلك باتوا يرغبون بالعودة السريعة في غياب أي إمكانية للعمل، وبالتالي تضاؤل قدرتهم على دفع أقساطهم”.
وتضيف ضاهر، أنّ “غالبية الطلاب في ايطاليا لديهم إقامات موقتة مرتبطة بإنهاء دراستهم، وهؤلاء يتراوح عددهم بين 700 و800 ويرغب حوالى 150 منهم العودة الى بلدهم، لكنّ مدة الحجر طالت على طلاب متوسط أعمارهم لا يزال فتياً، وبالتالي لا يمكنهم الصمود أكثر في هذه الظروف، فهم في بلد غريب، ولا أفق لنهاية الأزمة”.
وعن تفاصيل الخطة المُعدّة، أكّدت ضاهر “التواصل مع المعنيين في إيطاليا لإنجاز الأمور اللّوجستية من ضمنها عملية الإجلاء”، مشيرة في السياق، “انّ السفارة جمعت الداتا الأساسية المتعلقة باللبنانيين، والطلاب يقومون مجدداً بتعبئة الإستمارات التي أرسلها الأمن العام اللبناني ووزارة الخارجية”.
ودعت ضاهر “الى ضرورة إعلام السفارة ببعض التفاصيل المرتبطة بالطائرات التي ستجلي الراغبين بالعودة، وفي اي مطار ستتواجد، لانّ هذه الخطوات تساعدنا في وضع آلية لدرس اماكن التجمّع والتوقيت كما تقسيم الأعداد داخل كل طائرة، بما يتناسب مع شروط الاختلاط المحدّدة لمكافحة هذا الفيروس”.(ص7)
الوضع المالي والاجتماعي
اقتصادياً ومالياً، بدأ الوضع الاجتماعي يضغط أكثر فأكثر على الحكومة، التي تبدو عاجزة من حيث القدرة، ومن حيث الواقع السياسي، الذي كشف عوراتها في الايام القليلة الماضية، عن مواجهة هذه الأزمة التي يُتوقّع أن تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
وفي موازاة مطالب شرائح واسعة في المجتمع بمساعدات مالية فورية، لا تزال الخطط الحكومية محصورة بنقاشات حول طريقة توزيع بعض الحصص الغذائية، التي لن تحلّ المشكلة بالتأكيد.
في غضون ذلك، لا يزال ملف مشروع “الكابيتال كونترول” يستأثر باهتمام الاوساط المالية والاقتصادية، لمعرفة ما اذا ما كان قد صُرف النظر نهائياً عنه، أم انّه سيتمّ تقديم مشروع آخر، بعد معالجة النقاط التي كانت موضع خلاف من حيث المضمون.
وقد تبيّن انّ المشروع السابق مجحف جداً في حق المودع، الأمر الذي دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الاعتراض عليه.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مطّلع لـ”الجمهورية”، انّه سبق وسمع كلاماً ينبغي التوقّف عنده، اذ أنّ مسؤولين ومتمولين سوريين وعراقيين لديهم ودائع في المصارف اللبنانية، يعتبرون أنفسهم متضررين من أي قانون لتقييد الرساميل والودائع، لأنّه يؤمّن تغطية للمصارف لكي تُبقي على ودائعهم مجمّدة.
وقال المصدر: “من المؤكّد انّ ما جرى عكس اعتراضاً على مضمون المشروع، وهذا أمر مشروع ومفهوم. في المقابل، ينبغي تصحيح الخلل، وسد الثغرات القائمة في المشروع، وتحسين ظروف المودع، وحماية حقوقه. لكن لا بدّ من قانون ينظّم مسألة الرساميل، لأنّ في ذلك مصلحة وطنية”.
الى ذلك، ربط المصدر نفسه بين الحملة التي تتعرّض لها الحكومة وبين تكليف مجلس الوزراء وزير المال غازي وزنة إجراء كشف مُعمّق على حسابات مصرف لبنان لتبيان الارقام بوضوح ودقة. وأكّد المصدر نفسه، “انّ بعض اركان المنظومة السياسية يخشون هذا الامر، لأنّهم لا يريدون كشف الحقائق امام الرأي العام، حيث سيتبيّن حجم الأزمة المالية، ومسؤولية السياسيين قبل سواهم عن الوصول الى هذا الدرك الخطير”.
المصارف تؤمّن الطلاب
وفي ملف أزمة الطلاب اللبنانيين العالقين في الخارج، دخلت المصارف اللبنانية على خط المعالجة، وأعلنت جمعية مصارف لبنان في بيان، أنّ المصارف “ملتزمة تحويل المبالغ المناسبة للطلاب اللبنانيّين المقيمين في الخارج، إذا كان لدى هؤلاء الطلاب أو ذويهم حساب مصرفي في لبنان”.
كما أعلنت المصارف، أنّه “في حال قرّرت السلطات اللبنانية إعادة مَن يرغب من هؤلاء الطلاب الى لبنان، بسبب الأوضاع الراهنة، فإنّ المصارف على أتمّ الإستعداد لتحويل ثمن بطاقات السفر لمصلحة شركة طيران الشرق الأوسط بالدولار الأميركي لكلّ طالب راغب في العودة ولديه حساب في المصارف اللبنانية”.