كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: اذا كان بعض الفرج قد لاح في آخر نفق الأزمة، بأنّ لبنان سينال بطاقة الانتساب الى نادي الدول المنتجة للنفط والغاز، فهذا لا يعني ابداً النوم على حرير ثروة ما زالت في أعماق البحر ويتطلب استخراجها سنوات. فحتى ذلك الحين مكتوب على لبنان أن يعبُر قبل ذلك ما بات يسمّى “مرحلة ما بعد كورونا”، والتي ليس خافياً على أحد انها المرحلة الأصعب التي يشهدها لبنان منذ نشوئه، وتستوجب بدورها نمطاً جديداً في أداء ومقاربات السلطة للملفات الداخلية على اختلافها، مختلفاً جذرياً عن النمط الذي أدخل لبنان في نفق الازمة.
فما بعد “كورونا”، ثمة صورة قاتمة يتفق على رسمها السياسيون والاقتصاديون، ويُجمع هؤلاء على الخشية من قنبلة اجتماعية تهدد لبنان، وإمكان تعطيلها او الحد من مفاعيلها هو بالتأكيد في يد السلطة، التي يفترض أن تمتلك من الآن أدوات التعطيل أو الحد من المفاعيل. على انّ السؤال الذي يتردّد على لسان كل لبناني: هل ستنجح هذه السلطة ام أنّها ستبقى مكبّلة بالمناكفات والاشتباكات السياسية؟ وبالتالي، تكون النتيجة وقوع الانفجار وعاقبته ستكون وخيمة على البلد؟
خطوات وقائية
في هذا السياق، علمت “الجمهورية” انّ احد كبار المراجع في الدولة تلقّى في الآونة الأخيرة دراسة حول “الاحتمالات والتداعيات في لبنان” ما بعد “كورونا” أعَدّها فريق من الخبراء، جاءت خلاصتها لتؤكد “انّ لبنان لن يكون في وضع مطمئن، وهو مُقبل على مرحلة مؤلمة جداً، فأزمة “كورونا” أرخَت تداعيات شديدة السلبية على اقتصادات مختلف دول العالم، وعلى وجه الخصوص في دول اوروبا، ولنأخذ مثلاً المانيا وفرنسا وايطاليا، كلها اكدت التراجع الحتمي المخيف في ناتجها المحلي، ولنأخذ مثلاً ايضاً الولايات المتحدة الاميركية، والمعروف انها أغنى دولة في العالم، فقد قدّرت تراجع المحلي لديها بين 15 و20%، فهذه صورة الدول الغنية والتداعيات المحتملة عليها، فكيف سيكون الحال بالنسبة الى لبنان الذي يعاني سلفاً، ومنذ سنوات، عجزاً وتراجعاً حاداً في ناتجه المحلي؟”.
وبحسب هذه الدراسة، التي كشف المرجع المذكور عن مضمونها لـ”الجمهورية”، فإنّ “وضع لبنان يتطلب عملاً حكومياً دؤوباً، ليس في اتجاه الانقاذ الجذري، بل فقط عمل دؤوب وحثيث للحد من التداعيات وحصرها وتضييق مساحة تأثيراتها قدر المستطاع. وهذا ما قد تؤمّنه مسارعة الحكومة الى خطوات وقائية؛ إصلاحية وادارية ومالية. والشرط الاساس لنجاح هذه الخطوات، هو إخراجها من دائرة التجاذب السياسي، الذي شكّل بالاساس عامل توليد للأزمة، وكذلك عامل تعطيل لحلولها”.
الخطة المالية
مع انعدام الأمل بتلقّي لبنان، لا على المدى المنظور ولا على المدى البعيد، أي مساعدات خارجية تبثّ بعض الحيوية في اقتصاده المنهار، يبقى رهان السلطة على ما تسمّيها “الخطة المالية للانقاذ” لإعادة انتظام الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، خصوصاً في مرحلة ما بعد “كورونا”. الّا انّ “مشوار” هذه الخطة يبدو طويلاً حتى الآن، ويتطلب بالحد الأدنى اسبوعين وربما اكثر، لبلورة هذه الخطة بصورتها النهائية، على حدّ ما اكدت لـ”الجمهورية” مصادر وزارية معنية بهذه الخطة.
وعُلم انّ مشروع خطة الحكومة سيشهد غداً جولة من النقاش عبر السكايب، بين معنيّين بها من الجانب الحكومي، وبين اللجنة المصغرة المنبثقة عن لجنة المال والموازنة، حول عناوينها الاساسية:
– الاول، إصلاح المالية العامة، بهدف تحقيق فائض مالي في المَديَين المتوسط والبعيد.
– الثاني، اعادة هيكلة الدين العام، بهدف بلوغ مرحلة يكون فيها مستوى الدين أقل من 100% من الناتج المحلي.
– الثالث، اعادة هيكلة القطاع المصرفي (المصارف الخاصة ومصرف لبنان).
– الرابع، السياسة النقدية، وكيفية حماية سعر صرف الليرة، وتثبيته بالشكل الذي لا يكون فيه عبئاً على المواطنين، كما على المالية العامة.
– الخامس، إجراء اصلاحات بنيوية موازية لتحفيز النمو الاقتصادي.
وزنة
وكانت هذه الخطة محور نقاش حولها في جلسة مجلس الوزراء أمس، وقال وزير المال غازي وزنة لـ”الجمهورية”: هذه الخطة ليست نهائية وقابلة للتعديل وفق الملاحظات التي سيضعها الوزراء عليها، ومن الطبيعي ان نذهب الى مجلس الوزراء لأنها تتضمن اجراءات ضريبية وقوانين، نافياً أن تكون في الخطة إجراءات موجعة للطبقة الفقيرة والمتوسطة، ومؤكداً أنّ مجموعة من هذه الاجراءات سبق وأقرّت في ورقة بعبدا الاصلاحية كرفع الضريبة على ارباح الشركات من 17 الى 20 ورفع الضريبة على الودائع الكبيرة فوق المليون بدلاً من 11 الى 20%، زيادة رسوم على الكماليات من 10 الى 15%، رفع تسعيرة الكهرباء وفق الشروط بشكل لا يتأثر بها ذوي الدخل المحدود، تجميد التوظيف، إصلاح النظام التقاعدي، تخفيض العجز والدين العام، اصلاح القطاع العام.
وحول رفع سعر صفيحة البنزين قال وزنة: “لقد اتخذنا قراراً في الحكومة بوضع سقف لصفيحة البنزين وهو 25 ألف ليرة قابل للارتفاع”.
وأضاف: “الخطة تتضمن اصلاحات بنيوية للنمو الاقتصادي وعلى اساسها سنفاوض المجتمع الدولي وصندوق النقد والدائنين”، كاشفاً أنّ صدى التواصل الأوّلي معهم كان ايجابياً عندما عرضنا الخطوط العريضة لها، والهدف ان نظهر للخارج اننا قادرون بعد 4 سنوات ان نحقق فائضاً اولياً، وقادرون على تحمّل سداد الدين وخدمة الدين.
ونفى وزنة ان تكون الخطة قد لحظت عملية “هيركات” للودائع لا من قريب ولا من بعيد، مؤكداً انّ موضوع المصارف والودائع لم يدخل في الخطة ولم يناقش، إنما ما حُكي عنه هو هيركات للديون او ما نسمّيه discount عليها في عملية اعادة الهيكلة. وتوقّع ان تأخذ عملية التفاوض مع الدائنين الاجانب من 5 الى 6 اشهر.
فهمي
وعلى هامش الجلسة، قال وزير الداخلية محمد فهمي لـ”الجمهورية”: لقد أخرجنا من السجون ونظارات قوى الامن وقصور العدل حتى الآن 606 سجناء وموقوفين، استناداً الى المادة 108 من اصول المحاكمات الجزائية. وبعد الاعياد هناك دفعة كبيرة ستخرج بعد تسريع محاكماتها.
وعن محاضر ارقام السيارات المجوز والمفرد، قال فهمي: في الخارج هناك محاضر ضبط تكلّف المواطن مبالغ باهظة، امّا نحن فراعَينا الاوضاع المالية الصعبة، لكن على المواطن ان يعرف انّ احترام القرارات التي نتخذها هو لمصلحته ولمصلحة البلد. لقد سطّرنا يوم الاثنين 1213 ضبط مخالفة، وانخفض هذا العدد الى 400 يوم الثلاثاء، يعني 70% من المحاضر انخفض عددها الثلاثاء. هذا مؤشّر جيد على انّ المواطنين بدأوا يحترمون هذه الاجراءات.
وكشف فهمي انه بدأ التحضير جدياً للعفو الخاص، والجداول أرسلت الى الداخلية لتحضير الملفات وتجهيزها، وبعد الاعياد سننتهي منها تباعاً لتحضيرها بهدف إعداد المرسوم الخاص الذي يوقّعه رئيس الجمهورية.
غجر
بدوره، قال وزير الطاقة ريمون غجر، رداً على سؤال لـ”الجمهورية” حول الاصابة بفيروس كورونا التي سجلت في فريق التنقيب عن النفط: انّ الاشخاص السبعة تمّ حَجرهم ضمن المجموعة القادمة الى بيروت، للالتحاق بباخرة التنقيب وعلى متنها 210 اشخاص تمّ حجرهم بعد تثبيت اصابة أحد منهم بفيروس كورونا. واشار الى انّ اجراءات مشددة تتخذ مع الاجانب الذين يلتحقون بهذه الباخرة، خصوصاً انها كل فترة تعمل على تبديل الفرَق. فكل قادِم الى الباخرة يتم حَجره لمدة اسبوعين، ثم يرتاح اسبوعاً اضافياً قبل الالتحاق بالباخرة، ومن يغادر يخضع للاجراءات نفسها ويتم حجره اسبوعين قبل مغادرته لبنان.
وحول ازمة المازوت، نفى ان يكون هناك ازمة، واكد انّ الوزارة تسلّم المازوت لكنّ الشركات الخاصة تمتنع لأنها تعلم ان الاسعار سترتفع.
التعيينات الماليّة
على انّ العنصر الاساس الذي يفترض أن يتوفّر في موازاة الجهد الحكومي في اعداد “الخطة المالية الانقاذية”، هو إتمام التعيينات المالية التي تشكل التكملة الموضوعيّة، علماً انّ هذه التعيينات كانت محور بحث خلال اليومين الماضيين بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وحاكم “مصرف لبنان” رياض سلامة، حيث علم انّ سلامة أثار مع رئيس المجلس ضرورة تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، فوافَقه بري على هذا الامر مشدداً على انّ تعيينهم يجب ان يحصل في أسرع وقت.
وحول هذا الموضوع قال وزير المال غازي وزنة لـ”الجمهورية”: التعيينات المالية أرجئت لبعض الوقت، لكن يجب ألّا تنتظر وقتاً طويلاً، لأنّ التعيينات المالية يجب ان تتم في المدى القريب، إن لنواب حاكم مصرف لبنان الشاغرة مراكزهم منذ آذار من العام الماضي، او للجنة الرقابة على المصارف التي اصبحت شاغرة منذ ايام، او لأسواق المال او مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان. ففي الوضع الراهن لا نستطيع ان نستمر بوضع الشغور في مواقع حساسة، وخصوصاً في لجنة الرقابة على المصارف، مع التأكيد مجدداً انّ المجلس المركزي لمصرف لبنان يفترض أن يكون مكتملاً في اقرب وقت، وفعّالاً، وان يكون له دوره في المرحلة المقبلة.
الودائع
الى ذلك، وفي موازاة استمرار السحوبات من المصارف لأصحاب الحسابات بحدود 5 ملايين ليرة او 3 آلاف دولار، وفقاً لتعميم مصرف لبنان، فرضَ مصير الحسابات ما فوق الخمسة ملايين ليرة والثلاثة آلاف دولار نفسه بنداً اساسياً ومُلحّاً على طاولة المتابعة الداخلية، بحسب معلومات تلقّاها اعضاء في لجنة المال والموازنة النيابية من داخل “مصرف لبنان”، فإنّ العمل جار على إعداد تعميم جديد للمصرف لإصداره في فترة غير بعيدة، يتعلق بأصحاب هذه الحسابات، يُمَكّن في جوهره، المودِع، وبعد أن يقيم المصرف المركزي المنصّة التي تُسَعّر الدولار، أن يسحب من حسابه بالدولار، مبلغاً شهرياً معيّناً بالليرة اللبنانية بحسب سعر السوق.
الّا انّ حاكم مصرف لبنان، وحينما سأله الرئيس بري خلال لقائه به امس الاول، عن الحسابات ما فوق الخمسة ملايين ليرة والثلاثة آلاف دولار، لم يُشرْ الى وجود أي تعميم جاهز حتى الآن، معبّراً في الوقت نفسه عن امتعاض ممّا وصفها الحملة التي تشنّ على مصرف لبنان وإلقاء كامل المسؤولية عليه، في الوقت الذي يقوم فيه بكل الجهد لمواكبة الازمة بما تتطلبه من قرارات وتعاميم.
وبحسب المعلومات فإنّ بري لم يكن مرتاحاً لعدم وجود اي خطوة تطمئن اصحاب هذه الودائع على اموالها، معتبراً انّ هذا الامر غير مقبول. ونُقل عنه قوله لحاكم مصرف لبنان ما مفاده: الناس تريد اموالها، وتريد ان تعرف اين هي هذه الاموال؟ وبمعزل عما تقول انّها حملة على مصرف لبنان، بَادِر الى طمأنة المودعين جديّاً على اموالهم، ومن الآن اقول لك طَمئِن الناس وخُذ منّي ما يدهش العالم، فلا تقلق من ناحيتي الّا في حالة وحيدة، وهي عدم مبادرتك الى طمأنة المودعين على اموالهم وحساباتهم سواء اكانت هذه الحسابات اقل من خمسة ملايين ليرة او ثلاثة آلاف دولار او اكثر من ذلك، المهم انّ الناس تريد ودائعها لأنّ هذا تعبها وجَنى عمرها، وبالتالي هو حق مقدّس لها، وتطمين هؤلاء لم يعد يحتمل اي مماطلة او مراوغة”.
الى ذلك، كشفت مصادر مصرفية لـ”الجمهورية” انّه “من الطبيعي الّا يكون هناك تعميم جاهز في “مصرف لبنان” حول اصحاب الحسابات ما فوق الخمسة ملايين ليرة والثلاثة الاف دولار، لأنّ هذا الأمر مكلف جداً، وربما يتم ذلك في وقت غير بعيد، حيث يُصار في هذه الحالة الى اعتماد سياسة التدرّج خطوة خطوة، اي تُرفع السقوف تدريجاً. فعلى سبيل المثال، اليوم صدر تعميم حول حسابات الخمسة ملايين ليرة والثلاثة الاف دولار، ويمكن بعد فترة ان يرفع السقف الى حدود الضعف، وهكذا دواليك”.
ابراهيم
الى ذلك، قال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم رداً على سؤال لـ”الجمهورية” حول دور الامن العام في ضبط الصرّافين: هذا الامر من صلاحياته لأنّ الامن الاجتماعي والاقتصادي هو من صلاحياته، والمهم اننا وصلنا الى نتيجة مع حاكم مصرف لبنان بتحرير حسابات مليون و715 حساب لصغار المودعين نحاول إقفالها واعطاء الاموال لأصحابها، وخلال الـ 48 ساعة الماضية تكثّفت الاجتماعات ما بين مصرف لبنان والمصارف على ان يبدأ خلال الـ 48 ساعة المقبلة تنفيذ هذا التعميم، وما نقوم به هو ضبط رفع سعر الدولار مع تحوّل كتلة نقدية الى العملة اللبنانية.
واشار ابراهيم الى انه اجتمع مع الصرّافين واتفق معهم على خطة عمل، وتعهّدوا بضبط سعر الصرف تماشياً مع تنفيذ التعميم.
ولفت الى انه عند الانتهاء من هذا التعميم سنبدأ العمل على تعميم آخر وخطة ثانية لأصحاب الودائع المتوسطة، وإقفال كل الحسابات والتي تشكّل من 61 الى 62 % من اصحاب الودائع في المصارف اللبنانية.
خطر الـHaircut
الى ذلك، أدّى انتشار معلومات عن اقتراح أعدّته شركة “لازار” (Lazard) للاستشارات المالية بهدف سدّ الفجوة المالية في القطاع المصرفي، الى حال من البلبلة والقلق، وصل صداها الى القطاع المصرفي. وأشارت هذه المعلومات الى أنّ “لازار” تقترح حماية 90 في المئة من المودعين، الذين يملكون ما مجموعه 13 مليار دولار، مقابل اقتطاع 61 في المئة من الودائع التي تفوق قيمتها 100 الف دولار، والتي يبلغ مجموعها 102 مليار دولار.
ورغم انّ رئاسة الحكومة نفت بعض الاخبار في هذا الصدد، إلا أنه لوحظ انّ النفي لم يشر الى اقتراح الهيركات بنسبة 61 % من الودائع المصنفة كبيرة، واكتفى بنفي اقتراح مصادرة كل الودائع واستبدالها بسندات. وجاء في بيان المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة انّ “بعض وسائل الإعلام نشرت خبراً كاذباً عن أنّ شركة “لازار” للاستشارات المالية اقترحت على الحكومة مصادرة الودائع المصرفية بكاملها وتحويلها للدولة، وإعطاء سندات خزينة مقابلها للمودعين”.
وقال البيان: “هذا الخبر غير صحيح جملة وتفصيلاً، وهو من نسج الخيال، ويوحي بوجود نوايا خبيثة”.
خير الدين
وفي السياق، اعتبر الوزير السابق والمصرفي مروان خير الدين “انّ تحميل المودعين مسؤولية سدّ ديون الدولة هو اجراء غير عادل، لأنّ واجبات الدولة الشروع في الإصلاحات وتحصيل المبالغ اللازمة من خلال تفعيل اداراتها”. وقال لـ”الجمهورية” انّ “المصارف مستعدّة لتحمّل جزء من الخسائر شرط ان تشرع الدولة في الاصلاحات المطلوبة”.
تحذير من جوع
الى ذلك، حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من جوع يتهدّد سكان لبنان جرّاء انتشار فيروس “كورونا” المستجد والقيود المتخذة.
وذكرت المنظمة، في بيان امس، أنّ “الملايين من سكان لبنان مهددون بالجوع بسبب إجراءات الإغلاق المتصلة بالوباء، ما لم تضع الحكومة على وجه السرعة خطة قوية ومنسَّقة لتقديم المساعدات”.
وأضافت: “تسبّب وباء كوفيد-19 في تفاقم أزمة اقتصادية مدمّرة كانت موجودة أصلاً، وكشف عن أوجه القصور في نظام الحماية الاجتماعية في لبنان”.
واشارت الى انّ الحكومة اللبنانية اتخذت منذ منتصف آذار إجراءات كانت لها تداعيات كبيرة على العمال المياومين والعاملين في المهن الحرة، الذين يعانون أساساً جرّاء الانهيار الاقتصادي. وقد بات يعيش 45 في المئة من سكان البلاد في الفقر.
وقالت لينا زيميت، باحثة أولى في الفقر واللامساواة في “هيومن رايتس ووتش”: “خسر العديد دَخلهم، وقد يعجز أكثر من نصف السكان عن شراء غذائهم وحاجياتهم الأساسية إذا لم تتدخل الحكومة”.
التحضير للتشريع
في سياق متصل، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة لاجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الثلاثاء المقبل للبحث في جدول اعمال الجلسة التشريعية التي سيُصار الى تحديد موعدها لاحقاً.
واكد الرئيس بري اولوية المعالجة الاقتصادية، مشدداً على انّ المرحلة المقبلة تتطلب حضوراً مكثفاً للدولة لتوفير المساعدات للمواطنين، والقيام بالخطوات الضرورية لانعاش الاقتصاد وخلق وظائف.
ولفت بري الى “انّ هناك شغوراً مرعباً في ادارات الدولة؛ من الفئة الاولى والثانية وحتى الثالثة، وهذا امر يتطلب العلاج السريع عبر ملء هذه الشواغر بتعيينات وفق معيار الكفاءة والجدارة”، مجدداً في الوقت نفسه التأكيد على استقلالية السلطة القضائية، ومشدداً على ضرورة ان تصدر التشكيلات القضائية بالصورة التي وضعها مجلس القضاء الاعلى وبعيدا عن اي تدخلات سياسية، فهذه التشكيلات السليمة تشكّل بداية وضع الدولة على الطريق السليم، ونقدّم من خلالها إشارة لكل العالم بأننا جديون في الاصلاح.
من جهة ثانية، استغرب الرئيس بري “الترويج” لوجود خلاف بينه وبين رئيس الحكومة حسان دياب، واتهامه بأنه يريد ان يطيّر الحكومة، وقال: هذا الامر غير صحيح على الاطلاق، في هذه الفترة ينبغي ان تكون الاولوية هي لمكافحة كورونا وكذلك لمعالجة الازمة المالية، والمهم ان تكون اولوية الجميع دعم الحكومة، وكذلك تصويب مسارها حيث تحتاج.
تمديد الاجراءات
من جهة ثانية، وفي الوقت الذي تتواصل الاجراءات الامنية ربطاً بالتعبئة العامة للوقاية من فيروس كورونا، اعلنت وزارة الصحة انّ عدد الاصابات التي تثبتت أمس هي 27 اصابة بينها 12 اصابة من بين المغتربين العائدين من باريس ومدريد، ليصبح العدد الاجمالي للاصابات 575 إصابة.
وعشيّة انعقاد المجلس الأعلى للدفاع قبل ظهر اليوم ترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس اجتماعا وزارياً – أمنياً، خصّص لعرض الاوضاع الامنية في البلاد في ضوء التطورات قبل ايام على انتهاء المهلة الممدّدة من “التعبئة المدنية” حتى مساء الأحد المقبل وما شهدته الساحة من أحداث في الساعات الأخيرة الماضية، ولا سيما ساحة النور في طرابلس، بالإضافة الى ملف المساعدات التي سيوزّعها الجيش وحاجات القوى العسكرية والأمنية اللوجستية والمادية.
وبحسب مصادر المجتمعين فإن عون أكد في مستهل الاجتماع “ضرورة الاستمرار في تعزيز الاجراءات الامنية، منوّهاً بجهود القوى الامنية، فيما شدّد رئيس الحكومة حسان دياب على اهمية الامن الاستباقي والتدابير لتأمين الاستقرار والأمان للبنانيين. ثم قدّم قادة الاجهزة الأمنية تقارير عن الاوضاع في البلاد ومهام القوى العسكرية والامنية. كذلك جرى عرض ما حصل في طرابلس حيث أقدمت وحدات الجيش اللبناني امس الاول على إزالة الخيم وبلوكات الباطون من ساحة النور، على اثر الاعتداءات التي تعرضت لها قوى الجيش في محيط سجن القبة وساحة الاعتصام وأدت الى اصابة ضابط و11 عسكرياً، وهو ما دفع الى فتح الطرق وازالة العوائق ومنع التجمعات المحظورة في زمن “كورونا”.
وتشير المصادر الى انّ قائد الجيش العماد جوزف عون استعرض التحضيرات الجارية لينفّد الجيش اعتباراً من اليوم برامج الدعم المادية للعائلات الفقيرة، فيما عرض القادة الأمنيون حاجيات الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية في ضوء العجز المحقّق في موازناتها بعد التعديلات التي أجريت في الموازنة العامة للعام 2020، والتقصير في تلبية احتياجات العسكريين، وكلفة المهام المترتّبة على انتشارهم منذ اشهر في الشوارع للقيام بالمهام الأمنية الملقاة على عاتقهم.
وبحسب المصادر فإنّ الاجتماع انتهى الى تفاهم ضمني على اقتراح تمديد حال التعبئة العامة مرة جديدة اعتباراً من 12 نيسان الجاري وحتى 26 منه، على ان يطرح في المجلس الاعلى اليوم قبل إحالة القرار الى مجلس الوزراء للبَت بها قانوناً.
وعُلم انّ مدير عام الامن العام سيطرح امام مجلس الدفاع اليوم موضوع اللبنانيين الموجودين في سوريا الراغبين بالعودة، وبينهم طلّاب، خصوصاً انّ الامن العام استطلع مناطق حجر صحي على الحدود اللبنانية بالتنسيق مع وزارة الصحة والبلديات، تمهيداً لبدء استقبالهم.