كتبت صحيفة الأنباء تقول: مع استمرار القلق من وباء كورونا الذي لا أمل حقيقياً بعد بالخروج منه، يستمر بموازته ارتفاع عداد الدولار، وجنون الأسعار الذي يتخطى كل الارقام القياسية.
محلات الصيارفة الذين أُرغموا أمس الأول على تحديد سعر الدولار ب2800 ليرة لبنانية بعد التدخل المباشر من مصرف لبنان، استغلوا فرصة عيد الفصح وعدم قدرة المصرف المركزي على التدخل ليصل الدولار إلى سعر 3330 ليرة، ما يعني أن الارتفاع سيستمر وقد يلامس سقوفاً عالية جدًا إذا لم تحزم الدولة أمرها، لأن الضبابية في القرارات المالية التي جاءت مرتجلة في غالبيتها فاقمت الأمور الى هذه المستوى المعقد، والذي على ما يبدو لا أفق قريب لحله، وسط التخبط الذي تعيشه الحكومة من رئيسها الى وزرائها.
في غضون ذلك لا تزال نقابة أصحاب الأفران على قرارها بالتوقف عن توزيع الخبز على المحال التجارية بحجة غلاء المواد الأولية المطلوبة لصناعة الخبز، ويردّ وزير الاقتصاد راوول نعمة بأن أرباح أصحاب الأفران تتجاوز 22 في المئة من سعر ربطة الخبز، وهو يصرّ على إبقاء سعر الربطة 1500 ليرة.
وفيما دخل الوزير نعمة على خط السجال السياسي القائم بالإعلان عن احترامه وتقديره للمعارضة البناءة، أما المعارضة التي تحمل في طياتها استهدافاً للحكومة فهو ضدها، دعته مصادر معارضة عبر “الأنباء” الى القيام بواجبه في وضع حد لفحش الغلاء الذي يفترس الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود بلا هوادة، وأن يفعّل دور مصلحة حماية المستهلك في مراقبة الأسعار وتسطير محاضر ضبط بحق المخالفين، لأن مطالبته بعدم الشراء من المحال التي تبيع بأسعار مرتفعة لن توصل الى شيء، ولا الى حل المشكلة، لأن معظم المحال تتسابق على سرقة المواطنين.
المصادر شبّهت نصيحة الوزير نعمة بحكاية الملكة أنطوانيت عندما سألت “لماذا يتظاهر الشعب”، فقيل لها بسبب الغلاء، فقالت: “لماذا لا يأكلون بسكويت؟ هكذا أفعل عندما أكون جائعة”.
المصادر المعارضة حذّرت الحكومة من ثورة الجياع بعد الانتهاء من أزمة كورونا، لأن ما يجري في طرابلس وبالتحديد في ساحة النور من تظاهرات احتجاجية بسبب الغلاء والارتفاع الجنوني للدولار سيكون له ارتدادات على سائر المناطق، على الرغم من خطة التعبئة العامة والحجر المنزلي القائمة منذ حوالى الشهر، لأن لسان حال الناس يقول ان الموت بسبب كورونا أفضل من الموت بسبب الجوع.
المصادر تساءلت عن الأسباب التي أدت إلى إغفال موضوع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية من خطاب رئيس الحكومة حسان دياب وكأن هذا الموضوع لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد، فيما تتفق كل القوى السياسية سواء من الفريق المكوّن لهذه السلطة أو من المعارضة على الإقرار بأن موجة الغلاء لم يحصل شبيهًا لها الا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، خاصة وأنها تترافق مع ارتفاع لا أفق له في سعر الدولار الذي أصبح عملة نادرة بعد القرارات التي أصدرها مصرف لبنان في الآونة الأخيرة.
المصادر المعارضة نبّهت الحكومة من مغبة الاختباء وراء موجة الكورونا وعدم القيام بواجباتها تجاه مواطنيها، لأن اللعنة سوف تأتيها عاجلاً أم آجلا بسبب الإغفال المتعمد والصمت المطبق عن حق الناس بالعيش الكريم.
وفي سياق المواقف المنتقدة لسياسة الحكومة وغلاء الأسعار، دعت مصادر كتلة التنمية والتحرير عبر “الأنباء” وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك لاتخاذ الاجراءات الرادعة والحاسمة وتطبيق القانون بحق المتلاعبين بأسعار السلع الغذائية. وإذ كررت عن رفض الكتلة القاطع لأي مخطط أو برامج قد تستهدف ودائع اللبنانيين وأموالهم في المصارف، وضرورة تفعيل الهيئات الرقابية لمكافحة الفساد، والقيام بخطوات اصلاحية حقيقية تزيل العبء عن كاهل المالية العامة للدولة، طالبت بفتح تحقيق سريع لكشف ما يحصل في الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وانهيار سعر صرف الليرة وإنزال العقوبات القصوى بحق الأفراد او المجموعات التي تقف وراء ارتكاب هذه الجريمة.
من جهتها، مصادر حزب الله أعربت عبر “الأنباء” عن عدم ارتياحها لدخول الحكومة في مواجهة سياسية مع بعض القوى المعارضة، خاصة في الأيام الماضية لأنه كان يترتب عليها إنقاذ البلد وليس خلق أزمات جديدة هي بالغنى عنها، فالمطلوب منها خطة إنقاذ بأسرع وقت تطمئن الناس الى مستقبلهم لأنه من غير الجائز ان تستمر الأمور على هذا النحو.
مصادر حزب الله دعت الوزراء المعنيين بالشأن المعيشي والاقتصادي إيلاء هذا الأمر الاهتمام الكافي لأن استمرار الأزمة على هذا الشكل قد يؤدي إلى تفاقمها واتساع الهوة بين الحكومة والشعب.
على صعيد آخر، دعت مصادر طبية عبر “الأنباء” اللبنانيين إلى عدم الإفراط في التفاؤل والالتزام بالحجر المنزلي وعدم الاكتظاظ بانتظار التعليمات التي تصدرها وزارة الصحة بهذا الشأن لأن الإخلال في تطبيق هذه الاجراءات قد يؤدي الى عواقب سلبية لبنان بغنى عنها في الوقت الحاضر.