متسلحاً بصلاحياته الدستورية، إقتحم رئيس الجمهورية ميشال عون “حصن” رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس ووجّه “بارودة” التدقيق الجنائي إلى رئاسة المجلس، طالباً تلاوة نصّ رسالته تحت قبة الهيئة العامة، فكان لعون ما أراد في الشكل مع مسارعة بري إلى تحديد بعد غد الجمعة موعداً لتلاوة ومناقشة الرسالة… أما في الجوهر، فعاجل رئيس المجلس رئيس الجمهورية بقلب فوهة “البارودة” ووجّهها إلى رأس “التيار الوطني الحر” عبر تقديم كتلة ”التنمية والتحرير” اقتراح قانون، ينصّ على أن يشمل عقد التدقيق الجنائي “كل الوزارات والإدارات العامة وليس فقط المصرف المركزي”.
يعلم بري جيداً أنّ عون قرر فتح نيران حرب “التدقيق” في وجهه وهو “قبِل التحدي”، حسبما عبّرت مصادر قريبة من عين التينة لـ”نداء الوطن”، وأضافت: “إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية تختزن غمزاً من قناة مسؤولية رئيس المجلس النيابي عن تطيير التدقيق الجنائي، فإنّ الرد الأولي عليها أتى ليقول: “فلندخل “مغاور” التيار الوطني الحر في الوزارات والإدارات بدءاً من “الكهرباء” ولنرَ حينها من سيطيّر التدقيق”.
وإذ رجحت أن يحيل بري اقتراح قانون شمولية التدقيق الذي قدمته كتلته إلى اللجان المشتركة لتسريع خطواته التشريعية، ختمت بالقول: “فليبحث رئيس الجمهورية عن الأسباب الفعلية التي أدت إلى انسحاب شركة “ألفاريز” بدل استسهال طريق التّهم الشعبوية، خصوصاً وأنّ اللبنانيين شهدوا على الملأ سجال “البيت العوني الواحد” حول قانونية إعطاء المستندات من عدمه للشركة”.
أما على الضفة المقابلة، فتتهم مصادر عونية بري بأنه “يحاول الهروب إلى الأمام عبر إثارة قانون الانتخاب لطمس معالم جريمة إجهاض التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان”، مؤكدةً أنّ “مناورة بري هذه لن تمر وستبقى الأولوية للتدقيق الجنائي الذي يحمّل “وزير ماليته” غازي وزني مسؤولية كبرى في عرقلته، ومن هنا جاءت رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لإعادة الأمور إلى نصابها القانوني ووضع المجلس أمام مسؤولياته”.
في الغضون، وبينما علمت “نداء الوطن” أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سيزور اليوم قصر بعبدا حيث سيكون “المضمون السياسي” لعظته الأخيرة محور بحث ونقاش مع رئيس الجمهورية، من المتوقع بالتزامن أن يحتدم التشنج الطائفي في المجلس النيابي على خلفية ملف قانون الانتخاب الذي يلاقي طرحه من جانب بري معارضة مسيحية وازنة في المجلس.
وفي هذا المجال، لفت عشية انعقاد الجلسة التي دعا إليها بري لمناقشة اقتراحات القوانين الانتخابية، وضع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع درس قانون الانتخاب في ظل الظروف المأساوية التي يمر بها الشعب اللبناني في خانة “المؤامرة”، مؤكداً مشاركة تكتل ”الجمهورية القوية” في الجلسة، في إشارة إلى الاستعداد لإحباط هذه المؤامرة تحت سقف البرلمان.
وفي حين رأى أنّ “الجميع متواطئ مع الجميع لعدم حصول التدقيق الجنائي”، حمّل جعجع ”الحكومة الحالية المكوّنة من الأكثرية النيابية مسؤولية فشل التدقيق الجنائي”، وتوجّه إلى الأكثرية الحاكمة مشدداً على وجوب أن تبادر إلى تشكيل الحكومة، “وإذا كانت لا تريد تشكيلها ولا أن تستقيل، فتكون هذه الأكثرية مرتكبة لأكبر جريمة بحق الشعب وستحاسبها عليها الأجيال المقبلة”.