مرّ اليوم الأول من الاقفال على خير. بلغت نسبة الالتزام، وفق قوى الأمن الداخلي، نحو 94%. نتيجةٌ مقبولة نوعاً ما في بلد يصعب فيه تطبيق القانون مع مواطنين يشذون دوماً عن القاعدة ويأبون ملازمة المنازل. العبرة هنا طبعاً في الابقاء على الالتزام عينه لما تبقى من أيام الحجر التامّ المقبلة. وفي الالتزام التام ضرورة ملحّة خصوصاً أنّ عدّادي الاصابات والوفيات لم يسجلا أيّ تراجعٍ بل بالعكس ارتفع عدد الوفيات الى 42 فيما سجلت الاصابات 5196 حالة، أما اللقاح فما زال حلماً بعيد المنال أقلّه في المدى المنظور.
وتشخص الأنظار في اليوم الثاني نحو جلسة يعقدها مجلس النواب لـ”تشريع الضرورة” وإقرار قانون “اللقاح”. ويقع على عاتق النواب التعمّق في بنية المشروع الذي أحالته لجنة الصحة إلى الهيئة العامة للنقاش والتصويت عليه اليوم. وفي حال إقراره بصيغته الحالية التي حصدت موافقة 10 نواب، يعطى وزير الصحة سلطتين تنفيذية وقضائية، ويرأس “لجنة متخصصة” يُلزمه القانون بإنشائها بقرار منه ويديرها مدير عام وزارته، ويتألف اعضاؤها من طبيبين متخصصين يختارهما شخصياً، وآخرين تختارهما نقابتا الأطباء، ويكون له حصراً الحكم بقيمة التعويض (المبلغ الذي يُمنح للمتضرر). ويتمتع الوزير بسلطة التحكم بأموال صندوق التعويضات من دون قدرة المواطن المتضرّر على “الطعن” أو “الاستئناف”.
ولفت أحد اعضاء لجنة الصحة الى خلل فاضح: كان يفترض أنّ يترأس قاض متخصص اللجنة ولكن “اتصالاً” من وزيرة العدل ماري كلود نجم غيّر الاتجاه بعدما أبلغت اللجنة بأنّ الأمر غير مستحب لحاجة القاضي الى إذنٍ من “مجلس القضاء الأعلى”، فأُسنِد الدور القضائي لوزير الصحة لأنّ وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى “على زعل”!
خلل آخر يتمثل في أنّ المشروع يمنح شركات كـ”فايزر” و”موديرنا” حصانة شاملة ترفع عنهما المسؤولية وتمتد تلك الحصانة أيضاً إلى القطاع الخاص المستورد للقاح، فلا يجبر الوكيل على التعويض عمّن يعانون مضاعفات خطيرة ولا تحميهم الوزارة. وهكذا يحرم القانون المواطن اللبناني المتلقي للقاح- والذي يدفع ثمنه ويشارك بتغذية صندوق التعويضات المذكور- من حقه الدستوري باللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض، علماً أن القانون يستحدث صندوقاً يوضع فيه 1% من الكلفة لتغطية أي أضرار، وتلزم الشركات الخاصة اذا استوردت (وهو مسموح لها) بدفع هذا المبلغ (وتمريره إلى المواطن) لكن من دون تغطية المواطن في حال وقوع أيّ ضرر، وتلك شائبة كبرى لأن ذلك يضع اللقاحات كلّها عملياً في سلّة وزارة الصحة فتخضع لاستنسابية التوزيع.
سياسياً كان لافتاً تسريب معطيات حول اتصالات ولقاءات تصب في خانة حماية اتفاق الطائف، وهي تسريبات انتقلت بين الصالونات حاملةً صفة معارضة أو مجابهة للعهد، لكن الأكيد أن ثمة قاسماً مشتركاً بين الساعين لإنشاء جبهة أو حالة معارضة، قوامها إسقاط محاولات دفع لبنان نحو مؤتمر تأسيسي وتغيير هويته. أما التباينات بين المعارضين فتنحصر في خريطة الطريق المقبلة، سواء خلال عهد الرئيس ميشال عون أو بعده.
وكشفت مصادر مطّلعة لـ”نداء الوطن” ان الاجتماع الذي عقد في دارة الرئيس تمام سلام وحضره رؤساء الحكومات السابقون والوزير السابق غازي العريضي حصل قبل اكثر من 10 ايام، وسبق فيديو رئيس الجمهورية متهماً الرئيس المكلف بـ”الكذب”.
واتفق المجتمعون على: التأكيد على حماية الطائف، تنقية السلوك السياسي وتصويبه، اعادة الثقة الى المؤسسات وإعادة دورها الى السابق، ودراسة كيفية الحصول على الدعم المالي.
وأبدى المجتمعون حرصهم على بقاء لبنان “الصيغة” وعدم تغيير هويته. ومن هذا المنطلق يتواصلون مع أكثر من طرفٍ سياسي لتثبيت البنود المتفق عليها. كذلك تطرّق المجتمعون إلى وجوب وضع حد لتجاوزات عدّة تخرق الدستور يقوم بها رئيس الجمهورية و”حزب الله” أو الاثنان معاً أحياناً.
ويحرص المجتمعون على تواصلٍ يشمل الأطراف المسيحية وغير المسيحية، مع إعطاء الاولوية للتواصل مع الخطّ المسيحي، لأن أي تحرك ضد رئيس الجمهورية يستوجب غطاء مسيحياً من الاحزاب الكبرى كـ”القوات اللبنانية” و”الكتائب”، ويبدو أنّ بعض المسيحيين المستقلين منسجمٌ مع هذا الطرح.
وهكذا يكون المحور الموحّد الدفاع عن “الطائف” وعدم الخروج عن المؤسسة والتحوّل إلى فئات تعيش تحت سياسة “الأمر الواقع”.
وتقول مصادر “القوات اللبنانية” لـ”نداء الوطن”: بدأ “الإنقلاب على “الطائف” منذ العام 1990، وتمثّل بتغطية الاحتلال السوري واستمرار سلاح “حزب الله”. لذا ترى “القوات” أنّ أي جبهة معارضة ينبغي أن “تصحّح” الإنقلاب وتستردّ بالتالي قرار الدولة بالحرب والسلم وتقرّ بضرورة تسليم “حزب الله” سلاحه.
وتطرح “القوات” خريطة طريق لجبهة المعارضة تعيد إنتاج سلطة تكون أولويّتها تطبيق الدستور بشقّه السيادي، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، ووضع جدول أعمال لحوارٍ وطني عنوانه الوحيد العودة إلى الميثاق والدستور والحياد وقيام الدولة.