لبنان على خارطة الاهتمام الدولي مجدّداً. ما بعد الورقة الخليجية، وزيارة وزير خارجية الفاتيكان، بالإضافة إلى الحركة الدبلوماسية التي تشهدها الساحة اللبنانية، جاءت إحاطة مجلس الأمن الدولي المكملة للشروط الخليجية، إذ قدّم أعضاء مجلس الأمن خلال بحثهم في تطوّر الوضع اللبناني إحاطة شاملة حول تطبيق القرارات الدولية وعمل الحكومة، وشدّدوا على ضرورة إنجاز المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. كل ذلك يؤكّد حجم الاهتمام الدولي بالملف اللبناني، وسط إصرار من قِبل المجتمع الدولي على ضرورة إعادة لبنان على خارطة العالم.
وعليه ينتظر لبنان استحقاقات متعددة، أبرزها إنجاز الحكومة للموازنة المالية العامة، والتي من المفترض أن تعقد الجلسة الحكومية للبت بها، وإقرار التعديلات التي أدخلت عليها يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، فيما تشير مصادر متابعة عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ الموازنة ستخضع للكثير من التعديلات، وسط مطالبات واضحة من صندوق النقد الدولي حول الإجراءات التي يُفترض اعتمادها.
في هذه الأثناء، يبدو أنّه بدأ الاعتماد على منصّة “صيرفة”، وأنّه يتوسّع أكثر حتى بات سعر دولارها محطّ متابعة من الجميع. ومن المرتقب أن يأخذ هذا السعر مكان أسعار الدولار الأخرى، وخصوصاً بعد الوصول إلى اتّفاق مع صندوق النقد، والتوجّه نحو تحرير العملة. وفي السياق، كان إعلان وزير المالية، يوسف خليل، اعتماد سعر “صيرفة” كمرجع لدولار الموازنة.
مصادر مصرف لبنان أشارت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ، “سعر “صيرفة” هو السعر الحقيقي للدولار، لأنّه ناتجٌ عن عرض وطلب، والاعتماد على هذه المنصّة بات ملحوظاً، خصوصاً وأنّ حجم التداول اليومي كبير، ويتراوح ما بين 15 مليون دولار و50 مليون”.
وتوقّعت المصادر أن يكون سعر صيرفة هو سعر الدولار المعتمد في مختلف المجالات مع الوقت، كما وأنّ السعر قابل للانخفاض في حال تأمين جو استقرارٍ سياسي، ومن خلال الاتّفاق مع صندوق النقد الدولي، وإقرار موازنة ذات نِسَب عجز منخفضة، لا سيّما وأنّ عملية العرض والطلب عامل أساسي في تحديد السعر.
من جهة أخرى، لفتت مصادر حكومية عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى الخلاف المستمر على ملف الكهرباء، إذ أنّ هناك إصرار من قِبَل وزير الطاقة وفريقه على الحصول على سلفة للكهرباء، وإدخالها في الموازنة، وهو أمر مرفوض من قِبل رئيس الحكومة، ومن قِبل صندوق النقد الدولي. وليس هذا هو الخلاف الوحيد، إنّما تتوسّع مروحة الخلافات حول آلية التفاوض مع صندوق النقد، وخطة التعافي المالي، وحول مصير حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، وكل هذه المواضيع كانت محط بحث بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس الجمهورية ميشال عون، في اللقاء الذي عُقد صباح يوم الجمعة في القصر الجمهوري، فيما يصرّ عون على ضرورة تسهيل عمل شركة التدقيق الجنائي، ويتّهم حاكم المصرف المركزي بالتهرّب من إعطاء الشركة ما تحتاجه من معلومات.
وفي ظل هذه الخلافات، برز موقف لبناني مستجد في الرسالة التي سلّمتها سفيرة لبنان في الأمم المتحدة، آمال مدلّلي، إلى مجلس الأمن حول ترسيم الحدود، وتمسّك لبنان بحقوقه البحرية الكاملة، ولا سيّما الخطّ 29 الذي يبقيه لبنان حاضراً على طاولة المفاوضات ما يعني أنّه لم يتنازل عنه، وهو ما تصفه مصادر متابِعة عبر “الأنباء” الإلكترونية بأنّه نوعٌ من تعزيز الموقف التفاوضي في ظل المماطلة المتعمّدة من قِبل الإسرائيليين.
وتقول المصادر إنّ الهدف من هذه الرسالة هو إعادة تحريك عجلة المفاوضات وتسريعها، وعدم تنازل لبنان عن حقوقه كاملة، كما أنّ الرسالة تتضمن اعتراضاً على ما تقوم به إسرائيل من أنشطة في حقل كاريش، الذي تعتبره الرسالة بأنّه منطقة متنازع عليها. وهذه خطوة تمثّل تطوراً مهماً قبل الزيارة التي يُفترض أن يجريها آموس هوكشتاين، ولا بدّ أن يكون لها تأثير على مسار التفاوض، أو على الموقفَين الأميركي والإسرائيلي.