كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : على بعد أيام معدودة من الانتخابات النيابية العامة، بلغت الحماوة الانتخابية مستويات قصوى مع لجوء مختلف الاطراف لاسلحتها الثقيلة ما حتم على الاجهزة الامنية الاستنفار لمواكبة الساعات الحاسمة.
استنفار أمني
وفيما طمأن وزير الداخلية بسام المولوي الى ان الوضع الامني جيد، عقد قائد الجيش العماد جوزيف عون يوم أمس في اليرزة اجتماعاً مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، وزوّدهم بالتوجيهات اللازمة والإجراءات الضرورية لحفظ أمن الانتخابات النيابية وإتمامها بنجاح.وأكد العماد عون خلال الاجتماع أن الجيش جاهز عملانياً وأمنياً لهذه المهمة، وأنه على مسافة واحدة من الجميع.
وقالت مصادر مطلعة عن كثب على الاستعدادات الامنية لمواكبة الانتخابات ان مختلف الاجهزة وبخاصة الجيش وقوى الامن الداخلي بحالة من الاستنفار، فرغم تطمينات القادة الامنيين يبقى هناك مخاوف من لجوء قوى سياسية ايقنت انها خاسرة للعبث بالامن للاطاحة بالاستحقاق في اللحظات الاخيرة. واشارت المصادر في حديث ل»الديار»:»لذلك تستعد الاجهزة لكل السيناريوهات خاصة وان العمل الامني الذي يواكب الانتخابات لا يقتصر على يوم الاحد، بل تكثف منذ اسابيع وبخاصة العمل المخابراتي باطار الجهود الاستباقية التي تبذل لمنع اي اشكال او حدث امني».
استنهاض سنة لبنان
وبقرار لافت بمضمونه وتوقيته أصدرت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية يوم امس بتوجيه من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، تعميما على أئمة وخطباء المساجد في لبنان لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى «المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة»، وحث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب «وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير «.
ووضعت مصادر سياسية هذه الخطوة في اطار «الضغوط الكبيرة التي تمارسها المملكة العربية السعودية لرفع عدد المقترعين السنة بعدما كانت نسب اقتراع المغتربين السنة مخيبة للآمال». وقالت المصادر ل»الديار»:»الرياض وكلت دار الفتوى باستنهاض الشارع السني للتصدي لاي قرار بالمقاطعة وخاصة من قبل رئيس «المستقبل» سعد الحريري الذي تحاول المملكة الايحاء بأن دوره السياسي انتهى، فيما تستمر بالبحث عمن يخلفه بزعامة الساحة السنية من دون طائل حتى الساعة».
وفي هذا السياق، بدت لافتة الزيارة التي قام بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى مدينة زحلة حيث التقى النائب ميشال ضاهر، والمرشح السني على لائحة القوات «زحلة السيادة» بلال الحشيمي. ووضعت المصادر هذه اللقاءات في خانة «التدخل السعودي المباشر في دعم مرشحين للانتخابات وحث الناخبين السنة على منحهم اصواتهم».
الكباش الانتخابي يستعر
في هذا الوقت استعر السجال كما الكباش الانتخابي بين مختلف القوى السياسية، وبخاصة التيار الوطني الحر والقوات كما حزب الله والقوات.
وردت مصادر مطلعة على موقف حزب الله، أن اللهجة التصعيدية التي انتهجها امين عام الحزب في اطلالته الاخيرة اتت في السياق الرد على «حملة الافتراءات والاكاذيب التي يلجأ اليها الفريق الآخر للتغطية عن خسارته المرتقبة المدوية بعد فشله بتحقيق وعوده لمشغليه بالاستحصال على الاكثرية النيابية «. وقالت المصادر لـ «الديار»:»سيكونون على موعد مع مزيد من التصعيد بالمواقف في حال استمروا بحملتهم هذه».
اما على خط القوات-التيار، فقد ردت يوم امس الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» على النائب جبران باسيل وقالت انه «يصرّ على تكرار معزوفة تخطي «القوات اللبنانية» لسقف الصرف الانتخابي»، سائلةً: ما نجهله صراحة كيف توصّل إلى هذه الخلاصة الاستشرافية والانتخابات لم تنته فصولاً بعد، وهيئة الإشراف لم ولن ترفع تقريرها قبل انتهاء هذه الانتخابات ودراسة الأرقام التي في ضوئها تحدِّد مَن تجاوز أم لم يتجاوز السقف الانتخابي؟ وكيف له أن يتحدّث عن تجاوز الصرف الانتخابي ولديه محطّة تلفزيونية تبثّ الأضاليل 24/24». وردت اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في التيار الوطني الحر في بيان، قالت فيه: « لتدرك قيادة القوات أننا وراءها، سياسياً وخطابياً وقضائياً، في كشف توظيفها المال الانتخابي لتلطيخ المجتمع وسرقة الأصوات، ولن تنفعها محاولات التستّر، وهي معروفة لنا تماماً، عبر استخدامها التزوير محليا وخارجيا لطمس حقيقة حجم انفاقها الإنتخابي».
مؤشرات خطيرة
في هذا الوقت ومع تجاوز سعر صفيحة البنزين عتبة الـ ٥٠٠ الف ليرة، بدأت مؤشرات خطيرة تحيط بالمشهد اللبناني مع انتهاء الانتخابات. وقالت مصادر مواكبة عن كثب للوضعين المالي والاقتصادي ان «ابر البنج التي استخدمتها المنظومة الحاكمة بهدف تمرير الانتخابات والقول بأنها ممسكة بزمام الامور، بات مفعولها يتلاشى مع مرور الايام على ان ينتهي تماما كما هو متوقع في السادس عشر من ايار». وقالت المصادر لـ «الديار» : «الاحتياطات التي يمكن لمصرف لبنان استخدامها نفذت تماما، وفي ظل الخلاف الداخلي والذي طفا للعلن حول صوابية انجاز اتفاق مع صندوق النقد بشروط صعبة، يمكن القول ان اياما صعبة تنتظرنا بعد الانتخابات ومزيد من الارتفاع بسعر الصرف وبأسعار المواد الاساسية، ما يهدد بانفجار اجتماعي كبير».
بو حبيب: تكاليف النازحين على لبنان كانت عالية
على صعيد آخر، اشار وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، خلال مشاركته في مؤتمر «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، في العاصمة البلجيكية بروكسل، في دورته السادسة، «إلى ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تشكلت خلال ٥ أسابيع واستطاعت ان تحقق ٦ أهداف اساسية وهي التالية: الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وقد تم ذلك، الانتخابات وقد تم إجراء انتخابات المغتربين بنجاح وستجرى انتخابات المقيمين، اعادة العلاقات مع دول الخليج بمساعدة الكويت ووزير خارجيتها الشيخ أحمد الصباح. إعادة الأمن والاستقرار وتحقق ذلك بجهود الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي والامن العام، ومحاربة الفساد، وملف الكهرباء وقد تم وضعه على السكة».
أضاف «ان هذه الاهداف تحققت إلى حد كبير رغم المشاكل السياسية التي تسببت بوقف انعقاد الحكومة لمدة ٣ أشهر، علما ان الانطلاقة بحاجة لموارد مالية في حين أن المجتمع الدولي ما زال يشترط لإعطاء المساعدات.»
وقال بو حبيب: «تحول لبنان من بلد متوسط الدخل الى منخفض الدخل، وذلك بسبب السياسة المالية والنقدية المتبعة منذ التسعينات التي اثبتت انها كارثية، كما وسعر الصرف الثابت والفوائد المرتفعة والعجز المالي رغم تنبيهات صندوق النقد الدولي. وايضا إن الحرب السورية التي بدأت عام ٢٠١١ اغلقت نافذة لبنان إلى الشرق ومع إقفال الحدود البرية تكبد لبنان خسائر مالية واقتصادية كبيرة، واستقبل موجات من النازحين الذين يبحثون عن الأمان والفرص الاقتصادية. حاليا، هنالك في لبنان حوالي مليون ونصف نازح سوري وأقل بقليل من نصف مليون لاجىء فلسطيني، وهذا يشكل حوالي ٥٠٪ من عدد اللبنانيين او ١/٣ من عدد اللبنانيين المقيمين».
أضاف «أبدى المجتمع الدولي كرمه في مساعدة النازحين والدول المضيفة وهذا محط تقدير لدى اللبنانيين ولكن التكاليف على لبنان كانت عالية جدا.هنالك دراسة اقامتها منظمة دولية تشير إلى أن تكاليف النزوح على لبنان بلغت حوالي ٣ مليار دولار سنويا اي ٣٣ مليار دولار خلال ١١ سنة. كما ان هناك ارتفاع في مستوى البطالة ووضع البنى التحتية الى أسوأ ونسب الجريمة ترتفع واكثر من ١/٣ من المسجونين في السجون اللبنانية هم سوريون وعدد الاطفال السوريين الذين يولدون في لبنان اكثر من اللبنانيين. اضافة الى ذلك نتج عن وجود النازحين خلل في التوازن الديمغرافي في لبنان وبحسب الدراسة اكثر من ٧٥٪ من اللبنانيين تحت خط الفقر».
وتابع «ان معظم النازحين ليسوا نازحين سياسيين بل اقتصاديين، وان الوضع الاقتصادي والامني حاليا في سوريا افضل من لبنان. وقد تم إصدار مؤخرا مراسيم عفو للفارين ولمعظم الذين غادروا خلال الحرب.
كما نبه إلى أن المانحين يخلقون اونروا جديدة للنازحين في وقت نرى فيه «تعب المانحين» ، فالمساعدات للاونروا تنخفض وكذلك تدريجيا سوف تنخفض المساعدات للسوريين. وشدد أيضا على موضوع مهم لحكومته وهو ان لا مقدرة على انتظار حل سياسي في سوريا كما انه ليس لدى لبنان الموارد لمنع الناس في الزوارق من مغادرة شواطئه. فمنذ اسبوعين غرقت سفينة وكانت تحمل على متنها اكثر من ٨٤ شخصا، وتم انقاذ اكثر من نصفهم».
وختم «في المحصلة، لبنان لا يستطيع حمل هذا العبء لمدة اطول وعلى المانحين ان يصغوا جيدا للهواجس اللبنانية وان يغيروا الطريقة التي يتعاملون فيها مع ملف النازحين ولربما إعطائهم المساعدة في سوريا. في الماضي، استطاع لبنان ان يحقق عودة مئات الآلاف من السوريين الى بلدهم ولكن نراهم يعودون الى لبنان للحصول على المساعدة الشهرية من المنظمات المانحة. فلبنان يبقى ضد استعمال القوة لاعادة النازحين ا الى بلادهم ومع العودة الآمنة والكريمة ولا يمكن الاستمرار بقبول الوضع الراهن».