كتبت صحيفة “النهار” تقول: 0بات في حكم المؤكد ان جولة المحادثات التي بدأها امس الوسيط الأميركي في المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين والتي يستكملها اليوم مع الرؤساء الثلاثة تتسم بطابع حاسم ودقيق بل وربما تكون على قدر من الخطورة في حال ذهبت في اتجاهات سلبية وسط المناخات المحمومة التي عكستها جولة تبادل التهديدات في الأيام الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”. ذلك انه فيما ينتظر المسؤولون اللبنانيون سماع رؤية كبير المستشارين لشؤون الطاقة في إدارة الرئيس جو بايدن الذي حضر الى لبنان بناء على دعوة رسمية عاجلة من الحكم حيال تطورات ملف الترسيم وإمكانات استئناف مفاوضات الترسيم من حيث انتهت فان هوكشتاين اخذ علما عقب وصوله امس ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيبلغ اليه اليوم موقفا رسميا موحدا من ملف الترسيم وربما أيضا من طرح سبق للوسيط الأميركي ان قدمه الى المسؤولين في اخر زيارة قام بها لبيروت ولم يسمع جوابا عليه بعد . وأفادت المعطيات المتوافرة ان الموقف اللبناني الموحد الذي سيتبلغه الوسيط الأميركي يتمثل بتمسك لبنان بالخط 23 وليس 29 الذي اعتبر خطا تفاوضيا وباعتبار حقل قانا خطا احمر غير قابل للتفاوض وان لبنان يرغب في استئناف مفاوضات الترسيم وتسهيلها من جميع الأطراف توصلا الى حل يضمن مصالحه وحقوقه في ثرواته الطبيعية . وواكبت الأمم المتحدة وصول هوكشتاين الذي التقى في السفارة الأميركية المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتسكا فاعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أنّ “الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع لبنان وإسرائيل للمساعدة في حل الخلاف بشأن حقل كاريش البحري” واضاف أنّ “الأمم المتحدة تشجع إسرائيل ولبنان على حل أي خلافات عبر الحوار والمفاوضات”.
وإذ بدا من الصعوبة اطلاق التقديرات الاستباقية حول نتائج مهمة هوكشتاين في بيروت وسط التعقيدات التي تغلف موقفي لبنان وإسرائيل من مسائل الترسيم والتنقيب عن الغاز والنفط وتصاعد التوتر على خلفية بدء سفينة التنقيب اليونانية العمل في حقل كاريش فان مؤشرا إيجابيا لاح مع طلائع وصول الوسيط الأميركي لجهة ما ابداه من استعدادات لإزالة العقبات التي لا تزال تحول دون استجرار الغاز من مصر والأردن الى لبنان بما عكس مؤشرات مهمة حيال وجود قرار أميركي باستدراك الواقع الخطير الذي يعاني منه لبنان والذي عبرت عنه واشنطن أخيرا بتحذير من انهيار قطاع الطاقة في لبنان.
أولى لقاءات هوكشتاين ترافقه السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد وصوله عصرا الى بيروت كانت مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبرهيم في مكتبه وقد تناول البحث تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية .وقال ابرهيم لقناة “المنار” ان “اللقاء مع هوكشتاين كان جيدا وابلغته انه سيسمع موقف لبنان الموحد من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون “. ثم التقى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض لمدة ساعة . واستقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب هوكشتاين ليلا في حضور شيا وبحثوا في تطورات ملف ترسيم الحدود البحرية واكد بو صعب على الأثر “أن الموقف اللبناني حيال هذا الملف موحّد وأجواء اللقاء كانت إيجابية وأن الوسيط الأميركي أبدى الرغبة في المساعدة”.
مواقف من الترسيم
وسبق وصول هوكشتاين الى بيروت تكثيف للاتصالات بين اهل الحكم لتوحيد المقاربات من ملف ترسيم الحدود البحرية علما ان جانبا من هذه الحركة تناول أيضا استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة . وفي هذا السياق،التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في عين التينة. وفي حين اكدت مصادر ان الزيارة تأتي في اطار التشاور الدوري بينهما كل اسبوعين أفادت عين التينة انه “جرى عرض للاوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية”.
وكان الرئيس عون ابلغ المنسقة الخاصة للأمم المتحدة جوانا فرونتسكا “أن الجانب اللبناني سيبلغ الوسيط الاميركي الى المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية السيد آموس هوكشتاين بالموقف اللبناني الموحد حيال الطروحات المقترحة لاستئناف هذه المفاوضات والتي تحفظ حقوق لبنان”.
وجال وفد من النواب “التغييريين” امس على الرؤساء الثلاثة بهدف “متابعة ملف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية لتثبيت موقف النواب التغييريين، وتأكيد ضرورة تمسّك السلطة التنفيذية بالخط 29 عبر تعديل المرسوم 6433”. ولفت عون امام الوفد الى ان “لبنان متمسك بعودة المفاوضات غير المباشرة مع “اسرائيل” والتي توقفت على اثر رفض العدو اعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً”. وشدد على ان “الجانب اللبناني رفض الخط الاسرائيلي رقم 1 و”خط هوف” ومن غير الوارد التنازل عن حقوق لبنان في استثمار ثروته النفطية والغازية”. وقال “نرفض تهديدات العدو الاسرائيلي الذي يتصرف خلافاً للقوانين وللقرارات الدولية”. ونفى وجود أي ارتباط بين المفاوضات حول ترسيم الحدود بمسألة استجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن، او المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ولفت في هذا السياق موقف جديد لقائد الجيش العماد جوزف عون خلال زيارته امس لكلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان حيث التقى ضباط دورة الأركان السادسة والثلاثين الذين سيتخّرجون الخميس المقبل. وقال في المناسبة :”إنّ المعارف التي اكتسبتموها في الكلية ستساهم في تطوير معارفكم، وكيفية مقاربتكم للاستحقاقات وتعاطيكم معها، بخاصة تلك التي تتداخل فيها عوامل أخرى لا سيّما منها السياسية، علماً أننا لا نتدخل في الشؤون السياسية إطلاقاً، إنما يجب فهم الواقع السياسي وتحليله تمهيداً لاتخاذ القرار كملف ترسيم الحدود البحرية على سبيل المثال والذي كثرت التحليلات والتعليقات المتعلّقة به”. وتابع:” أعلن الجيش موقفه صراحةً بانتهاء مهمته التقنية، وأنه يقف خلف السلطة السياسية في أيّ قرار تتّخذه. لسنا معنيين بأي تعليقات أو تحليلات أو مواقف سواء أكانت سياسية أم إعلامية، الموقف الرسمي يصدر عن قيادة الجيش حصراً وأيّ رأي آخر لا يعبّر عن موقف الجيش”.
التكليف… اسيراً!
على الصعيد الحكومي بدا المشهد على حاله من “التحجير” على الاستشارات النيابية الملزمة وعدم تحديد موعدها بعد في ما يفاقم الشكوك المتصاعدة في نيات الحكم من جراء هذه المماطلة علما ان الحديث التلفزيوني الأخير لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي اعلن رفض التيار لاعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي والشروط الخاصة بالحصول على حقائب وزارية رسخ الاقتناع بان العهد يحتجز التكليف ويرهنه لانجاز صفقة التاليف أولاً.
ومع ذلك فان عون ابلغ امس الى فرونتسيكا “ان المسار الدستوري في لبنان سوف يستمر بعد الانتخابات النيابية، من خلال اجراء استشارات نيابية تفضي الى تكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة”، معربا عن امله في ” ان يتحقق ذلك، في اسرع وقت نظرا للاستحقاقات التي تنتظر الحكومة العتيدة”. وتمنت فرونتكسا “ان تشكل الحكومة الجديدة في اسرع وقت ممكن نظرا للمهمات المطلوبة منها راهنا”.
اما على الصعيد السياسي فبرزت خطوة تتصل بالتنسيق بين القوى المعارضة في الاستحقاق الحكومي من خلال لقاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في معراب، النائبين وائل ابو فاعور واكرم شهيب موفدين من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في حضور النائب زياد الحواط. واعلن جعجع “اننا إتّفقنا على مقاربة واحدة مع الحزب التقدمي الاشتراكي لتأليف الحكومة” مشددا انه “على المعارضة توحيد جهودها لوقف خطط السلطة”. واشار الى ان تأخير تشكيل الحكومة ليس بسبب زيارة الوسيط اموس هوكشتاين لبيروت أو تأليف اللجان “إنّما السبب هو أنّ البعض يُحاول وضع يده على الحكومة للإستفادة من التعيينات قبل نهاية العهد وتثبيت مواقعه”. وإذ اعلن جعجع “اننا سنترك اسم رئيس الحكومة لاجتماع تكتل الجمهورية القوية” شدد تكرارا ان “باب النجاة الوحيد لخلاص البلد هو تنسيق المواقف بين كل اطياف المعارضة بدءاً من النواب الجدد مرورا بالمستقلين وصولا الى الكتائب والاشتراكي والقوات واي حديث آخر هو مجرد “كلام بكلام”.