كتبت صحيفة “البناء” تقول: شهدت منطقة جنين في الضفة الغربيّة في فلسطين المحتلّة إحدى عمليات المقاومة النوعيّة، حيث قتل أحد ضباط جيش الاحتلال على أيدي مقاومين فلسطينيين نصبوا كميناً لدورية من جيش الاحتلال، وسقط نتيجة الاشتباك شهيدان من المقاومين أحدهما عنصر في أمن السلطة. وقد أثارت العملية بالتوازي مناخاً من التعاطف الشعبي في كل أنحاء فلسطين المحتلة، وحالة من الهلع في صفوف المستوطنين وجيش الاحتلال، وبينما اعتبرها محلّلو القنوات التلفزيونيّة الإسرائيليّة تحوّلاً خطيراً في مسار عمليات المقاومة، خصوصاً لجهة انخراط عناصر أمن السلطة في العمل المقاوم، ما يطرح أسئلة جدّية حول التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة، وخطورة تحوّله إلى مصدر للخطر والقلق على أمن الجنود والضباط، فيما أشادت فصائل المقاومة بالعمليّة ومنفّذيها، وقرأ فيها محللون فلسطينيون تعبيراً عن امتداد لعملية غور الأردن التي استهدفت حافلة تنقل جنود الاحتلال، ما ينفي النظرية التي يروّج لها الاحتلال تحت عنوان الذئاب المنفردة، ويؤكد أنها ظاهرة الأسود المنفردة، التي تضرب بثنائيّات وثلاثيّات، وأحياناً بالمفرد، لكن تعبيراً عن الأمل بالفوز، وليس اليأس من الحياة كما يزعم ويرغب الاحتلال بتشبيه عمليات المقاومة بالعمليات الفردية لبقايا تنظيمي القاعدة وداعش في العراق وسورية.
لبنانياً، حال عدم توافر النصاب دون انعقاد جلسة مجلس النواب أمس، أرجئت الجلسة لليوم للبدء بمناقشة الموازنة العامة، بينما شهدت حرب المودعين والمصارف جولة جديدة في فروع مصرفيّة في السوديكو وعاليه، في محاولة من مودعين تحصيل أموالهم بالقوة، وأبدت مصادر مالية خشيتها من تعاظم وتكرار هذا النوع من العمليات، بالتوازي مع الأحكام التي يتم إصدارها داخل لبنان، وخارجه خصوصاً، بسداد ودائع وحجز على ممتلكات. وقالت المصادر إن هذا سيؤدي في النهاية إلى استنزاف موجودات المصارف بحيث لا يبقى شيء لوضع خطة تعيد الودائع لأصحابها، لأن المطلوب أن ينال جميع المودعين بخطة واضحة ومنصفة جميع ودائعهم، لا أن ينال 1% منهم فوراً 100% من ودائعهم ويخسر 99% منهم 100% من ودائعهم، بينما يمكن للخطة أن تتضمن جدولاً زمنياً لتدرج حصول الـ 100% من المودعين لنسب مئوية متلاحقة من ودائعهم.
وفيما كانت الأنظار منصبّة الى ساحة النجمة لانعقاد جلسة نيابية لمناقشة مشروع موازنة 2022، خطف الأمن الأضواء، عبر سلسلة هجمات أشبه «انتفاضة» للمودعين على المصارف التي سلبت وسرقت أموال الناس وترفض إعادتها ولو ضمن خطة تدريجية ولا حتى منحهم القليل من الدولارات لأسباب إنسانية بحتة.
فقد اقتحمت المودعة سالي حافظ مع مجموعة من أصدقائها، وهي تحمل مسدّساً، فرع «بلوم بنك» في السوديكو، حيث هدّدت بحرق نفسها بعد سكب البنزين على الموظفين وعلى نفسها. وتمكّنت من سحب مبلغ 13 ألف دولار من حسابها قبل أن تغادر. وقد برّرت سالي فعلتها عبر فيديو بثته من صفحتها على الفيس بوك بأن ما قامت به هو بهدف دفع تكاليف المستشفى لأختها التي تموت داخله بعد أن عصف بها مرض السرطان، حسب قولها.
وبعدما أفيد أن حافظ غادرت مع أموالها لبنان الى تركيا حيث ستعالج أختها، نفت المديرية العامة للأمن العام، توقيف المواطنة سالي حافظ، وأنها لم تغادر لبنان عبر مطار بيروت الدولي.
وأصدر مدّعي عام التمييز غسان عويدات إشارة بإبقاء كل من عبد الرحمن زكريا ومحمد رستم رهن التوقيف لاستكمال التحقيقات، واللذين ساعدا حافظ باقتحام البنك.
بدوره، أشار بنك «لبنان والمهجر» بأن ما حصل هو «عمليّة مدبّرة ومخطّط لها عن سابق تصور وتصميم بقصد الإيذاء».
وبعد ساعات على اقتحام سالي لبنك لبنان والمهجر في بيروت، قام أحد المواطنين باقتحام بنك «البحر المتوسط» في منطقة عاليه، لكنه لم يستطع أخذ وديعته وسلم نفسه للقوى الأمنيّة التي حضرت على الفور الى البنك.
وأفادت المعلومات بأن «المودع م.ش. الذي اقتحم مصرفاً في عاليه لم يحصل على أمواله، لأن القوى الأمنية وصلت على الفور إلى المصرف بعد إبلاغها بالحادث»، وأوضحت المعلومات أن «وديعة م.ش. تقارب 7 آلاف دولار وليس 30 ألف دولار كما يتم التداول، وذلك بحسب إفادته للقوى الأمنية».
وحذرت مصادر سياسيّة وماليّة عبر «البناء» من تكرار سيناريو السوديكو وعاليه وقبلهما في واقعة اقتحام المودع بسام الشيخ حسين أحد المصارف في الحمرا، في أكثر من مصرف بعدما قرّر المودعون أخذ حقهم وإعادة ودائعهم بالقوة المسلحة بعدما رفضت المصارف إعادتها تدريجياً ولا حتى بعضاً منها لأسباب إنسانيّة، وبعدما عجز القضاء عن البتّ بدعاوى المودعين على المصارف بإجبار الأخيرة على دفع الودائع لأصحابها إضافة الى رفض الدوائر القضائية المختصة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بالحجز على أملاك وأصول بعض المصارف. كما حمّلت المصادر المسؤولية لمصرف لبنان الذي يعطل إقرار خطة التعافي المالي وتوزيع الخسائر المالية ولمجلسي النواب والوزراء بإقرار القوانين الإصلاحيّة ووضع خطة وجدول زمني لضمان إعادة الودائع تدريجياً.
وتوقعت المصادر تفاقم الأزمة والصراع بين المصارف والمودعين باتجاه المواجهة الأمنيّة، ما سيؤدي الى إقفال المصارف أبوابها بحجة الخطر الأمنيّ وبالتالي توقف المعاملات المصرفيّة والتحويلات الخارجيّة وكذلك صرف رواتب الموظفين ومنصة صيرفة ما سيحدث فوضى مالية واقتصادية وأمنية بعدما سيرتفع سعر صرف الدولار الى معدلات قياسيّة.
ورأت أوساط سياسية أن مسلسل الأحداث الأمنيّة المتلاحقة والمتعدّدة التي تشهدها البلاد في مختلف المناطق خلال أيام قليلة تؤشر الى وجود مخطط خارجيّ لإعداد الساحة الداخليّة لفوضى وفتنة وانفجار اجتماعيّ وأمنيّ كبير موقت على ساعة المشروع الخارجيّ في وقت تتزاحم الاستحقاقات الدستورية حكومة ورئاسة جمهورية ووصول ملف ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة الى مراحلة نهائيّة وحساسة تضعه بين حافة التوقيع أو الحرب مع وصول رسائل تهديد من حزب الله الى من يعنيهم الأمر بأن المقاومة لن تسكت عن المماطلة الأميركية والخداع الإسرائيلي لقرصنة حقوق لبنان تحت ضغط الفراغ السياسي والانهيار الاقتصادي مقابل منح «إسرائيل» فرصة لاستخراج غازها من كاريش والحقول الموازية بذريعة عدم وجود سلطة في لبنان لتوقيع اتفاق الترسيم.
أما رسائل المقاومة فحملت تهديدات باستخدام وسائل لم تكشف عنها لمنع العدو من خداع لبنان وتكريس معادلة جديدة كتأجيل استخراج الغاز من كاريش مقابل تأجيل توقيع الترسيم وتجميد أي تحرك عسكريّ لحزب الله، وقد فعلت فعلها بإظهار الأميركي جدية أكثر بالتوصل الى اتفاق ولو على العناوين العريضة وترك المتابعة الى لجان من لبنان والعدو برعاية الأمم المتحدة لحسم النقاط التقنية والأمنية، وذلك بعدما أخذ العدو تهديدات المقاومة على محمل الجد والخوف من المغامرة بأي رهان قد يكبّده خسائر ويواجه مفاجآت تخفيها المقاومة. ومن المتوقع أن تحمل إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مواقف حاسمة ويكشف آخر التطوّرات في الملف.
وكشف الرئيس عون عن أن «الاتصالات لإنجاز ملف الترسيم قطعت شوطاً متقدّماً حقق فيها لبنان ما يجعله قادراً على استثمار ثروته في مياهه، وان ثمة تفاصيل تقنية يتم درسها حالياً لما فيه مصلحة لبنان وحقوقه وسيادته». ولفت الى أن «إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية سيمكّن لبنان من إطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول المحدّدة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي سيعطي الاقتصاد اللبناني دفعة ايجابية لبدء الخروج من الازمة التي يرزح تحتها منذ سنوات». وتمنى الرئيس عون على من سيخلفه في السدة الرئاسيّة، أن يستكمل تنفيذ المشاريع التي بدأت وتلك التي تعثر تحقيقها، ويحرص خصوصاً على المضي في عملية مكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين الذين يتحملون مسؤولية كبيرة في ما آلت اليه الاوضاع في البلاد.
وحذر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من «مشروع أميركي إسرائيلي إقليمي يريد أن يحقّق عبر خلايا أمنية وإرهابية وفوضى الشارع ما لم يستطع تحقيقه بالحصار، لذلك تمرير الموازنة وفقاً لضمانات اجتماعية فعلية ضرورة وطنية ماسة، كما أنّ التبريد السياسي ودعم مشروع الدولة الاجتماعي الأمني ومنع الفراغ الدستوري حاجة وطنية كبرى، وحذار من اللعب بالشارع لأنّ الكارثة تنتظرنا، والقضاء مطالب بأن يكون جزءًا من الجهد الأمني لأن مصير البلد بخطر كبير».
كما حذّر قبلان من «أنّ انهيار الليرة السريع وفلتان الدولار والأسواق وعجز الدولة واليد الأجنبية والكساد يسرّع وتيرة الانفجار الاجتماعي، والضغط الشعبي بالشوارع قد يأخذ البلد نحو خطط إرهابية خطيرة، لذلك حماية الأجهزة العسكرية الأمنية وتلبية احتياجاتها العملية ضرورة وطنية كبرى توازياً مع حماية الحاجات الأساسيّة للناس، والحذر الحذر من لعبة الشارع وطواحين الفقر لأنّ لعبة الشارع هذه المرّة غير كلّ المرات».
ولم يسجل الملف الحكومي أي جديد، مع تضارب المعلومات والتحاليل السياسية بين توجه القوى السياسية بدفع فرنسي الى تأليف حكومة جديدة او تعويم الحكومة الحالية لتجنب أخطار الفراغ الرئاسي وما قد ينتج عنه من اشتباك سياسي ودستوري وطائفي حيال الوضع الدستوري لحكومة تصريف الأعمال وتسلمها صلاحيات الرئيس وتبعات ذلك على ملف الترسيم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مقابل تفضيل جهات سياسية داخلية عدم تقديم أي إنجاز حكومي او مالي ونفطي وغازي يمنح عهد رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره الوطني الحر ورئيسها جبران باسيل أي إنجاز يؤدي الى تعويمه ويعود باسيل لتصدّر لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ويتلاقى ذلك مع رغبة أميركية خليجية إسرائيلية بالإبقاء على فراغ في مجلس الوزراء والانتقال الى الفراغ الرئاسي بحكومة تصريف الأعمال الحالية لكي لا تتسلم صلاحيات الرئيس وبالتالي لا تتمكن من توقيع اتفاق الترسيم ولا احتواء أي انفجار اجتماعي وامني قد يحدث في تشرين الثاني المقبل.
وأشارت وسائل إعلام محليّة، أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي سيزور بعبدا اليوم للاجتماع مع رئيس الجمهورية، بأمر لا يتعلق بالحكومة. فالبحث سيكون محصوراً بالتشاور عشيّة مغادرة ميقاتي الى نيويورك وترؤسه وفد لبنان الى الجمعية العامة للأمم المتحدة.
على صعيد آخر، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة مجلس النواب التي كانت مقرّرة أمس الى اليوم لمناقشة مشروع موازنة 2022 وذلك لعدم تأمين النصاب بعد غياب كتل «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية» وكتلة «الكتائب»، لمصادفتها مع ذكرى مقتل الرئيس الأسبق بشير الجميل، من إرجاء انعقادها.