كتبت صحيفة “النهار” تقول: تنعقد اليوم الجلسة السادسة في “مسلسل” يهدد بافراغ اهم واخطر استحقاق دستوري في لبنان بتجويفه واطالة امد الفراغ الرئاسي اذ تحولت هذه الجلسات محط تندر ساخر غالبا ، واذا كان ذلك يطاول في المقام الأول موقع رئاسة الجمهورية فانه بات يطاول كذلك باذى اعمق واشد خطورة كل صورة الدولة ومؤسساتها وفي مقدمها الان مجلس النواب نفسه .
يمضي المجلس المنتخب منذ ستة اشهر فقط في مسار إخفاق تصاعدي لا يبدو انه مرشح لنهاية وشيكة اذ سيتكرر اليوم امام مشاهد اللبنانيين وعلى مسامعهم السيناريو الشكلي الرديء إياه الذي توالت فصوله منذ الجلسة الأولى الانتخابية في أيلول الماضي باستثناء بعض التفاصيل التي تميز جلسة عن أخرى من دون ان تقدم او تؤخر شيئا في مسار الانسداد السياسي بل المسار التعطيلي الذي يطبع ازمة انتخاب الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية .
وستتوزع الكتل النيابية وفق النمط نفسه الذي اتخذته الجلسات الخمس السابقة بحيث ربما يحظى المرشح النائب ميشال معوض بزيادة أصوات عدة في رصيده الذي يتراكم من جلسة الى أخرى من دون ان يبلغ بعد حدود الاقتراب اللصيق والجدي من النصف زائد واحد نظرا الى استمرار تشرذم الكتل الأخرى المعارضة من غير القوى الحزبية الأساسية التي تدعم معوض وفي مقدمها “القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب ومستقلون .
اما “تكتل النواب التغييريين” فلم يعرف لمن سيجير بجميع اعضائه اليوم اصواته على غرار ما درج عليه في كل جلسة ولكن النائب مارك ضو قال لـ”النهار”: “إنّ العديد من الأمور تغيّرت وأدّت إلى التفكير بتأييد ميشال معوّض كمرشّح، أبرزها دخول البلد إلى الشغور الرئاسيّ، وعدم وصول المبادرة التي طُرحت من قبل النواب التغييريين إلى أيّ حلّ، وبعد أن وضعنا سلّة أسماء مرشّحين ولم ننجح بتجنّب الفراغ. في البداية أعطينا الأولويّة للمبادرة بالتوافق مع جميع النواب التغييريين، لكنّ اليوم لم يعد لدينا خيارات عدّة”. واشار ضو إلى أنّ “نواب التغيير ليسوا قادرين على المبادرة سوياً، ولم يبقَ إلّا اسم ميشال معوّض كمرشّح جدّي، فضلاً عن أنّه شخص كفوء، ونتناقش معه لبلورة النطاق الذي سيسمح لنا بالتعاون معه في المعركة الرئاسية، ويبدأ الأمر بالتصويت له في الجلسة المطروحة غداً.”
وفي المقابل لن يتبدل ابدا واقع “الكتلة البيضاء” التي تجسد امتناع متل وقوى 8 اذار عن خوض الاستحقاق بمنطق المبارزة الديموقراطية او السماح للأصول التي يمليها انتخاب رئيس الجمهورية بان تمضي الى نهاياتها فيتكرر بعد اسقاط عشرات الأوراق البيضاء العائدة لنواب هذه الكتل واقع انسحاب ما يكفي من نوابهم لافقاد الدورات اللاحقة للدورة الأولى نصاب الثلثين المعتمد في العملية الانتخابية .
باسيل في باريس
مع الجلسة السادسة العقيمة للمجلس لم تبرز عوامل جديدة في مسار توقعات وضع نهاية قريبة لازمة الفراغ الا في اطار دعائي ناشط غذته إيحاءات مفتعلة حول زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لباريس امس . اذ ان توظيف هذه الزيارة اخذ بعدا تضخيميا اريد له ان يصور باسيل كأنه حجر الرحى في استقطاب اهتمامات الدول المعنية برعاية الوضع في لبنان وفي مقدمها فرنسا ونسج الكثير على هذه الزيارة مع ضخ تسريبات واكبت الزيارة التي لم يعرف من التقى باسيل خلالها من فريق الاليزيه . وبدا لافتا ان هذه الأجواء سابقت تصاعد حملات إعلامية وتسريبات مركزة موازية عن تقدم فرصة دعم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بما يرسم الكثير من علامات الشك في اهداف هذه الحملات التي يبدو واضحا ان محور انطلاقتها هو المحور السياسي نفسه الذي يتنافس بشدة من ضمنه باسيل وفرنجية مع ارجحية واضحة للثاني في ظل ما بات مسلما به تقريبا من دعم “حزب الله” لترشيحه .
ونقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصدر متابع لزيارة باسيل “انها تدخل في اطار متابعة الجهود التي يقوم بها مع الاطراف الخارجية وعرضه تصورا لحل الازمة اللبنانية من خلال انتخاب رئيس وتشكيل حكومة والقيام بالاصلاحات الضرورية”. وأفاد ان “باسيل ينطلق من فكرة ان التصرف ليس على المستوى المطلوب نظرا للوضع الذي يعيشه لبنان ويعتبر ان رغم ما قيل عن الانتخابات النيابية فانها لم تشكل الحل المطلوب، وانتخاب رئيس لن يكون الحل اذا لم يقترن بتوافق حول الحكومة والاصلاحات ودور لبنان”. واعتبر “اننا نعيش ازمة نظام سياسي ومالي ولبنان يحتاج الى مظلة دولية تحيد لبنان عن كل ما يعاني من أزمات”.
واعتبر المصدر “ان التوافق حول الانتخابات الرئاسية ليس بهذه السهولة لتعدد مواقف الاطراف وان يجتمع ٨٦ نائبا على مرشحا غير متيسر حاليا لان هناك جمودا داخليا ويعول على حوار ليس فقط لانتخاب رئيس بل ايضا لتنفيذ برنامج محدد للاصلاحات يكون مدعوما خارجيا ويتفق عليه اللبنانيين. فالبلد لا يمكنه تحمل فراغين فراغ رئاسي وفراغ حكومي وهذا الانسداد يحتاج الى حوار داخلي والحوار لا يعني تغيير النظام بل التوافق على قواسم مشتركة تؤمن انطلاق البلد. ولا خيار امام الطبقة السياسية سوى التواصل فيما بينها”.
واشار المصدر الى ان باسيل “غير مقتنع بالمرشحين الحاليين لذلك يتم التصويت بالاوراق البيضاء. وان لا مصلحة للبنان اليوم بانتخاب سليمان فرنجيه وباسيل غير مرشح ولم نتفق على المرشح الثالث، ويمكن ان نختلف مع “حزب الله” . واعتبر ان وضع عقوبات لن ينفع واقترح باسيل امام الفرنسيين تقديم دعمهم وضمانات وتطمينات وقدم تصوره امام الفريق المكلف عن الملف اللبناني في قصر الاليزيه، موضحا ان التصور والعرض الذي قدمه باسيل لا علاقة له بخريطة الطريق التي قدمها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته الاولى للبنان.
شغور عسكري !
الى ذلك افادت معلومات ان تداعيات الفراغ لن تنحصر في بعبدا وساحة النجمة انما ستطال الامن. اذ ان اكثرمن موقع سيشغر في المجلس العسكري قريبا ان لم يتم انتخاب رئيس لتعيين البديلين. وابرز المواقع تبدأ مع احالة رئيس الاركان امين العرم الى التقاعد في كانون الاول المقبل وبعده في شهري شباط وآذار المقبلين، مفتش عام وزارة الدفاع الوطني العميد ميلاد اسحق والمدير العام للإدارة اللواء الركن مالك شمص. وفي اذار ايضا ينضم الى هؤلاء المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم .واذا كان البعض يعمل على اعداد سيناريو خاص بمدير الأمن العام،بحسب ما تفيد المعطيات، فالمعلوم ان اجتماع المجلس العسكري يفتقد قانونيته ان لم يحضر خمسة من أعضائه ،وهو ما سيصبح عليه مع شغور ثلاثة مواقع، ان استمر الفراغ الرئاسي حتى موعد احالة اعضائه الثلاثة الى التقاعد.
وسط هذه الاجواء، برز استعجال أممي للإصلاحات اذ إجتمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مع الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة والمديرة الإقليمية لمكتب الدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خالدة بوزار، في السرايا. وقالت بوزار ان لزيارتها أكثر من هدف، “الهدف الأول والأهم هو إطلاق تقرير التنمية البشرية العربية وسيكون انطلاق هذا التقرير لأول مرة في المنطقة العربية. أما الهدف الثاني فهو التباحث مع الحكومة اللبنانية لمعرفة أين وصلنا في الدعم الذي نقدمه للدولة اللبنانية وللحكومة وللشعب اللبناني. وناقشنا أيضا مع البرنامج الانمائي للأمم المتحدة الاستراتيجية الجديدة (2023-2025) التي تهدف الى دعم الإصلاحات ودعم الطاقة المتجددة ودعم الأزمة. وهذه الاستراتيجية ستقدم للمجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في كانون الثاني المقبل وتبلغ الميزانية السنوية لها نحو 80 مليون دولار أميركي. كما بحثنا أيضا كيف يمكن لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي دعم الإصلاحات التي يقوم بها لبنان مع صندوق النقد الدولي، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة كونها تحسن البيئة وتوفر فرص عمل للشباب وتحد من الهجرة”.
الصندوق السيادي
من جهة أخرى، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب ابرهيم كنعان وعلى جدول أعمالها درس اقتراحات قوانين الصندوق السيادي اللبناني.واعلن كنعان انه “بعد ترسيم الحدود البحرية من اهم الخطوات هي انشاء صندوق سيادي لتطمين اللبنانيين بالنسبة للعائدات النفطية. و بحثنا في ثلاثة اقتراحات قوانين، ولهذا الصندوق ومواصفات هي اكبر قدر من الاستقلالية أولاً، لتجنب الدخول في ما حصل في الماضي لا سيما ان اللبنانيين يقولون “العوض بسلامتكن” عند الحديث امامهم عن الصناديق. لذلك المطلوب استقلالية فعلية عن الادارة المالية للدولة اللبنانية وسياستها المالية وعجز موازناتها. أما الصفة الثانية فهي المحفظة الادخارية التي يتم من خلالها “تصميد” عائدات وأموال النفط والغاز للأجيال المقبلة، بالاضافة الى الصفة الثالثة وهي المحفظة الاستثمارية التي من خلالها يمكن انجاز مشاريع تنموية وفق نسب محددة”.