كتبت صحيفة “البناء” تقول: ثلاثة أحداث دولية كبرى جذبت الاهتمام مع عطلة عيد الميلاد وفق التقويم الشرقي، الأول كان من واشنطن، حيث مجلس النواب يُعيد جلساته الفاشلة لانتخاب رئيسه كيفن مكارثي بصفته مرشح الحزب الجمهوريّ الذي نال الأغلبية، بسبب عجزه عن تظهير الأغلبية في صندوق الاقتراع، وصولاً الى الجولة الخامسة عشرة التي انضم فيها أغلب النواب المتمردين في الحزب للتصويت لصالح مكارثي، بعد حصولهم على حق الفيتو في تحديد الأولويات التشريعية، بضمان تهديد رئيس المجلس بطرح الثقة برئاسته مع منتصف ولايته بعد عام، وتعرّضه لأزمة استعصاء كالتي عرفها هذه المرة، بعدما تمّت العودة بموافقة الأغلبية الجمهورية الى قاعدة منح نائب واحد بدلاً من نصف نواب الأغلبية الفائزة لطرح الثقة بالرئيس المنتخب، ووفقاً لمصادر متابعة لأزمة الحزب الجمهوري سوف يترتب على حق الفيتو للأقلية المتمردة داخل الحزب الجمهوري، تعريض تشريعات مثل تمويل الحرب الأوكرانية، ورفع سقف الدين لتعقيدات جديدة.
الحدث الدولي الثاني جاء من الحرب الأوكرانية، حيث حملت الهدنة التي أعلنتها موسكو من طرف واحد بمناسبة العيد، ما لم يكن متوقعاً، فقد رفضت أوكرانيا بتشجيع أميركي أوروبي الهدنة الروسية، وسط تقديرات عن هجوم أوكرانيّ قال الأوكرانيون إن موسكو تريد تفاديه بعرض الهدنة، لتكشف المعطيات العسكرية عن نجاح روسي بتحقيق تقدم كبير في جبهات حساسة مثل مدينتي باخمونت وسوليدار، وسط اعتراف أوكراني بمواجهة مصاعب في هاتين الجبهتين. وجاء الإعلان الروسي عن فتل 600 جندي وضابط أوكراني في كراماتورسك كانوا يتخذون من فنادق في المدينة مأوى لهم. وقالت موسكو إن العملية جاءت رداً على قتل 89 جندياً من عناصرها قبل أسبوع.
الحدث الثالث جاء من برازيليا عاصمة البرازيل، حيث قام أنصار الرئيس السابق اليميني خافيير بولسونارو بتنظيم تظاهرات حاشدة مفاجئة نحو مقرّ مجلس النواب ومقر الحكومة ومبنى المحكمة الفيدرالية والقصر الرئاسي ونجحوا باقتحامها، في مشهد أعاد إلى الذاكرة مشهد اقتحام أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لمبنى الكونغرس الأميركي، وتولّت قوات الشرطة البرازيلية تطويق المقتحمين تمهيداً لإخراجهم من المقار الرسمية، بينما صدرت إدانات سياسية من أغلب القوى والأحزاب وتحدّث الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا داعياً كل السلطات للتحرّك لوقف هذا الاعتداء على الديمقراطية، بينما كان أنصار بولسونارو يدعون لدعم المقتحمين بالمزيد من التظاهرات.
لبنانياً، أيضاً ثلاثة عناوين كبيرة، العنوان الأول هو انتظار صدور دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجلسة انتخاب رئاسية يوم الخميس المقبل، لبدء جولة مشاورات داخل الكتل، وفيما بينها أملاً بتفادي نتائج شبيهة بالجلسات السابقة. وهو ما قالت مصادر نيابية إنه لا يزال بعيداً، فكل المواقف لا تزال على حالها وحدود التغيير لن تكون أكثر من شكليّة، كمثل قيام نواب التيار الوطني الحر بتسمية أحد المرشحين أو أكثر بدلاً من الورقة البيضاء، او اعتماد النواب المستقلين لعنوان جديد بدلاً من لبنان الجديد. فالانقسام لا يزال قائماً والاستعصاء مستمر، أما العنوان الثاني فهو أزمة الكهرباء الناتجة عن التجاذبات السياسية التي عطّلت تمويل سفن الفيول الواقفة في البحر والتي يدفع لبنان ثمن وقوفها عشرات آلاف الدولارات يومياً، وقد فاقت الكلفة نصف مليون دولار. وقالت مصادر حكوميّة إن المشاورات جارية لعقد جلسة حكوميّة ببند واحد هو سلفة الكهرباء لإنهاء هذا الوضع الشاذ، أما العنوان الثالث، فيتمثل بوصول بعثة قضائية أوروبية يوم غد الثلاثاء إلى بيروت لبدء الاستماع الى قرابة ثلاثين شخصية مصرفية حول التحويلات وعمليات تبييض الأموال التي يحقق بشأنها القضاء الأوروبي.
يتجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس المقبل، بعدما تيقن أن أي دعوة للحوار من قبله ستلقى رفضاً من الكتلتين المسيحيتين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وبانتظار جلسة الخميس فإن الكتل السياسية سوف تعقد اجتماعات عشية الجلسة لإعلان مواقفها من الترشيحات. وبحسب مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي، فإن اجتماعاً سيُعقد يوم غد لتكتل لبنان القويّ لاتخاد القرار في شأن التصويت في الجلسة، وتقول المصادر لـ»البناء» إن هناك عدداً من النواب يدعو الى تسمية نائب من التكتل كمرشح لرئاسة الجمهورية، وهؤلاء يرفضون الأفكار والتي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والتي تصبّ في خانة تسمية مرشح من خارج النادي البرتقالي. وتشير المصادر إلى أن التباين في الآراء قد يفضي الى الاستمرار في التصويت بورقة بيضاء وترك الأمور على ما عليه في الوقت الراهن.
وعلى جبهة المعارضة، تقول مصادر حزب القوات اللبنانية لـ»البناء» إن تكتل الجمهورية القوية سيصوّت للنائب ميشال معوض في جلسة الخميس، مشيرة الى ان التوجه الى طرح مرشح جديد يحتاج الى تفاهم وتوافق بين الكتل المنضوية تحت لواء المعارضة. واستبعدت المصادر الذهاب الى تسمية قائد الجيش العماد جوزاف عون اذا لم تتبلور الأمور. هذا ويعقد حزب الكتائب اجتماعاً اليوم لتحديد موقفه من جلسة الخميس.
وقال النائب حسين الحاج حسن نحن لا ننتظر لا إيحاء من الخارج ولا تسوية في الخارج، فقط المطلوب بالنسبة إلينا أو بنظرنا، التفاهم على رئيس للجمهورية بمواصفات محدّدة ويتمّ انتخابه. وهذه المواصفات بشكل رئيسي هي: رئيس قادر على التواصل محلياً وإقليمياً ودولياً، لديه رؤية إصلاحية واقتصادية، يستطيع التفاهم مع كل اللبنانيين. ولكن أيضاً المطلوب أن يكون الرئيس واضحاً في تاريخه ومستقبله، بأنه لا ينساق مع الأميركي وغيره في محاولة طعن المقاومة في ظهرها، وأردف: «نحن نأمل أن يقتنع شركاؤنا في الوطن بالحوار مدخلاً للاتفاق، وأن يقتنعوا بأن انتظار التسويات الإقليمية والدولية في غير مكانه، ونذهب لانتخاب رئيس».
وأكّد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، أن «بعض الرؤوس الحامية» تصرّ على رفض وممانعة أي محاولة للحلّ الداخلي. الجميع يذكر أن دولة الرئيس نبيه بري في العام ٢٠١٤، عندما كنا نعاني من أزمة فراغ في الموقع الرئاسي دعا الى الحوار والتشاور حول السلة المتكاملة واليوم لكل المعرقلين للحلول نقول نحن لا عداوات لنا في الداخل مع أي من المكوّنات السياسية في البلد».
وأضاف: إن كل ما يُحكى عن اهتمام خارجيّ أو مبادرات خارجيّة غير صحيح وعلى الأقل غير دقيق، وناشد الأطراف الأساسية المعنية للتلاقي من أجل صياغة قاعدة للتفاهم في ما بينهم لمقاربة هذا الاستحقاق وانتخاب رئيس للجمهورية قادر على إعادة جمع اللبنانيين وإعطائهم الاطمئنان والثقة حيال القدرة على إنقاذ لبنان، رئيس قادر على تنظيم علاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة رئيس قادر على حشد الطاقات الداخلية والخارجية من أجل إنقاذ لبنان.
قضائياً، يصل اليوم وفد قضائي أوروبي إلى بيروت في الفترة الممتدة من 9 الى 20 كانون الثاني، للتحقيق في ملفات فساد مالية وقضائية. وقال المدعي العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات، إن مهمة الوفد «استجواب أشخاص تمّ استجوابهم سابقاً لدى القضاء اللبناني بصفة شهود باستثناء شخص واحد سيتمّ استجوابه بصفة مشتبه فيه وأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس بين 15 شخصاً مطلوباً استجوابهم من الوفد». وأكد عويدات أن العمل هو وفق المعاهدة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 2003 والتي انضم إليها لبنان بموجب القانون الرقم 33 الذي صدّقه مجلس النواب.
واصدر مصرف لبنان بياناً توضيحياً حول التداول اليومي على منصة «صيرفة»، مؤكداً أن «حجم التداول اليومي على المنصة الذي يصدره بشكل يومي يتضمن ما باعه واشتراه مصرف لبنان من دولار أميركي وعمليات بيع وشراء الدولار الأميركي التي قامت بها المصارف ومؤسسات الصرافة والتي يجب عليهم تسجيلها على منصة صيرفة». وأكّد المصرف أن «التداول على المنصة يتضمن «مجموع» الدولارات التي دخلت الى مصرف لبنان وتلك التي دفعها مصرف لبنان، تُضاف إليها عمليات المصارف والصرافين التي تسجل على صيرفة»، مضيفاً أن «ازدياد حجم التداول على المنصة في الأيام القليلة الماضية هو طبيعي ومتوقع حيث تم السماح للجمهور ببيع وشراء الدولار دون قيود عبر المنصة من خلال مصارفهم». وعلم أن مصرف لبنان سيتوجّه إلى عدم فتح اعتمادات «صيرفة» للمؤسسات اعتباراً من اليوم والاكتفاء بـ»صيرفة» للأفراد مع تحديد 100 مليون ليرة فقط للحساب الواحد شهرياً.
وفيما أعلنت رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي اليوم يوم إضراب شامل تحت عنوان «يوم كرامة المعلم في لبنان»، دعا زير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي رئيسة رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ملوك محرز وأعضاء مجلس الرابطة وممثليها في المناطق، إلى العودة عن الاستقالة مشيراً إلى أن وزارة التربية لن تسمح بإسقاط المدرسة الرسمية ولا بانهيار القطاع التربويّ نتيجة لتداعيات الأزمة العامة في البلاد، وبالتالي تآكل جزء من العطاءات بفعل التراجع المستمر لقيمة النقد الوطني تجاه الدولار. وهي تسعى للحصول على تمويل جديد من الجهات المانحة.