كتبت صحيفة “الديار” تقول: كلمة السر الرئاسية في جيب واشنطن، وما دامت لم تعلن موقفها الواضح بعد، سيبقى الاستحقاق لا «معلقا ولا مطلقا»، اما اللاعبون الاخرون من فرنسيين وسعوديين فليسوا الا «كومبارس» لقائد الاوركسترا الاميركي» المشغول حاليا بالهم الاكبر في اوكرانيا وكسر روسيا وارباك الصين وهز ايران، ومن يتقدم في الحرب الروسية الاوكرانية يفرض شروطه لسنوات وسنوات. هذا هو الهم الاميركي حاليا حسب المتابعين اللبنانيين للسياسات الاميركية ومراكز الدراسات في واشنطن، اما الانتخابات الرئاسية فليست اولوية وليست معضلة. والحل اما بالجاذبية او «الكرباج» عندما تدق الساعة، ومن يعش ير، وليس كما يعتقد بعض اللبنانيين ان البيت الابيض ضبط ساعته على توقيت معركة بعبدا الرئاسية. وحسب المتابعين للملف الرئاسي، فان واشنطن لا يمكن ان تتخلى عن الساحة اللبنانية مطلقا، كونها على خط التماس مع حليفتها الاستراتيجية اسرائيل المهددة يوميا من حزب الله وقوته الكبرى وحضوره الداخلي، هذا بالاضافة الى ان بصمات واشنطن رافقت جميع الاستحقاقات الرئاسية وحسمتها، وكان لبنان يتعرض كل ٦ سنوات مع كل استحقاق رئاسي لحروب وثورات ومناكفات كبرى وصغرى، تنتهي بتسويات «لا غالب ولا مغلوب» بقرار اميركي «ومقبلات» اوروبية وعربية، وكان الاستثناء انتخابات ١٩٨٢، ودفع لبنان بحرا من الدماء والدموع جراء تقدم فريق على آخر بفعل الاجتياح الاسرائيلي. والاستحقاق الحالي لن يخرج عن هذا المسار التسووي، والرئيس الجديد لن ياتي من دون توافقات اميركية ايرانية سعودية بالدرجة الاولى، اما فرنسا ومصر وتركيا وسوري فهي «ضيوف شرف». لكن التسوية بحاجة الى ظروف ومعطيات غير ناضجة حاليا في ظل المعارك الدولية والاقليمية الكبرى على حد السيف في عدد من الساحات الهامة، ومن يصرخ اولا سيدفع الثمن والجميع ينتظرون غرف العمليات العسكرية، وبعدها لكل حادث حديث، والمشهد لن ينقشع قبل فصل الخريف او العام المقبل، وهذا ينطبق على الاستحقاق الرئاسي .
حركة السفير السعودي
انشغل اللبنانيون بتغريدة السفير السعودي وليد البخاري عن «التقاء الساكنين»، واخذت تفسيرات واسعة، والبعض وضعها في خانة الالتقاء بين سليمان فرنجية ونواف سلام والبعض الاخر فسرها بشكل مختلف.
وتكشف المعلومات عن اجواء النقاش الذي جرى منذ فترة بين مرجعية سياسية محسوبة على دمشق والسفير السعودي. وابدت المرجعية السياسية استغرابها لموقف الرياض من سليمان فرنجية «العروبي صاحب المواقف المعتدلة»، القريب من الرياض، فرد السفير السعودي «لكنه حليف لحزب الله» فردت المرجعية السياسية «فرنجية معتدل»، وسالت السفير البخاري، هل تتصورون ان هناك امكانا لانتخاب رئيس للجمهورية معاد لحزب الله ومستعد للمواجهة معه، هذا انتحار؟
وفي المعلومات، ان البخاري سيتحرك مجددا باتجاه القيادات السياسية والدينية بعد التطورات الاخيرة وموقف الثنائي الشيعي الداعم لفرنجية، وبدا حراكه من بكركي مؤكدا ان بلاده لا تتدخل في الاسماء وانه لم يضع فيتو على اي اسم كما تردد في وسائل الاعلام، مشيرا الى ان مواصــفات بلاده للرئيس المقبل بالا يكون متورطا في ملفات الفساد. وفي المعلومات، ان السفيرين السعودي والفرنســي عقدا اجتماعا تشاوريا قبل زيارة السفيرة الفرنسية الى الرئيس بري الذي سيلتقي البخاري في اليومين المقبلين .
وفي معلومات مؤكدة، ان معظم المرشحين للرئاسة من المطروحين الجديين الى الصفين الثاني والثالث طرقوا ابواب واشنطن والتقوا مسؤولين وموظفين في الخارجية وسمعوا ولمسوا عدم الاهتمام الاميركي بالملف الرئاسي مع عناوين عامة عن المواصفات والاصلاحات دون الغوص في الاسماء، وطرق هؤلاء ابواب السعودية التي ركزت على المواصفات الاصلاحية ورفضها مرشح حزب الله، وقصد معظم هؤلاء حارة حريك وسمعوا موقفا داعما لفرنجية وعدم اقفال ابواب الحوار…
سليمان فرنجية
وفي المعلومات، ان سليمان فرنجية سيعلن ترشحه رسميا لرئاسة الجمهورية خلال الايام المقبلة وعبر مقابلة تلفزيونية نهار الاحد بعد تبني الثنائي الشيعي له، وسيقوم بسلسلة من الاتصالات والمشاورات المحلية والدولية قبل الاعلان. اما رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فما زال متريثا في حسم خياراته بين بيار الضاهر وزياد بارود وجهاد ازعور، ويدرس اسم ناجي البستاني مؤخرا، فيما القوات اللبنانية ما زالت متمسكة بميشال معوض دون اقفال الابواب على الخيارات الاخرى.
وتؤكد مصادر الثنائي الشيعي ان دعمه لفرنجية ليس تحديا لاحد، وهو ليس مرشح حزب الله وامل بل مدعوم من الثنائي، وترشيحه لا يعني مطلقا اقفال ابواب الحوار بل المطلوب من الفريق الاخر تسمية مرشحه، وتوضــع اســماء كل المرشحين على طاولة الحوار وتتم غربلة الاسماء واذا لم يتم التوافق، تعقد عندئذ جلسة انتخابية ويربح من يربح.
التواصل بين التيار والقوات
وحسب المتابعين، فان التواصل بين جبران باسيل والدكتور سمير جعجع ليس مقطوعا هذه الايام، لكنه ما زال خجولا «بالواسطة «، ولقاءات النائبين ملحم رياشي وابراهيم كنعان ليست كلها عائلية كما يعممان، وهما قادران على تدوير الزوايا. وفي المعلومات، ان القوات والتيار متوافقان على تطيير نصاب الجلسات الرئاسية، وتراجعت القوات عن طرح الجلسات المتتالية حتى انتخاب الرئيس، نتيجة الخشية من قدرة الثنائي الشيعي على تجيير اصوات النواب ال ٦٥ الذين انتخبوا رئيس مجلس النواب لسليمان فرنجية، والعدد سيرتفع الى ٧٣ نائبا، مع انحياز عدد من نواب التيار الوطني الحر الى سليمان فرنجية، وكذلك عدد محدود من النواب التغييريين الذين اعطوا كلمتهم لبري في هذا الاطار، وبينهم نواب مسيحيون لهم وزنهم وتربطهم صداقات متينة بفرنجية ونجله .
هذه الاجواء بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لا تعني حسب المعطيات توقف خيوط التواصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله عبر قنوات جديدة، لكنها باردة جدا مع تمسك باسيل القاطع بـ «رفض مرشح نبيه بري والتجديد للفساد للسنوات الـ ٦ المقبلة»، وباتت العلاقة بين القوات والتيار تتقدم باشواط على علاقة باسيل بحزب الله، وجاء موقف السيد الداعم لفرنجية ليقطع الطريق على اي امل لباسيل بمتغيرات رئاسية عند حزب الله، لذلك لجأ الى التلويح بورقة التنسيق مع القوات اللبنانية. وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد نبه حزب الله الى خطورة التلاقي بين جعجع وباسيل وطروحاتهما عن الفيدرالية واللامركزية المالية، وهذا يفرض الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية عبر تنازلات من الجميع.
هذه التعقيدات الداخلية وعدم قدرة اي فريق على تأمين نصاب الجلسة الرئاسية، تؤكد الحاجة الى تسوية دولية واقليمية اساسها واشنطن وطهران والرياض، اما لبننة الاستحقاق ورهان البعض على هذا المسار، فهو من رابع المستحيلات.
الاوضاع المعيشية
رغم المازق الداخلي وصعوبة الاوضاع المعيشية والاشــكالات الامنية المتنقلة، فان حركة حجوزات المغــتربين العــائدين لقضاء فصل الصيف مرتفعة جدا، وهذا ما سجلته حجوزات شركات الطيران، وتحديدا من دول الخليج، مما يساهم في التخفيف من الازمة الاقتصــادية وتوفير فــرص العمل للشباب، خصوصا ان القدرة الشرائية للمواطنين بــدات تشهد تراجعا مخيفا ظهر في سوق المحروقات، وتحديدا في مادة البنزين مع تراجع الاستهلاك بمعدل ٨٠ الف صفيحة بنزين في اليوم الواحد. كما سجلت الصيدليات نسبا مرتفــعة لجهة احجام المواطنين عن تناول ادويتهم بعد الغلاء الجنوني في اسعار الادوية الوطنــية المتعــلقة بالامراض المزمنة وغيرها، كما سجلت ارتــفاعات مخيفــة في الطلب على الادوية المهدئة للاعصاب، في حين نشطت مجددا عمليات بيع الادوية السورية في الاسواق اللبنانية عبر كبار التجار واستخدام سيارات التاكسي في عمليات الاستيراد والتهريب في ظل الفوارق الكبيرة بالاسعار .
اما الطامة الكبرى فكانت في تخطي لبنان زيمباوي في نسبة التضخم واحتل المرتبة الاولى عالميا، كما عادت مشاهد الطوابير امام السفارات طلبا للهجرة، ومعظمهم من الشباب وفاق عدد الذين غادروا لبنان منذ ٣ سنوات الـ ١٥٠ الف شاب وشابة مما يهدد باكبر ازمة اجتماعية، بالاضافة الى الارتفاع المتزايد في حالات الطلاق وتدني نسب الزواج والولادات عند كل الطوائف اللبنانية، مما يهدد وجود العائلة وتفكك المجتمع اللبناني، فيما التقارير الامنية تسجل يوميا ارتفاعا في حالات الانتحار في جميع المناطق، وكلها لاسباب مادية وعدم القدرة على تأمين لقمة العيش.