كتبت صحيفة “النهار”: لا يبدو المشهد الداخلي مقبلا على متغيرات جدية ووشيكة في مسار الازمة الرئاسية على رغم الترددات التي تثيرها المواقف للافرقاء السياسيين من كل الاتجاهات . واذا كانت الأيام الأخيرة شهدت سخونة ملحوظة على خلفية التباينات العميقة حيال الموقف الفرنسي الداعم لترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية فان كثرا من المراقبين الديبلوماسيين والمعنيين بمراقبة مجريات الازمة الرئاسية لفتوا الى برودة واضحة تحكم مواقف الدول الأخرى من دول المجموعة الخماسية التي تتولى التنسيق في ما بينها حيال الازمة اللبنانية وان هذه الدول اذ تقف مراقبة ومتريثة في الاقدام على اطلاق أي موقف او تحرك انما تعكس عدم استعجال اتخاذ أي خطوة او موقف جديد قبل اكتمال ضرورات الانخراط مجددا في الواقع اللبناني . وقد انحسرت التوقعات المتسرعة في هذا السياق حول انعقاد اجتماع جديد للقاء الخماسي للدول المعنية أي فرنسا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر بما يثبت ان تلك التوقعات كانت من مصادر لبنانية وليست من مصادر ثابتة للدول الخمس وهو امر لا يعني شيئا الا ان الساحة الداخلية تتفاعل الان بدفع من تبادل الحملات السياسية والدعائية في انتظار تبين جديد ما على المستوى الخارجي المعني بلبنان.
في هذا السياق افاد تقرير ل”النهار” ان المسؤولين الأميركيّين يكررون في لقاءاتهم مع نوّاب لبنانيّين، من أطياف عدّة، أنّهم لا يفضّلون مرشّحاً على آخر، وأنّ كلّ ما يريدونه قيام مجلس النوّاب بإجراء الاستحقاق الرئاسيّ، وانتخاب رئيس للبلاد بدل الغرق في هدر كلّ هذا الوقت. وسمع هذا الموقف الوفد النيابيّ الذي زار واشنطن الأسبوع الماضي من مساعدة وزيرة الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشرق الأوسط بربارا ليف اذ نقل الوفد عنها انّ بلادها “مستاءة من أداء الكتل النيابيّة في عمليّة التباطؤ الحاصل في انتخاب رئيس الجمهوريّة”، وإنّ واشنطن لن تتدخّل في النهاية في موضوع سياديّ يخصّ اللبنانيّين.
ونقل النوّاب الذين التقوا ليف الى “النهار” بأنّ الإدارة الأميركيّة لن تتدخّل في تفضيل أيّ اسم، والطلب من النوّاب الاقتراع له. وتوجهت الى الوفد المشارك الذي مثل تشكيلة من الكتل المعارضة، بضرورة الاتّفاق على مرشّح، وخَوض الانتخابات من خلاله، ولا تمانع أن يقوم الفريق الآخر بالمهمّة نفسها.
ولم تأتِ على ذكر ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجيّة ولا غيره من الوجوه المارونيّة المطروحة، “وفي النهاية عليكم كنوّاب حصلتم على ثقة الناخبين اللبنانيّين أن تتحمّلوا مسؤوليّاتكم”. وتطرقت الى نقطة إيجابية وهي استمرار واشنطن في دعم الجيش اللبنانيّ، لكن من دون أن تحسم بقاء هذا الأمر مفتوحاً.
على الصعيد الداخلي استمر امس الجمود مع اخر أيام عطلة عيد الفطر على ان تعود الحركة الى طبيعتها اليوم . وفي ترددات قضية الاعتراض على الاحكام التي أصدرتها المحكمة العسكرية في ملف احداث خلدة عقدت امس العشائر العربية مؤتمرا صحافيا في قاعة مسجد الشهيد حسن غصن في خلدة استنكارا لأحكام المحكمة العسكرية بحقّ موقوفي أحداث خلدة، وحضره النواب أشرف ريفي وميشال معوض ونزيه متى وفؤاد مخزومي ووضاح صادق ومارك ضو وكميل شمعون وبلال الحشيمي ومحمد سليمان وبلال عبدالله.
وقال الشيخ خلدون عريمط ممثلًا مفتي الجمهورية: “لا تريد العشائر العربية إلا الدولة وسيادة الدولة ونرفض الأحكام الجائرة التي صدرت عن المحكمة العسكرية والتي طالت طرفًا واحدًا ونرفض قوى الأمر الواقع”. وتوجه الى العشائر العربية قائلا: “تأكّدوا أنه لا وجود للبنان بدونكم وبدون تطبيق حقوقكم ولا يزايد أحد علينا بتحرير القدس فأنتم حراس القدس شاء من شاء وأبى من أبى”. أضاف: “أؤكد لكم بأن المفتي دريان والنواب الحاضرين سيتابعون قضيتكم في محكمة التمييز وفي كل المحافل وصولا لتحقيق العدالة”.
من جهته دعا رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض إلى تشكيل لجنة نيابية لكي تتابع قضية الموقوفين في أحداث خلدة سياسيا و قضائيًا. وشدد معوّض على “أنّ طريق القدس لن تمر بخلدة”، مضيفًا: “أتينا لنقول أننا متمسكون بالعدالة التي لا تتجزأ”.واعتبر أنّ واجبات المحكمة العسكرية تكون فقط على العسكريين وليس المدنيين. كما توجّه للعشائر بالقول: ؛إنكم أهل العزة والسيادة والكرامة وقضيتكم قضيتنا”.
وأعلنت العشائر العربية في ختام المؤتمر “نحن صمّام أمان لبنان ورسالتنا إلى قيادة الجيش والأجهزة الأمنية والمحكمة العسكرية ومحكمة التمييز: أوقفوا المتّهمين بأحداث خلدة وأوقفوا الظلم بحقّ موقوفي خلدة قبل فوات الأوان”.
وانتشر الجيش بشكل كثيف في خلدة قُبيل المؤتمر الذي شاركت فيه حشود شعبية وسط حضور نيابي وسياسي وروحي واسع.