كتبت صحيفة “الديار”: خلط “الاوراق” في المنطقة “وعجقة” التطورات، لا تعني فئة وازنة من السياسيين اللبنانيين الممثلين في البرلمان عن سابق تصور وتصميم من الشعب “العنيد”. ايران تعيد فتح سفارتها اليوم في المملكة، وتتجه لتشكيل قوة بحرية مشتركة مع البحرية السعودية ودول خليجية اخرى لحماية امن الخليج، وسط ذهول اميركي ترجم انتقادات علنية لهذه الخطوة. في المقابل، “اسرائيل” المصابة “بالهلع” من هذا التقارب، حصلت على مليار دولار من واشنطن لتحسين منظومة “القبة الحديدية”، وحكومتها تعقد اجتماعا وزاريا تحت الارض، في اطار الاستعدادات لحرب متعددة الجبهات، بعد تهديد كبار مسؤوليها الامنيين بخطوة عسكرية باتت ضرورية برأيهم لوقف تقدم برنامج ايران النووي، بعد ساعات على “صك” البراءة التي حصلت عليه طهران من وكالة الطاقة الذرية، وتقدم المحادثات عبر الوسيط العماني لصياغة اتفاق مرحلي بين ايران والولايات المتحدة.
مناورات عبثية
في المقابل، الساسة في البلاد منشغلون في مناورات عبثية تطيل عمر الفراغ الرئاسي، ولا تصل باي مرشح الى بعبدا. فبالامس دخلنا في الفصل الثاني من عروض “مسرحية” الرئيس مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة جديدة في 14 الجاري، لن تكون مختلفة عما سبقها الا باستبدال اسم مرشح المعارضة النائب ميشال معوض زائد “التيار” بجهاد ازعور . فيما يرجح ان تكون “الورقة البيضاء” النجمة مجددا في “ساحة النجمة” في غياب احتمالات التوصل الى مرشح تسوية في الفترة الفاصلة، على الرغم من تعويل البعض على مساعي بكركي التي ستزخم تحركها في الفترة الفاصلة دون “اوهام” كبيرة باحداث خرق، لكن الواقع يشير الى تمسك “الثنائي الشيعي” بترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وعدم منح الطرف الآخر الفرصة لشطبه من المعادلة، والترجمة الفعلية لهذه المعادلة عدم “حرقه” في صندوقة الاقتراع. في المقابل، يدرك من رشح ازعور انه لن يمر الى الدورة الثانية في حال كان “البوانتاج” لمصلحته، لانه لا هدايا مجانية في السياسة، ومن السذاجة الاعتقاد انه سيصل الى بعبدا.
انتظار ماذا؟
انه فصل جديد من اضاعة الوقت والفرص، بانتظار ربما تبلور اكثر وضوحا للخريطة الاقليمية التي يعاد رسمها في المنطقة، في وقت سيستمتع اللبنانيون في الفترة الفاصلة عن الجلسة بتعداد الاصوات “والنميمية” حول ال40 نائبا “رماديا”، واستدراج العروض ومحاولات الاغراء، ومدى صوابية نجاح “الثنائي” في ادارة المعركة الانتخابية، والانقسامات في صفوف “التغييريين”، وكذلك داخل “التيار الوطني الحر”، وحسابات الربح والخسارة بينه وبين “القوات اللبنانية”، في وقت بعض الخارج يتفرج لا “يبيع ولا يشتري” كالاميركيين، فيما تراقب السعودية “وتتريث” بانتظار “البازار”. وحدهم الفرنسيون لا يزالون عند موقفهم من تسوية الضرورة، ويدّعون القلق على تفاهمات قد تكون على حساب المسيحيين اذا اختاروا الاستمرار في خيار “السلبية” الراهنة في الترشيح المسدود الافق.
تحذيرات فرنسية
وفي هذا السياق، كشفت مصادر ديبلوماسية عن كلام صريح سمعه البطريرك بشارة الراعي من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيال عدم التعويل على اتفاق غالبية الاحزاب المسيحية على مرشح واحد، اذا كان غير قادر على الذهاب بعيدا في المعركة الرئاسية. فالسلبية من وجهة نظر ماكرون لا تصنع دورا، وهي خيار خاطىء، “والتعطيل” لا يمكن ان يمنح اي مجموعة سياسية او دينية مكانة في ظل التحولات الكبيرة في المنطقة. ومن هنا كانت نصيحة الرئيس الفرنسي للبطريرك بضرورة قيام المسيحيين بدور فاعل في اعادة تشكيل السلطة في البلاد، من خلال الواقعية القائمة على الحوار والتلاقي مع الاطراف الاخرى على تسوية منطقية، لان الاستمرار في انكار التحولات قد يدفع ثمنه المسيحيون مرة جديدة!
واشنطن : ليس مرشحنا
وفيما لا تزال الرياض على تريثها وهي تراقب دون “فيتوات” تسمح بتسرب الاصوات السنية الى فرنجية، ابلغت السفارة الاميركية في بيروت كل من راجعها حول ترشيح ازعور، انه ليس مرشحا مدعوما من واشنطن، وليس خيارها، لكنها بالطبع تفضله على فرنجية. ووفقا لمصادر مطلعة، لا تريد الولايات المتحدة خوض معركته لا سرا ولا علنا، لانها تدرك مسبقا انعدام فرصه في الوصول الى بعبدا، ولا تريد ان تمنى بخسارة سياسية لا معنى لها في هذا التوقيت، خصوصا ان احدا لا ينافسها خارجيا على رعايتها لتسمية قائد الجيش الجديد وحاكم مصرف لبنان، وهما اكثر اهمية لها من رئاسة الجمهورية.
مساحة لمبادرة بكركي
في هذا الوقت، يمكن القول ان رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا الى جلسة “لزوم ما لا يلزم” في الساعة الحادية عشرة في 14الجاري على قاعدة “اللهم اني قد بلغت”، لكنها ايام كافية لمنح بكركي مساحة وازنة لبلورة حراكها السياسي واستكشاف احتمالات التوافق على اسم مرشح جامع. وفي هذا السياق، يستكمل موفد الراعي جولته على القوى السياسية ويزور عين التينة في الساعات المقبلة، حيث سيتم تحديد موعد بعد نجاح الاتصالات في ازالة الالتباسات حول موقف البطريرك الراعي السلبي من رئيس المجلس، كما ستكون المهلة اكثر من كافية كي تتبلور مواقف القوى السياسية من الاستحقاق.
لماذا دعا بري للجلسة؟
وفيما اعتبرت مصادر “عين التينة” ان دعوة بري تفضح نيات من شكك في نياته، وترى انه التزم بوعده فتح ابواب المجلس عندما بات هناك مرشحون. في المقابل، اعتبرت مصادر “المعارضة” ان بري اراد ان يبدي بادرة حسن نية تجاه المجتمع الدولي، بعد تهديده بالعقوبات، ولفتت الى ان ما تراه هذه القوى نجاحا هو ان يصل ازعور الى رقم 65 في الدورة الاولى، للضغط على الطرف الآخر وتعزيز قدرة التفاوض في وقت لاحق.
خيار “الورقة البيضاء”
في هذا الوقت ترجح مصادر نيابية ان تتصدر “الورقة البيضاء” المشهد في الجلسة المقبلة، خصوصا ان ثمة توجها من قبل “الثنائي” وحلفائه بالاتفاق مع فرنجية على عدم “حرق اسمه”، والاكتفاء بالاقتراع “بالورقة البيضاء” والاستفادة من اصوات المترددين او الفئة “الرمادية” بوضعها في مواجهة اصوات ازعور المفترضة. هذا الخيار لم يتخذ بعد، وثمة اكثر من سيناريو تتم دراسته لدى الفريق الداعم لفرنجية، لكنه احد الخيارات بحسب تلك المصادر. في المقابل، يدرس عدد من النواب المستقلين تسمية اسم ثالث للتمايز عن فرنجية وازعور، ولقطع الطريق خصوصا على “الثنائي الشيعي” في “لعبة” الورقة البيضاء !
تصعيد كلامي
وفي موقف “عالي السقف” اعتبر المكتب السياسي لحركة “امل” دعوة بري إلى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية هو الرد الواضح على كل المشككين، والاتهامات المفتعلة حول الدور الوطني المسؤول، وحرصه على احترام الاصول الدستورية والمقاربة الواقعية لهذا الملف. ووصف الترشيح الأخير بتجمع الأضداد الذين عبروا من خلاله بوضوح عن التقاطع المصلحي والظرفي التكتيكي عليه، وهو يعبر عن موقف التعطيل والتخريب الفعلي، وممارسة التحدي السياسي بهدف إسقاط ترشيح الوزير سليمان فرنجية، وهذا إنما يدل على الاستخفاف والنرجسية، وللذين يمعنون في سياسة هدم الهيكل برمته كرمى لمصالحهم الشخصية. وقد جددت “امل” تمسكها بما اسمته” خيارنا وحقنا الدستوري في التعبير عنه مع الحلفاء والمؤمنين بالمصلحة الوطنية، وهو ليس موجها ضد أي مكون وطني أو طائفي بل حماية لوحدة الوطن والعيش المشترك”.
ازمة “التيار”
في هذا الوقت، تتواصل المحاولات الحثيثة لاحتواء الازمة داخل “التيار الوطني الحر”، ولا يبدو ان النبرة العالية التي استخدمها النائب جبران باسيل مع معارضيه قد جاءت بنتيجة ايجابية، وفق مصادر في تكتل “لبنان القوي”. وقد ترجم ذلك بتغيب النواب ابراهيم كنعان وألان عون وسيمون ابي رميا واسعد درغام والياس بوصعب عن اجتماع المكتب السياسي بالامس، تعبيرا عن امتعاضهم ورفضهم اللغة الفوقية التي تحدث بها معهم باسيل في اطلالته الاخيرة في جبيل. وللمرة الثالثة دخل رئيس الجمهورية السابق ميشال عون على خط دعم خيارات رئيس “التيار”، وحضر بالامس جلسة المكتب السياسي وادلى بمطالعة مستفيضة حول قراره دعم ازعور رئاسيا، ووصفه بانه “تكنوقراط” وقادر على قيادة عملية انقاذ اقتصادية نظرا لخبرته في هذا المجال، عكس فرنجية الذي وصفه بانه امتداد للمنظومة الحاكمة.
ثلاثة محاور
ولا يقتصر التمايز بالملف الرئاسي على هؤلاء النواب، فنائبا الأرمن هاغوب بقرادونيان وهاغوب ترزيان من حزب “الطاشناق” اختارا دعم فرنجية. وهكذا فان عدد المؤيدين لقرار باسيل التصويت لأزعور، سينخفض إلى 12 نائباً. وبات التكتل عمليا منقسما الى ثلاثة محاور: الأول يخوض معركة علنية بوجه باسيل، المحور الثاني يضم عددا آخر من النواب الذين يعبرون عن امتعاضهم وراء الأبواب المغلقة، والذين يرفض قسم منهم خوض مواجهة مع حزب الله. أما المحورالثالث فهو المؤيد لباسيل على “العميانة”، وهم يعرفون بـ “الباسيليون”.
باسيل: لا فرصة لازعور!
وكان باسيل اكد أنه ملتزم التصويت لأزعور، لكنه أقر بانه يفتقر حاليًا إلى الدعم اللازم في المجلس التشريعي ليصبح الرئيس المقبل للدولة. وفي حديث لصحيفة “ذا ناشيونال” قال إن “التيار” لم يكن “راسخًا” في موقفه، ويريد إيجاد إجماع برلماني، مضيفا: “إذا دعمنا اسمًا ما ، فهذا لا يعني أننا نرفض كل الآخرين، ونحن دائمًا جاهزون ومستعدون للحوار للاتفاق على اسم توافقي”.
موقف كتلة جنبلاط ؟
وفيما لم يعلن نواب “اللقاء الديموقراطي” موقفهم الرسمي بعد، من المرتقب أن يعقدوا اجتماعاً يوم الخميس، بعد عودة جنبلاط الاب والابن من الخارج، وقد اكد عضو الكتلة النائب فيصل الصايغ أن الأجواء إيجابيّة تجاه أزعور. وقال: نحن من رشّحناه منذ أشهر قبل أن تؤيّده المعارضة. ونصح الصايغ المعارضة بأن تعطي فرصة للمساعي التي يقوم بها البطريرك الراعي للحوار مع الجميع، وألا تردّ على اللهجة العالية لحزب الله ونرفض حتماً لهجته، لكن لا نريد أن ننجر إلى ملعبه لعدم تحويل أزعور إلى مرشح فريق. كما أكّد أنّ زيارة جنبلاط إلى فرنسا سياسية لكنّها لا تغيّر في قناعة “اللقاء”. من جهته، أعلن النائب هادي أبو الحسن، انه في حال غاب التوافق، ثمة عائقان يعترضان مسار أزعور إلى الرئاسة: الأول تعطيل النصاب والثاني هو الميثاقية. ولهذا ترجح مصادر مطلعة، ان يؤجل التكتل إعلان الموقف “لترك الأبواب أمام توافق وطني”.
انقسام “التغييريين”
وعلى ضفة نواب “التغيير” الانقسامات هي “سيدة الموقف”، 3 منهم فقط، حسموا موقفهم سلبا منه، بينما لم يحدد4 خياراتهم بعد. وغرد النائب مارك ضو عبر حسابه على “تويتر”: “جلسة انتخاب الرئيس في 14 حزيران مسؤولية كل كتلة ونائب إبلاغ ناخبيهم لمن سيصوّتون. حق الناس في معرفة قرار ممثليهم وأسباب اختيارهم. نحن أعلنا أمس: بين سليمان وجهاد نختار جهاد”…
قضية عدوان؟
في هذا الوقت، لا تزال الاتهامات لسفير لبنان في فرنسا رامي عدوان بالتحرش الجنسي تتفاعل، وفيما تتجه باريس للطلب رسميا من السلطات اللبنانية برفع الحصانة عنه، كشف مصدر مسؤول في وزارة الخارجية عن أن فريق التحقيق اللبناني المكلف متابعة قضية السفير اللبناني في فرنسا يتوجه اليوم الى فرنسا. وقال انه حتى مساء امس لم نتبلغ من الجانب الفرنسي اي طلب لرفع الحصانة عنه.
“كباش” قضائي
قضائيا، عين مجلس القضاء الأعلى القاضي حبيب رزق الله للنظر في المسار العالق بين مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار في ملف انفجار مرفأ بيروت بجرم انتحال صفة. وأكدّت مصادر مطلعة أنّ قاضي التحقيق الذي اختاره عبود أعلى درجة من البيطار، وقد بدأ الأخير مهمته بعيداً عن الاضواء.
وكان عويدات قد ادّعى على البيطار بجرم انتحال صفة محقق عدلي، على أثر الاجتهاد القانوني الذي وضعه الأخير، وأجاز لنفسه استئناف التحقيق في ملف المرفأ متخطياً عشرات دعاوى الرد المقدمة ضده والعلاقة أمام محاكم التمييز. وأشارت المصادر إلى أن القاضي عبود عقد أربع جلسات مع رؤساء محاكم التمييز الأصليين، وأيضاً مع الرؤساء المنتدبين من قبل وزير العدل هنري الخوري ومجلس القضاء الاعلى، وسعى الى إقناع الرؤساء المنتدبين بأن ينضموا إلى اجتماعات الهيئة العامة لمحكمة التمييز للبت بدعاوى المخاصمة المقامة ضد البيطار وقضاة في محاكم التمييز ، مكلفين بالنظر في الادعاءات المقامة ضد المحقق العدلي. لكن عبود أخفق في إقناع الرؤساء المنتدبين بأن يكونوا في عداد الهيئة العامة، عندئذ بادر إلى تنظيم محضر رسمي، يبين حقيقة ما حصل حتى يتحمل كل قاض مسؤوليته في عرقلة التحقيق بملف المرفأ.