كتبت صحيفة “الديار”: ينهمك الفريقان المتنازعان على الملف الرئاسي، بأعلى درجات الاهتمام والحماسة منذ لحظة إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الدعوة الى جلسة لإنتخاب رئيس في 14 الجاري، في مشهد لم يسبق ان برز على الساحة اللبنانية، لانّ السيناريوهات تبدو متسلسلة وموضوعة ضمن خطط خفية مستورة غير ظاهرة للعلن، او بالاحرى من تحت الطاولة، وكل فريق يبحث عن بيضة القبان الاخيرة، التي يمكن ان توصل مرشحه، لذا تبدو المنافسة على أشدّها، مع علم الطرفين مدى صعوبة وصول اي من مرشحيهما الى الرئاسة، لانّ الاسس التوافقية غير موجودة، فلا رئيس قبل الاتفاق عليه من قبل اغلبية الاطراف، على عكس ما كان يحصل قبل عقود من الزمن، وتحديداً في فترة السبعينات، حين كانت المبارزة قائمة بقوة، وكان المرشح الرئاسي لا يعرف نسبة حظوظه الحقيقية، اذ كان ينام مطمئناً على انه سيصحو في اليوم التالي حاملاً لقب رئيس الجمهورية، في حين كان يصاب بصدمة مع حصول منافسه بعد ساعات على اللقب، على أثر تغيرات سياسية مفاجئة تقلب الادوار رأساً على عقب، لكن اليوم الوضع مختلف، فقد لا يكون الرئيس ضمن الاسماء التي تم التداول بها اخيراً، وهذا هو المرجّح وفق مصادر سياسية متابعة للملف الرئاسي في لبنان، رافقت كبار المعنيين به على مدى حقبات، اذ تعتبر انّ الكلمة النهائية تبقى للخارج اما التوقيع فيتم من الداخل.
الى ذلك ستشكل الفترة الفاصلة ما بين اليوم وتاريخ 14 حزيران، محطة هامة مفصلية، ستكون ربما الاطول في تاريخ المراحل الصعبة التي شهدها لبنان، لانّ مهمتها العمل على كسب اكبر نسبة أصوات، خصوصاً من قبل المتردّدين او حاملي الاوراق البيضاء، التي يحتاجها المرشحان جهاد أزعور وسليمان فرنجية، مما يعني البحث عن نسبة اصوات ترفع من شأن «بوانتاج» المرشحين، وهنا المهمة الاصعب فهل يستطيع احد منهما كسب الرهان ؟.
وفي هذا الاطار أشارت مصادر مطلعة على خبايا تحضيرات الفريقين لـ «الديار» الى انّ موجة من الخطابات والمواقف النارية، ستشهدها الساحة اللبنانية قريباً جداً، من قبل القيادات السياسية المعارضة والممانعة في آن معاً، لشدّ العصب وإخضاع عمليات «البوانتاج» الرئاسية، ما بين أزعور وفرنجية للتشويق، في ظل احصاءات وهمية لصالح مرشحي الفريقين، اذ سيحصلان وفق هذه الاحصاءات، على نسبة أصوات متقاربة جداً، تحت عنوان «المعركة على المنخار».
اتصالات خفية بين قيادات مسيحية وتيمور جنبلاط
وفي اطار متابعة ما يجري في الخفاء، علمت «الديار» بأنّ اتصالات سرّية سجّلت في الساعات الماضية بين قيادات مسيحية ورئيس اللقاء «الديموقراطي» تيمور جنبلاط، للتباحث في مسألة تأييد المرشح أزعور، بعد التداول بإمكانية الإستعانة بالورقة البيضاء، او إنقسام التكتل الجنبلاطي والتصويت مناصفة، منعاً لـ «زعل» رئيس المجلس النيابي من حليفه وليد جنبلاط.
كواليس رئاسية وترجيحات
في غضون ذلك ووفق الكواليس الرئاسية والترجيحات، فنصاب الجلسة في 14 الجاري وفي الدورة الاولى سيقارب الـ 86 صوتاً، لكن بالتأكيد لا رئيس ينال نسبة التصويت المطلوبة، وفق ما تشير المادة 49 من الدستور بأن ينال المرشح ثلثي اصوات النواب في الدورة الاولى، اما دورة الاقتراع الثانية فتحتاج الى 65 صوتاً. لكن حصولها صعب جداً، في ظل تطيير النصاب من قبل الثنائي وحلفائه، على غرار ما حدث في الجلسات السابقة.
«التيار الوطني الحر»: نعم لأزعور
ومع إعلان المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» تأييده الكامل للقرار الذي اتخذه رئيسه النائب جبران باسيل والهيئة السياسية فيه، بالموافقة على جهاد أزعور كمرشح تم التقاطع عليه مع مجموعة من الكتل النيابية، تمثل الأغلبية الساحقة بين المسيحيين، وتحظى كذلك بحيثية وطنية كبيرة، تبلور الموقف المتأرجح يوم امس، بعد طول إنتظار. وأشار الى «أن خيار التصويت لجهاد ازعور، هو حتمي وبديهي لتأكيد رفض وصول المرشّح المفروض، الذي لا يؤمل منه اصلاح او تغيير المنظومة المتحكّمة بالبلاد، وفي ظل قرار «التيار» منذ فترة بعدم اللجوء الى الورقة البيضاء، كونها اصبحت تعبيراً عن عجز باتخاذ القرار المناسب، لا بل يتم تصويرها كعملٍ تعطيلي يؤدّي الى اطالة أمد الفراغ مع كل مساوئه».
كلمة لفرنجية الاحد من اهدن
وفي السياق الرئاسي، يلقي رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية من اهدن كلمة يوم الاحد المقبل، افيد وفق المقربين منه بأنها ستضع النقاط على الحروف، من ناحية ترشيحه الى الرئاسة والمستجدات التي سترافق جلسة الانتخاب الاربعاء المقبل.
وعلى خط مواز افيد بأن الاتصالات اللبنانية التي جرت مع باريس مؤخراً، تؤكد بأنها ما زالت داعمة لوصول فرنجية الى بعبدا، في حين انّ كبار المسؤولين الفرنسيين يقولون في العلن انهم على مسافة واحدة من المرشحين.
عون في سوريا
في اطار الزيارات التي يقوم بها المسؤولون اللبنانيون الى سوريا، زار امس رئيس الجمهورية السابق ميشال عون دمشق بعد غياب 14 عاماً، حيث التقى الرئيس السوري بشار الاسد، ووفق المصادر فإن البحث تناول مسألة ترشيح فرنجية الى الرئاسة، وأسباب رفض «التيار الوطني الحر» التصويت له، كما كانت مواقف للطرفين، بحيث إعتبر الرئيس عون انّ سوريا تجاوزت المرحلة الصعبة والخطرة ،بفضل وعي شعبها وإيمانه ببلده وجيشه وقيادته، ورأى أن نهوض سوريا وازدهارها سينعكس خيراً على لبنان واللبنانيين.
اما الرئيس الاسد فقد رأى أنّ قوة لبنان في استقراره السياسي والاقتصادي، وأن اللبنانيين قادرون على صنع هذا الاستقرار بالحوار والتوافق، معتبراً أن استقرار لبنان هو لصالح سوريا والمنطقة عموماً.