كتبت صحيفة “البناء”: كتبت نابلس بدماء شهيديها الأسيرين المحررين مهند شحادة وخالد صباح، لحن الانتقام لدماء شهداء جنين أول أمس، حيث نجحت العملية التي نفذها البطلان الفلسطينيان بقتل أربعة مستوطنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح، وتكاملت نابلس مع إعجاز جنين التي قالت عبواتها الناسفة إن المقاومة بتقنياتها وتكتيكاتها تنتقل إلى مرحلة جديدة، تشبه ما مرّت به غزة وعرفه جنوب لبنان في الطريق نحو التحرير، وفق ما قاله قادة جيش الاحتلال في توصيف عملية جنين، لتكمل عملية نابلس اللحن الفلسطيني وتفرض حضورها على المشهد الإقليمي عبر القول إن كل ما بدا أنه تحولات حملتها الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة قد سقطت، سواء ما يتصل بتوسيع الاستيطان الذي يحمل لواءه وزير المالية زعيم التيار الصهيوني المتطرف يسرائيل سموتريتش، بعدما دعا قادة الجيش الى تجميع المستوطنات ليتمكن الجيش من توفير الحماية لها، كما سقطت نظرية زعيم التيار الديني المتطرف ايتمار بن غفير بتأمين مستلزمات المواجهة في الضفة الغربية مع المقاومة عبر إنشاء ميليشيات تتكفل بحماية المستوطنات وإنهاء وجود حالة المقاومة في الضفة الغربية، بعدما ظهر أن الجيش بكل ما لديه من قدرات واستخبارات عاجز عن مواجهة مجموعات المقاومة في جنين.
وضع كيان الاحتلال أمام مأزق جديد يعبر عن جوهر المأزق الوجودي المتعاظم، تحمله الضفة الغربية التي رغم تشابه مقاومتها اليوم مع ما شهدته غزة وما شهده جنوب لبنان، لا يمكن للاحتلال أن يضع قرار الانسحاب منها على الطاولة أسوة بما فعله في جنوب لبنان وفي غزة، بينما يعجز عن امتلاك رؤية واضحة لكيفية إدارة المواجهة.
في المنطقة أيضاً اهتمام خاص بما يجري في استانة، حيث الاجتماع العشرون لممثلي الرباعية الروسية الإيرانية التركية السورية، وهو الاجتماع الأول بعد الانتخابات الرئاسية التركية، وأفاد مراسل الأناضول، أن الاجتماعات التي انطلقت في أحد فنادق أستانة، صباح الثلاثاء، شهدت عقد مباحثات تشاورية ثنائية وثلاثية ورباعية بين وفود الدول الـ4. وفي هذا الإطار، أجرى الوفد التركي مباحثات ثنائية مع الوفدين الإيراني والروسي ومع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون. وشهدت النسخة الـ20 من اجتماعات أستانة، مباحثات لأول مرة حول «خريطة طريق» لتطبيع العلاقات السورية التركية، بينما قالت وكالة أنباء سبوتنيك نقلاً عن وزارة الخارجية الروسية، أن نواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وسورية وإيران ناقشوا في أستانا عناصر «خريطة طريق» لإعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة. وذكر التقرير الصادر في اجتماع 20 حزيران/ يونيو في أستانا: «وفقاً للاتفاقات التي تمّ التوصل إليها في اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع في موسكو في 10 أيار، حيث بدأ المشاركون مناقشة عناصر خريطة الطريق لإعادة العلاقات السورية التركية على المستوى الرسمي للدولتين بالتنسيق مع العمل الذي تقوم به وزارتا الدفاع وجهازا المخابرات».
لبنانياً، يصل وزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان إلى بيروت اليوم، ليتولى إدارة التوازن السلبي الذي كشفت عنه جلسة 14 حزيران، وفتح الطريق لحوار سياسي تشارك فيه كل الكتل النيابية، بانتظار تبلور مشهد التسويات الكبرى في المنطقة، التي تتحرك على مسارات التفاهم النووي بين واشنطن وطهران، وتتحرك نحو سورية بقوة على عدة جبهات، وتنخرط في رسم أطرها تفاهمات سعودية فرنسية ومشاورات سعودية إيرانية.
وتنتظر الساحة الداخلية ما سيحمله المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص جان إيف لودريان من طروحات وحلول للخروج من الأزمة الرئاسية، وسط تضارب المعلومات بين مَن يرى بأن الزيارة مجرد جولة استطلاعية والاستماع إلى آراء القوى السياسية وبين معلومات تشير إلى أن الموفد الفرنسي يحمل طرحاً جديداً سيستمزج مواقف القوى السياسية حياله قبل أن يتحول إلى طرح أو تسوية رسمية.
ويلتقي لودريان رؤساء الكتل النيابية بالإضافة الى المرشحين الرئاسيين وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وسيستهلّ نشاطه من عين التينة، كما سيزور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد غد.
وعلمت «البناء» أن السفارة الفرنسية في بيروت حددت مواعيد لعدد كبير من رؤساء الكتل النيابية وشخصيات سياسية ونواب، لكن لم تشمل كافة الانتماءات السياسية، كذلك استثنت معظم نواب قوى التغيير والمستقلين.
وأشار عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيمون أبي رميا إلى أن «الموفد الفرنسي جان إيف لودريان سيجتمع مع رؤساء الكتل في مقارهم الحزبية أو منازلهم وسيجتمع مع النواب المستقلين في قصر الصنوبر». وشدّد أبي رميا على أن «لودريان لا يحمل أي طرح رئاسيّ، ولكن سيستمع إلى كل الأفكار وسيكتب تقريرًا عما سمعه في لبنان للرئيس ماكرون وعلى أساسه سيجري التنسيق مع الدول الخمس».
لكن مصادر قوى التغيير والمستقلين أوضحت لـ»البناء» أننا لم نتلقّ أي اتصال أو دعوة من السفارة الفرنسية للقاء مع لودريان، مشيرة إلى أن استحقاق رئاسة الجمهورية استحقاق وطني لبناني نرفض أن تتدخّل أي جهة فيه.
وكشف النائب أحمد الخير، أنّ «تكتل الاعتدال الوطني تلقّى اتصالاً من السفارة الفرنسية للقاء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان اليوم، على أن يمثّل التكتل في هذا اللقاء».
ولفت الخير، في حديث تلفزيوني إلى أنه «صارح نواب التكتل بأنه لا يستطيع أن يأخذ أعضاء التكتل معه بناءً لطلب الفرنسيين، وبالتالي سيكون هو ممثلاً للاعتدال».
وأقرّت مصادر نيابية في فريق المعارضة لـ»البناء» بأن فرنسا لا زالت تدعم تسوية تتضمن رئيس جمهورية ورئيس حكومة مع تأييدها لوصول الوزير السابق سليمان فرنجية، لكن الجلسة الأخيرة أظهرت وجود رأي عام مسيحي أو إرادة مسيحية ترفض فرض أي مرشح عليها.
إلا أن مصادر مطلعة أشارت لـ»البناء» إلى أن «الفرنسيين وبعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تبلور لديهم توجّه جديد وهو طرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية وليس فقط استمزاج مواقف وآراء القوى السياسية من هذا الترشيح كما يقال، لكن لا يعني ذلك أن الفرنسيين سيفرضون قائد الجيش إلا أن باريس شعرت بأن لا إمكانية لأحد الأطراف انتخاب رئيس للجمهورية بالتحدّي والاستفزاز».
لكن مصادر الثنائي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر أكدوا لـ»البناء» رفض ترشيح قائد الجيش كلٌ لأسبابه.
وتشير مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي لـ»البناء» الى أن «الفرنسيين لا يفرضون على لبنان مرشحاً أو رئيساً أو تسوية ما، بل ما يقومون به هو محاولة لمساعدة لبنان وهذا ليس بجديد، بل بدأ منذ ما قبل انهيار البلد عبر مؤتمرات مالية، ولو التزموا بمقرّرات وتوصيات مؤتمر سيدر في فرنسا لم يكن الانهيار ليقع ويحصل بعده انفجار مرفأ بيروت». ولفتت الى أن «فرنسا ليس لديها أي اسم أو برنامج يفرض على اللبنانيين الذين عجزوا عن اجتراح الحلول لإدارة الأزمة».
وأكدت المصادر أن «فرنسا ليس لديها مرشح، ودعمت فرنجية ضمن خريطة طريق للخروج من الجحيم»، مشيرة الى أن «الفرنسيين يريدون الخروج من الأزمة، وهناك سلسلة من القرارات كسلة متكاملة، انتخاب رئيس الخطوة الأولى، والثانية تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة جديدة لتفادي أي مماطلة بالاستحقاقات المقبلة، لأننا لا نملك ترف الوقت في زمن الانهيار وهذا الوضع المأساوي وفي ظل حالة الإنكار من السلطة السياسية». وأوضحت أن «تسوية فرنجية – نواف سلام، للحفاظ على التوازن السياسي في البلد، الأول ينتمي الى فريق المقاومة ورئيس الحكومة للخط السياسي الآخر».
وأشار رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام وفد نيابي أوروبي على المسؤولين إلى أن «لا بد من التوافق والحوار بين الأطراف كافة للخروج من الازمة السياسية». وأكّد بري أن «انتخاب رئيس للجمهورية وتسمية رئيس حكومة وتشكيلها هما المدخل لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي». كما أمل برّي من الاتحاد الأوروبي، مساعدة لبنان في إيجاد حل سريع لمسألة النازحين التي بلغت حداً من «الخطورة لم يعد باستطاعة لبنان تحملها». وأضاف: «لم يعد جائزاً لا أخلاقياً ولا إنسانياً ولا قانونياً تجاهل التداعيات الناجمة عن أزمة النازحين السوريين».
من جهته، شدّد رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي «حرصه على إطلاق حوار جدي بين مختلف التيارات السياسية في لبنان»، موضحاً أن «رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هو المرشح الجدي لرئاسة الجمهورية».
وأمل كرامي، أن «تكون زيارات الموفدين الى لبنان فاتحة خير لبدء حوار جدي يقود الى التوافق على رئيس جمهورية وحكومة كاملة الأوصاف تستطيع أن تنقذ لبنان، والخير يأتي دائماً من السعودية».
وأفيد أن فرنسا عيّنت هيرفيه غارو سفيراً لها في بيروت خلفاً للسفيرة آن غريو، وهو الذي يشغل حالياً منصب سفير باريس في تركيا، وشغل سابقاً منصب سفير بلاده في القدس.
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة اليوم سيكون على جدول أعمالها ملف ترقية الضباط، وقد يناقش أيضاً ملف النزوح السوري عشية توجّه وزير الشؤون الاجتماعية عصام شرف الدين إلى دمشق وغداة عودة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب من مؤتمر بروكسل.
وأمس، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء، أنّه، إلحاقًا بجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخاصة، أُضيف بندان جديدان إضافيان على الجدول، الأول يتعلّق بمشاركة لبنان في «إكسبو الدوحة»، والثاني مرتبط بسلفة خزينة لهيئة «أوجيرو».
وأكدت مصادر حكومية لـ»البناء» أن «مرسوم الترقيات سيقرّ في جلسة مجلس الوزراء اليوم لضباط الرتب العليا (عقيد وعميد وبعض الرتب الأدنى)، وسيستفيد هؤلاء الضباط من المترتبات القانونية، وفق هذا المرسوم لجهة الرتب والمخصصات المالية، لكن من دون مفعول رجعي». وأوضحت أن «الترقيات ستشمل جميع الرتب العليا من أول العام الحالي، كما طلبت الحكومة من المديريات الأمنية جدول الترقيات للضباط المستحقين من 1 حزيران الحالي، إلا أن الترقيات لضباط الرتب أقل من عقيد، لن تُقرّ في جلسة اليوم لسبب أنها لم تُدرج على جدول الترقيات وبالتالي تحتاج الى قانون في مجلس النواب لكون لها مفاعيل مالية».
وأشار وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، تعليقًا على الخلاف بينه وبين وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، إلى أنّه «إذا قصد نصار التحدّي من خلال طلبه الاعتذار فأنا لا أحد يتحدّاني، ولكنني لم أتوجّه إليه بالشخصي بل هو من فعل في الجلسة الأخيرة بناءً على أخبار مغلوطة تلقاها بأنني تناولت شقيقه».
وقال: «أتوجّه لنصار بالقول إنني لم أتناوله ولا عائلته بل طالبت بصلاحياتي، وتلقيت شريطًاً مصورًا قبل الجلسة يتناوله وشقيقه لكنني رفضت الدخول بالشخصي»، مؤكدًا «أنني ذاهب إلى مجلس الوزراء غدًا لأشكره على إعادة صلاحيتي بشأن «إكسبو قطر» لا للاعتذار من نصار، وعلينا التعالي عمّا حصل لصون صورة لبنان وحسن مشاركته».
بدوره، أشار المكتب الإعلامي لوزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، حول دولرة مساعدات النازحين السوريين في لبنان، إلى أنّه «بعد الاجتماع الذي عقده مع المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية عمران ريزا في التاريخ نفسه والذي وعد خلاله بالتشاور مع الأطراف المعنية والعودة بخلاصة واضحة للموضوع، اجتمع الوزير حجار اليوم (20 حزيران 2023) بكل من السيد أدوار بيغبيدير ممثلاً السيد عمران ريزا، السيد إيفو فريجسن ممثلا مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان والسيد عبدالله الوردات مدير برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة في لبنان».
وخلال الإجتماع، أكد حجار أنه «ما زال على موقفه الرافض لدولرة مساعدات النازحين السوريين. وبما أنه قد تم التواصل والحوار سابقاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالنسبة لهذا الموضوع، على الجهات المعنية استكمال هذا الحوار مع ميقاتي، مؤكدين رفضنا القاطع لدولرة مساعدات النازحين السوريين في لبنان».
الرئيسية / صحف ومقالات / البناء: نابلس تعزف بالشهادة لحن جنين… والسيمفونية الفلسطينية تفرض إيقاعها على المشهد الإقليمي.. اجتماع استانة الرباعي يناقش خريطة طريق روسية إيرانية لترتيب العلاقات التركية السورية.. لودريان لإدارة التوازن السلبي في الاستعصاء وتهدئة التوتر تمهيداً للحوار… بانتظار التسويات
الوسومالبناء