انشغلت القوى الرسمية اللبنانية والفلسطينية يوم أمس، بمحاولة تثبيت وقف اطلاق النار في مخيم عين الحلوة، بعد تجهيزات وتحركات اوحت باستعداد الفصائل في المخيم لجولة جديدة من العنف، بعد استعادة انفاسها ورص صفوفها. وكثف المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حركتهم، خاصة بعد توالي التحذيرات من عدد من السفارات لمواطنيها، ما اثار مخاوف قسم كبير من اللبنانيين من اهتزاز الاستقرار الامني الهش في البلد، وضرب ما تبقى من موسم سياحي.
مصادر امنية: الوضع الامني ممسوك
وطمأنت مصادر امنية لبنانية من ان بيانات التحذير التي صدرت عن عدد من السفارات وتحذير مواطنيها من البقاء في لبنان، لا تعكس حقيقة الوضع الامني الممسوك في البلاد، لافتة في تصريح لـ”الديار” الى ان كل المعطيات التي بين ايدي الاجهزة الامنية، تؤكد ان لا شيء مقلقا مرتبط بالامن والاستقرار.
ولم تستبعد المصادر ان يكون لهذه التحذيرات، وبخاصة انها اتت دفعة واحدة، ابعاد سياسية لا امنية. واضافت: “اذا كانت هذه التحذيرات مرتبطة بالوضع في مخيم عين الحلوة، فبعد مرور اكثر من 3 ايام على وقف اطلاق النار، يمكن القول ان جولة جديدة من العنف باتت مستبعدة، وحتى لو حصل العكس، فالمعلومات التي بحوزتنا تؤكد ان كل الاجراءات متخذة لعدم امتداد التوتر الى مناطق ومخيمات اخرى”.
وما تحدثت عنه المصادر الامنية، تقاطع مع ما اعلنه النائب السابق وليد جنبلاط في تصريح له من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم امس لجهة قوله: “لم نفهم سبب تخوّف السفارات، والأمور في مخيم عين الحلوة إلى حدّ ما محصورة”.
اجراءات داخل المخيم
وبمحاولة لقطع الطريق على اي مخطط داخلي كان او خارجي، لتفجير الوضع من جديد داخل “عين الحلوة”، عقد ميقاتي اجتماعا امس مع عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، في حضور المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ورئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني باسل الحسن، كما أمين سر حركة “فتح” وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات وسفير فلسطين اشرف دبور ، بحيث افيد خلال الاجتماع ان البحث تناول الوضع في المخيم ، والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار.
وبعد هذا الاجتماع، صدر بيان صادر عن “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في لبنان
تم التأكيد فيه على تثبيت وقف اطلاق النار الشامل والدائم، وسحب كافة المسلحين من الشوارع، وفتح الطرقات امام السيارات والمشاة للدخول والخروج من المخيم.
ودعت الهيئة لجنة التحقيق التي شكلتها، للاستمرار في عملها لتحديد المتورطين في عملية اغتيال قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا ابو اشرف العرموشي ورفاقه، وكذلك عملية اغتيال عبد الرحمن فرهود، لتسليمهم للقضاء اللبناني.
وقالت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع موجودة في “عين الحلوة”، ان “الظهور المسلح والتحصينات ظلت قائمة حتى ساعات المساء الاولى”. من جهتها، قالت مصادر “فتح” لـ “الديار” انه “وللتصدي لجولة عنف جديدة يفترض تسليم قتلة العرموشي، خاصة ان قاتل فرهود كان اصلا سيُسلم قبل اندلاع اعمال العنف في المخيم، وهو اصلا انفضل عن الحركة منذ 6 اشهر”. واضافت: “الوضع يسير اكثر فأكثر باتجاه تثبيت وقف اطلاق النار، الا اذا غدر فينا الطرف الآخر”.
منصوري يرفض وساطات ميقاتي
في هذا الوقت، ورغم تصدّر المشهد الامني الاهتمامات المحلية، يستمر الكباش والضغوط بين حاكمية مصرف لبنان وميقاتي لتأمين التمويل، الذي تحتاج اليه الدولة نهاية هذا الشهر لتغطية رواتب موظفي القطاع العام والمصاريف الاساسية، في ظل رفض الحاكم بالوكالة وسيم منصوري الاستمرار في سياسة الحاكم السابق رياض سلامة، واشتراطه اصدار قانون يغطي اي صرف من الاحتياطي الالزامي.
ويقول مصدر مطلع على الملف لـ” الديار” ان “ميقاتي يستمر في محاولاته ومساعيه ووساطاته لاقناع منصوري بمواصلة التمويل كما كان يفعل سلامة، الا ان الحاكم بالوكالة ابلغه مباشرة وعبر اكثر من وسيط انه لن يتهاون في هذا المجال، وانه حاسم بموضوع وقف التمويل في غياب قانون يصدر عن مجلس النواب يغطي عملية الصرف”.
وتضيف المصادر: “يبدو منصوري ومن خلفه مرجعيته السياسية المتمثلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري حاسمين بوجوب تحميل مجلس النواب ومن خلفه القوى السياسية مسؤولياتهم بموضوع المس بالاحتياطي، ووضع حد للخطأ الذي يقارب الخطيئة التي اقترفها سلامة بتحمل كامل المسؤوليات وحيدا”. وتنقل المصادر عن منصوري قوله: “لا عودة لسياسة سلامة ايا كان الثمن”.